• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من أوراق كربلاء الورقة الثامنة عشر : بـقيـة السـيـف .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

من أوراق كربلاء الورقة الثامنة عشر : بـقيـة السـيـف

نعلم أن الزكاة تعني لغةً الكثرة مع الطيبة ، زيادة الكمية وتحسين النوعية ، فزكاة المال يكون من خلال اخراج الحق الشرعي منه ، وزكاة العلم انفاقه .. ولكل شيء زكاته الخاصّة ، أمّا زكاة الأمم فهذا ما لا نعرفه .. !!

نأخذ ذلك من أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو خير من ينطق وأفضل من يُرشد ، يقول علي ع : " بقية السيف أبقى عددا وأطيب ولدا " ، فالأمة والجماعة عندما تنتهي بها جميع الحلول ولم يبق لها طريق لرفع الظلم ودفع العدوان الّا السيف فعندها يكون القتل سبب زيادة ، والموت علّة طيبة وأفضلية ..

فكم قُتل من ال محمد صلوات الله عليهم ، فتعرّضوا الى إبادات جماعية وجرائم دموية ، كان شعار : لا تبقوا لهذا البيت من باقية هو المعمول به اتجاههم من قبل بني امية وبني العباس .. ولكن اين بنو أمية الآن واين بنو العباس ..؟ بينما هذه ذراري بني هاشم تملأ الآفاق .. لأنهم بقية سيفٍ قام بالحق ..

كان السجاد عليه السلام هو بقية سيف كربلاء ، هذا البقاء الذي كان أحد معاجز كربلاء ، فتغلّب شعار الحسين الذي نطق به لأم كلثوم بقوله : ارجعيه لكي لا تخلو الأرض من نسل آل محمد .. على شعار عمر بن سعد بقوله : لا تبقوا لأهل هذا البيت من باقية ..

لعل محاولات اغتيال الامام السجاد وقتله تفوق السبع مرات حسب التتبع التاريخي ، الأولى في الطف عندما سلّ سيف القتل الشمر اللعين على الامام السجاد وجاءه الرفض من عمر بن سعد ( فقلوب الظالمين بأيدي اهل البيت يقلّبونها كيف يشاءون كما ورد عنهم عليهم السلام ) ، ومرة في مجلس ابن زياد في الكوفة لولا أن تعلقت به عمته زينب ع ، ومرة في مجلس يزيد بعد أن ردّ عليه الامام الرد اللازم وأمر بقتله ولكن ألقت عمته عليها السلام نفسها عليه .. ومحاولات اغتيال اخرى في الشام تذكرها الاخبار نتركها اختصاراً .. وكلها فاشلة لأن المشيئة الالهية هكذا ارادت ..

بقية سيف كربلاء نتجت عنها الامامة حتى اكتمل عددها الالهي ، وبقية سيف كربلاء جعلت من كربلاء كربلاء التي نعرفها الان ، فبعد أن ذهب السجاد ع والعلويات معه أسارى وسبايا وفي نظر الناس خوارج وبغاة بسبب الاعلام الأموي ، وبعد أن دخلوا على دمشق وهي تشهد أفراحاً واعياداً على خلفية كربلاء .. قُلبت الأمور على يد الامام السجاد ع وغيّر من المعادلة حتى رفع ورسّخ شعار المظلومية العظمى من خلال خطبه وكلماته ، كشف غطاء الغش الأموي عن الشاميين وفضح يزيد شرّ فضيحة ومعه عمّته صلوات الله عليهما ، فتحوّل فرح وشماتة يزيد بما حصل الى اعتذار رسمي من قبله ، وتحولت ضحكاته الصفراء الى دموع تماسيح مضطراً لها لكي لا تؤول الامور الى عكس ما يريد ، بعد أن أقرّ على نفسه أنه اخذ ثأر بدر .. نراه يتنصل عن الجريمة ويرميها بعنق ابن زياد ، تحولت افراح الشام الى مأتم في مجلس خليفتهم ..

لم يرجعوا أسارى الى المدينة ، بل رجعوا وأمرة الموكب الذي تحميه وترافقه وتخدمه قوّات شامية بيد الامام السجاد ع ، حاول يزيد اكرامهم وتعويضهم وتخفيف معاناتهم - مكراً وخداعا - وأوصى الحرس ان يأتمروا بإمرة الامام حيث يريدون من توجه واستراحة .. ولهذا نسمع في بعض الاخبار ان السيدة عليها السلام تقول للأمام عند مفترق الطرق : مرهم ( أامرهم ) ان يعرّجوا نحو كربلاء ..

رجعوا الى المدينة واقاموا العزاء ، دخلوا والامام يطلب من أبن حذلم ان ينعى الحسين ع عند دخوله الى المدينة .. كل هذا وغيره من الادوار القصيرة الامد والطويلة الامد حصلت ببقية سيف كربلاء الامام السجاد عليه السلام ..

عظم الله لكم الاجر وأحسن لكم العزاء ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=148263
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 09 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28