• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : 3. أولو الأمر.. وعصمة إجماع الأمة.. الوحيد الخراساني .
                          • الكاتب : شعيب العاملي .

3. أولو الأمر.. وعصمة إجماع الأمة.. الوحيد الخراساني

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
قال مفكّر العامة الفخر الرازي:
المسألة الثالثة : اعلم أن قوله : (وأولي الأمر منكم) يدل عندنا على أن إجماع الأمة حجة، والدليل على ذلك أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد وأن يكون معصوماً عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وانه محال، فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوما عن الخطأ، فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون معصوما، ثم نقول : ذلك المعصوم إما مجموع الأمة أو بعض الأمة ، لا جائز أن يكون بعض الأمة؛ لأنا بينا أن الله تعالى أوجب طاعة أولي الأمر في هذه الآية قطعاً، وإيجاب طاعتهم قطعاً مشروط بكوننا عارفين بهم قادرين على الوصول إليهم والاستفادة منهم، ونحن نعلم بالضرورة أنا في زماننا هذا عاجزون عن معرفة الامام المعصوم ، عاجزون عن الوصول إليهم، عاجزون عن استفادة الدين والعلم منهم، وإذا كان الأمر كذلك علمنا أن المعصوم الذي أمر الله المؤمنين بطاعته ليس بعضا من أبعاض الأمة، ولا طائفة من طوائفهم. ولما بطل هذا وجب أن يكون ذلك المعصوم الذي هو المراد بقوله : (وأولي الأمر) أهل الحل والعقد من الأمة، وذلك يوجب القطع بأن إجماع الأمة حجة. (تفسير الرازي ج10 ص144)
 
فادعى الفخر الرازي أن مدلول الآية عصمةُ إجماع الأمة.
 
ويرد على كلامه:
 
الإشكال الأول:
أن صدر كلامه مناقض لذيله، حيث قال في صدر الكلام ان المستفاد من الآية إجماع أولي الأمر، وفي ذيله قال أن المراد أهل الحل والعقد، فهل أهل الحل والعقد تمام الأمة أم بعضها؟
هذا معنى (ويضلّ الله الظالمين).. يبطل نفسه بنفسه..
في الصدر يقول أنه ليس المقصود بعض الأمة لأنه لا يمكن أن نعرفهم، فيجب أن يكون المقصود كل الأمة.. وفي الذيل يقول أن المقصود بعض الأمة وهم أهل الحل والعقد!!
 
الاشكال الثاني:
اختار الرازي أن اجماع الأمة هو الرأي العام المجموعي، أي أنه عبارة عن إجماع كل الأمة..
والاشكال غير القابل للدفع هو أنه ليس للكل وجودٌ إلا بوجود أجزائه، فليس للأمة وجودٌ خارجيّ، وما في الخارج هم أفراد الأمة، ولا يخلو الأمر من حالتين: إما أن ينتهي هؤلاء الأفراد إلى المعصوم، أي أن يكون بين هؤلاء شخص معصوم أو لا. ولا واسطة بين النفي والإثبات.
فإذا كان في الأمة شخص معصوم، يكون ضم البقية للمعصوم كضم الحجر إلى جنب الإنسان. ولا يكون الاعتبار والعصمة للاجماع، فما بالعَرَض ينتهي الى ما بالذات. ويكون رأي المعصوم هو الحجة والباقي ساقط. هذا الشق الأول..
 
الشق الثاني: أن لا يكون هناك أي شخص معصوم، وحينها تكون عصمة كل الأمة محالة. لأن كل الأمة ليس لها وجود في الخارج إلا بوجود أفرادها، وكل فرد بنفسه ليس معصوماً، فيستحيل أن يكون إجماع الأمة معصوماً بالبرهان العقلي.
 
الشق الثالث ليتم البرهان: وهو أن يكون كل أفراد الأمة معصومين، وهذا خلاف ضرورة العقل والوجدان والاجماع.
فيثبت بالبرهان: البطلان القطعي لدعوى الفخر في دلالة الآية على عصمة إجماع الأمة.
 
الإشكال الثالث:
أن هذا القول مخالف لنفس إجماع الأمة.
بيانه:
قال الفخر: فان قيل: المفسرون ذكروا في (أولي الأمر) وجوها أخرى سوى ما ذكرتم:
أحدها : أن المراد من أولي الأمر الخلفاء الراشدون.
والثاني : المراد أمراء السرايا..
وثالثها : المراد العلماء الذين يفتون في الأحكام الشرعية ويعلمون الناس دينهم..
ورابعها: نقل عن الروافض أن المراد به الأئمة المعصومون، ولما كانت أقوال الأمة في تفسير هذه الآية محصورة في هذه الوجوه، وكان القول الذي نصرتموه خارجاً عنها كان ذلك باجماع الأمة باطلا. (تفسير الرازي ج10 ص144)
نقول للفخر: ما ذكرته من أهل الحل والعقد خارج عن الأقوال الأربعة، فيكون مخالفاً لإجماع الأمة.
وإذا كانت مجموعةٌ من الأمة قائلة بإمامة الأئمة المعصومين، فلماذا قلت عنهم الروافض؟
وإذا كانوا روافض فلماذا عددتهم من الأمة؟
هذا أعلم علماء العامة لا يعرف كيف يتكلم.. فمن جهة يقول أنهم روافض، ومن جهة أخرى يقول أنهم من الأمة.
خارجون وداخلون! جمعٌ بين الضدين!
 
الإشكال الرابع:
أن الأقوال الأربعة التي عددتَها أقوالَ الأمة مخالفةٌ للقرآن، باستثناء القول الأخير الذي نسبتَه للرافضة، وقولهم فقط هو الموافق للقرآن.. فبأي دليل جعلتهم روافض؟
أنت بنفسك قلت أن مدلول الآية أنه ينبغي أن يكون أولو الأمر معصومين، لأنهم لو لم يكونوا معصومين لجاز عليهم الخطأ، وإذا جاز عليهم فإنه يعني أمراً بالخطأ، وهو مخالف لأمر الله بالضرورة. فصَدرُ الآية يأمر بطاعة الله، وذيلها يأمر بما هو خطأ.. هذا تناقض.
أما القول الأول أن المعصوم هم الخلفاء الراشدون، فأي خليفة معصوم؟
الخليفة الأول ؟ فإنه ليس معصوماً باتفاق تمام العامة! وأخطاؤه أيام خلافته مذكورة في صحاح العامة.
أم الخليفة الثاني؟ وهو بإجماع جميع الأمة وكل العامة ليس معصوماً كالأول. وهو القائل: إن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوموني!
أم الخليفة الثالث؟ وعصمته مخالفة للإجماع، وأخطاؤه في الصحاح والسنن ما شاء الله.
 
فيبقى الخليفة الرابع، وهو باعتقادكم غير معصوم عند ثلاث طوائف، ومعصوم عند طائفة.
فهناك ثلاثة أقوال مخالفة لنص القرآن، وقولٌ واحدٌ موافق لنص القرآن وهو القول بإمامة علي بن أبي طالب عليه السلام.
 
الإشكال الخامس:
قال الفخر: والجواب : أنه لا نزاع أن جماعة من الصحابة والتابعين حملوا قوله : (وأولي الأمر منكم) على العلماء، فإذا قلنا: المراد منه جميع العلماء من أهل العقد والحل لم يكن هذا قولا خارجا عن أقوال الأمة، بل كان هذا اختياراً لأحد أقوالهم.(تفسير الرازي ج10 ص145)
وقد اختار أن أولي الأمر هم أهل الحل والعقد، وهذا قول من أقوال الأمة، وليس مورداً لإجماعها، وقد اعترف ان المعصوم هو إجماع الأمة، وأما غير المعصوم فلا اعتبار له.
وبعبارة أخرى: هل أن اختيارك العلماء (من أهل الحل والعقد) مورد إجماع الأمة أم لا؟
بنص كلامك أيها الفخر، فان اختيار أهل الحل والعقد هو قول بعض علماء الأمة لا كلها. فقولك يبطل مختارك..
 
الاشكال السادس:
هل أن علماء الأمة (وهم أهل الحل والعقد) معصومون عن الخطأ أم لا؟
يجمع الكل على عدم عصمتهم من حيث كونهم علماء. فيكون الخطأ جائزاً عليهم، ويكون في طاعتهم تناقضٌ مع طاعة الله عز وجل، ويكون هذا باطلاً باعترافك.
 
وتأتي بقية الإشكالات على ما ذهب إليه الفخر الرازي.
 
والحمد لله رب العالمين




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=148270
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 09 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28