• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نقد كتاب اللاهوت العربي ليوسف زيدان – (8/8) .
                          • الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي .

نقد كتاب اللاهوت العربي ليوسف زيدان – (8/8)

بسم الله الرحمن الرحيم

 الجهم بن صفوان:

تحدث يوسف زيدان عن الجهم بن صفوان وعقائده، ولسنا هنا بصدد بيان حقانية عقائده او بطلانها، إنما نريد تسليط الضوء على ما يحاول يوسف زيدان من ربطه بين علم الكلام الاسلامي والفكر المسيحي! فنجده ينقل عن الذهبي قوله عن جهم بن صفوان: (وكان ينكر الصفات وينزّه الباري (الله) عنها بزعمه، ويقول بخلق القرآن، ويقول ان الله في الامكنة كلها)[1]، ويضيف يوسف زيدان: (وقد أشار ابن بطة العكبري الى مسألة تبدو لنا مهمة في سياق بحثنا هذا، حين قال عن (الجهم) ما نصه: (استدرك حُجته مثل حجة زنادقة النصارى، وذلك أن زنادقة النصارى تزعم أن الروح في عيسى عليه السلام هي روح الله من ذاته)[2]. وهذا خلط للاوراق، فواضح ان ابن بطة العكبري يتحدث عن زنادقة النصارى وليس عن النصارى انفسهم، أي يتحدث عن "هراطقة" النصارى المرفوضين من قبل الكنائس الحالية (الكاثوليكية والآرثوذكسية والبروتستانتية)! ومن جهة اخرى فإن الربط بين افكار جهم بن صفوان التي ينسبون اليها انها تنفي صفات الله، وبين عقيدة النصارى الذين هم من المجسمين ولديهم الاقنوم الثاني يتجسد وله ناسوت وجسد وولادة بشرية، فيه سخرية من عقل القاريء! فكيف يتم الربط بين الشيء ونقيضه ويقولون هذا امتداد لذاك!!؟
 
عصر الشهداء
يربط يوسف زيدان بصورة قسرية بين علم الكلام الاسلامي والمسيحية، فيبتكر سبباً آخر وهو كما ان هناك عصر الشهداء عند المسيحيين نتيجة اضطهاد الرومان لهم فكذلك تم قتل ما اطلق عليهم اسم "آباء الكلام" في الاسلام وهم الاربعة: (معبد الجهني – غيلان الدمشقي – الجعد بن درهم – الجهم بن صفوان)، وهذا بالنسبة له يعني ان علم الكلام هو امتداد للفكر المسيحي!!! يقول: (وقد لقي آباء الكلام مصائر مفزعة تذكرنا بعصر الشهداء، ومعاناة آباء الكنيسة الاوائل)[3]!
لقد غاب عن يوسف زيدان ان شهداء المسيحية إنما قتلوا لإنتمائهم لعقيدة النصارى (المسيحية) بينما هؤلاء الاربعة قتلوا نتيجة معارضتهم للحكم الاموي، أي لأسباب سياسية وليس لأسباب دينية، بدليل ان المعتزلة الذين اشار هو نفسه الى انهم حملوا نفس افكار هؤلاء في بعض الجوانب لم يتعرضوا للقتل ولا المضايقات من قبل السلطات الحاكمة.
 
اضطراب زمني عند يوسف زيدان:
يقول يوسف زيدان: (وهكذا صرتُ اليوم أوقنُ أن علم الكلام هو من حيث جوهره اللاهوت العربي، وقد بدا في ثوب جديد. غير أنه لم يكن في زمن الآباء الأربعة المؤسسين، قد صار (إسلامياً) خالصاً، بَعدُ، حتى نتأت مشكلة مرتكب الكبيرة، التي طرحتها الظروف العامة في مطلع القرن الثاني الهجري، مع انتشار مذهب (الخوارج) القائلين بأن مرتكب الكبيرة كافر. وبالتالي قإن الحل المعتزلي للمشكلة، أعتي قولهم بالمنزلة بين المنزلتين، بدُّ أول اجتهاد (كلامي) إسلامي القالب، لأنه ارتبط بالواقع المعيش للمسلمين في تلك الفترة، بينما ما سبقه من أفكار واجتهادات كلامية/لاهوتية، غنما هو امتداد للمشكلة الكريستولوجية/الثيولوجية، التي كانت مطروحة على مائدة البحث اللاهوتي، في المنطقة التي ظهرت فيها بواكير الكلام)[4].
لقد كان ظهور عقيدة الخوارج (مرتكب الكبيرة كافر) مباشرة بعد وقعة صفين والتحكيم، فاتخذ الخوارج موقف حاد من أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليهما السلام) الى الحد الذي اقدموا فيه على محاربته.
يقول ابن عابدين: (كما وقع للخوارج الذين خرجوا من عسكر علي عليه بزعمهم أنه كفر هو ومن معه من الصحابة، حيث حكم جماعة في أمر الحرب الواقع بينه وبين معاوية وقالوا: إن الحكم إلا لله، ومذهبهم أن مرتكب الكبيرة كافر، وأن التحكيم كبيرة لشبه قامت لهم استدلوا بها مذكورة مع ردها في كتب العقائد)[5].
فمذهب الخوارج اسبق في الظهور من معبد الجهني وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم وجهم بن صفوان والمعتزلة. 
 
الصلة الخفية!
يقول يوسف زيدان: (ومن هذه الزاوية نفهم الصلة الخفية بيت إصرار (الهراطقة) على نفي المماثلة بين الله والكلمة، وتأكيدهم أن اللوجوس مخلوق، وإصرار (المتكلمين) على نفي صفة الكلام عن الذات الإلهية، وتأكيدهم أن القرآن مخلوق. كان أولئك وهؤلاء يقِرّون في واقع الامر أن الله (تعالى) هو وحده المتفرِّد بالقِدَم وما سواه حادث. فالعالم المخلوقات والانسان والكلمة والقرآن والمسيحُ ابن مريم، كلها عند اولئك وهؤلاء محدثات.. ولا متعالي عن الحدوث إلا الله)[6].
هذا النص هو اقرب لنص مسرحي او روائي يدخل في روايته عناصر خيالية تدور في ذهنه! فمن المعلوم انه ليس جميع "الهراطقة" يقولون بأن المسيح مخلوق، بل هناك "هراطقة" وهم الاغلبية يقولون بأنه قديم كما الأب قديم في عقيدتهم، وبالمقابل فليس كل اهل الكلام او علماء الكلامء يقولون بخلق القرآن بل المعتزلة فقط هم الذين يقولون بذلك، ومتكلموا الشيعة يقولون بنفس المعنى اي ان القرآن الكريم محدث ولا يستعلمون لفظ (مخلوق) لأنه يتضمن معنى ان يكون بالياً وهذا لا يليق بوصف كتاب الله عزَّوجلَّ.
لقد فات يوسف زيدان ان منطقة الهلال الخصيب التي ظهر فيها علم الكلام الاسلامي (بالاضافة الى شبه الجزيرة العربية) كانت ممتلئة بظهور المذاهب المسيحية قبل ذلك والتي تزعم قِدَم المسيح وانه الكلمة الازلية والاقنوم الثاني الى جانب الاقنومين الآخرين الأب والروح القدس، وهذا ينسف فكرته برمتها ويبين خطأ هذا النص الروائي الخيالي الذي ذكره.
الاسلام واليهودية:
يقول يوسف زيدان: (فالاسلام فيما نرى أقرب الى اليهودية وألصق .. فمن حيث الطبيعة العامة للدين، ومن حيث الاطار الكلي له، فان اليهودية والاسلام مجتمعين بينهما من الصلة الوثيقة ما يجعلهما أقرب لبعضهما، أكثر من اقترابهما للمسيحية. وما ذاك الا لأن اليهودية وهي ديانة غير تبشيرية أصلاً، تحوصلت قديماً في المنطقة الجغرافية التي انتشرت فيها الثقافة العربية، وظهر فيها الاسلام من بعد)[7].
 
 
 
 
الفصل السابع: اللاهوت والملكوت، اُطُر التديّن ودوائره!
بعدما تحدث يوسف زيدان في الفصول الماضية عن الدين يحاول في هذا الفصل التحدث عن التدين! في هذ الفصل يتحدث عن اليهودية والاسلام والعلاقة بينهما، كما يتحدث عن عناوين فرعية من قبيل(الإنابة) و(الإبادة) و(الخروج)!  وسيتبين من خلال استعراض اهم عباراته التي كتبها حول هذه المواضيع ان هناك اخطاء عديدة وقع فيها قد ترتقي الى درجة نسف فكرته كلها والتي يسعى اليها في هذا الكتاب!
وهدفه في هذا الفصل كما قال هو نفسه: (ان الجوهر في اليهودية والمسيحية والاسلام واحد. وأن عمق النسق الديني الرسالي (الابراهيمي) يمتاز بسمات عامة، وبنيات نظرية أساسية، كانت دوماً وسوف تظل دائماً كامنة في النسق الكلي لهذا الدين بتجلياته وتنوعاته الثلاثة، المسماة اصطلاحاً باليهودية والاسلام والمسيحية. وهذه الاطر النظرية، أو البنيات الكامنة، أو دوائر التدين، هي ما نحن بصدد تبيانه في هذا الفصل، بغية الانتباه الى طبيعة الجوهر الواحد لدين (التوحيد) وسعياً لإدراك عمق الصلات بين الديانات (الديانة) الابراهيمية، واقتراب المسافات بينها على نحو مثير)[8]إلخ. وهذا الكلام الانشائي قد بيّنا آنفاً خطأه، حيث أنَّه لا توجد صلات بين دين سماوي وآخر وضعي!
 
الإنابة:
كتب يوسف زيدان: (الله تعالى، في اليهودية والاسلام والمسيحية، واحدٌ متعالٍ بطبيعته عن العالم المخلوق. فوجوده بتعبير فلسفي وجود (ترنسندنتالي) أي مفارق تماماً للوجود الذي نعيش فيه ومفارق لنا تماماً بإختلافه التام عنّا، وبعلوِّه، وبإحتجابه خلف أستار العزّة السماوية العالية)[9].
من الغريب ان يستعمل يوسف زيدان وصف حديث الظهور هو الوجود الـ "ترنسندنتالي" في وصف ايمان قديم بقدم اليهودية التي بدأت بالظهور قبل عدة مئات من السنين قبل الميلاد! ونفس الخطأ ارتكبه مرة أخرى في الفقرة التالية عندما استخدم مصطلح (الهرمنيوطيقا) الحديث في وصف التأويلات المسيحية التراثية، حيث قال: (وقد أفاضت التأويلات المسيحية (الهرمنيوطيقا) في تفسير الآيات الدالة على عنف الرب التوراتي)[10]! 
يقول جلال سعيد في (معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية): (الترنسندنتالي: مصطلح وضعه المدرسيون ليدلوا به على ما يتجاوز مقولات أرسطو، ويلائم الموجودات جميعاً، كالواحد (Unum) والحق (Verum) والخير (Bonum)، فهذه الالفاظ الترنسندنتالية أو المتعالية إنما تعبّر عن خاصيّة مشتركة بين جميع ما يوجد، كما أنّها متكافئة ويمكن أن يحلّ بعضها محلّ بعض، كقولنا: "الواحد هو الحق، والحق هو الخير، إلخ". والترنسندنتالي في فلسفة كانط هو الشرط القبلي الذي يجعل المعرفة ممكنة. أمّا التحليل الترنسندنتدالي (Analytique transcendantale) فهو دراسة الصور الاولية للإدراك الذهني، وتقوم هذه الدراسة على تحليل المعرفة للكشف عن المعاني والمباديء الأولية التي تجعل المعرفة ممكنة)[11]. يقول كانط (Kant): ("المعرفة الترنسندنتالية هي كل معرفة يكون عموماً اهتمامها بالأشياء أقل من اهتمامها بالتصورات القبلية للأشياء"،... "المبدأ الترنسندنتالي هو المبدأ الذي به يُتصوّر الشرط القبلي العام الذي بفضله فقط يمكن للأشياء بصورة عامة أن تصبح موضوعاً لمعرفتنا"، ... "إنَّ الغاية القصوى التي يرمي إليها النظر العقلي في استخدامه الترنسندنتالي إنما تتعلّق بثلاثة موضوعات هي: حرية الارادة، وخلود النفس، ووجود الله)[12].
ومن هذا يتضح ان ربط يوسف زيدان وجود الله سبحانه بالوجود الترنسندنتالي هو ربط تعسفي بهذا المصطلح! فكانط تحدث عن المعرفة الترنسندنتالية التي تهتم بالتصورات القبلية للأشياء، أي للمخلوقات.
ومن جهة اخرى فإن المسيحية لا تعترف بما ذكره يوسف زيدان بأن الإله "متعالٍ بطبيعته عن العالم المخلوق" وانه على حد تعبيره: "مفارق تماماً للوجود الذي نعيش فيه" الخ، فهم يقولون بأن الإله قد تجسد باقنومه الثاني ونزل ليعيش بين البشر وخضع لآلام التعذيب والصلب والقتل وسيعود في يوم الدينونة ليقيم ملكوته في الارض. وكذلك اليهود لديهم خيمة الاجتماع التي يتحدث فيها النبي موسى (عليه السلام) مع الإله فيها، حيث جاء في سفر الخروج (33: 7-9): (وَأَخَذَ مُوسَى الْخَيْمَةَ وَنَصَبَهَا لَهُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، بَعِيدًا عَنِ الْمَحَلَّةِ، وَدَعَاهَا «خَيْمَةَ الاجْتِمَاعِ». فَكَانَ كُلُّ مَنْ يَطْلُبُ الرَّبَّ يَخْرُجُ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ الَّتِي خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. وَكَانَ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِذَا خَرَجَ مُوسَى إِلَى الْخَيْمَةِ يَقُومُونَ وَيَقِفُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ وَيَنْظُرُونَ وَرَاءَ مُوسَى حَتَّى يَدْخُلَ الْخَيْمَةَ. وَكَانَ عَمُودُ السَّحَابِ إِذَا دَخَلَ مُوسَى الْخَيْمَةَ، يَنْزِلُ وَيَقِفُ عِنْدَ بَابِ الْخَيْمَةِ. وَيَتَكَلَّمُ الرَّبُّ مَعَ مُوسَى).
وفي الاسلام يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم انه اقرب الينا من حبل الوريد. قال تعالى في سورة ق: ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)).
اما هذا النص الذي ذكره يوسف زيدان فهو نص صوفي غير منصهر في تعاليم الاسلام! فوصفه ان الإله محتجب خلف استار العزة السماوية العالية! يصور الإله كسلطان عباسي تضرب من حوله الاستارُ والكُللُ! وليس الامر كذلك بكل تأكيد، فالله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، ليس لأنه تعالى اختار ان لا تكون الاشياء مماثله له بل لأن الإله لا يمكن ان يماثله شيء لغناه عن كل شيء ولإفتقار كل شيء إليه سبحانه. فليست هناك حُجب تحجب الإله، بل هناك قصور ذاتي في الانسان وبقية المخلوقات العاقلة من إدراك كنه الذات الإلهية.   
ومن اشكالات يوسف زيدان عن الانابة في الاسلام: (كان في الاسلام نواب عن الله ينطقون بالحق الذي أراده سبحانه وتعالى. ولهذه النيابة في الاسلام أشكالٌ وأنماطٌ عدة، فقد يكون النائب هو: الصحابي، التابع، تابع التابع ... هذا في الصدر الاول للاسلام، حيث ورد الحديث النبوي الشهير: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)[13]. 
وهذا النص فيه اشكالان رئيسيان، الاول انه ليس في الفكر السني ان الصحابي او التابعي او تابع التابعي عن نائب عن الله سبحانه. فمن اين جاء يوسف زيدان بهذه الفكرة؟! انما كان الصحابة بعد انقلاب السقيفة وجدوا انفسهم في مأزق الاحتياج الى الحفاظ على التراث الديني الذي تركه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكذلك الاحتياج الى تفسير ذلك التراث الديني، بعيداً عن الخضوع لقيادة آل البيت (عليهم السلام) تلك القيادة التي تم الاعلان عنها في بيعة الغدير الشهيرة حينما رفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يد علي بن ابي طالب (عليه السلام) وقال عنه: (من كنت مولاه فعلي مولاه)، ورفض عموم الصحابة تلك البيعة بعد انقلاب السقيفة! عموماً نجد إنَّ اختلاف الصحابة والتابعين في الحفاظ على التراث من جهة وتفسيره من جهة اخرى هو الذي ادى الى ظهور المذاهب الفكرية الكلامية المتعددة المعروفة في التاريخ. 
اما الاشكال الآخر في هذا النص فهو استدلاله بحديث ضعيف فقهياً وقيل موضوع، وغير معتبر عملياً، في تكوين رؤيته عن عصر الجيل الاسلامي الاول أي عصر الصحابة. فقد جاء في الموقع الالكتروني (اسلام ويب) التابع الى وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في دولة قطر، رقم الفتوى (10986)، تحت عنوان: (حديث "أصحابي كالنجوم..." لا تقوم به حجة) ما نصّه: (فحديث: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" لا يصح ، وقد حكم عليه العلماء بالضعف الشديد ، بل حكى بعضهم وضعه. وممن ضعفه الإمام أحمد بن حنبل قال: (لا يصح هذا الحديث) وكذلك الإمام ابن عبد البر قال: ( هذا إسناد لا تقوم به حجة) والإمام ابن حزم قال: (هذه رواية ساقطة). وقال الشيخ الألباني: (موضوع). والله أعلم)[14]. وأيضاً هناك كتاب (رسالة في حديث «أصحابي كالنجوم») للسيد علي الحسيني الميلاني استقصى فيه علماء اهل السنة الذين ذهبوا الى تضعيف هذا الحديث، ومنهم: أحمد بن حنبل إمام الحنابلة متوفى(241)هـ، و أبو بكر البزّار متوفى (292)هـ، و ابن عدي متوفى (365)هـ، و أبو الحسن الدارقطني متوفى (385)هـ، و ابن حزم متوفى (456)هـ، و البيهقي متوفى (457)هـ، و ابن عبدالبر متوفى (463)هـ، و ابن عساكر متوفى (571)هـ، و ابن الجوزي متوفى (597)هـ، و ابن دحية متوفى (633)هـ، و أبو حيان الأندلسي متوفى (745)هـ، و شمس الدين الذهبي (748)هـ، و ابن قيم الجوزية (751)هـ، و ابن حجر العسقلاني (852)هـ، و جلال الدين السيوطي (911)هـ، و لقاضي الشوكاني (1250)هـ، وغيرهم.
فمن يستدل باحاديث ضعيفة وغير معتبرة ولا تبعد ان تكون موضوعة لتكوين رؤيته عن احوال الاجيال الاسلامية الاول في عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، لا يمكن ان يخرج بنتيجة صحيحة او رأي سديد!
 
وتحدث يوسف زيدان في موضوع الانابة عن المرأة في اليهودية فمما قاله: (وقد اشار كثيرٌ من الدارسين السابقين، حتى إنها حَرَمت النساء من الرتب الدينية، وحرَّمن على المرأة دخول المعبد في ايام حيضها، وحكمت بالنجاسة على الرجل الذي يمس الحائض. بل يتنجَّس في اليهودية، سريرُ الحائض وملابسها ولامسها وكل ما يقترب منها. مع ان دم الحيض، من وجهة النظر الانتروبولوجية المجرَّدة، كان الأصل الذي قامت عليه قداسة الانثى في الديانات القديمة، فقد كانت القداسة في وعي اهلها ترتبط بالدم (السائل المقدس) وترتبط باللبن الذي يفيض من ثدي الوالدة، وترتبط بالعمليات السحرية الباهرة التي تقوم بها المرأة مثل الحَمْل، واستدارة البطن، والولادة)[15].
فيوسف زيدان في هذا النص يشرِّق ويُغرِّب، وتغيب عنه الرؤية المنهجية ويفتقد في كلامه الى الرصانة التأريخية! فمن الواضح انه اختصر الرؤية اليهودية للمرأة في حال حيضها، بينما الحيض عند المرأة حالة مؤقتة، وحالتها الدائمية او الاعم الاغلب عليها هو الطهارة، فكيف غاب عنه ان يتحدث عن المرأة في اليهودية من حيث مكانتها وشخصيتها وحياتها اليومية من حيث ما تمارسها ايام طهارتها، واختصر المرأة اليهودية بحال مؤقت يطرأ عليها كل شهر ايام معدودة!! وايضا فإن ما ذكره من نجاسة المرأة حال حيضها لا يعيبها فهي احكام شرعية وفق الديانة اليهودية تنظم حياتها وتحميها وهي في تلك الحالة، من وجهة نظر الدين اليهودي. كما غاب عنه انه في الاسلام لا تعتبر المرأة الحائض نجسة، ويمكنها ان تمارس جميع مهامها الدنيوية والدينية عدا الوطء والصلاة والصيام.
وايضا يوسف زيدان في ذلك النص اعتبر ان الاصل عند البشر هو ديانة الاوثان والاصنام التي كانت تقدس المرأة من حيث الدم واللبن، واطلق عليها الديانات القديمة! وكأن التوحيد ليس بديانة قديمة، بل هو الدين الكائن منذ زمن آدم (عليه السلام). فجعل الاصالة للديانات الوثنية وجعل الديانات التوحيدية تالية لها!!؟
وحتى ما ذكره من صلة الدم في الديانات القديمة لا يؤيد ما ذهب اليه فهو لم يبين ما تنص عليه تلك الديانات بخصوص الحيض واحكامها عندها. بل ذكرت بعض المصادر خلاف ما تطرق اليه يوسف زيدان، فعند الاكديين يتم عزل المرأة بعد الولادة ما بين 30 الى 60 يوم حيث يمنع الاتصال بها إذ تتحول المرأة الى كائن غير نقي، ويعتقد ان ثلاثين يوماً ضرورية لكي تسترد نقاءها[16]. ويقول د. فالح مهدي: (لذا تؤكد كل النصوص (من الاكدية وحتى الاسلامية) على ضرورة الغسل والتطهير عند خروج الدم، أو عند لمس الميت أو القتيل)[17].
 
الإبادة!
تحت هذا العنوان[18] ينتقل يوسف زيدان للتحدث بموضوع لا تربطه بموضوع الكتاب رابطة فكرية او تسلسلية او منهجية! فضلاً عما في الموضوع نفسه من اخطاء جسيمة وافتراضات لا واقع لها!؟ يتحدث في هذا الموضوع عن ان الله سبحانه وتعالى قد اباد بعض الاقوام، من غير ان يبين صلة ذلك بموضوع اللاهوت العربي!!
ومما قاله في هذا الشأن: (وإنما مرادنا محض الاشارة الى ان الوعي التديني في اليهودية والمسيحية والاسلام، يصور الله قائماً بالكون وفاعلاً للإبادة، وأن نائب الإله في الارض أو الناطق بأسمه، مادام يمثّله، فقد يدمِّر مثله ويبطش. بل جعلت الآيات القرآنية بطش الانسان مفعماً بالجبروت، بينما بطش الله مشوب على شدته بالرحمة ((وإذا بطشتم بطشتم جبارين)) (الشعراء آية 130) ((إنَّ بطش ربك لشديد ، إنه هو يبديء ويعيد ، وهو الغفور الودود)) (البروج الآيات 12-14) )[19].
وهنا خلط واضح بين المواضيع: عقاب الله المباشر، وعقاب الله عن طريق الانبياء، وبطش البشر بعضهم ببعض. فقوله تعالى: ((وإذا بطشتم بطشتم جبارين)) هو على لسان النبي هود (عليه السلام) يخاطب قومه ويؤنبهم. فكيف يخلطه بعقاب الله وعقاب الانبياء؟!! فبطش البشر بعضهم ببعض تكون دوافعه الانتقام فلذلك يكون خالٍ من الرحمة، بينما عقاب الله سبحانه الماشر او عن طريق الانبياء يكون للردع للمعاقب او لأقوام أخرى ولذلك يكون مصاحباص بالرحمة، لأن الله سبحانه وسعت رحمته كل شيء، وهو معنى اسمه (الرحمن)، وهو سبحانه لا تنفكّ عنه الرحمة وهو معنى اسمه (الرحيم)، تبارك وتعالى.
فالله سبحانه يعاقب الاقوام لإفسادها في الأرض، لأن الفساد في الارض يسيء للنظام الاجتماعي الانساني. فأين يوسف زيدان من قوله تعالى في سورة المائدة: ((مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)).
ويصف حال اليهود في نفس السورة آنفاً: ((وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)).
واين يوسف زيدان من قوله تعالى في سورة القصص: ((وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)). وفيها ايضاً: ((تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)).
وقوله تعالى في سورة الاعراف: ((وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)). وفي نفس السورة المباركة: ((فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)).
وقال سبحانه وتعالى عن المنافقين في سورة البقرة: ((وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)).
وقال تعالى في سورة المائدة: ((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)).
والنهي عن الافساد في الارض هي دعوة جميع الانبياء (عليهم السلام) الى جانب دعوة التوحيد، فيما يبدو من قوله تعالى في سورة الاعراف: ((وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)). فهي من الامور العقلائية التي يتفق عليها جميع العقلاء.
 
الخروج:
تحدث يوسف زيدان عن الخروج وحاول ان يعممه على الاديان السماوية الثلاثة، وإذا كان الخروج ثابتاً في التراث الاسرائيلي واليهودي من خلال قصة خروج النبي ابراهيم (عليه السلام) من جنوب العراق نحو فلسطين، وخروج النبي موسى (عليه السلام) من مصر نحو فلسطين، وخروج رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) من مكة الى يثرب، فقد تعسّف يوسف زيدان في اقحام الخروج في التراث المسيحي حيث زعم خروج (السيد المسيح على السلطة اليهودية المستقرة في أورشليم.. قلب الموائد عليهم، وصرخ فيهم: يا اولاد الافاعي! وتوعدهم بهدم الهيكل، وتحداهم بأنهم لو هدموه فسوف يقيمه هو في ثلاثة أيام، فطردوه. ثم خرج بتلاميذه الى البرية، بعدما قال لهم إنه لم يأتِ ليضع في الارض سلاماً بل سيفاً وتفرقة بين المرء واهله، ثم قُبِضَ عليه وسيق للصلب بحسب الاناجيل، بناءً على ما اقترفه من خروج)[20]! فلا يمكن المقارنة بين خروج نبي من مدينة الى اخرى ومن مجتمع الى آخر، كما حدث مع النبي ابراهيم والنبي موسى (عليهما السلام) وهجرة النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، وبين قصة حياة عيسى المسيح (عليه السلام) الذي حاول يوسف زيدان إقحام كلمة (خروج) في الاسطر التي ذكر فيها ملامح من قصته! فليس في حياة المسيح (عليه السلام) خروج من مدينة الى أخرى او من مجتمع الى آخر. فقد عاش المسيح (عليه السلام) في المجتمع اليهودي الذي كان قائماً آنذاك في فلسطين كجزء من الدولة الرومانية. وبذلك تتهافت فكرة يوسف زيدان بعد محاولته اقحام فكرة (الخروج) في التراث المسيحي.
وحتى ما سرده يوسف زيدان عن قصة المسيح (عليه السلام) فقد كان سرداً ملتبساً، حيث وفقاً لقصته التي روتها الاناجيل الاربعة فقد تنقّل المسيح (عليه السلام) مع تلاميذه في برية فلسطين سابقاً على دخوله اورشليم وقلبه لموائد التجار والباعة في الهيكل، وليس كما ذكره يوسف زيدان!
ونجد يوسف زيدان بعد ان ربط قسرياً بين الخوارج الذين قاتلهم الامام علي بن ابي طالب (عليهما السلام) مع مصطلح (الخروج) الذي تحدث عنه[21]، نجده يعتبر الخروج (ملمح أصيل من ملامح التجربة الدينية/ السياسية، في الديانات الرسالية الثلاث، وواحد من الاطر النظرية العامة، ودوائر التديُّن الكبرى في اليهودية والمسيحية والاسلام.. ولمتسائل أن يقول: وما الصلة بين هذه الاطر، وتلك الدوائر؟ ولهذا المتسائل نقول: لعلها صلة التماس بين الدوائر والاطر الثلاثة، التي تصير احياناً صلة تداخل. فالخروج لا يكون الا انطلاقاً من ان رأس الجماعة الخارجية، هو الناطق بلسان الرب، الإله، الله، حسبما رأينا عند كلامنا عن الانابة. ثم يستلزم الامرُ شدّة مستمدة من الله القاهر المبيد، ولذلك يتم استعمال النصوص الدينية المؤكدة قهره تعالى وإبادته. ومن هنا كانت ثورة الإمام الخوميني، مثلاً، ترفع في إيران أيام استيلائها على السلطة شعار: (وانزلنا الحديد فيه بأس شديد)، وهي بالطبع جزءٌ من آية قرآنية وردت في سورة (الحديد) وتم غض النظر عن بقيتها)[22]!
انظر كيف عملت السفسطة على الخلط بين هجرة النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) من جنوب العراق الى فلسطين، وبين خروج بني اسرائيل من مصر مع دخول المسيح (عليه السلام) للهيكل، مع هجرة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) من مكة الى يثرب، مع الخوارج الذين ظهروا في القرن الاول الاسلامي مع الثورة الاسلامية في ايران!! 
ولماذا لا يسمي خروج معاوية على الخلافة الشرعية لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) خروجاً أيضاً!؟
وفجأة نجد يوسف زيدان بعد ان ذكر شواهد من المسيحية على الخروج والابادة والانابة، يستبدل اللاهوت المسيحي باللاهوت الهرطوقي ويقول ان هذا اللاهوت هو المعني بالدوائر الثلاثة: الانابة والابادة والخروج!! قال: (من هنا نفهم طبيعة تماس الاطر النظرية الكامنة في أصول الدين الابراهيمي، وندرك تداخل دوائر التدين الثلاث: الانابة، الابادة، الخروج. ومن هنا ندرك ما جرى في الزمن المسيحي السابق على الاسلام، حيث كان اللاهوتيون (الهراطقة) يتعمقون في فهم الديانة، بحسب الرؤية العربية/العبرانية المهيمنة على  الجزيرة والهلال الخصيب، ووفق قاعدة النبوة في مقابل البنوة)[23]! فهو يتحيّز ليعتبر المذاهب المسيحية القائلة بنبوة المسيح كالآريوسية مذاهب هرطوقية، والمذاهب القائلة ببنوة المسيح وانه ابن الإله هي المعبرة عن المسيحية الرسمية! وفي هذا انحياز فكري غير مقبول، ونكرر ما ذكرناه سابقاً من انّه كان يجدر به ان يكون محايداً في رؤيته ونقده لجميع المذاهب المسيحية على السواء بدون تفضيل أو تمييز. ومن جهة اخرى فهو يعتبر المسيحية التي انتشرت في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الهلال الخصيب هي المسيحية الهرطوقية، رغم ان الآرثوذكسية كان لها وجود في اليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية بسبب الاحتكاك بالحبشة. فهذا الفكر الاقصائي عند يوسف زيدان ليس فكر باحث مستقل، فإذا اصبح النساطرة واليعاقبة من الهراطقة، رغم ايمانهم بجميع أسفار العهد الجديد كما هو ايمان الكاثوليك والآرثوذكس بها، فهذا هو التحيّز بعينه!! 
 
خاتمة الكتاب:
يقول في خاتمة كتابه: (ولم ينتبه اولئك الدارسون ولا هؤلاء، أعني العرب والمستشرقين على السواء، الى ان علم الكلام كان تسمية جديدة عربية لما أسميناه في فصول هذا الكتاب: اللاهوت العربي. وهم لم يلحظوا أهمية الجغرافيا في الامر، أعني الامتداد (المكاني) للاهوت العربي في علم الكلام، بمنطقة الشام والعراق. ولم يراعوا أن اولئك الذين ظهر فيهم (الكلام) كانوا هم أنفسهم، المتكلمين قبل الاسلام، في اللاهوت. ومن هنا لم يفطن دارسو الكلام والعقائد الاسلامية الى دلالة المسالة الكلامية (الاولى) أعني الأولى من حيث السبق الزمني، وهي مسألة (الصفات الإلهية) التي كانت أولى القضايا الكلامية وأسبقها ظهوراً في الاسلام، وهي المسألة ذاتها التي كانت تشغل الأذهان بقوة من قبل وصول المسلمين، فاتحين، لتلك البلاد)[24].
لقد فات يوسف زيدان ان المسلمين الذين فتحوا بلاد الشام والعراق ومصر كانوا محجوبين عن ثقافة تلك البلاد بحجاب لغوي، فالفاتحين كانت لغتهم عربية فصيحة وهم معبئين معنوياً تعبئة عالية من خلال دين جديد معجزته في اساسها لغوية، فهم فخورون بلغتهم التي اكتفوا بها عن أيةِ لغةٍ اخرى، بينما ثقافة اهل تلك البلاد قبل الفتح الاسلامي كانت ثقافة سريانية، وكتبهم الدينية مكتوبة بهذه اللغة فضلاً عن بعض النصوص العبرية والآرامية. فلم يكن الفاتحين المسلمين على تماس مع الثقافة الآرامية والسريانية لأهل تلك البلاد لكي يكون بينهم تواصل ثقافي فضلاً عن ان الفاتحين كانوا مدفوعين معنوياً لنشر دينهم القائم على اللغة العربية بصورة أساسية ووحيدة، ولم يكونوا في تلك المرحلة بشراكة مع الثقافة السريانية والآرامية، فطمست جميع معالم تلك الثقافات المحلية وانحسرت الى اعماق الكنائس والاديرة لدى فئة محدودة وقليلة جداً من رجال الدين المسيحيين بمختلف مذاهبهم آنذاك، وتم استبدال الثقافة المحلية للسكان في تلك البلاد بالثقافة العربية الاسلامية بصورة سريعة. ومن هنا لا يمكن القول بأن علم الكلام هو امتداد للاهوت المسيحي الذي ظهر في ثقافة السكان المحليين الذين لم يصمدوا ثقافياً أمام الفاتح الجديد.
اما فيما يخص موضوع الصفات الإلهية، فالمسيحية قبل الاسلام لم تكن معنية بصفات الإله، بل كان كل ما يعنيها وكل ما وقع فيه الخلاف بين مذاهبها المهمة الآريوسية والنسطورية واليعقوبية والآرثوذكسية الخلقيديونية والآرثوذكسية غير الخلقيدونية[25]هو طبيعة المسيح من حيث علاقة لاهوته بناسوته! بين قائل بطبيعة واحدة للمسيح وقائل بطبيعتين وقائل بمشيئة واحدة وقائل بمشيئتين إلخ! فتناول علم الكلام الاسلامي للصفات الإلهية هو تناول منفصل عن تناول اللاهوت المسيحي لطبيعة المسيح، فالموضوعين منفصلين تماماً، ونُذكِّر ايضاً أنهما تمّا بلغتين مختلفتين لا تواصل بينهما.
ومن جهة أخرى فقد علمنا، من خلال الرد على الفصول الاولى لهذا الكتاب، ان علم الكلام الاسلامي لم يظهر حول موضوع الصفات الإلهية، بل ظهر اول الامر بخصوص موضوع القدر وهل الانسان مخير ام مسيّر، هذا وفق ادبيات اهل السنة، اما في ادبيات الشيعة فقد ظهر علم الكلام اول الامر حول موضوع الامامة وخلافة النبي (صلى الله عليه وآله).
ويقول يوسف زيدان: (ان علم الكلام الذي ظهرت بواكيره في القرن الهجري الاول، إنما نشأ بمنطقة الشام والعراق المسماة اعتباطاً بمنطقة المسيحية الشرقية. وأن (المسلمين) و(العرب) و(المسيحيين) هي دوائر متداخلة على النحو الذي ذكرناه في مقدمة هذا الكتاب، وأن المسلمين الذين ظهر فيهم علم الكلام في النصف الثاني من القرن الاول الهجري، كان تسعون بالمائة منهم على الاقل، هم العرب الذين كانوا قبلها بسنوات، مسيحيين يتَّبعون مذاهب مختلفة آرثوذكسية وغير آرثوذكسية، أي هرطوقية! فالاسلام جاء بعرب قريش من قلب الجزيرة ليضعهم في سدّة الحكم. اما المحكومون الذين هم الغالبية العظمى من مسلمي الشام والعراق، فكانوا من العرب الذين دانوا من قبلُ بالمسيحية، ثم صاروا تدريجياً أو على دفعات كبيرة مسلمين. ومن ثم فقد تغيَّر الدين في نفوس هؤلاء الداخلين ((في دين الله أفواجاً)) {النصر: آية2} بضربة واحدة، هي اعلان الشهادة والالتزام بقواعد الاسلام. ولكن لم يكن من الممكن أن تتغيَّر الثقافة التي ظلت سائدة فيهم قروناً، بضربة (فتح) واحدة، مثلما هو الحال في التغيرات السياسية للمنطقة إثر الفتوح والغزوات)[26].
لكن غاب عن ذهن يوسف زيدان أنَّه على مستوى التدين الشعبي للاقوام التي كانت في منطقة الهلال الخصيب، فهي كسائر الاقوام آنذاك لم تكن تعرف من الدين المسيحي ولاهوته سوى قشوره التي يعلمونها لهم في الكنيسة كل يوم أحد بما يقرأون عليهم من نصوص مختارة من الكتاب المقدس، ولم تكن الجماهير تخضع لدروس لاهوتية معمقة وليس من شأنها ذلك، فقد كان القساوسة يتعمدون عدم اثارة مثل تلك المواضيع امام عامة الناس لئلا تحدث البلبلة بينهم وتزداد حالات ظهور لمذاهب هرطوقية جديدة! بل يلقون عليهم ما يؤمِّن تماسكهم تحت قيادة الكنيسة وعدم انجرارهم وراء مذاهب اخرى يصفونها بالهرطوقية. فلجوء يوسف زيدان الى القول بأن شعوب تلك المنطقة كانت هي غالبية الشعب الذي تكون منه المجتمع المسلم المبكر بعد الفتوحات الاسلامية للهلال الخصيب، لا يفيده في اثبات فكرته، فلم يكن عامة الناس في تلك المناطق معنيين بدراسة اللاهوت ولا علم الكلام سواء قبل الاسلام او بعده. ولذلك كانت انتقالة اغلبهم الى اعتناق الاسلام سهلة ويسيرة وسريعة لكونهم غير معبّأين فكرياً بالقوالب اللاهوتية المسيحية. والذي يؤيد ما ذهبنا اليه هو عدم وجود مؤلفات او نصوص لاهوتية مبذولة بين عامة الناس. بل ان الكتاب المقدس نفسه لم يكن عامة الناس يعرفون منه سوى ما يُقرأ من بعض نصوصه عليهم كل يوم احد في الكنيسة، ولم يكن متاحاً للجمهور، ولا محفوظاً في البيوت، ولا متداولاً آنذاك بين عامة الناس!
 
 جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة!: فجأة يحشر يوسف زيدان موضوع "جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة" ضمن مواضيع الكتاب في الاسطر الاخيرة من خاتمة كتابه[27] والملحق الذي وضعه له! وهو موضوع مغاير لفحوى موضوع الكتاب، وليس هناك مبرر لحشره ضمن محتويات الكتاب! وليست لدينا رغبة للانجرار وراء مواضيع جدلية قد تستغرق مناقشتها من الوقت والجهد اضعاف ما استغرق الرد على الموضوع الاصلي لكتابه مع عدم اهمية الافكار التي ذكرها في خصوص هذه العلاقة الجدلية، خصوصاً وان الاستاذ يوسف زيدان قد تطرق للموضوع بأسلوب غير اكاديمي، قريب للرؤى الشخصية والافكار الذهنية الخاصة التي كثرما تفتقر للرصانة العلمية البحثية!
   
________________________________________

الهوامش:

[1] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص167 و168.
[2] المصدر السابق – ص168.
[3] المصدر السابق – ص169.
[4] المصدر السابق – ص172.
[5] حاشية رد المحتار / ابن عابدين (توفي 1252هـ) - ج4 ص449.
[6] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص173.
[7] المصدر السابق – ص177.
[8] المصدر السابق – ص177 و178.
[9] المصدر السابق – ص178.
[10] المصدر السابق – ص183.
[11] معجم المصطلحات والشواهد الفلسفيّة  / جلال الدين سعيد - ص102.
[12] المصدر السابق – ص102 و103.
[13] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص180.
[14] منشور بتاريخ 18-10-2001 م.
[15] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص181.
[16] نقد العقل الدائري ، الخضوع السني والاحباط الشيعي/ د. فالح مهدي – ص103
[17] المصدر السابق – ص104.
[18] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص182.
[19] المصدر السابق – ص185.
[20] المصدر السابق – ص187.
[21] المصدر السابق – ص187 و188.
[22] المصدر السابق – ص188 و189.
[23] المصدر السابق – ص189 و190.
[24] المصدر السابق – ص194 و195.
[25] وحدث ما يسمى بالانشقاق العظيم داخل الكتيسة الآرثوذكسية الخلقيديونية سنة 1054م فتكون المذهبين المعروفين اليوم بالكاثوليك والآرثوذكس، وبقي مذهب الآرثوذكس غير الخلقيدونية مختصاً بالاقباط في مصر والحبشة.
[26] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص198.
[27] المصدر السابق – ص209.

 
المصادر حسب ورودها في الهامش:
1.             مقال بعنوان (موقف السلف من علم الكلام) منشور في موقع (سلف للبحوث والدراسات) بإشراف د. محمد بن إبراهيم السعيدي، عبر الرابط:  https://salafcenter.org/2456
2.             الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري، أو عصر النهضة في الاسلام / آدم متز، استاذ اللغات الشرقية بجامعة بازل بسويسرا / ترجمة محمد عبد الهادي ابو ريده / دار الكتاب العربي في بيروت / الطبعة الخامسة.
3.             مقال بعنوان (رد على يوسف زيدان 1) بقلم د. احمد العلوي / منشور في الموقع الالكتروني (معكم)، بتاريخ 22/1/2017. عبر الرابط: أضغط هنا  
4.             اللاهوت العربي / يوسف زيدان / دار الشروق في القاهرة / الطبعة الثانية، 2010م. 
5.             تفسير ابي السعود / دار إحياء التراث العربي في بيروت.
6.             اعيان الشيعة / السيد محسن الامين / تحقيق حسن الامين / اصدار دار التعارف للمطبوعات.
7.             دفع أوهام توضيح المرام، المطبوع تحت عنوان (القاديانية) / الشيخ سليمان الظاهر العاملي / اصدار الغدير للدراسات والنشر في بيروت / تحقيق السيد محمد حسن الطالقاني.
8.             اخلاق أهل البيت (عليهم السلام) / السيد محمد مهدي الصدر.
9.             المنطق / الشيخ محمد رضا المظفر / اصدار مؤسسة النشر الاسلامي في قم المقدسة.
10.         شرح أصول الكافي / مولي محمد صالح المازندراني / تعليق ابو الحسن الشعراني / دار التراث العربي.
11.         العهد الجديد.
12.         منهج القاضي عبد الجبار المعتزلي في دراسة الاديان / الدكتور حمدي عبد الله الشرقاوي / كلية الشريعة والدراسات الاسلامية – قطر.
13.         حقائق الاسلام وأباطيل خصومه / عباس محمود العقاد / مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، جمهورية مصر العربية ، 2012م.
14.         مقارنة الاديان / الدكتور طارق خليل السعدي، استاذ مقارنة الاديان والاستشراق والحركات الفكرية المعاصرة في جامعة بيروت / دار العلوم العربية للطباعة والنشر في بيروت / الطبعة الاولى 2005م.
15.         علم اللاهوت العقيدي / د. موريس تاوضروس / مكتبة أسقفية الشباب / الطبعة الاولى، 1994م.
16.         بحث (المدخل الى الكتاب المقدس) للاب بولس الفغالي ، منشو في شبكة الانترنيت العالمية من خلال الرابط:  اضغط هنا  
17.         المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام / الدكتور جواد علي / الطبعة الثانية، بيروت 1993م ، ساعدت جامعة بغداد على نشره.
18.         تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية وصدر الاسلام / الدكتور إسرائيل ولفنسون، استاذ اللغات السامية بدار العلوم / مطبعة الاعتماد بمصر 1937م.
19.         حقائق عربية / نبيل الكرخي / كتاب الكتروني غير مطبوع ورقياً.
20.         رحلة بنيامين التطيلي / ترجمة عزرا حداد / دراسة وتقديم د. عبد الرحمن عبد الله الشيخ / المجمع الثقافي 2002م
21.         ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق / الدكتور أحمد سوسة / المؤسسة العربية للدر اسسات والنشر.
22.         اخبار مكة / ابو الوليد محمد بن عبد الله بن احمد الازرقي، توفي 250هـ / تحقيق د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش / مكتبة الاسدي / الطبعة الاولى 2003م.
23.         البداية والنهاية / ابن كثير الدمشقي / تحقيق علي شيري / دار احياء التراث العربي، بيروت / الطبعة الاولى، 1988م.
24.         العرب واليهود في التاريخ / الدكتور احمد سوسة / العربي للاعلان والنشر والطباعة / الطبعة الثانية.
25.         حياة محمد (ص) / محمد حسين هيكل / دار المعارف في القاهرة / الطبعة الرابعة عشر.
26.         دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الاسلامية / الشيخ منتظري / دار الفكر في قم المقدسة / الطبعة الاولى، 1411هـ.
27.         جواهر الكلام / الشيخ الجواهري / تحقيق محمود القوجاني / تصحيح ابراهيم الميانجي / دار الكتب الاسلامية في طهران / الطبعة الثانية.
28.         تفسير الميزان - السيد الطباطبائي.
29.         المعارف / ابن قتيبة الدينوري/ تحقيق الدكتور ثروت عكاشة / دار المعارف في القاهرة.
30.         كنز الفوائد / ابو الفتح الكراجكي (متوفى 449هـ) / مكتبة المصطفوي في قم المقدسة / الطبعة الثانية.
31.         عمدة القاريء / أبو محمد بدر الدين العيني / دار إحياء التراث العربي في بيروت.
32.         مستدرك سفينة البحار / الشيخ علي النمازي الشاهرودي / تحقيق ونصحيح الشيخ حسن بن علي النمازي / مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، 1419هـ.
33.         التنقيح في شرح العروة الوثقى / تقرير بحث السيد الخوئي (رض) للشيخ علي الغروي (رض).
34.         أزلية العالم ودور الإله عند إبن رشد / د. حسام محي الدين الآلوسي / نشر دار ومكتبة البصائر في بيروت / الطبعة الاولى 2010م.
35.         تراث الاسلام / شاخت.
36.         تاريخ المسيحية الشرقية / تأليف عزيز سوريال عطية احد مؤسسي جامعة الاسكندرية / ترجمة اسحاق عبيد / المجلس الاعلى للثقافة في مصر/ الطبعة الاولى 2005م.
37.         الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرّة، تحت عنوان: (الكنيسة السريانية الأرثوذكسية)، عبر الرابط: أضغط هنا 
38.         الموقع الالكتروني ويكيبيدا الموسوعة الحرّة، مادة بوهيمية.
39.         تاريخ اللغات الساميّة / إسرائيل ولفنسون / مطبعة الاعتماد بشارع حسن الاكبر بمصر / الطبعة الاولى، 1929م.
40.         مقال بعنوان (كلمة (عَرَبْ) سريانية معناها الغرب)، بقلم موفق نيسكو، منشور بتاريخ 20/12/2016م، في الموقع الالكتروني الحوار المتمدن، عبر الرابط: اضغط هنا
41.         الصحاح / إسماعيل بن حماد الجوهري (توفي 393هـ) / تحقيق احمد عبد الغفور العطار / دار العلم للملايين في بيروت / الطبعة الاولى 1956م.
42.         تمهيد الاوائل وتلخيص الدلائل / القاضي ابو بكر محمد بن الطيب الباقلاني / تحقيق الشيخ عماد الدين أحمد حيدر / مؤسسة الكتب الثقافية في بيروت / الطبعة الثالثة، 1993م.
43.         كنز الفوائد / ابي الفتح الكراجكي / مكتبة المصطفوي في قم المقدسة / الطبعة الثانية، 1369هـ.ش.
44.         لسان العرب / جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الافريقي المصري (توفي 711هـ) / نشر أدب الحوزة في قم المقدسة.
45.         تاج العروس من جواهر القاموس/ محمد مرتضى الزبيدي (توفي 1205هـ) / تحقيق علي شيري / دار الفكر في بيروت، طبعة سنة 1994م.
46.         قاموس الكتاب المقدس / مجمع الكنائس الشرقية / هيئة التحرير: بطرس عبد الملك، جون الكساندر طمسن، ابراهيم مطر / مكتبة المشغل في بيروت، بإشراف رابطة الكنائس الانجيلية في الشرق الاوسط/ الطبعة السادسة ، 1981م.
47.         مقال (من الإنجيل إلى الإسلام: مقابلة مع كريستوف لوكسنبرغ) / حاوره "ألفريد هاكنسبرغر" ، ترجمة وتقديم "إبراهيم جركس" ، منشور في الموقع الالكتروني الحوار المتمدن، عبر الرابط:اضغط هنا
48.         المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين / البابا اثناسيوس الرسولي / ترجمة أ. صموئيل كامل عبد السيد، د. نصحي عبد الشهيد بطرس ، مراجعة د. جوزيف موريس فلتس / مؤسسة القديس انطونيوس / الطبعة الاولى، 2015م.
49.         Concise Encyclopeida Of World History. Carlos Ramirez-Faria. 2007. Page33.
50.         معجم الحضارات الساميّة / هنري س. عَبّودي /  جروس بُرس – طرابلس، لبنان / الطبعة الثانية، 1991م.
51.         The Palmyrenes of Dura-Europos: A Study of Religious Interaction in Roman Syria / By Lucinda Dirven.
52.         Ancient Syria: A Three Thousand Year History / By Trevor Bryce.
53.         أحيقار، حكيم من الشرق الادنى القديم / أنيس فريحة / منشورات كلية العلوم والآداب في جامعة بيروت الامريكية ، 1962م.
54.         فتح القدير / الشوكاني / مطبعة عالم الكتب.
55.         تاريخ الرسل والملوك / ابن جرير الطبري / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / دار المعارف بمصر / الطبعة الثانية.
56.         الروض الانف / عبد الرحمن السهيلي (توفي 581هـ) / تحقيق وتعليق وشرح عبد الرحمن الوكيل / دار الكتب الاسلامية بعابدين في القاهرة.
57.         معجم قبائل العرب / الدكتور عمر كحالة / دار العلم للملايين في بيروت / الطبعة الثانية، 1968م.
58.         تاريخ الرسل والملوك / ابن جرير الطبري / مؤسسة الاعلمي للمطبوعات في بيروت.
59.         تاريخ الاسلام / الذهبي / تحقيق د.عمر عبد السلام تدمري / دار الكتاب العربي في بيروت / الطبعة الاولى، 1987م.
60.         سبل الهدى والرشاد / الصالحي الشامي (متوفى 942هـ) / تحقيق وتعليق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض / دار الكتب العلمية في بيروت / الطبعة الاولى، 1993م.
61.         تفسير التحرير والتنوير / الشيخ محمد الطاهر بن عاشور / الدار التونسية للنشر ، 1984.
62.         مقال بعنوان (القدس لم تكن عاصمة إسرائيل القديمة (1-4)) بقلم فاضل الربيعي ، منشور بتاريخ 14/3/2018 في موقع الجزيرة الالكتروني، عبر الرابط: أضغط هنا 
63.         الحيوان / عمرو بن بحر الجاحظ (متوفى 255هـ) / الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة: الثانية، 1424هـ.
64.         ارشاد الساري شرح صحيح البخاري للقسطلاني، وبهامشه شرح النووي لصحيح مسلم / الطبعة السابعة بالمطبعة الاميرية ببولاق مصر سنة 1325هـ.
65.         التنبيه والإشراف / المسعودي (متوفى 345هـ) / نشر دار صعب في بيروت.
66.         الكامل في التاريخ / ابن الأثير.
67.         ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشان الاكبر المعروف بـ تاريخ ابن خلدون / عبد الرحمن ابن خلدون (متوفى 808هـ / مؤسسة الاعلمي للمطبوعات في بيروت ، 1971م.
68.         إمتاع الأسماع / المقريزي (متوفى 845هـ) / تحقيق وتعليق محمد عبد الحميد النميسي / منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية في بيروت / الطبعة الاولى، 1999م.
69.         شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع.
70.         أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين (متوفى 1371هـ) / تحقيق حسن الامين / دار التعارف للمطبوعات في بيروت، 1983م.
71.         أحكام القرآن / الجصاص (متوفى 370هـ) / تحقيق عبد السلام محمد علي شاهين / دار الكتب العلمية في بيروت.
72.         تفسير النسفي / أبو البركات عبد الله بن احمد بن محمود النسفي (متوفى 537هـ).
73.         مغني المريد الجامع لشروح كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
74.         جامع البيان / إبن جرير الطبري / ضبط وتوثيق وتخريج صدقي جميل العطار / دار الفكر للطباعة والنشر في بيروت، 1995م.
75.         الدر المنثور / جلال الدين السيوطي / دار المعرفة للطباعة والنشر في بيروت.
76.         الفرق والذاهب المسيحية منذ البدايات حتى ظهور الاسلام / نهاد خياطة / الاولئل للنشر والتوزيع / الطبعة الثانية، 2004م.
77.         تحريف رسالة المسيح عبر التاريخ / بسمه أحمد جستنيَّه / دار القلم في دمشق / الطبعة الاولى، 2000م.
78.         ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (يوحنا الديلمي)، الرابط: 
79.         الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان (عالم مسيحي)، عبر الرابط: اضغط هنا 
اضغط هنا -18
80.         مقال بعنوان (مختصر المجامع المسكونيّة، وأهم مواضيعها)، منشور عبر الرابط:  اضغط هنا 
81.         مار إفرام السرياني/  الاب يوسف بربي اليسوعي / صادق بولس باسيم النائب الرسولي للاتين في بيروت على طبعه / دار المشرق في بيروت / الطبعة الاولى، 1990م.
82.         مقال تحت عنوان (القديس بابيلاس) في الموقع الالكتروني للأنبا تكلا هيمانوت، عبر الرابط: اضغط هنا 
83.         مقال في الموقع الالكتروني للأنبا تكلا هيمانوت، تحت عنوان: (القديس يوحنا الذهبي الفم بطريرك القسطنطينية). عبر الرابط: اضغط هنا 
84.         الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (مونوثيليتية).
85.         الموقع الالكتروني الدراسات السريانية (http://www.syriacstudies.com/)، مقال للدكتور متي موسى بعنوان (هرقل وصيغة الايمان المونوثيلية)، صفحة 12، عبر الرابط: اضغط هنا 
86.         الموقع الالكتروني (دائرة الدراسات السريانية)، كتاب (الزهرة الذكيّة في البطريركيّة السريانيّة الإنطاكيّة) للقس اسحاق ارمله، والمطبوع سنة 1909م، والذي يتحدث فيه عن أخبار الأحبار الذين تبوّأوا العرش الإنطاكيّ.
87.         أيام المحروسة من الدخول العربي حتى التجربة الاخشيدية / انور محمود زناتي ، وأشرف صالح محمد سيد.
88.         الصخرة، تاريخ المسيحية فكراً وإدارة / أشرف عبد الله الضباعين / المرحلة السادسة، احداث سنة 623م.
89.         مقال بعنوان (هرقل وصيغة الايمان المونوثيلية) بقلم الدكتور متى موسى، منشور في موقع (http://www.syriacstudies.com)، عبر الرابط: اضغط هنا 
90.         الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب / أسد رستم / نشر مؤسسة هنداوي.
91.         الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (مجمع القسطنطينية الثالث).
92.         الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (الديوثيلية).
93.         الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (هونريوس الأول).
94.         الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (المشيئه الواحده).
95.         الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (الكنيسة المارونية).
96.         الموقع الالكتروني دراسات سريانية (Syriac Studies)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ) بقلك الدكتور متي موسى، عبر الرابط:  اضغط هنا 
97.         الموقع الالكتروني دائرة الدراسات السريانية (www. http://dss-syriacpatriarchate.org)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ)، فقرة: (25 تحويل الكنيسة المارونية الى كنيسة لاتينية)، عبر الرابط: اضغط هنا 
98.         الموقع الالكتروني دراسات سريانية (Syriac Studies)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ) بقلك الدكتور متي موسى، عبر الرابط:  اضغط هنا 
99.         الموقع الالكتروني دائرة الدراسات السريانية (www. http://dss-syriacpatriarchate.org)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ)، فقرة: (12 هــرقـــل وصيغــة الإيــمــان المونــوثـيلــية)، عبر الرابط: اضغط هنا 
100.     الموقع الالكتروني دراسات سريانية (Syriac Studies)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ) بقلم الدكتور متي موسى، عبر الرابط: اضغط هنا 
101.     الموقع الالكتروني دائرة الدراسات السريانية (www. http://dss-syriacpatriarchate.org)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ)، فقرة: (20 الموارنة والمـونوثيلية)، عبر الرابط: اضغط هنا 
102.     أفراهاط الحكيم الفارسي / د. بولس الفغالي / صادق على طبعه بولس باسيم النائب الرسولي للّاتين في بيروت، 1990 / دار المشرق في بيروت / الطبعة الثانية، 2002م.
103.     الموقع الاكتروني (المركز الدائم للتنشئة المسيحية) مقال تحت عنوان (يسوع المسيح في تعاليم المجامع المسكونية). عبر الرابط: اضغط هنا 
104.     أيضاً الموقع الالكتروني (مركز الكلمة المسيحي) مقال تحت عنوان (يسوع المسيح شخص واحد في طبيعتين طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية). عبر الرابط: اضغط هنا 
105.     من ھم األدفنتست السبتيون؟ والرد على عقائدھم الخاطئة / اﻻﻧﺒﺎ ﺑﻴﺸﻮي ﻣﻄﺮان دﻣﻴﺎط وﻛﻔﺮ اﻟﺸﻴﺦ واﻟﺒﺮاري.
106.     الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان (نسطورية). عبر الرابط: اضغط هنا 
107.     مقال بعنوان (أبرشية العربية…أسقفية عربية بين الخيام)، منشور في مدونة د. جوزيف زيتون، بتاريخ 12/8/2018م، عبر الرابط: اضغط هنا 
108.     جزيرة العرب قبل الاسلام / برهان الدين دلّو / دار الفارابي في بيروت/ الطبعة الثانية، 2004م.
109.     الموقع الالكتروني (معرفة)، تحت عنوان: (قسطنطيوس الثاني)، عبر الرابط: اضغط هنا 
110.     تاريخ مدينة صنعاء/ أحمد بن عبد الله بن محمد الرازي / تحقيق لدكتور حسين بن عبد الله العمري / دار الفكر في دمشق/ الطبعة الثالثة - مقدمة الكتاب بقلم الدكتور نبيه عاقل عميد كلية الآداب ورئيس قسم التاريخ في جامعة دمشق.
111.     كمال الدين وتمام النعمة / الشيخ الصدوق (متوفى 381هـ) / تصحيح علي اكبر الغفاري / مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة / طبعة سنة 1405هـ.
112.     مسند احمد بن حنبل / دار صادر في بيروت.
113.     شرح النووي لصحيح مسلم / دار الكتاب العربي في بيروت، 1987م.
114.     Bury, John B., A history of the later Roman empire from Arcadius to Irene, Volume 2 1889.
115.     العلل / احمد بن حنبل / تحقيق الدكتور وصي الله بن محمود عباس / المكتب الإسلامي في بيروت ودار الخاني في الرياض / الطبعة الاولى، 1408هـ.
116.     تاريخ مدينة دمشق / ابن عساكر / تحقيق علي شيري /  دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت/ 1415هـ.
117.     فهرست ابن النديم / ابن النديم البغدادي / تحقيق رضا-تجدد.
118.     المسائل والرسائل المروية عن الامام احمد بن حنبل في العقيدة / جمع وتحقيق ودراسة عبد الاله بن سلمان بن سالم الاحمدي / الطبعة الاولى 1991م / دار طيبة في الرياض، المملكة العربية السعودية.
119.     الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة / أبو عبدالله عبيدالله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي / تحقيق: د.عثمان عبدالله آدم الأثيوبي / دار الراية – الرياض / الطبعة الثانية ، 1418هـ.
120.     الوافي بالوفيات / الصفدي.
121.     ضعفاء العقيلي / تحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي / دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الثانية 1418هـ.
122.     الإلهيات / الشيخ جعفر السبحاني / الدار الاسلامية للطباعة في بيروت / الطبعة الاولى، 1989م.
123.     دراسات في العقيدة الاسلامية / محمد جعفر شمس الدين.
124.     خلق أفعال العباد / البخاري / تحقيق فهد بن سليمان الفهيد.
125.     خلق أفعال العباد / البخاري / تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة.
126.     الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة / أبو عبدالله عبيدالله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي / تحقيق : د.عثمان عبدالله آدم الأثيوبي / دار الراية – الرياض / الطبعة الثانية ، 1418هـ. 
127.     ضعفاء العقيلي / تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي / دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1418هـ.
128.     التوحيد / الشيخ الصدوق (رض) / تعليق السيد هاشم الحسيني الطهراني / منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم المشرفة.
129.     سنن أبي داود / تحقيق وتعليق سعيد محمد اللحام / دار الفكر للطباعة والنشر / الطبعة الاولى 1990م.
130.     الهداية / الشيخ الصدوق (رض) / مؤسسة الامام الهادي (عليه السلام) / الطبعة الاولى، 1418هـ.
131.     الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، مقال بعنوان (آباء الكنيسة).
132.     سنن الترمذي / تحقيق وتصحيح عبد الرحمان محمد عثمان / دار الفكر للطباعة والنشر في بيروت / الطبعة الثانية، 1983م.
133.     التاريخ الكبير، لمحمد بن إسماعيل البخاري / المكتبة الاسلامية، ديار بكر، تركيا.
134.     الابانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة / ابو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (توفي 387هـ) / تحقيق ودراسة د. عثمان عبد الله آدم الأثيوبي / دار الراية في الرياض وجدة/ الطبعة الثانية 1418هـ - الكتاب الثاني القدر ، المجلد الثاني.
135.     شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة / هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي / خرّج أحاديثه وعلّق عليه نشأت بن كمال المصري / مكتب دار البصيرة بالاسكندرية.
136.     محاضرة له بعنوان: ( بدعه بيلاجيوس، البدعة البلاجية، تاريخ الكنيسه القبطية) للبابا شنودة الثالث. منشورة في موقع اليوتيوب، عبر الرابط: اضغط هنا 
137.     مقال بعنوان (هل عقيدة الخطية الأصلية بدعة أغسطينية الأصل؟)، بقلم سامي خليل سليمان ، منشور في الموقع الالكتروني (إِلَى الشَّرِيعَةِ وَإِلَى الشَّهَادَةِ Sola Scriptura) عبر الرابط: اضغط هنا 
138.     الفتوى الحموية الكبرى / ابن تيمية (توفي 728هـ)/ تحقيق شريف محمد فؤاد هزّاع / دار فجر للتراث / الطبعة الاولى، 1991م - ص47.
139.     التوفيق الرباني في الرد على ابن تيمية الحراني / جماعة من العلماء.
140.     حاشية رد المحتار / ابن عابدين (توفي 1252هـ) / دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت / سنة الطبع 1995م.
141.     معجم المصطلحات والشواهد الفلسفيّة  / جلال الدين سعيد / دار الجنوب للنشر، تونس ، 1994.
142.     الموقع الالكتروني (اسلام ويب) التابع الى وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في دولة قطر / منشور بتاريخ 18-10-2001 م، عبر الرابط:  اضغط هنا 
143.     نقد العقل الدائري ، الخضوع السني والاحباط الشيعي/ د. فالح مهدي / بيت الياسمين للنشر والتوزيع في مصر / الطبعة الاولى 2015م.
 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=149096
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28