اشد ما يخشاه الأنبياء ان يرجع الناس بعدهم إلى سنن آبائهم (سنّة الأولين).وهو الانقلاب على الأعقاب أيضا، أو الارتداد ، كلها تصب في خانة الرجوع إلى سنّة الأولين. وقد وردت اشارات في كل الكتب السماوية وأحاديث الأنبياء أنهم يبدون خشيتهم من ذلك ناهيك عن تحذير الله تعالى للمنقلبين على الأعقاب أو المرتدين او ما يُسمى سنة الأولين او سنّة الأجداد وممارساتهم الباطلة.

في عالم الأديان يوجد (سنة الله). و(سنة الأولين).

سنة الله هي المفروضة من الله تعالى على الناس بواسطة نبيه : (ما كان على النبي من حرجٍ فيما فرض الله لهُ سُنة الله). (1) ويُقابلها سنّة الأولين وعاداتهم وموروثهم وهي السد المانع للإيمان (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا).(2) وكذلك قوله تعالى : (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين). (3) وإذا آمن هؤلاء نتيجة للقوة فإنهم إنما يُظهرون إيمانا ويُبطنون كفرا.وهم المنافقون.

وهؤلاء المنافقين الذين بقوا على سنن آبائهم يعتقدون أنهم بذلك يخدعون النبي ويخدعون الله : (إن المنافقين يُخادعون الله وهو خادعهم.والله يشهد إن المنافقين لكاذبون).(4)

ليس في القرآن وحده بل في كل الكتب كان الأنبياء يدعون الله أن لا يؤاخذهم بسنن الأولين وعلى سبيل المثال نقرأ في مزامير النبي داود طلبه من الله (لا تذكر علينا ذنوب الأولين). (5) أي سننهم التي كانوا فيها والتي أدت إلى هلاكهم.

ولكن التوراة تحكي لنا ايضا أن هناك من خرج على سنن الأولين وأتبع سنة الله : (تركوا سنن آبائهم وسجدوا لإله السماء الواحد).(6)

وكذلك تخبرنا توراة موسى بأن الله تعالى علم أن قوم موسى رجعوا إلى سنن آبائهم في عبادة الاصنام كما يقول : (رجعوا إلى آثام آبائهم الأولين أبوا أن يسمعوا كلامي وذهبوا وراء آلهة أخرى ليعبدوها).(7) وآثام آبائهم أي سننهم في العبادات الباطلة.

واليوم وكأنما يعيد التاريخ نفسه حيث نرى ركض الكثير من أمة العرب المتأسلمين وراء اليهود والنصارى متجاهرين ومتبعين في ذلك سنن آبائهم الذين تحالفوا مع اليهود والنصارى للقضاء على كل الأديان وقتلهم الأنبياء ومحاربتهم للرسالة الإسلامية وإرجاع سنن آبائهم. فقد رجع اليهود إلى سنن آبائهم في الغدر والنكث والخديعة والمكر فسلبوا ارضا وقتلوا وهجروا شعبا وتبعهم في ذلك الكثير من زعماء العرب ممن يُظهر إسلاما ويُبطن كفرا مستكبرين في الأرض على الناس ونسى هؤلاء جميعا قوله تعالى : (فهل ينظرون إلا سُنّت الأولين فلن تجد لسُنتِ الله تبديلا).(8ا) ي عقوبة الأولين من أجدادهم فسوف يرون سنة الله بهم في الدنيا والآخرة.

المصادر :

1- سورة الاحزاب آية : 38.

2- سورة البقرة آية : 170.

3- سورة الكهف آية : 55.

4- سورة النساء آية : 142. وسورة المنافقون آية : 1.

5- سفر المزامير 79 : 8.

6- سفر يهوديت 5 : 8.

7- سفر إرميا 11 : 10.

8- سورة فاطر آية : 43.