• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : القمة و"شعواط" الطائفية .
                          • الكاتب : هاشم العقابي .

القمة و"شعواط" الطائفية

لم نعهد بمثقف عربي واحد، انه لا يحب بغداد. ولم نلتق باي منهم الا ووجدناه حين يتحدث عنها وكأنه يترجم في وجدانه قول الشافعي: " ما دخلت بلدا الاّ عددته سـفرا، إلا بغداد فإني متى دخلتها عددتها وطنا". فما الذي طرأ حتى صار الكثير من كتاب العرب يتطيرون من عقد القمة في بغداد، وهم يعلمون انه شرف لها؟

لقد تابعت اغلب مقالات الاخوة العرب في الصحافة العربية بحثا عن سبب منطقي جعل كتابها يقفون ضد انعقاد القمة ببغداد، فوجدت ما وددت ان لا أجده. اسهب كثير منهم في الخوف على العروبة من الضياع لو ان القمة حطت رحالها على ضفاف دجلة. والسبب كما يقول احدهم هو: "الحيلولة دون استغلال موقع العراق في رئاسة القمة من اجل الإمعان في الإساءة الى (الفكرة العربية) كما يفعل بعض أصحاب القرار في بغداد اليوم".
لقد صعب علي في البدء ان افهم المقصود بالـ "الفكرة العربية". لكني بعد ان واصلت القراءة هنا وهناك، تفتحت امامي مسامات الحروف والسطور فزكمت انفي رائحة "شعواط" طائفي. ورائحة "الشعواط" التي تبدو خفية، تارة، وواضحة في اخرى، يسهل فرزها عن باقي الروائح، لانها، في العموم، تنصب على شخصية رئيس الوزراء العراقي وليس على ادائه.
لست هنا بصدد الدفاع عن المالكي. ولا أظنني بحاجة الى دليل اثبت به اني أعارض أداءه ، ومثلي من الكتاب العراقيين كثيرون. لكن ليس فينا من انتقده يوما بسبب انتمائه المذهبي او الفكري. اما الغالبية من مثقفي العرب، فواضح، وللأسف، انهم يستكثرون عليه رئاسة القمة، لا لشيء الا، واقولها بمرارة المرغم لا البطل، لانه شيعي. واظن ان "شيعيته" هي التي يعتبرها صاحب "فكرة العروبة" إساءة. ذلك واضح في قوله: "من الصعب التعويل على نوايا رئيس الحكومة العراقي الذي لم يكف عن إظهار مشاعره السلبية تجاه (الفكرة العربية) وتجاه من يحملها حتى من حلفائه المفترضين". فهمي المتواضع لما يريد قوله هذا الكاتب هو انه يقصد السنة. لكن لماذا استبدل "السنة" بـ "الفكرة العربية"؟ حقا لا أدري.
أمر يثير الشفقة والخوف معا، انه بعد النهوض العربي الجديد، تظل رواسب الطائفية تتحكم لا بعقول البسطاء من العرب، بل بعقول مثقفيهم أيضا. ان اعتراض هذا الصنف على انعقاد القمة ببغداد، لان رئيس الحكومة شيعي، يرغمنا ان نرفضه لتفاهته أولا، ولأنه ظلم لا نرتضيه ثانيا.
نحن لم نعترض على المالكي بفعل انتمائه المذهبي، بل لإخفاقه وحكومته على مدى دورتين انتخابيتين، في تحقيق ابسط أحلام العراقيين في عيش كريم ومريح. مثلما لم نعارض صدام لانه سني، بل بسبب جرائمه بحق العراق وشعبه.
ان الاعتراض على رئيس الوزراء، بسبب هويته المذهبية، ما هو الا شكل قبيح من أشكال الظلم. لا نرفضه، وحسب، بل ان الواجب الإنساني والحضاري يحتم علينا ان ننصر المظلوم كإنسان قبل أي اعتبار لمنصبه.
واني وان كنت أتمنى القمة في بغداد، ليرتاح العراق من هم القطيعة مع ابناء قومه، لكني صرت أتمناها اليوم أكثر بأمل ان تأتينا بعطر من بخور عود جديد ينقي اجواءنا من "شعواط" الطائفية المميت.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14916
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28