• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كلمة في السيد كمال الحيدري.. .
                          • الكاتب : نعمه العبادي .

كلمة في السيد كمال الحيدري..

 1/ ليس لدي اطلاع تفصيلي على السيرة الذاتية العلمية له بشكل دقيق وتفصيلي، ولكن بحسب متابعتي وجدته مهتماً في دروسه الاصولية بالشهيد محمد باقر الصدر قدس سره، ولا اعتقد انه ادرك الشهيد كطالب للبحث الخارج او ربما ادركه في فترة قصيرة، وكذلك قربه من افكار السيد محمد حسين الطباطبائي قدس سره، وتبنى تدريس كتابي بداية ونهاية الحكمة، وكذلك دروس في تفسير الميزان، كما انه قريب من الدرس الفلسفي والمنطقي، وعرف اهتمامه بنظرية المعرفة.

2/ انخرط الحيدري في التدريس لفترات طويلة، وتميز بقدرته على العرض الاكاديمي للمواد الحوزوية، واسلوبه في تفكيك المطالب وبيان خلفياتها.

3/ لسنين خلت لم يسجل اعتناء كبير له بالدرس الفقهي والرجالي والدراية، وقد اخذ الدرس الفلسفي والاصولي والمنطقي والتفسير منه الكثير، وعرف مبدعاً في تدريسها وعرضها، ولكن حضوره في الدرس الفقهي محدوداً.

4/ التقيته في عام 2006 وسمعت، ذلك متواترا من كثيرين، انه لم يتحمس او حتى يحاول الرجوع الى العراق بعد عام 2003 بخلاف الشيخ هادي ال راضي والايرواني وآخرين الذين فضلوا حوزة النجف مباشرة، وقد عرفت من خلال بعض المقربين عن احواله المستقرة في ايران، وانه لم يملك اي مشروع باتجاه العراق حتى من بعيد، عدا انه فتح مكتب له رمزي في النجف الاشرف، وزع مساعدات مالية للطلبة.

5/ في السنوات الاخيرة، تصاعد الحديث عن طرحه لنفسه كمرجع، على الرغم من ضعف او انعدام تداول رسالته العملية في المجتمع، بل لم يقع تحت يدي نسخ منها، وصار يكثر من تقييمه لحوزة النجف وصارت تتداول آرائه الحادة تجاهها، والاوصاف اللاذعة تجاه المراجع، والتي اصبح يطلقها بدون تحفظ.

6/ اثارت مجموعة حلقات بثتها قناة العراقية، مثلت لقاءات مسجلة للمحاور سعدون محسن ضمد والحيدري، وقد تناولت موضوعات حساسة، واطلق فيها الحيدري مجموعة آراء فتحت تجاهه سيل من المواقف النخبوية والشعبية، وتفاوتت تلك المواقف بين حديث موجه الى شخصه واخرى موجهة الى افكاره، وقد اطلعت على عدد منها، ولان هذه الحروف معقودة بالدرجة الاساس لهذا الموضوع اورد بشأنها الملاحظات الآتية:

أ. بالنسبة لي كان المستوى الذي ظهر به الاخ محسن ضمد صادماً، فالمفروض ان له قدرات حوارية وخلفية ثقافية جيدة، ولكن طريقة الحوار والاسئلة التي كان يطرحها دون المستوى بكثير، ومعظم مداخلاته سحبت الحديث الى مناطق إلتباس وتشتيت، وشجعت باتجاه الآراء المثيرة. 

ب. البرنامج تبثه قناة العراقية، وهي قناة الدولة الممثلة لكل تكويناتها، والمفروض انه يؤخذ بنظر الاعتبار الكثير من الامور عند بث اي مادة والحساسة منها على وجه الخصوص، ولذا لم يكن طرح هذا الحديث موفقاً في هذه الاوقات على القناة، بل مخالفة واضحة لمهمتها ومسؤوليتها تجاه امن الدولة. 

ج. الخلاف المذهبي حقيقة لا جدال فيها، واستبطان مواقف اكثر حدة تجاه الآخر غير معلنة هو امر طبيعي، والايدلوجيا بطبيعتها تستبطن فكرة الحق المطلق وخطأ الطرف الآخر المطلق، ولكن الامور لا تجري واقعا على هذا الاساس.

د. بحسب فهمي لحيثيات الحديث الذي طرحه الحيدري في المقابلة لم يكن الامر يتعلق باثارات معرفية وفكرية ودينية بالدرجة الاساس، ولكنه يؤسس لنفسه كرجل ديني شيعي برتبة الاجتهاد، له توجه للوضع العراقي، يتبنى افكاراً على اساس انها تختلف عن المشهور، وتدور حول فكرة قبول الاخر والنظر بعدالة لكل المختلف، وفكرة تعدد الحقيقة والحق، بحيث يصبح مرجع متناسب مع موقف ونظرات الآخر وهنا اعني بالاخر حتى الامريكي والاوربي.

ه. يؤسفني القول ان الحيدري كمدرس ممتاز وكأستاذ مقتدر تم التضحية به لاجل التطلع الى طموح مرجعي يراد به ان يتم تجاوز كل اوضاع النجف ومسارها الفقهي والترتيبات التي تتداول فيها المرجعية، واقول له ان هذا الطموح لا مجال لتحقيقه بهذه الطريقة، ولو تواجد في النجف بعد سقوط النظام، وانخرط في التنافس الفقهي الدرسي، واسس لنفسه مساراً ضمن الوضع الجاري، لكانت فرصته اكبر، واما الآن، فقد انتهى هذا الحلم للابد.

7/العراق والعالم في لحظة تصدع كبيرة وخطيرة، يحتاجان من يقوم بترميم اوضاعهما، وملامسة جروحهما برحمة، والتعاطي مع المشاكل بعقلانية بعيدا عن محاولات الانتشار والشهرة.

8. مما يثير الريبة ان هذه المحاولات والمواقف والآراء يتبع بعضها البعض الآخر، وكأنك تشعر ان هؤلاء منخرطون في مشروع منظم  يستهدف اثارة هذه الموضوعات بهذه الطريقة وبهذا التوقيت...

اتمنى ان تكون هذه الملاحظات مناسبة للحظتنا الراهنة..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=149235
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29