• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءتي في الصلاةِ والتسليمِ على النبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) .
                          • الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود .

قراءتي في الصلاةِ والتسليمِ على النبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه)

سُئِلتُ عن سببِ عدمِ ذِكْري (وسلَّمَ) في عبارةِ الدعاءِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ؛ فأَجبتُ:

قال اللٰهُ تعالى: ﴿إِنَّ اللٰهَ وملائِكَتَهُ يُصَلُّونَ علَى النَّبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا علَيهِ وسَلِّمُوا تَسليمًا﴾ [الأحزاب/٥٦].

لم يَرِدْ في الآيةِ الكريمةِ (إِنَّ اللٰهَ وملائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ويُسلِّمون علَى النَّبِيِّ...) ؛ لذا لا يَصِحُّ - عندي - (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه وسلَّمَ) سواءٌ أَكانَ الفعلُ الماضي (سلَّم) من السلامِ والتحيةِ ؛ لأَنَّه لم يُذكَرِ السلامُ والتحيةُ من اللٰهِ تعالى إِلى النبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) في هذه الآيةِ تحديدًا ، أَم كان الفعلُ الماضي (سلَّم) من (التسليمِ) بمعنى (الانقيادِ والطاعةِ) ؛ لأَنَّ الانقيادَ والطاعةَ للٰهِ تعالى وحدَه مطلقًا وليس منه لعبدِه.

إِنَّ التسليمَ المقصودَ في هذه الآيةِ هو الانقيادُ والخضوعُ والطاعةُ المطلقةُ منا نحن للرسولِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ، وليس من (السلامِ) بمعنى (التحيةِ) فـ(سلِّموا تسليمًا) بمعنى (انقادوا انقيادًا ، واخضَعوا خضوعًا ، وأَطيعوا طاعةً) بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾ [النساء/٦٥].

فما معنى (صلُّوا عليه وحيُّوهُ) ونحن بلا طاعةٍ له ؟!

هل ندعو نحن اللٰهَ للنبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) بالرحمةِ وهو ما يُذكَرُ لـ(صلُّوا عليه) من تفسيرٍ ، ونُحيِّيهِ بعبارةِ السلامِ ونحن في الواقعِ لا نمتثِلُ - انقيادًا وخضوعًا وطاعةً له - لقولِه تعالى: ﴿...وما آتاكُمُ الرَّسولُ فخُذوهُ وما نَهاكُم عنهُ فانتَهوا واتَّقُوا اللٰهَ إِنَّ اللٰهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [الحشر/٧] ؟!

فالصلاةُ من اللٰهِ عزَّ وجلَّ شيءٌ ، ومن ملائكتِه (عليهِمُ السلامُ) شيءٌ ثانٍ. وقد وردت عبارتُها بأُسلوبِ الإِخبارِ اللغويِّ ، والصلاةُ والتسليمُ (لا السلامُ) من (الذينَ آمنُوا) تحديدًا - جعلنا اللٰهُ بتوفيقِه منهم - شيءٌ ثالثٌ. وقد وردت عبارتُهما بأُسلوبِ الأَمرِ وهو من لإِنشاءِ اللغويِّ.

(صلُّوا عليه) من ظاهرِها الأَولِ يُمكِنُ أَن يُرادَ بها (اتَّبِعوا صلاتَه) كنايةً عن تطبيقِ عباداتِه ، ومحاكاةِ سُنَّتِه في العبداتِ الأُخرى كلِّها. (وسلِّموا تسليمًا) من ظاهرِها الأَولِ يُمكِنُ أَنْ يُرادَ بها (انقادوا واخضَعُوا له ، وأَطيعوه) في ميدانِ المعاملاتِ كلِّها بعد الطاعةِ والاتِّباعِ في العباداتِ بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿وأَطيعُوا اللٰهَ والرَّسولَ لعلَّكُم تُرحَمونَ﴾ [آل عمران/١٣٢] ولذا تراني لا أَكتبُ (وسلَّم) في نهايةِ عبارةِ الدعاءِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) بحسبِ فهمي المختصِّ الذي ذكرتُه هنا إِجمالًا.

إِنَّها قراءتي المختصَّةُ التي أَقولُ بها ، وهي ليستِ القولَ الفصْلَ ، وليست بمُلزِمةٍ ، بل هي واحدةٌ من فيوضِ إِيحاءاتِ هذه الآيةِ الكريمةِ التي يستلهِمُ منها العارفونَ ما يقرؤُونه عنها من فيوضٍ أُخَرَ يقولون هم بها. واللٰهُ أَعلمُ.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=149317
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28