كانوا يقولون عن العراق سابقاً المثل الآتي ( بين مقهى ومقهى مقهى ) باعتبار المقاهي في عصر ما قبل الانترنيت وسيلة للهو ولعب الدومينو والطوالي ومشاهدة برامج التلفزيون الأسود والأبيض الذي لا يتوفر في أغلب البيوت المبنية من القصب والبردي والطين آنذاك .
هذا الكلام يقودني للحديث عن الطب والأطباء والعلاج والتداوي في الوقت الحاضر الذي نعيش فيه عجز الحكومة عن توفير الرواتب لعموم العاملين في أجهزتها العسكرية والمدنية ورواتب الرعاية الاجتماعية والمتقاعدين.
بعد إصابتي بالتهاب العصب السابع المعروف شعبياً ( الشرجية ) راجعت أحد الأطباء الاختصاص في مدينتي وأعطاني الدواء اللازم لذلك مع العلاج الطبيعي المستمر, ولكن بعض الإخوة نصحني بمراجعة طبيب روحاني في منطقة سكنه يقوم بمعالجة المصابين بهذا الداء بقراءة القرآن والأدعية , وحينما ذهبت لهذا المعالج الروحاني ( السيد ) نصحني بترك علاج الطبيب والاعتماد عليه بعد أخذ ثلاث جلسات متتالية.
وبعد أن تأخر الشفاء نصحتني زوجتي القيام بزيارة أضرحة الأولياء الصالحين في مدينتي التي تعج بالأطباء الجشعين والمتسولين , فامتثلت لأمرها وقمنا بجولة ميدانية من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة السادسة ليلاً , قمنا خلالها بزيارة ( علي الزكي و عبد الله بن علي و سيد ماجد أبو سدره ) وهؤلاء جميعاً من أحفاد الإمام الكاظم ( ع ) للتبرك بهم وأملاً أخر بالشفاء .
اليوم في مدينتي تحولت المجمعات التجارية إلى مراكز طبية تحتضن معظم أطباء المدينة المعروفين , هذه المجمعات أصبحت متكاملة من حيث وجود المختبرات فيها وأجهزة الفحص بالسونار والأشعة والعلاج الطبيعي كما تضم صيدليات شبه اختصاصية البعض منها يعود إلى طبيب مختص في المجمع نفسه , قد يكون مختص بالتجميل أو الأسنان أو الإمراض الباطنية, والذي لفت نظري أن أحدهم كاتب على جدران المركز الطبي ( هنا صيدلية ) وكأنه يدعونا إلى وليمة عشاء مجانية , وليس بيع الدواء بأسعار خيالية تصل إلى ما لا يقل عن مائة ألف دينار لبعض الأمراض المزمنة أو الأمراض المفاجئة كما حدث معي .
لقد أصبحنا اليوم مدينين للكاتب والاقتصادي والفيلسوف الألماني كارل ماركس ( 1883-1818 ) باعتذار، ما تحدث عنه هو دور الدولة الذي لا يمكن الاستغناء عنه لتحقيق العدالة الاجتماعية، وحينما فشلت الشعوب في تطبيق تلك العدالة، جاءت عدالة وباء كورونا لتقول لنا إننا على خطأ ... عذراً ماركس، بينما تفرغت أنت للدفاع عن الضعفاء، الذين لم ينالوا فرصتهم للعيش بكرامة، قسونا نحن عليهم، واتهمك رجال دين لا دين لهم ولا مذهب ,وكَتاب لا كتاب لهم , ومفكرين لا فكر لهم بالتقصير والكسل والكفر والإلحاد, والعكس صحيح لان كل ما قلته في حينه فعلاُ أنه أفيون الشعوب .
أما نحن سوف يشهد التاريخ لنا أننا عشنا أصعب فترة زمنية في حياتنا ,اجتمع فيها علينا لصوص الله والمؤتفكة وأصحاب الأيكة وقوم تبع وثمود وأصحاب الرق وعبدت الشيطان وقتلة المتظاهرين السلميين وسارقو قوت الشعب ,ومجادلة كتاب الله.
|