• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الحداثة .. وعيا .
                          • الكاتب : محمد سمارة .

الحداثة .. وعيا

لا تمتلك المفردة او العبارة مهما اوتيت من دقة التعبير – حرية  الايغال في الذهنية المتلقية مالم تمتلك جمرة الاصالة التوهج الذي يجب ان يتوفر عليه فضاء السرد ذلك ان الية السرد  و وعي السارد حالتان لقناة مبدعة واحدة تتحرك على الورق لخلق فضاء يتماهى فيه القارىء الذي ينتظر نضجا معرفيا يضاف الى معرفياته , ولان ذلك هو جزء من حالة شعورية , فان الفهم الحقيقي لفضاء السرد لا يشترط فينا ان نكون محايدين في عملية الاستبطان او التكهن وملاحقة المعاني . اننا طرف مهم في معادلة فلسفية نحاول من خلالها الالتزام بما يقدمه لنا الحرف وما يضيئه لنا السارد وهو يقدم طبقة بعيدا عن الغرابة او العبارات التي لا توقظ فينا حسا او تحرك نبضا .

واذا لم يتوفر ذلك ان ثمة خللا في الحروفية الاسلوبية التي تقود الى مكامن الحس الاخلاقي في الذات الانسانية , ولا كيف تفسر المفردات الشاذة المتشضية عن المعرفة الجمعية التي تخاطب القراءفي كل هذا الجمع الذي يشكل جزءا صغيرا من كرتنا الارضية العائمة ؟ باختصار انا لا افهم ان يقول احدهم :" تشضيت في مسافات الدراهم المتبقية " او " ان انغلاق الذات فرح الملائكة حين تجد نفسها خالية من العمل " او " لماذا يضحك ثقب الباب وانا احدق فيه كالابلة ؟"  .

وليس ما سبق الا عبارات تشيء بخلفية معرفية غائمة لا تمتلك حرية الخوض في انجاز لا تتحقق فيه ابسط مواصفات السرد السليم , ولئن حقق البعض من خلال هذا الاجتياح الادبي جزءا من الاهتمام فليس معنى ذلك ان ما قدمه ابداع بقدر ما هو حالة مربكة لا تخدم وضعنا الثقافي الذي وجد البعض نفسه في خضم امواجه غير ميال الى صراعات تنظيرية جديدة فالموجة الترجمية . عراقيا او عربيا .. قائمة الان على ساق عرجاء لا يهمها سوى الترجمة وتقديم افكار الاخر على طبق العولمة جاهزا دون غربلة او فهم .

واضح لمل يدور في عقلية هذا الاخر , فالذي يهم المترجم هو عنايته بالمفردات والمصطلحات  و المفاهيم بلسان اصحابها يدونها دون تمحيص او تدقيق وذلك يعني في النهاية ان نشرب من انهار الاخرين  دون اختيار و فحص مجهري لما هية الماء وطبيعته الكيميائية وبذلك نكون قد وضعنا انفسنا في كماشة فكرية تتقاطع مع ارثنا الادبي التليد لتطوقنا مفاهيمها باصابع عنكبوتية مستمرئين قيود الموجة الحداثوية فهل من عقل ينهض فينا ليغربل او يرفع القلم سيفا باشطا ليقول : كفى .

يقول جوزيف كوتراد : الرواية ان اجد نفسي اشربها كما لو كنت اتناول عصير البرتقال . وحين لا يتوفر ذلك احرق ما قرات .

وما يعنيه كوتراد واضح : فالحقيقة الانسانية في اتم وضوح وعافية , لماذا تضببها في سرد يخدعنا تلقي بضلالتها الرمادية على صدورنا  ؟ فالعمل السردي – والغير السردي  - لا يعني ان نضع الاسلاك الشائكة في دروبنا الفكرية بل هو ان نزيح هذه الاسلاك لتغدو الدروب سالكة .

وذلك لا يتحقق طبعا في حالة انقياد السارد وراء لغة مجنونة محاولا الامساك بوهم يختبىء بين طيات ثيابه متعكزا على تبرير اسمه الحداثة .

وما الحداثة في رأي بعض من الادباء ؟ انها الفلكة اللفظية و الايهام وقول ما لا يقال محاولين التقليد لكنهم في كل ذلك مخفقون يتقاسمون ( اللقمة)  المصطلح وهم لا يفهمون الا المماحكة و المجادلة وترديد مفردات الحداثوية  والبليوية و التفكيكية و سواها مما جاءت به الترجمة ولقت بها في جعابنا لتزيد بذلك ارباك البعض لا سيما الشباب دون ان تمنحنا فرصة قول الكلمة الصافية او مراجعة النفس او قول ما هو واضح وقد قالوا قديما : ان ما يخرج من القلب يدخل في القلب .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=150117
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 11 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29