هل من عادة البشر أن يكثروا الحديث عن الفضيحة ويتسابقون لنشرها ، ويتباطئون عن النصيحة ويتثاقلون عن تأديتها ؟ وهل من عادتهم وسجيتهم أن يسعدوا بفشل أحدهم ويحزنون لنجاحه ؟ هل صحيح أن نفوس الناس تميل للكره أكثر من ميلها للحب ، لذا تراهم لايعترضون حين تقول أنا أكره فلانا وينزعجون إذا قلت أنا أحب فلانا ؟ هل من عادة البشر أن يذموا أكثر مما يمدحوا ، وينتقدوا أكثر مما يصوّبوا ، فإن ذموا فبصوت عال ، وإن مدحوا فهمساً ؟ وهل هم للتشاؤم أقرب منهم إلى التفاؤل ، فغالباً ما يبدو لهم النصف الفارغ من الكأس ؟ وهل من عادة بني البشر أن يتذمروا أكثر مما يشكروا ، فيتحدثوا عما ينقصهم أكثر مما أنعم الله عليهم ؟ وهل يغلب عليهم الشك أكثر من اليقين أم العمس هو الصحيح ؟ هل تلك عادات وطباع أم إنها تربية وسلوك مكتسب ؟ وهل حقاً أن الشعوب تختلف في طباعها ، فشعب طبعه الاحتجاج والرفض والثورة ، وآخر هادئ ليّن متسامح مع حكامه وولاته ؟ هل تكونت هذه الطباع بفعل فاعل أم إنها وراثة وتناسل ؟ هل ترويض الشعوب تربية يعتمدها الحكام فيوظفون لها الدين ووعاظ السلاطين ؟ وهل بإمكان الحكام أيضاً أن يعلموا شعوبهم الثورة والرفض ؟ ثم أي الشعوب أفضل لبناء المجد والحضارة والازدهار والتقدم أسهلهم انقياداً أم أكثرهم رفضاً ؟ ثم هل يتلازم مجد وحضارة أي شعب مع مالديه من بناء وعمران ، أم يكفي ما لديه من الاستقرار والايمان ؟ تلك أسئلة تدفعنا لأن نراجع الكثير من سلوكنا فنعدل فيه نحو ما يمليه العقل والمنطق والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .
|