• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثلاث قطرات تحمل أسرار .
                          • الكاتب : الشيخ مظفر علي الركابي .

ثلاث قطرات تحمل أسرار

قطرةٌ من دم
قطرةٌ من حِبر 
قطرةٌ من دمع 
هذه هي الثورة 

فالإمام الحسين ( عليه السلام ) ثورةٌ لا تنتهي على الظلم والظالمين ، وقد خلدَ ثورتهُ بهذهِ القطرات الثلاث .

فأولُ قطرةٍ : هي قطرةٌ من دمٍ سقطتْ على أرض كربلاء ، ولا زالت تغلي تلك قطرة دم الحسين (ع) في أرض كربلاء بل في قلب كل محب وموالي وشيعي عرف الحسين (ع) بل في قلب كل إنسان حر  عرف ما معنى الإنسانية ، وما هو معنى الحرية ، ومعنى الكرامة .

وثاني قطرة : وهي قطرة الحبر التي سجلت لنا مأساة الطف وكل ما حصل على تلك حبات الرمل حيث نينوى والنواويس وكتبت على كل حبة رمل عشق الشهادة ، ومعاني التضحية والرجولة ، والفداء ، وكل القيم والمثل والأخلاق ، وكل ما يشد الإنسان الى معاني السمو والرفعة والترفع عن الخسة والحقارة والذلة والخضوع والخنوع .

نعم القلم عاجز عن وصف تلك الملحمة الخالدة ، وعن ما ورائِها من اسرار ، لأنها فعل الله ( وفعل الله لا يمكن أن يدركه العقل ) 
وأنى لهذا العقل المحدود أن يحيط ب(اللامحدود ).

نعم عجزت العقول ومهما حللت وكتبت لا تستطيع أن تصل إلى فلسفة هذه الواقعة العظيمة ( فلو كانت الأشجار اقلاماً والبحار مداداً ، وجميع العقلاء والمفكرون والمحللون كتاباً لما ادركوا سر هذه الواقعة ) 
وذلك لأنها كلمة الله وكلمات الله لا نفاد لها .
وإلا ما السر في معركة حصلت قبل الف ونيف من السنين وما زالت جذوتها تتكرر في كل عام ، وكلما خبت اتقدت من جديد ، وكم حاول أئمة الكفر والنفاق والطغاة على خنقها واخماد صوتها 
فلا تزداد إلا تألقاً وعلوا . 
 بينما كثير من المعارك شهدتها ساحة البشرية ، وربما لا تكن اقل شراسةً مما حصل في كربلاء لكنها اندثرت وصارت في خبر كانَ ، بينما واقعة كربلاء لم يطوها النسيان ، ولم تبقَ حبيسة الكتب والأسفار بل هي حيةٌ شاخصةٌ في كل أرض وفي كل زمان .
بل حرارتها تغلي في كل قلب فُطِرَ على النقاء والطهارة وحب الخير والصلاح ، مالم تلوثه التربية الفاسدة ، والبيئة الموبوءة.

والقطرة الثالثة : قطرة الدمع 
فللدمعة رسالة لا تستطيع الكلمات أن توصلها ، للدمعة معنى تعجز الألفاظ عن وصفها، للدمعة حقيقة لا يمكن تزييفها ، للدمعة شفرة ليس كل إنسان يعرف حلها .
إن الدمعةَ سلاحٌ يكون امضى من السيف ، إن الدمعةَ بحد ذاتها هي ثورةٌ وانقلابٌ على الواقع الفاسد .
إلا ترى أنك تبكي لله في الخلوات من ذنوبك ومعاصيك ، فهذه الدموع ثورة وانقلاب على النفس المريضة الضعيفة أمام الشهوات والغرائز ، وهي ثورةٌ على واقع فاسد أنت عشته في حالة ضعف وغياب العقل . 
 نعم الدموع ثورةٌ ضد الفساد والفاسدين ، لذلك اتخذته سيدة نساء العالمين سلاحاً عندما ظُلمت ولم تجد لها ناصراً ولا مُعيناً، إلا زوجها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) 
     وما زالت تلك الدموع ثورةً وانقلاباًوشجباً وتنديداً على كل مفاصل الفساد والظلم تذرفها عيون الشيعة على ظلامات أئمتهم 
وخاصةً على الشهيد المظلوم الإمام الحسين ( عليه السلام ) 
الذي يقول : (. انا قتيل العبرة ما ذكرت عندَ مؤمن إلا وبكى ) 

فسلام عليك أبى الشهداء يوم قدمت قطرات الدماء بدلاً من قطرات الماء التي حرموك منها ، فسقيتَ شجرةَ الإسلامِ بتلكَ الدماء الطاهرة الزكية .
وسلامٌ عليك أبى الشهداء يوم قدمتَ كل ما تملك لله فاعطاك الله من ملك الدنيا مالم يعطِ احداً 
فسلامٌ على تلك قطرة الدم التي خضبتْ لحيتكَ
وسلامٌ على تلك الدمعة التي نزلت منكَ على فراق أحبتكَ
وسلامٌ عليكَ سيدي كلما خط القلم قطرات عن شهادتكَ




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=150417
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 11 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19