• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : رواية ( كل أنواع الحلي لا تفيد الموتى ) تسلط الضوء على المطبخ العراقي المشؤوم .
                          • الكاتب : جمعة عبد الله .

رواية ( كل أنواع الحلي لا تفيد الموتى ) تسلط الضوء على المطبخ العراقي المشؤوم

للكاتب ( واثق الجلبي ) اسلوبية روائية خاصة ,  تعتمد على  نهج التداعي الحر في المتن الروائي . في نمطية التعاطي   التي تفتح مجالاً  واسعاً في تدفق الافكار والخيالات  والهواجس  والارهاصات بالتدفق الشديد . لكي  يعطي الصورة الكاملة على المشاعر الحواس الداخلية  ومكنونها , ونجد حالة  التأزم الصاعدة ,  انعكاساً على تأزم  الواقع وهمومه  الثقيلة  .  وجد المنفذ في افرازها على المكشوف , لكي تدلل على حجم الازمة  والتأزم الذاتي والحياتي . في الاستنباط والاستنطاق . يصوغها في لغة سردية رشيقة وسلسة ,  ومشحونة في زحمة الانفعالات والعواطف المتضاربة بالشحن  . وتسلط الضوء على الواقع  الخاص  والعام .ويكشف المتن الروائي عن حالة متأزمة لرجل فقد كل شيء في الحياة وظل وحيداً . الزوجة متوفية , ابنته تدرس في الخارج , اصدقائه خطفهم الموت فرداً فرداً مع زوجاتهم . لم يبق له سوى جهاز التسجيل الصغير , يسجل سيرة حياته الماضية والواقع الذي يحيطه . يعيش بين جدران المطبخ ,   والجهاز التسجيل الصغير  يسجل احاديثه  لزوجته المتوفية ,  في استذكار الزمن الماضي ( فلاش باك ) .  يجمع الازمنة المتخلفة والمتنوعة في مكان ثابت هو ( المطبخ ) الذي هو  بمثابة المحور الرئيسي ,  الذي تتوالى عليه الاحداث في المتن السردي . يسجل انطباعاته عن  الواقع الاجتماعي والسياسي من خلال  مطبخها القائم , فالمطبخ هو في صلب الاحداث . التي تعطي الصورة المكانية القائمة في فعلها السياسي والاجتماعي .  مطبخ الحياة وما ينتجه من دلائل  . نجد ان المطبخ مصاب بالضبابية والعمى والفوضى . ولا ينتج سوى القمامة والطعام الفاسد والمحروق . وتلعب به عوامل  الخيبة والاحباط  , مما يشعر انه  في حالة انهزامية دائمة  باليأس وانعدام الرؤيا . لان  المطبخ لا ينتج  سوى القاذورات السياسية , تصلح لنفايات القمامة . هذه حقيقة الواقع ويدخل في دهاليزه  دون رغبة منه . ويخاطب زوجته المتوفية عبر جهاز التسجيل .  قائلاً ( عزيزتي دخلنا المطبخ جميعاً بلا رغبة منا , فاذا رمينا في القمامة فهذا قدرنا وما أظن ) لان المطبخ لا ينتج سوى  القمامة والسكين العمياء . فالحذر من نفاد اسطوانة الغاز , أوفي حالة  انفجارها , طالما الغموض يحيط بالمطبخ . في طعامه المحترق والفاسد لا يصلح إلا للقمامة , وضمن الطقوس الباردة والثلجية   كأن ضربها  جليد  الشتاء  , مما جعل  الحياة تصاب  بالعمى والغطرسة والفوضى ,  والشعور بالندم من انظمة المطبخ البالية والمتهرئة و التي تعافها  النفس  , لأنها  تعيش في الماضي السحيق .  تجعل الحياة ضائعة بقطرات الماء لا طعم ولا لون لها , كأنها مصابة باللعنة  ( لم أحب الانظمة القبلية حتى التاريخ , المنسلخ عن  البشر الذين عاشوا على الصراعات , لم أعر لها  بالاً , الذي يهمني هو العيش بسلام بواقع أقترضته من جيب الغيم ) هذا البؤس الحياتي داخل المطبخ , في حياة ليس له رغبة ولاطموح فيها , لان السريالية غلفتها بغلافها , فأصبحت  أشبه بالحوار بين الاطرش والابكم , وغير  صالحة للحياة ( وليس من المعقول ان يعيش العاقل ثمانين سنة بين الحمقى , ولا يفقد عقله , فكيف ستتم عملية حساب هذا الكم الهائل من المجانين ) . هذا المطبخ المشؤوم , لا يصلح للحياة , سوى الخيبة والاحباط  والانهزام , هذا المطبخ الذي  طرد منه ( أدم )  بسبب الطعام . ولهذا  لابد من محاسبة الانبياء الذين دخلوا في هذا المطبخ  العقيم ( لا أعلم هل جلس الانبياء وفكروا كما أفعل الآن ؟ لاشك انهم سيحاسبون لانهم دخلوا الى هذا المطبخ واكلوا من قدوره ) هذه الحالة المتأزمة ,  بينما الناس تريد العيش بسلام . ولكن المطبخ اصبح كالعقرب السام لكل منْ يدخله . لانه يعتمد على الازدواجية المنافقة . ويبحث عن الاخلاق والعصمة الاجتماعية في نفايات  القمامة ,  والواقع غارق في المستنقع الاسن . يتحدث عن الحب وهو  لا يعرف  منه سوى متعة  الجسد والهزيمة ,  ولكن المحبون يكتبون بشكل آخر للحب  ( عندما يتحول الحب الى جنس يفقد مصداقيته ويتلاشى , لتقوم عملية البحث الجديد عن جسد آخر وروح جديدة ) . ويتذكر من شريط احداث الماضي عن زوجته المتوفية ,  كيف كانت ليلة زواجهما الاولى ( ألتقينا ونحن لا نعرف بأن الذي سيجمعنا  كرهي للتفاصيل وحبك ِ لها , صدركِ  الصغير لم أمسكه إلا قليلاً فبرودتكِ الجنسية كانت سبباً في عدم تفقدي لجسدك وتفاصيله , وبأستمرار حتى أنكِ لم تكملي رقصتك الاولى في ليلة العرس )  يشعر بالفوضى الحياتية المزعجة . بعدما رحل الجميع عنه , وشاخت الحياة لم تعد إلا مشقة متعبة له ,  وعليه الرحيل حتى يرتاح وغير أسفاً للحياة الرتيبة والجامدة , فلا أمل ل في الحياة ( لا أمل لي في العيش كل الذين أحبهم تركوا الحياة وغادروا , لم يبق إلا المسجل أمامي وأخاف منه , كأنه وحش يترصد أنفاس المثقوبة ) ان يرحل بصمت دون اوجاع . وتوقف جاز التسجيل الصغير ,أسلم روحه بصمت دون وداع .
  



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=151703
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 01 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20