للعامِ الثَّاني على التَّوالي تحتفي العتبةُ الحُسينيَّةُ المُقدَّسة بـ [اليَومِ العالمي للقُرآن] والذي اختارتهُ ليكونَ يَوم المبعث النَّبوي الشَّريف [٢٧ رجب الأَصب] من كلِّ عامٍ.
ومِن المُؤَمَّل أَن يتحوَّل المشرُوع إِلى يومٍ عالميٍّ تتبنَّاهُ هيئة الأُمم المُتَّحدة بقرارٍ أُسوةً ببقيَّة الأَيَّام العالميَّة المعرُوفة مثل [الأَرض] [اللُّغة العربيَّة] [البيئة] [الشَّجرة] [السَّلامة] وغيرها، والذي سيُصادف في هذهِ الحالةِ [٧ شباط] من كلِّ عامٍ [وهو يَوم المبعث النَّبوي الشَّريف ونزُول أَوَّل آية مِن القرآن الكريم بالتَّقويمِ الميلادي].
وفي التَّعريف المُختصر الذي نشرتهُ الأَمانة العامَّة للعتبةِ الحُسينيَّة المُقدَّسة [دار القرآن الكريم] حدَّدت العتبة [٥] أَهداف أَساسيَّة من وراءِ تبني هذا المشرُوع منها؛
*إِحياء عِلاقة المُسلمين بالقرآن الكريم وتوجيههِم بالتزوُّد من علومهِ ومعارفهِ والتدبُّر بآياتهِ والإِعتبار بأَحوال الأُمم السَّابقة وكلُّ ما من شأنهِ الحث على الرُّجوع إِلى الله تعالى بجميعِ الأَزمات والإِبتلاءات.
بمعنى؛ أَن يكونَ القُرآن الكريم جزءاً من شخصيَّتنا، نعيشهُ ويعيشُ فينا.
*التَّعريف بالقرآن الكريم إِلى باقي الدِّيانات وتقديمهِ ككتابٍ سماويٍّ يُعَدٌ مصدراً للأَمن والسَّلام في البشريَّةِ جمعاء يدعو إِلى التَّعايش ونبذ التطرُّف ويُحارب الإِرهاب.
بمعنى؛ تقديمُ القرآن الكريم كمنهجِ حياةٍ حرَّةٍ كريمةٍ آمنةٍ مُستقرَّةٍ الإِنسانِ الفرد والإِنسانِ المُجتمعِ.
إِنَّ تبنِّي المشرُوع يحمي القرآن الكريم وقِيمهِ ومبادئهِ ورسالتهِ الإِنسانيَّة العظيمة من خطرَينِ عظيمَينِ؛
أ/ خطرُ الجَهَلةِ والمُنحرفينَ وأَنصافِ المُتعلِّمينَ الذينَ يعبدُون اللهَ على حرفٍ من الذينَ وصفهُم أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقَولهِ {وَرَجُلٌ قَمَشَ جَهْلاً، مُوضِعٌ في جُهَّالِ الاُْمَّةِ، غادر في أَغْبَاشِ الفِتْنَةِ، عِم بِمَا في عَقْدِ الهُدْنَةِ، قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ عَالمِاً وَلَيْسَ بِهِ} ففهمُوا من القرآنِ بعقولهِم المريضة ما يخدمُ مصالحهم الخاصَّة الضيِّقة على قاعدةِ {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} وقاعدةِ {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ} وبذلكَ شوَّهوا حقائقَ الكتاب وبدَّلوا معانيهِ ومفاهيمهِ السَّامية ورسائلهِ الإِنسانيَّة العالية إِلى رسائلَ لحزِّ الرِّقاب وإِلغاء الآخر والتَّكفير والعُنف.
ب/ خطرُ الأَعداء المُباشرين من مُختلفِ المِللِ والنِّحلِ الذين همُّهم الطَّعن بالقرآنِ وتشويهِ معاني آياتهِ ورسائلهِ وحقائقهِ بما يخدمُ كذلكَ مناهجهُم اللاإِنسانيَّة التي لا تُريدُ خيراً بعبادِ الله تعالى.
وإِنَّ مُواجهةَ هذَين الخطرَين واجبٌ شرعيٌّ وأَخلاقيُّ وإِنسانيٌّ على كلِّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ، لأَنَّ تشويهَ القرآن الكريم واختطافهِ من قبَلِ الجهَلةِ والأَعداء يوجِّهُ ضربةً موجعةً لنا جميعاً ولدينِنا وعقولِنا وقِيمِنا ولأُسُس وثوابت المَنهج الذي نعتمدهُ في حياتِنا.
ولعلَّ في تبنِّي مشروع [اليَوم العالمي للقرآن] فُرصةً ذهبيَّةً لتنشيطِ دَورِ كلِّ واحدٍ منَّا في منظُومةِ الحمايةِ هذهِ.
وإِنَّ تنشيط الدَّور يُمكِنُ من خلالِ عدَّةِ مُقترحاتٍ عمليَّةٍ، لكلِّ واحدٍ منَّا الفُرصةَ للإِبداعِ فيها، خاصَّةً ونحنُ نستقبِلُ شهرَ الله الفضيل [ربيعُ القرآن] شهرَ رمضان المُبارك، منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ؛
١/ تشريع القوانين لتبنِّي المشرُوع سواءً على الصَّعيد الوطني أَو في الهيئاتِ الدوليَّة.
٢/ عقد المُؤتمرات والنَّدوات العالميَّة والمحليَّة وعلى كُلِّ المُستوياتِ للتَّعريفِ بفلسفةِ المشرُوع وكذلكَ بأَهميَّة ودَور القرآن كمنهجِ حياةٍ يُحقِّق السَّلام والأَمن والرَّفاه للبشريَّة.
كذلكَ، توضيح وتِبيان أَكاذيب وافتراءات الجَهلة والأَعداء ضدَّ القرآن الكريم.
٣/ تحديد [١٥] دقيقة مثلاً في هذا اليَوم ليُصغي طُلَّاب المدارس والجامعات إِلى نصٍّ عن فلسفةِ وأَهميَّةِ ودَورِ القرآن في حياتِنا وكيفَ يجبُ أَن نقرأَهُ ونتعاملَ معهُ ليكونَ لنا كتابَ حياةٍ يُصيغُ شخصيَّتنا الرِّساليَّة والإِنسانيَّة كما أَرادهُ لنا ذلكَ المُشرِّع وليسَ كتابَ مَوتٍ كما يريدُهُ تُجَّار المَوت والدجَّالون.
على أَن يكونَ النصُّ مُستوحى من القرآن والأَحاديث والخُطب النبويَّة الشَّريفة ومن نهجِ البلاغةِ وأَئمَّة الهُدى (ع).
كوصفِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) لكتابِ الله تعالى بقَولهِ {كِتَابَ رَبِّكُمْ [فِيكُمْ:] مُبَيِّناً حَلاَلَهُ وَحَرامَهُ، وَفَرَائِضَهُ وَفَضَائِلَهُ، وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَرُخَصَهُ وَعَزَائِمَهُ، وَخَاصَّهُ وَعَامَّهُ، وَعِبَرَهُ وَأَمْثَالَهُ، وَمُرْسَلَهُ وَمَحْدُودَهُ، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ، مُفَسِّراً جُمَلَهُ، وَمُبَيِّناً غَوَامِضَهُ.
بَيْنَ مَأْخُوذ مِيثَاقُ عِلْمِهِ، وَمُوَسَّع عَلَى العِبَادِ في جَهْلِهِ، وَبَيْنَ مُثْبَت في الكِتابِ فَرْضُهُ، وَمَعْلُوم في السُّنَّهِ نَسْخُهُ، وَوَاجب في السُّنَّةِ أَخْذُهُ، وَمُرَخَّص في الكِتابِ تَرْكُهُ، وَبَيْنَ وَاجِب بِوَقْتِهِ، وَزَائِل في مُسْتَقْبَلِهِ، وَمُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِهِ، مِنْ كَبير أَوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرَانَهُ، أَوْ صَغِير أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ، وَبَيْنَ مَقْبُول في أَدْنَاهُ، ومُوَسَّع في أَقْصَاهُ}.
٤/ تقديم نسخةً من كتابِ الله العزيز كهديَّةٍ في هذا اليَوم، خاصةً للأَولاد وللآخَرين من مُختلف أَتباع الدِّيانات الأُخرى، بل وحتَّى لغَيرِ المُؤمنينَ بدينٍ.
٥/ الإِهتمام إِعلاميّاً بالمَشروع خاصَّةً قنواتنا الفضائيَّة، من خلال البرامج الحواريَّة واستضافةِ المُتخصِّصين والأَكاديميِّين والباحثين من مُختلف الخلفيَّات ومِن كلِّ دُول العالَم وبكلِّ اللُّغات العالميَّة.
٦/ إِقامة المُسابقات القُرآنيَّة العالميَّة والمحليَّة بكلِّ أَشكالها وفي كُلِّ مكانٍ.
٧/ إِلقاء المُحاضراتِ المُتخصِّصة في الجامعاتِ حَول العالَم في هذا اليَومِ للتعريفِ بالقرآنِ الكريمِ ورسائلهِ الإِنسانيَّة.
|