• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تحولات الفكر والسياسة  لغاية الانتخابات القادمة .
                          • الكاتب : ابراهيم العبادي .

تحولات الفكر والسياسة  لغاية الانتخابات القادمة

قبيل انتخابات عام 2018،كنت وزملاء عراقيون  واجانب ضيوفا على مبادرة كونراد اديناور الالمانية في بيروت ،نتحاور ونتبادل الرؤى بشأن الحكومات المحلية وفاعلية الحكم اللامركزي والحوكمة في العراق ،يومها كانت بلادنا تستعد للانتخابات ،وهي خارجة للتو من حرب عسكرية طاحنة ضد داعش ، وتتلمس الطريق نحو أعادة بناء السلطة والاقتصاد والخدمات واعادة النازحين، وتحاول ترميم العلاقة  بين المركز والاقليم بعد  استفتاء الاستقلال ، الذي ترتبت عليه الكثير من المواقف والتداعيات الامنية والسياسية على امتداد حدود الاقليم مع المركز .
 توقعت حينها  دخول قوى جديدة الى مسرح السلطة وحلبة الصراع السياسي مستفيدة من الانتصار الكبير والتضحيات الاكبر التي قدمها جيل عراقي  ،طامح الى تحويل النصر العسكري الى نصر سياسي ،  مترافق مع فكر مندفع يدور حول مركزية مشروع مقاومة داعش ،مدعما خططه  باستراتيجية واسعة وبأهداف فضفاضة يجري  معها اعادة تعريف داعش بأنها مجرد بؤرة وأداة تقف خلفها اجندات دول كبرى وصغرى ،  ينبغي محاربتها جميعا  .أندهش بعض الباحثين من أشارتي الى المتغير الجديد في المشهد السياسي وأعتبره مبالغة في التوقع .ثم 
جاءت الانتخابات بأكثر مما توقعت ، اظفت شرعية الامر الواقع  على مشهد جديد ،كانت  الانتخابات باهتة هزيلة ، مطعونة النزاهة والشرعية ،فاقدة للحد المعقول من المشاركة الجماهيرية ،نتج عنها سلطات بددت نتائج  النصر على داعش ،  واخفقت في الاستفادة من المعطيات الجديدة لتجاوز اخطاء قاتلة وعيوب كبيرة رافقت عملية بناء الدولة ، فكرا وادارة  ومؤسسات .
كان الاصرار على خوض الانتخابات من جانب بعض القوى توظيفا للنصر  ،مخالفة صريحة  لنصيحة المرجع السيستاني وتحذيراته التي نطقت بها خطب جمعة كربلاء ،بيد ان احدا لم يسمع ولم يكلف نفسه عناء قراءة الواقع السياسي ،  اعمق مما كان ظاهرا على السطح   ، فقد  استسهل البعض القراءة،  وسيطرت عقلية الحماسة والتهور وغياب  العقلانية والتحليل الجاد لمزاج المواطن العراقي الذي قاطع الانتخابات ،  وترك صناديق الاقتراع تملؤها الاحزاب والقوى الطامحة للسلطة ،  لتحصل على شرعية ناقصة ،  دونما حساب للكلف والمضاعفات الناشئة من تغييب مطالبات المواطن الفرد،  وليس المواطن  المتحزب والمسيس المسكون  بطاعة الزعماء !  .
دفع العراق ثمنا باهضا نتيجة تلك الانتخابات ،وانقلب الشارع هائجا وهيمن (فكر) الازمة على عقول الساسة والنخب والناس العاديين ،وصار المخرج من الازمة بعد الانسداد السياسي ، اجراء انتخابات مبكرة ،  تعيد تأسيس السلطة وفقا لمطالبات واحتياجات الشارع واستجابة لضغوطه واحتجاجاته .
الآن حيث تمضي  الاستعدادات للانتخابات الحاسمة القادمة ،  التي يراد منها ان تنهي ازمة الحكم والسلطة والشرعية والمقبولية ،وتؤسس لسلطات مغايرة ذات قدرة على ادارة الدولة تخرج البلاد  من  مشكلاتها   ...........ترتسم في الافق معالم أزمات جديدة مرتبطة بالانتخابات ،اذ يبدو ان قوى سياسية -تتخوف من المشاركة الجماهيرية الواسعة - تتعمد ابطاء خطوات العمل الممهدة لاجراء الانتخابات ،وتعمل قوى اخرى على اثارة مشكلة المراقبة الدولية أو الاشراف الاممي ،وتسعى ثالثة لتعطيل تشكيل المحكمة الاتحادية ،  ولازال المواطن العادي يتلقى 
اشارات متناقضة ورسائل مبهمة وغامضة  من القادة السياسيين والمتحكمين بالمشهد السياسي والاعلامي العراقي ، فثمة قلق واضح وانعدام في الرؤية  يسيطران على اذهان الطبقة السياسية قبيل حلول الاستحقاق الانتخابي.
معظم هذا القلق والاضطراب ناشئ من فقدان المعرفة العميقة والسليمة بما سيترتب على حضور واسع للجمهور في يوم الانتخابات ،فالاندفاع الكبير نحو التغيير مشروط بمشاركة اكثر من ثلثي الناخبين المسجلين ،ومرهون اكثر بالبرامج الانتخابية وشخوص المرشحين وهويات القوى المترشحة للانتخابات ،بعض الخائفين من التغيير قد يسعى لتأزيم أمني واثارات طائفية لشد عصب الجمهور الحساس ،وبعض المتشبثين بالسلطة سيؤجج الصراعات الايديولوجية ويخيف الناس من الاخر المعادي صاحب المشروع المشبوه !!،هناك ميل لتحويل الانتخابات الى صراع ايديولوجي ،الايديولوجيا مفيدة  للاستغراق في الوهم والهروب  من مواجهة الواقع ومتغيراته وملاحقة فكر الاجيال ووعيها المختلف  ،انه واقع  الجيل  الجديد من المواطنين والناخبين  الثائرين على قيم وفكر وايديولوجيات من حكموهم وساسوهم طيلة 18 عاما ،الاخفاق سيكون مدويا اذا لم يُقرأ هذا الجمهور جيدا . والقوى التقليدية التي تفكر بالسلطة والزعامة  مطالبة بقراءة واقعية ،اجتماعية ،نفسية ،سياسية ، ثم لتصمم بعدها برامجها الانتخابية أو ستواجه الرفض والخذلان  .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=152442
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 02 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19