• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (عليهما السلام) .
                          • الكاتب : د . زينب الموسوي .

قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (عليهما السلام)

      ولدت "عليها السلام"  في الخامس من شهر جمادى الأولى في السنة الخامسة للهجرة، وكانت البنت الأولى لأمير المؤمنين والسيدة الزهراء بعد الحسن والحسين "عليهما السلام" ، وبها فرح رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" كثيراً فاسماها (زينب) ، وكان من عادة أهل البيت "عليهم السلام" أن يكنّوا بما هو معروف وذلك لأنّها مستحبّة في السنّة ، وجرياً لهذا الاستحباب فقد كُنّيت السيدة زينب "عليها السلام" بأمّ كُلثُوم ، وهذه الكنية كانت السبب فيما ذهب إليه المؤرّخون من أوهام وأخطاء إلى أنّه ليس هناك بنت أُخرى لأمير المؤمنين "عليه السلام" اسمها أم كُلثُوم ، على حين أنّ الإمام علياً "عليه السلام" كانت له ثلاث أناث يحملن الكنية نفسها ـ كما سنرى في ترجمة حياة السيدة أم كُلثُوم "عليه السلام"، وعلى أيّة حال فإنّ السيدة زينب الكبرى المكنّاة بأم كُلثُوم هي غير أمّ كُلثُوم ، وكلتاهما قد شاركتا في معركة الطف إلى جنب الإمام الحسين "عليه السلام"، وكان لكلّ واحدة منهما خطابها التاريخي في أهل الكوفة.

وجديرٌ بالذكر أنّ السيدة زينب "عليها السلام" قد عرفت بهذه الكنية واشتهرت بها على الرغم من أنّ لها غيرها، وليس هذا مهمّاً بقدر ما نسلّم بأنّ هذه السيدة الجليلة غير السيدة أم كُلثُوم البنت الثانية لأمير المؤمنين من السيدة الزهراء "عليها سلام الله تعالى".

وأمّا ألقابها فهي كثيرة تستشف من بطولاتها التأريخية ، ونذكر منها : (العقيلة) ، والعابدة والفاضلة والكاملة ـ من الكمال ـ والعالمة والصدّيقة الصغرى ـ تمييزاً من الصديقة الزهراء والصديقة الكبرى خديجة  بضعة البتول والصابرة " عليهنجميعا صلوات الله تبارك وتعالى".

نُلاحظ أنّ هذه الألقاب تظهر شخصيّتها العظيمة التي تأتّت من نشأتها المُباركة في ذلك البيت العلوي ، وفي كنف الرِّسالة المحمّدية حيث نزول الوحي في ذلك البيت المُفعم بالإيمان ، فلم يكن لها إلا أن تستلهم منه العلم والحكمة ، والدُّرّاية والفطنة ، والفهم والنبوغ ، فضلاً عن فهم القرآن وحفظه والتفقه في الدِّين ، وحفظ الأحاديث ، وهذا ما جعل شخصيّتها مُتميّزة على مرّ الزمن ، كما أكسبتها تلك النشأة في كنف الإمام علي والسيدة الزهراء "عليها السلام" الكمال الروحي، والمحاسن الجيّدة والأوصاف الجليلة التي تجلّت بها طوال عمرها في أشد محنها كانت محافظة عليها ، حتّى عُدّت من شمائلها ومفاخرها الملتصقة بها .

وهكذا وفي وسط أجواء ملؤها القيم والمبادئ نشأت السيدة زينب "عليها السلام" ، وكان لذلك أثر كبير في بناء شخصيّتها وغرس القيم والمبادئ في أعماق ذاتها ، ووسط تلك الأجواء المُفعمة بالمسئولية والتضحية بدأت السيدة زينب "عليها السلام" تتلقّى سهام قدرها وهي في أوّل سنيّ عمرها ، ففي السنة الخامسة من عمرها لبّى جدّها "صلى الله عليه وآله وسلم" نداء ربّه ، وإذا بها تصطدم بالفاجعة  التي قلبت أجواء البيت ، وكان عليها أن تُشارك أُمّها في محنتها السياسية ، إذ وقفت معها في المسجد وهي تخطب بالمهاجرين والأنصار خطابها التأريخي ، ثم مرضها وحزنها السرمدي حتّى وفاتها ، كلّ ذلك وعمرها لم يتجاوز السادسة ، وبذلك بدأت بتحمّل المسؤولية وإحلالها في البيت محل أمّها في رعاية إخوتها وإدارة المنزل ، وبدا كلُّ شيء فيها أكبر من عمرها ، فقد (( أنضجتها الأحداث ، وهيأتها لأن تشغل مكان الراحلة الكريمة ، فتكون للحسن والحسين وأم كُلثُوم أماً لا تعوزها عاطفة الأُمومة بكلِّ ما فيها من حنوّ وإيثار ))، وهكذا تحمّلت عقيلة بني هاشم مسؤولية بيت علي "عليه السلام" ، وعاشت في خضمّ المشاكل والأحداث ، ويكاد هذا البيت ينفجر في الأحداث ، فالأقدار تتواثب عليه ، والنوائب تصليه ومع هذا كلّه فالإمام عليٌّ "عليه السلام" لا تهزّه الأحداث ، وأخذ قلب زينب يتّسع لكلّ هذه وأكثر منها ، ولا غرابة فهي ابنة الإمام علي "عليه السلام" ، الرجل الصلد وأشبال عليٍّ "عليه السلام"على شاكلته ، والسيدة زينب "عليه السلام" واحدة من تلكم الأشبال ، فهي التي حملت البطولة على كتفيها وجسّدتها بأجلى مظاهرها.

 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=152658
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 03 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28