• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التجديد الفقهي .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

التجديد الفقهي

من أكثر المواضيع سجالاً بين المفكرين الإسلاميين او - الذين اتخذوا الإسلام منصةً لأفكارهم ورؤاهم - هو موضوع التجديد الفقهي وإدخال الحداثة في مفاصل الدين والشريعة ..

نالت هذه الموضوعة من المناقشات ما نالت ، وكل من يريد الإطلاع على الأفكار المطروحة فيها - رفضاً وتأييداً - سيجد أمامه مكتبة غنية وضخمة ومتنوعة وتغطي أغلب جوانبها ..

وعلى الرغم من هذه الغزارة الا أن الموضوع لا زال يحتاج ويتحمل مكتبات ومكتبات تناقشه وتعرضه وتقدّمه للقارىء والمفكر ولصاحب القرار والرأي ..

إلا اني أريد أن اتعرض لأمر معين التفتُّ إليه وأنا اقرأ بعض الكتابات والمقالات في هذا الموضوع .. وهو أن الموضوع يثار في العادة من جهات ثلاث ، إثنان يمثلان الفعل وواحدة تمثل ردة الفعل ..

أما الجهتان اللتان تمثلان الفعل :

- جهة باشرت بتطبيق الشريعة فعلاً وفي الواقع ومارست ذلك في مؤسسات تنفيذية ، الا انها انصدمت بالفجوة ما بين التنظير والتطبيق .. الأمر الذي دعاها الى البحث عن طرق وحلول واجراءات تؤدي الى تقليص هذه الفجوة ، فكانت الدعوة الى تجديد الفقه من أهمها وعلى رأسها .. كما حصل فعلاً في الجمهورية الاسلامية الايرانية بعد انتصار الثورة ، فعندما مارست الثورة في اجراءات أسلمة مؤسسات الدولة وتفقيه اجراءاتها .. وقعت بهذه المفارقة مما أدى الى ثوران بركان من الأصوات الداعية الى التجديد .. حتى أن السيد الخميني نفسه - وهو المجتهد المرجع صاحب المسلك الأخلاقي والعرفاني - اعترف بوجود الفجوة وأقرّ بضرورة اجراء تعديلات فقهية جوهرية .. يقول : [ ان الزمان والمكان عنصران اساسيان في الاجتهاد ، اذ بلحاظ العلاقات الحاكمة في السياسة والاجتماع والاقتصاد في أحد الأنظمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية جعلت نفس ذاك الموضوع - بالظاهر - موضوعاً جديدا ، فيستتبعه حتماً حكم جديد ] .

ونسمع من السيد الخامنائي ايضا : [ ان المفاهيم تشيخ وتفقد رونقها شيئاً فشيئاً ، فيتوجب استبدالها بمفاهيم جديدة .. فالمفاهيم تتعرض للنسخ في شتى العلوم ] .

- اما جهة الفعل الثانية ، فهي الجهة التي أعجبتها الحضارة الغربية وراق لها بعض ما وصلت إليه ، وعندما أرادت أن تستورد ما أعجبها الى المشرق الإسلامي واجهتها ومنعتها بعض احكام الشريعة وأسس العقيدة .. مما حدا بها الى التفكير بتغيير أدوات الانتاج الفقهي وتجديد بعض الطرق الموصلة اليه لكي تكون بضاعتهم المستوردة مقبولة من قبل الفقه المُجدد والشريعة المُحدّثة .. ورواد هذه الجهة كثيرون ، نذكر منهم مثلاً ( آركون - الجابري - سروش ) ..

- اما الجهة التي عارضت تيار تلك الجهتين وتبّنت جبهة المواجهة .. فلها روّادها ايضا ، فقد تصدى مثلاً في ايران الشيخ صادق لايرجاني وحاول نقض افكار عبد الكريم سروش .. وكذلك تعرض كل من محمد اركون والجابري ومحمد شحرور وغيرهم الى موجة انتقادات كبيرة وغزيرة في كافة المحافل والنوافذ العلمية والأدبية والنقدية ..

ما اريد ان أثبته هنا .. اننا لا يمكن إهمال تلك الدعوات التجديدية ما دامت دعواتها نابعة من حاجة ملموسة وواقعية وليست تنظيرية ، وبنفس الوقت أن التجديد لا ينبغي أن يكون على حساب الدين والشريعة ..

وأضيف .. كل محاولة تجديدية لا تتم في الوقت الحاضر الا ان يتبناها الفقهاء أنفسهم ، وغير ذلك هو طرقٌ في الحديد لكي يلين لا اكثر ..

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=153675
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 10