• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : استذكارات مقاتل.. تحرير قضاء بلد .
                          • الكاتب : سعد الربيعي .

استذكارات مقاتل.. تحرير قضاء بلد

 تقرير: الرائد سعد الربيعي

آمر سرية الدبابات

ما زال آمر سرية الدبابات يدافع عن قضاء بلد بكل ما يملك من اسلحة، والقوات العراقية همها الشاغل تحرير الهدف الاستراتيجي المهم الا وهو مدينة تكريت لأن بتحريرها ستنكسر شوكة العدو بصورة كبيرة على الرغم من ان محيط قضاء بلد والدجيل لم يحرر بعد، وهما يقعان على طريق امداد القوات العسكرية من بغداد الى تكريت.
وقضاء بلد محاط من جهاته الاربعة بالعدو، عدا المنفذ الوحيد وهو بوابة القضاء المطلة على الطريق العام (بغداد – موصل) وعليه فإن آمر سرية الدبابات قد نشر دباباته على جميع المحاور للقضاء، وكانت خير اسناد لقوات الحشد والشرطة الاتحادية المكلفة بالدفاع عن القضاء.
 وبما أن أعداد الدبابات قليلة فقد أعطى لكل دبابة اكثر من محور، فمثلاً دبابة محور عزيز بلد كانت كلما تعرضت قرية سعود التي تبعد اقل من 500 متر من مرقد سيد محمد بن الامام علي الهادي (عليهما السلام) الى هجوم من الدواعش عليها ان تتحرك لنجدتهم تأتي بسرعة وتتوغل داخل بيوتهم ومزارعهم لتنقض على العدو كأسد هائج حتى اطلق عليها المدنيون اسم (تاكسي سعود) لسرعة استجابتها لنجدتهم، وكانت بإمرة الضابط (عدنان العامري) الذي افتدى فيما بعد مرقد السيد محمد بإحدى عينيه حين اخترق صاروخ (SPG9) دباباته مما ادى الى اصابته عدة اصابات وفقد احدى عينيه وطبعا تم معالجته فيما بعد على نفقة العتبة العباسية المقدسة.
هذا بالنسبة لمحور الجنوبي، أما المحور الغربي فكان لدبابتي جسر المحطة اللتين اوقفتا زحف العدو على الطريق العام، كان لزاما عليها ان تتحرك لنجدة الارتال او الزوار المدنيين او الشخصيات المهمة عندما يتعرضون للرمي المباشر بواسطة رشاشات العدو المتوسطة من داخل المزارع البعيدة المحاذية للطريق العام، وهكذا كانت المهمة جداً صعبة. وبمرور الوقت اصبح العدو يضيق الخناق على القضاء؛ لأن القوات اصبحت في موقف مدافع فقط ومسلسل الشهداء مستمر بلا توقف فالقضاء يزف الشهداء واحدا تلو الآخر من الرجال والاطفال والنساء نتيجة القصف بالهاونات على القضاء، وعليه ذهب امر سرية الدبابات وطلب اجتماعاً مع الجهات الامنية والحكومة المحلية لشرح الموقف العسكري للقضاء، لكنهم لم يستطيعوا تقديم اي مساعدة له ماعدا الدعم اللوجستي الاداري من جرافات ورافعات وكرفانات... الخ .
وكان بين الفترة والاخرى يذهب امر السرية للمركز الاعلامي التطوعي الذي انشأه المجاهد الاعلامي ذو الفقار البلداوي خريج معهد الفنون الجميلة في بغداد، كان لهذا الرجل الفضل لتسليط الضوء على قدرات هذه السرية الفذة بأسلحتها وكادرها، فاتفقا على نشر اخبار القاطع السيئة ومحاولات آمر السرية جاهدا للسيطرة على الموقف، ليتعرف العالم على ما يدور في هذا القاطع وايضا بدون جدوى؛ لأن الهدف الاستراتيجي الذي ذكرناه اعلاه كان مازال لم يتم تحريره بعد.
 فقال الاعلامي ذو الفقار لآمر السرية: بقيت لدينا ورقة واحدة فقط وهي بيدك انت..! تعجب امر السرية وقال: بيدي؟! قال: نعم. ألم تخبرني أن أخاك يعمل في العتبة العباسية ومن خلاله تتواصل مع السيد الصافي وتتبرك بدعائه؟ قال له: نعم. قال: اذن اتصل بهم وبلغهم بكل ما تعرف. تبشر خيراً وقال: انتظر سأرسل الرسالة الان..! فأرسل رسالة عبر الموبايل لأخيه هذا نصها: (السلام عليكم ابلغ سماحة السيد أن الأمر في قضاء بلد سيء جدا، ومرقد السيد محمد لو نلحك عليه لو لا)..!
وفعلاً وصلت الرسالة الى سماحة السيد، وبعد أيام وصل الخبر لآمر السرية بأنه ستحدث عمليات كبيرة هنا في قضائي الدجيل وبلد، وفعلاً وصلت فرقة العباس الى الدجيل، وبدأت بعمليات في منطقة السيد غريب مع قطعات الجيش هناك، والتي لم يدخلها اي عسكري منذ سقوط الموصل.
 وأثناء تقدمهم استشهد آمر اللواء في فرقة العباس الذي كان يتقدم مقاتليه في الهجوم، وشهيد آخر، وقد أحاط العدو بالمنطقة، وأصبح من الصعوبة جدا اخلاء الشهيدين، حيث قام المجاهدون بإخلاء أحدهم وتقدم آمر السرية لمساعدتهم في اخلاء الشهيد الثاني مع احدى دباباته التي كانت تحت قيادة الضابط الكناني، وأثناء التحضير لذلك تعرف على أحد قادتهم، وكان صديقاً لخاله الشهيد الذي أعدمه نظام البعث المقبور.
وضع خطته التي يجب ان تنفذ بعد غروب الشمس حتى لا يتم كشفهم، فأمر قائد الدبابة بفتح نواظيره الحرارية ورمي نيران متوقعة قبل دخوله لأرض الحرام، وطلب من المجاهدين أن يتبرع خمسة منهم لأجل تنفيذ العملية، لكنه فوجئ بأكثر من خمسين مجاهداً يتبرعون بالذهاب معه، رفض طلبهم وقال لهم: إن العملية خطيرة جداً، والعدد الكبير سيكون هدفاً سهلاً للعدو، لكنهم رفضوا وتقدموا اليه، والبعض يبكي على استشهاد قائدهم.
طال النقاش فيما بينهم، وأخيراً استقر العدد على ثلاثة عشر مقاتلاً لم يستطع ايقافهم. بدأت الدبابة ترمي نيرانها على اهداف تتوقع تواجد العدو فيها، واستبدل عجلته الهمر بأخرى ذات محرك أقل ضوضاء، ودخل لأرض الحرام وهو على اتصال بالكناني قائد الدبابة يوجهه على مكان العدو، وفعلاً وصلوا الى جثمان الشهيد، وتم اخلاؤه بالسرعة الممكنة والانسحاب الى نقطة الانطلاق.
 قام بعدها العدو بالرمي عليهم، لكن رمياته كانت غير مؤثرة نتيجة الرد القاسي للدبابة، وبفضله تعالى تم تسليم الشهيد الى قيادته. رجع آمر السرية الى مقره، واتصل بأصحابه في كربلاء يخبرهم بإخلاء الجثة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154109
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29