• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الشعب والحوتة .
                          • الكاتب : عبد باقر الهنداوي .

الشعب والحوتة

 ( يا حوته يا منحوتة... هدي كمرنه العالي) أهزوجة ترقص على الشفاه الصغيرة، عندما يحدث خسوف للقمر أو عندما يغيب في السحب. وهي من الفلكلور الشعبي الذي توارثته الأجيال، وتتعكز هذه الأهزوجة على اعتقاد أن القمر عندما يختفي، فقد غاب في جوف حوت سماوي ابتلعه، ويتطلب الأمر الخروج بـ(هوسات) وضجة لكي يخاف الحوت ويترك القمر، ليعود القمر  إلى الابتسام بضوئه على السطوح....
كانت الغيرة تحملنا على أن لا نترك قمرنا في فم (الحوتة) حتى وأن كانت في السماء، فنحمل صواري القلب لنلوح بها، ونهتف بحماس الثوار ولا يخيفنا الحوت... فكيف بنا وقد ابتلع الوطن من قبل حيتان لا تخاف شيئا. ماذا يتوجب علينا أن نهزج  هل نقول: 
( يا ألف حوتـــــة وحوته عيفوا وطنه الغـــــــــــالي)........
  ولكن حتى وان خرجنا بمثل هكذا هوسات، هل سوف يتركون الوطن ؟ 
فحيتان في وزارة الكهرباء، تجعل المئات من العقود التي وعد الشعب بها لتحسين الكهرباء  وآلاف (السوف) تذهب أدراج الرياح، ليبقى الظلام هو الضيف الثقيل الذي لا مفر منه، والذي تتشح به أيامنا بينما يغرق العالم بالضياء. ويبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى أقرب... حتى يضرب رأسه بها...
وحيتان في وزارة النفط، تجعل من المواطن الذي يجلس على بحر من النفط، وثاني احتياطي عالمي. يحمل خزانه الصغير ويهرول كأنه ذاهب إلى  يوم القيامة، أو مشارك في إحدى الماراثونات العالمية. ومن ثم يعود أدراجه كأنه جندي مهزوم من المعركة...( ولا اقصد الهزيمة في حرب الخليج أو أي هزيمة تعرضنا لها ...)
 بخزانه الفارغ إلا من أحزانه  وأماله... وهو يفكر كيف سوف يحمل قنينة الغاز، ويهرول بها كأنه جندي معاقب في  ساحة عرضات الوطن؟ أو كيف سوف يقضي شتاءه البارد ؟
هل يجمع الحطب من بساتين ماتت من العطش؟ ويجتث النخل الذي زرعه أجداده، ويتدفأ على حطامها أم يدور في الشوارع الخالية إلا من الرعب والموت ليبحث عما يتدفأ به أو يطهو عليه؟  فهو لا يملك سعر قنينة الغاز أو برميل النفط ولا راتب مثل رواتب نوابه الكرام الذين نسوه في ذروة خلافاتهم !! وعلى المتضرر اللجوء إلى أقرب نهر مالح  يشرب منه. 
وحيتان في مجلس الوزراء تعطل القوانين المهمة التي تتعلق بمصير الشعب وهمها أن لا يرتاح الشعب  ولو لليلة أو يوم. وهكذا ندور في دوامة (الحوتة) التي لا نعرف من ينحتها ؟ لتقف في طريقنا، وتتخطف أحلامنا وراحتنا وأعمارنا. ولذلك قررنا أن ندور بين هذه الحيتان بلا أهزوجة،  بل بصمت يثير التساؤل. لماذا الحيتان لا تستعذب إلا أقمارنا وأعمارنا ؟ ولا ترتع إلا عندنا والى متى...؟ وكما يقول المثل الشعبي ( حط ايدك على خدك إلى أن يجيك الفرج ).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154730
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6