• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : مضوا سعداء بالشهادة .
                          • الكاتب : طارق الغانمي .

مضوا سعداء بالشهادة

 عندما نستذكر الشهادة ومعانيها التضحوية، نأخذ منها ما يشعرنا بالسعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة، لما لها من روح الذوبان في حب الله تعالى، ولهفة لقائه... نستذكر عاشوراء عندما ارتجت الأرض وتصدعت الجبال، ومشهد الرؤوس وهي تتطاير من سيوف الغدر التي تلطخت بدماء الشهداء الذين تسابقوا إلى حتوفهم بقلب متقد بالإيمان، وأجساد مضرجة بالعراء ثلاثا قتيلاً هنا وقتيلاً هناك... وعطاشى يطلبون الماء وصاحب الماء مخضب بالدماء. ما هذه الأجواء؟ هل كانت محزنة لهم أم مفرحة؟ نعم في قياسات أهل الدنيا وطلابها كانت تلك الظروف مفجعة، ولكنهم في ضمير أهل التقوى كانوا سعداء للقاء الله سبحانه وتعالى ليجزيهم أجر ما صبروا... لقد تهافتوا على ذهاب الأنفس دون سيد الشهداء (ع)، لأنهم امتلكوا الأرواح الطاهرة والنفوس الزكية، وامتازوا بالتضحية والفداء وصولة في القتال. إنها لتربية عظيمة للنفس والروح وتهذيبهما على البذل والعطاء والتضحية وهي أسمى مراتب العرفان... هل سألنا أنفسنا أين نحن بالنسبة إلى الركب الحسيني الذي ظل منارا للهدى على مر التاريخ؟ وندعي مشايعتهم واتباعهم في الدنيا والآخرة... من دون أن نحاسب أنفسنا على أخطائها وذنوبها ونحاول إصلاحها. لا أحد يقول أن ظروفي قاسية تمنعني من الرشاد أو تمنعني من نشر الهداية للمجتمع ففي الأجواء العاشورائية حيث لا فرق بين الصبي والشيخ الكبير، ولا بين العبد والحر... كانوا يتلقفون السيوف بيقين لا يلين. والرماح في صدورهم ونحورهم يتلقفونها كما يتلقف الطفل الرضيع ثدي أمه. أحد الأبطال سعيد بن عبد الله الذي أصاب وجهه وحلقه ثلاثة عشر سهما... فأين منهم وأهل هذا الزمان؟ كانت الدنيا ملك أيديهم لكنهم صبروا وحفظوا دينهم. وقع سعيد... انظر أيها الغارق في بحر الذنوب أي حد كان يستقبل عمله وهو يقول: يا أبا عبد الله، أوفيت يا بن رسول الله ؟ قال له الإمام (ع): وفيت وسألقاك في الجنة. أجل أيها الأشقياء بذنوبهم، لقد انغرست السهام في قلبه وكبده ووجهه، وما يزال في شك من أمر نفسه حتى قال: أوفيت يا بن رسول الله؟ وأنت بمعاصيك ترمي قلب سيد الشهداء (ع) وتدعي أنك موقن بالنجاة ! فهلا كان هناك خوف على الأقل؟ إن هؤلاء الشهداء نالوا الشهادة بقلوب مفعمة بالإيمان، هنيئاَ لهم ما فازوا به من رضوان الله ورسوله وأهل بيته (ع). واليوم أصبحت تلك الأجساد الزاكية أضرحة تزار وما لحق يزيد الملعون إلا العار... السلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (ع).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154856
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28