• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المرأة العربية الواقع ..ومتطلبات التغيير في ظل الربيع العربي .
                          • الكاتب : لطيف عبد سالم .

المرأة العربية الواقع ..ومتطلبات التغيير في ظل الربيع العربي

  في غمرة الثورات الجماهيرية التي أشعلت فتيلها عمليا شرارة ( البوعزيزي ) التي انتشرت كالنار في الهشيم من مغرب البلاد العربية إلى مشرقها صوب حرية قد اغتصبت على مدى أزمنة طوال شاب فيها كل من كان يعيش انتظار هذه اللحظة التاريخية ، يتنامى الحديث بالبحث والتحليل الذي يصل أحيانا حد المناكفات والتقاطعات وتبادل الاتهامات في وسائل الإعلام العربية ، إضافة إلى ما يطرح من رؤى وانطباعات وافتراضات في المجالس الحوارية العامة والخاصة حول موضوع الديمقراطية وآفاقها المستقبلية في المجتمعات العربية التي ماتزال عطشى إلى مزيد من الممارسات العملية ، التي تعكس شكل أدوات الديمقراطية التي تعتمدها القيادات الإدارية نهجا قويما في مهمة التحولات باتجاه المجتمعات الديمقراطية .
    وعلى الرغم من كثرة وتنوع الأسئلة التي تراود السكان في البلدان العربية حول مفهوم الديمقراطية وأطرها التي تفرض علينا البحث بروية عما يتيسر من أجوبة شافية عن أفضل نماذج الديمقراطية ، وأكثرها ملائمة لواقع المجتمعات العربية من اجل أن تتبناه القيادات الإدارية العربية الجديدة سعيا في التغيير من سياسات  أنظمة الاستبداد والقمع والإذلال والاستلاب إلى حكومات تشيع أجواء الحرية الطافحة بالعطاء والحب والجمال والتطلع إلى الأمل ، فان الخطاب الثقافي العربي ما يزال رغم تطور الحياة خطابا خجولا تجاه ماتعانيه المرأة العربية من ظلامات تتمحور مظاهرها العامة حول مجموعة الممارسات التي تفضي إلى الغي في اضطهادها وإذلالها واستلاب إنسانيتها وكرامتها بفعل ما ورثته المجتمعات العربية من أعراف متزمتة وعادات وتقاليد قاسية يخالف بعضها الشرائع السماوية ، إضافة إلى تعارضها مع المنظومة القيمية التي تحكم ارثنا الثقافي .ومما يثير الحزن والأسى أن يتنامى تأثير السيئ من موروث المجتمعات العربية المعاصرة إلى الحد  الذي يشكل فيه ما يمكن وصفه بقوانين ضابطة تنحى باتجاه ترسيخ الهيمنة الذكورية التي أفضت إلى اضطهاد المرأة وتقييد حريتها وتطييعها لقبول أملاءات تعنى بمصيرها من دون اعتراض أو إبداء رأي . 
   ومن بين عشرات ، بل مئات الأسئلة التي تبحث عن حلول وإجابات مفصلة ، فضلا عما تتطلبه أهمية هذا الموضوع من دراسة وتدقيق وتحليل ، أرى من الضروري والمهم جدا البحث في إيقاظ ما متاح من إمكانيات في عقل وإرادة وتفكير المرأة العربية  التي حولتها مفاهيم المجتمع الذكوري إلى مجرد أنثى تعيش بين أربعة جدران لاحول ولا قوة لها تحت رحمة قناعات ورؤى النصف الآخر من مجتمعها ، وتحفيز هذه الطاقة الكامنة برؤى وتوجهات منظمة تحرص على ضمان سلوكيات بمقدورها الإسهام الفاعل بمهمة تغيير واقعها ومسارات حياتها بما يتوافق مع حركة التغيير صوب فضاء التحرر والانعتاق التي تعيشها البلدان العربية في هذه المرحلة التاريخية الحضارية ، التي تعد انعطافة حادة في طبيعة البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والإنمائي العربي .
     يمكن القول أن معاناة المرأة رغم تجذرها ، تعد اليوم إحدى المشكلات الحقيقية التي وضحت معالمها المتأتية من اضطهاد وظلم مجتمعي في مناطق مختلفة من العالمين المتقدم والنامي على حد سواء ، بوصفها مشكلة عالمية قاسمها المشترك الحرمان من فرص الحياة ، وثقل الأعباء الحياتية ، والاستغلال الاقتصادي والجنسي ودونية النظرة ، إضافة إلى الضغوط والعقد النفسية التي تخيم على مجمل فصول حياتها . وهو الأمر الذي أفضى إلى امتلاك مشكلة المرأة أوجه مشتركة وأسباب ومطالب بنيوية واحدة من حيث إطارها العام الذي لايعني بالضرورة إلغاء خصوصية  هذه المحنة الإنسانية بمختلف المجتمعات البشرية ؛ بالنظر لاختلاف ظروفها التاريخية والسياسية والثقافية ، إضافة إلى تباينها من ناحية مستوى النمو الاقتصادي . وتؤكد  تجارب الشعوب الإنسانية أن المرأة في العصور الوسطى وحتى نهايات القرن التاسع عشر ، وفي بعض البلدان ، حتى أواسط القرن العشرين ، لم يكن واقعها في الغرب أفضل مما تعيشه نظيرتها في المجتمعات الشرقية ، بل كانت أسوا حالا في كثير من المجتمعات الغربية التي عرفت الإدارة المدنية قبل غيرها  . ومصداقا لذلك أرى من المناسب التمعن ببعض ما ضمنه القانون المدني الفرنسي الصادر عام 1814 م  من مواد تجعل المرأة قاصرا مدى الحياة ؛ بالنظر لتجريدها من حق الشهادة أو المقاضاة ، أو قيامها بممارسة مهنة مستقلة ، أو الحصول على وثيقة رسمية من دون موافقة زوجها ، اوالتوقيع على عقود الإيجار ، أو التعهد بأي التزام فني ، إضافة إلى أن اجر المرأة العاملة يعد ملكا لزوجها . كذلك اقر هذا القانون معاقبة الزوجة الزانية بالسجن ثلاثة أشهر إلى سنتين ، في حين أغفلت نصوص هذا القانون الذي انبثق  من ثقافة بلد الثورة وحقوق الإنسان ممارسة الزوج الزنا ، حيث لم تعده فعلا مخالفا للقانون . ومن الأمور المهمة التي تدلل على اضطهاد المرأة الغربية وتجردها من إمكانية تعزيز دورها في العطاء الإنساني ، هو ما تجسد في غلق أبواب التعلم بوجه الفتيات في دولة مثل فرنسا إلى وقت ليس ببعيد عن عالم اليوم . ولتقريب فكرة امتهان المرأة في بلد اشتهر بصياغة القوانين التي تحترم الإنسان وتبرز قيمته الإنسانية ، فضلا عن ارتباط تاريخه بفعل الثورة على واقع الاستعباد الذي ترك بصمة شعبه في تاريخ التحرر الإنساني ، حين أقدم على تحطيم سجن الباستيل ، نشير إلى أن عام 1972 م شهد للمرة الأولى في تاريخ فرنسا القديم والحديث تعيين امرأة بـ ( منصب سفيرة ! ) .
    وبعيدا عن برج إيفل وصخب الشارع الباريسي ننقل مسار بحثنا حول جريمة الاغتصاب إلى الدول الاسكندينافية ، فقد أوضحت دراسة جرى انجازها في عام 2009 م بدولة السويد ، أن معدل جرائم الاغتصاب وصل في هذه البلاد المعروفة بتحضرها ، والمشهورة بجمال طبيعتها إلى ( 46 ) حالة في كل ( 100000 ) شخص ، وهي نسبة عالية شكلت أعلى معدل لحالات هذا النوع من الجرائم في اوروربا . وقد وجد الباحثين من تحليل هذه البيانات أن حالات الاغتصاب في السويد أكثر ( 20 ) مرة من حالات الاغتصاب في اوروبا الشرقية ودول جنوبي اوروبا . وفي الدنمارك اضطرت الحكومة في العام الماضي الى رفع عقوبة جريمة الاغتصاب لتصبح خمس سنوات مع زيادة مدة العقوبة وفقا لطبيعة حالة الاغتصاب  لتنامي مشكلات العنف ضد المرأة . ومن المؤشرات العملية على هذا الواقع البيانات المتعلقة بالشعور  الذي ينتاب ( 2000 ) امرأة  أنها أجبرت على ممارسة العملية الجنسية . وبالاستناد على تقرير صدر عام 2007 م من احد المراكز البحثية المتخصصة في مدينة الضباب ، فان عدد حالات الاغتصاب التي شهدتها بريطانيا في العام الذي تقدم ذكره وصل إلى أكثر من (80000 ) حالة أي بمدل ( 230 ) حالة اغتصاب في اليوم الواحد على وفق مصادر العاصمة البريطانية . والانكى من ذلك النتائج المذهلة التي ربما لاتكون محل تصديق من قبل كثير من الشرائح الاجتماعية العربية التي توصل أليها مسح أجرته قبل أشهر قليلة المراكز الاميريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها ، حيث كان من جملة نتائجه  تعرض (20% ) من النساء في الولايات المتحدة الاميريكية إلى الاغتصاب مرة واحدة على الأقل . وعلى وفق هذا المسح المثير الذي جرى نشره في أكثر المواقع الالكترونية ، فضلا عن الصحافة وبقية الوسائل الإعلامية ، فان ( واحدة من بين كل أربعة نساء في بلد العم سام ، اعتدى عليها شريكها ) . ومن النتائج المهمة التي أظهرها هذا البحث الميداني ، هو أن ولايات : نيفادا ، اوريجون ، والاسكا ، كانت مجتمعاتها تتميز بأعلى نسبة من عدد النساء اللائي تعرضن للاغتصاب ، على الرغم مما عرف عن المجتمعات في هذه  الولايات من تحضر يغري كثير من النساء ، وربما الرجال في بعض المجتمعات النامية أو التي يسودها التخلف على تمني العيش في رحبة آفاق تمدنها . ولعل الأمر الأكثر إثارة في مجال البحوث والدراسات الخاصة بمشكلات تعنيف المرأة في أوساط المجتمعات التي تعد الأكثر تقدما والأوسع تحضرا من سواها ، هو الاستنتاجات المهمة المستحصلة من إخضاع بيانات مسح جرى إعداده عام 2010 م في الولايات المتحدة الاميريكية ، وشمل آراء ما مجموعه (18049 ) رجلا وامرأة حول احد ابرز مواضيع العنف الذي يطال المرأة ، وهو ما يتجسد بمسالة ( العنف الجنسي ) إلى مهمة التحليل في أروقة مراكز بحثية متخصصة ، حيث كانت نتائج التحليل تشير إلى أن ما يقرب من (80% ) من النساء المعنفات اغتصبن للمرة الأولى قبل بلوغهن سن الخامسة والعشرين ، فضلا عن أن أكثر من نصف النساء اللائي شملهن هذا المسح كن ضحايا اغتصاب من قبل شريك حالي أو سابق . على أن المثير للاهتمام من نتائج تحليل بيانات هذا المسح الذي مايزال يحتفظ بحيويته وجاذبيته ، هو أن كل امرأة من بين ثمانية نساء خضعن لمضمون استبانة هذا المسح ، كان مغتصبها ( احد أفراد عائلتها !  ) . وهو أمر مثير للسخرية والاستغراب في الوقت ذاته ؛ بالنظر لوقوع هذا الفعل في مجتمع يتمتع أفراده منذ عقود طويلة بإباحية مشهودة ، وحرية جنسية مطلقة لايمكن نكرانها ، مما يؤشر إحدى الأزمات المهمة التي يعيش تحت وطء آثارها المجتمع الغربي  ، المتمثلة بشيوع أساليب ووسائل الإشباع الكاذب للجنس .
  ولا أخطئ القول ، أن مجرد الإشارة إلى مضمون الاستنتاج الأخير من المسح الذي تقدم ذكره يزيد الأمور المتعلقة بمشكلات المرأة في المجتمعات العربية تعقيدا ؛ بالنظر لتعارضه مع الجانب المشرق من الموروث العربي الذي مايزال ينتهل فاعلية تأثيره الإنساني من سمو تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وبقية الشرائع السماوية .
    وإذا كان واقع المرأة في البلاد التي أوهمت مفكر كبير مثل ( فوكاياما ) بوصفها النموذج الأخير والأرقى للحضارة الإنسانية تكتنفه كثير من الوقائع والإحداث التي تؤكد بما لايقبل الشك إلى تعرضها للاغتصاب وغيره من أشكال العنف المادي والمعنوي ، فلنا أن نتصور حال المرأة العربية التي تشكل  مختلف أوجه المهانة احد ابرز ملامح حياتها العامة التي تعيشها وسط مجتمعات توصف مجاملة بـ ( النامية ) على الرغم من سيادة فوضى الأفكار بين ثناياها وانحسار عطاءها الإنساني والحضاري بما وصل أليها من انجازات أبناءها عبر مختلف المراحل الزمنية. 
   وعلى الرغم من التفاوت بين وجهات النظر ومنهجية التحليل والرؤى حيال مضامين مظلومية المرأة العربية التي تستوجب البحث عن حلول تفضي إلى إخراجها من مأزقها الإنساني الذي عانته قسرا عبر مختلف مراحل التاريخ ، وما تزال تداعياته لليوم مخيمة على مسيرة حياتها المليئة بالمحن التي كان لتعقيدات الظروف التي إحاطة بمجتمعاتها عاملا مهما أسهم في صيرورة تنامي مشكلاتها ، يمكن أيجاز ابرز الملامح العامة التي تعبر عن  القاسم المشترك لمشكلات المرأة في المجتمعات العربية ، وتعكس حقيقة إلغاء  فاعلية دورها المفترض في مسيرة الحياة والبناء ، بالمحاور المبينة تاليا :
01العنف المادي والمعنوي : عرف العنف في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي وقعته الأمم المتحدة سنة 1993 م أنه : ( أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة ، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة، سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ) . وتشير الوثيقة الصادرة عن المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين عام 1995 أن : ( العنف ضد النساء هو أي عنف مرتبط بنوع الجنس ، يؤدي على الأرجح إلى وقوع ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً سواء حدث ذلك في مكان عام أو في الحياة الخاصة. وقد ربط المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عنه ما يعرف بإعلان وبرنامج عمل فينا (1993) بين العنف والتمييز ضد المرأة، حيث نبه إلى أن مظاهر العنف تشمل المضايقة الجنسية والاستغلال الجنسي والتمييز القائم على الجنس والتعصب والتطرف ، حيث نصت الفقرة (38) ما يأتي : ( يشدد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بصفة خاصة على أهمية العمل من أجل القضاء على العنف ضد المرأة في الحياة العامة والخاصة والقضاء على جميع أشكال المضايقة الجنسية والاستغلال والاتجار بالمرأة والقضاء على التحيز القائم على الجنس في إقامة العدل وإزالة أي تضارب يمكن أن ينشأ بين حقوق المرأة والآثار الضارة لبعض الممارسات التقليدية أو المتصلة بالعادات اوالتعصب الثقافي والتطرف الديني ) . أن التعذيب يتغذى على ثقافة عالمية ترفض فكرة المساواة في الحقوق مع الرجال ، بغية إباحة  العنف ضد النساء. فقد أظهر تقرير أصدرته الأمم المتحدة في عام 2001 ، أن واحدة من بين كل ثلاث نساء في العالم تعرضت للضرب أو الإكراه على ممارسة الجنس أو إساءة المعاملة بصورة أو بأخرى. ويعد العنف احد إشكال السلوك الذي ينتهك الآخر بفعل الاعتداء عليه عبر استخدام القوة في انتهاك حريته ، والتعرض عليه بالسلوك الذي ينتهك كرامته ، ويؤذي معنوياته ،سواء على المستوى النفسي أو على المستوى الجسدي . ويبرز العنف في صميم كل نزاع تتفاقم فيه الضغوط العدوانية بغية تحقيق مصالح أنانية . ولايخامرنا شك في أن المرأة العربية تعاني من مختلف أشكال العنف الذي يعد احد أهم الانتهاكات لحقوق المرأة ، إضافة إلى مخاطره الكارثية على المجتمع ، ولاسيما الأسرة. ويتميز العنف الذي يمارس ضد ها بعدم اقتصاره على الضرب وجرائم الشرف فحسب ، بل امتد بمديات واسعة ليشمل العنف النفسي ، ومجموعة الممارسات المجتمعية في الشارع والسيارة وأماكن العمل والأماكن العامة وغيرها من افاق الممارسات الحياتية اليومية ، فضلا عما تعانيه من عوز اقتصادي وخدمي وصحي. ولعل من ابرز إفرازات الربيع العربي ظهور أطنان من الوثائق التي تدين  اهتداء أنظمة الحكم العربية التي أزاحتها الثورات الجماهيرية إلى ممارسة أساليب مخالفة لثوابت الدساتير والقوانين والتشريعات المعمول بها في بلدانهم ، فضلا عن مخالفتها للشرائع السماوية ، وقوانين حقوق الإنسان  ؛ من اجل تعزيز قدراتها في إحكام سيطرتها على السلطة . وقد كان الاغتصاب في مقدمة هذه الممارسات التي تعد احتقارا للإنسانية ولشعوبها ، وهدرا لكرامة المرأة  التي كانت عبر مختلف الأجيال باعثة الروح في الحضارة الإنسانية . وعلى سبيل المثال لا الحصر ، تقدمت قبل أيام مجموعة من نساء مدينة البيضاء شرقي ليبيا بطلب محاكمة العقيد القذافي حول جرائم اغتصاب وهتك أعراض تعرضن لها ، على الرغم من حساسية إثارة هذه القضية في المجتمع الليبي المحافظ ، والمتمسك بعاداته وتقاليده . والانكى من ذلك أن الضحايا  طالبن الجامعة العربية بتبني قضيتهن ، إضافة إلى الطلب من أزواجهن ألا يغلقوا أعينهم وأن يروا هذا الموقف لكي ينتقموا لشرفهم. وبصورة عامة ، تواجه المرأة التي تتعرض للاغتصاب في البلدان العربية الهجوم الممهد للإقصاء الاجتماعي ؛ بالنظر لما يؤول أليه واقع الاغتصاب من هتك للعرض وإخلال بشرف المرأة الضحية ، وجميع أسرتها التي تعده وصمة عار ينبغي التستر عليها مهما كلف الثمن حفظا لسمعة ومكانة العائلة . إذ ليس بمقدور التاريخ أن يمحيه من ذاكرة الناس. وهو الأمر الذي أفضى إلى إحجام اغلب النساء من ضحايا الاغتصاب عن إفشاء أسرار محنتهن ، فضلا عن الصعوبة التي تواجه المرشدين الاجتماعيين في الحصول على المعلومات من الضحايا ، مما تسبب بإخفاق الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية في مهمة إعداد قاعدة بيانات دقيقة يمكن توظيفها في الدراسات والبحوث التي يمكن اعتمادها في مشروعات اجتماعية تتبنى مهمة إعداد برامج فاعلة خاصة بتأهيل النساء المعنفات .
02 النظرة الدونية للمراة :  تزدحم النشاطات الحياتية العامة في كثير من المجتمعات العربية برؤى وفعاليات يعود بعضها إلى الموروث التاريخي الذي يحوي عادات قبلية ، وتقاليد بالية ماتزال تلازم سلوك وممارسات الرجال من مختلف الشرائح الاجتماعية تجاه المرأة ، مما تسبب بترسيخ مفاهيم الموروث التاريخي المعادي للمرأة في ذهنية كثير من أفراد المجتمع .
وتعود نظرة العامة من الناس التي تحط من قدر المرأة ، وتعدها أدنى درجة من الرجل إلى عوامل عديدة ، في مقدمتها تفشي آفة الجهل وانتشار الأمية التي أسهمت بتوظيف التجارب الحياتية  لما علق في الذاكرة من ردئ الموروث التاريخي . وتهدف هذه الرؤى بمجمل مضامينها التي تشكل احد الأسباب الواقعية والموضوعية لممارسة العنف ضد المرأة إلى الإقلال من شان المرأة ، والتمادي في التجاوز على آدميتها التي كفلتها الشرائع السماوية قبل القوانين الوضعية . ومن الموروث العربي الذي ابتليت به المجتمعات العربية ، نجد  في رؤية الشاعر المعري ( إن النساء يمثلن الضلال والغواية ..، لذلك ولادتهن بؤس لا يعادله بؤس آخر ) ثم يتمادى بقوله : ( لأنهن يلدن الأعادي من الأبناء  ؛ لذا من الأفضل دفنهن ) ، ما يوافق نظرة أوروبا القديمة للمرأة ، بوصفها سبب الخطيئة ، التي أسقطت عن أبو البشر ادم  وزوجه أوراق التوت وأخرجته من الجنة إلى الأرض ، كما في سفر التكوين ، فهي سبب شقاء الإنسان وعنائه ، وهي خلقت لتكون دون الرجل ؛ لتعمل في خدمته لاسعاه وهنائه . إن النظرة الدونية للمرأة التي ما انفكت تلاحقها عبر مختلف مراحل التاريخ ، كثر ما تسببت بشقاء النساء العربيات وهن يشعرن بألم  ممض ، ما يزال كثير من الرجال العرب الذين تتحرك أجسامهم في الألفية الثالثة أشبه بأجساد تعلوها عقول متحجرة من أجيال القرون الوسطى يحرصون على ممارستها ، بالتوافق مع ثقافة الهيمنة الذكورية  . إذ تتردد في أحاديثهم بجميع الأماكن التي يرتادونها عبارات ، وكلمات تخدش الحياء ، وتثير الاشمئزاز ؛ بالنظر لكونها تعبر عن استهانة  بالمرأة. فهل يعقل إن يتفوه من يعيش عالم اليوم بعبارة ( أجلكم الله ) أو ( تكرم عن ذكرها ) في مجالسه العامة أو الخاصة حين يشير بحديثه صوب ، التي كرمها الله بان جعل الجنة تحت أقدامها ! ،  والتي لايمكنه العيش من دونها . وضمن هذا السياق أجد نفسي مثل غيري مدهوشا من معنى  معاشرة رجل لإنسانه يتعامل معها بنظرة ازدراء تصل إلى حد طلبه جلالة المجتمع من  مجرد ذكر كلمة تشير أليها ! . إن موروث المجتمعات العربية يحفل بكثير من مثل هذه المواقف المشينة التي لاتسمح حدود الدراسة الوقوف عندها ، والتي كانت احد عوامل ترسيخ النظرة الدونية للمرأة. وتتمحور هذه الرؤى حول الامتثال الأعمى لفكرة أن الرجل كامل الإرادة والسيطرة ، وان المرأة لايمكن أن تكون سوى خادمة للرجل ، بوصفها أدنى منه في قدرتها وأرادتها . وعلى الرغم من تاكيدات المنظمة الأممية ، ومنظمات حقوق الإنسان على أهمية الارتقاء بدور المرأة وتوفير الظروف الملائمة لها ؛ لتأخذ دورها الطبيعي المفترض أن تلعبه في بناء وتنمية المجتمعات العربية الحديثة ، ما تزال عقدة النظرة الدونية تسيطر على تفكير كثير من الرجال في البلاد العربية وتلازم أفعالهم وتصرفاتهم تجاه المرأة ، فضلا عن الذهاب إلى ابعد من ذلك صوب تكييف فعاليات المرأة بما يرضي رغبات الرجال . ولعل من الشواهد العملية على هذا التوجه الذي يؤسس لتفعيل مشروع إذلال المرأة في العصر الحديث ، وتشويه الصورة الإنسانية للمجتمع هو آراء الأديب المصري توفيق الحكيم حول المرأة  في بعض نتاجاته التي نقتطف منها هذه السطور (  المرأة ، لاتضاهي الرجل فكرياً في إبداعه وثقافته في شكلها العام ، فجوهر إبداعها يعكس ضوء الإبداع الذكوري، فهي لاتمتلك مطلقاً موهبة الإبداع الفكري ) . ثم يضيف ( المرأة مثل القمر لاتشع ضوءاً من داخل نفسها، بل تعكس الضوء الأتي إليها من شمس عقل الرجل ) . ويتضح من هذا التصور ما يضمره شخص مثقف مثل توفيق الحكيم الذي درس القانون في الجامعات الفرنسية في ثلاثينيات القرن الماضي ، إضافة إلى مساهمته المفترضة برفع مستوى الوعي في المجتمع عبر  نتاجه الفكري الذي لايمكن إغفاله ، من انتقاص لشخصية التي ( حملته وهن على وهن ) .
03 تقلص فرص التعليم والثقافة
      ورد في أحاديث العلماء والباحثين أن التعليم يشكل الدعامة الرئيسة للحضارة والتمدن بمختلف المجتمعات والبلدان ، بوصفه المرآة العاكسة لمستوى تحضر المجتمع ورقيه .  إذ ان حاجة المجتمعات ماتزال قائمة إلى التعليم من اجل إعداد  أجيال متحضرة بمقدورها تعزيز النتاج الإنساني و العمل على ترسيخ الأسس  السليمة  التي تستوجبها مهمة مواجهة تحديات الواقع ، بما يضمن حرص الإنسان على إدراك مسؤولية ما تمليه عليه مواطنته من  واجبات ، وما له من حقوق بوعي وإرادة قوية نابعة من ذاته . وعلى وفق هذا التصور يصبح التعليم احد حقوق المواطنة الذي  كفلته الشرائع السماوية للإنسان قبل القوانين الوضعية ، مما يتطلب سعي القيادات الإدارية الحثيث إلى توفير فرص التعليم لجميع المواطنين من دون الاعتماد على صنف الجنس . وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومات العربية  في مجال التربية والتعليم  في العقود الأخيرة من زمان القرن الماضي ، فإن هذا التوجه وان تباينت مستوياته ماتزال تكتنفه بعض المشكلات التي تمتاز بتشابكها وتعقيدها ، وفي مقدمة هذه التحديات النقص الكبير في موارد  تعليم الإناث بفعل الآثار المترتبة على طبيعة الظروف الاقتصادية والسياسية السائدة في البلدان العربية ، فضلا  عن كثير من  الممارسات المجتمعية التي ماتزال تشكل حاجزا يعيق تحقيق الغايات المرجوة من مهمة تعليم البنات في كثير من المناطق بالبلاد العربية . ومما يستلفت الانتباه ان مشكلة الأمية بين الإناث تتنامى سنة بعد أخرى في كثير من المجتمعات العربية مع استمرار وقوع كثير من الأسر العربية أسيرة تأثير مفاهيم ترسخ القيود الاجتماعية والاقتصادية التي تقف حائلاً بين المرأة والتعليم . ومصداقا لذلك نشير إلى تزايد فجوات التعليم بين الذكور والإناث في معدلات الأمية ، وفي مستويات الالتحاق إلى المدارس بمختلف الفئات العمرية .ومن المهم الإشارة هنا إلى أن نسبة الأمية بين الإناث تزداد في المناطق الريفية والحدودية والنائية في اغلب البلدان العربية ، لتصل إلى معدلات عالية .وتعد هذه الظاهرة احد أوجه العنف المجتمعي الذي مايزال يمارس بدرجات متباينة في المجتمعات العربية ، مما أفضى إلى الإسهام القسري بإقصاء الإناث عن التعليم ، إضافة إلى التأسيس بقصد أو من دونه لواقع يزيد من الحواجز والمعوقات التي تقف حائلاً أمام تساوي فرص الحصول على التعليم للمرأة العربية ، إضافة إلى الإسهام بزيادة مساحة الفجوة القائمة في التعليم بين الذكور والإناث  . وضمن هذا السياق يتطلب من القيادات الإدارية في البلدان العربية إدراكا وفهما عميقين لحقيقة ، انه لايجوز أن تنزع عن المرأة صفة الكائن الإنساني التي تعد من ضرورات البناء الرصين للمجتمعات الإنسانية ؛بسبب الحاجة إلى تضافر جهودها مع خطوات نصف مجتمعها الآخر في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
04 الاستغلال الاقتصادي
    تشير الدراسات الاقتصادية العربية إلى اقتراب مشاركة المرأة العربية  إلى نصف إجمالي عدد القوى العاملة في البلدان العربية ، غير أن أهمية هذا المورد الاقتصادي الحيوي تتقاطع عمليا مع  ظاهرة الهدر الواسع في طاقات المرأة الإنتاجية وعدم توظيفها بشكل كفوء . حيث وصلت نسبة نشاط المرأة الاقتصادي إلى ( 8% ) من مجموع القوى العاملة العربية. وبصورة عامة ، تعد المرأة العربية العاملة يدا بشرية رخيصة، لكون إمكانيات العمل المفتوحة أمامها محدودة جدا. وتشير الإحصائيات الصادرة عن المؤسسة العربية لحقوق الإنسان للعام 1999، أن معدل اجر المرأة العاملة في مختلف البلدان العربية ،  يتراوح بين( 30 ) إلى (70% ) من أجور الرجال . وتواجه المرأة العربية ضعف في الإمكانيات الإدارية التي تعيق قدرتها في إدارة المشاريع ، أو ألمساهمه في النشاط الاقتصادي ؛ بالنظر  لارتفاع نسبة ألاميه بين الإناث ، ونقص التعليم والتدريب . إذ تتجاوز أثار مشكلة الأمية حدود التأثير على الإمكانيات الإدارية لأي مشروع إلى العمل على تقليل فرص التفكير في المشروعات الخاصة أو حتى البحث عن عمل في بيئة مناسبة ومستقرة تلبي طموح واحتياجات العاملين بمختلف أنواعهم الاجتماعية. وقد أفضى ارتفاع معدلات الأمية بين الإناث إلى تراجع فرصهن في الحصول على التدريب المساند ، الذي قد يسهم  بفتح آفاق فرص عمل ، أو مشاريع ذاتية مناسبة ومجدية من شانها المعاونة في مهمة تفعيل مشاركة المرأة العربية بالنشاطات الاقتصادية . كذلك تواجه المرأة العربية نقص في الإمكانيات الإدارية المتخصصة في المجالات المالية ، والمحاسبية ، والفنية الدقيقة ، من حيث القدرة على التحليل والإدارة المالية للمنشآت . إذ تعاني اغلب النساء العربيات مما يسمى بـ ( فجوة الثقافة المالية ) . وتتسبب هذه الفجوه بنقص التواصل بين المرأة العربية والمؤسسات المالية بشكل عام ،والإسهام بخلق نقص في معرفة أداء الأنشطة التي تديرها النساء العربيات بشكل عام . ومن التحديات المهمة التي تواجه المرأة العربية من النواحي الاقتصادية ، هو نقص المعلومات السوقية عن الأسواق وتطورها وحاجاتها ، إضافة إلى عدم وجود قدرة ومعرفة حقيقية لدى المرأة العربية عن أهمية وكيفية إدارة المعلومات الداخلية للمنشأة من حيث المخزون . ويشكل التقاعد المبكر احد المظاهر المرتبطة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي ، حيث يتم التخلص من فائض العمالة عن طريق التقاعد المبكر اوالاستغناء عن العمالة المؤقتة أو إعطاء إجازات إجبارية أو حرمان من الحوافز كوسيلة مضمونه للضغط ، الذي يؤدي إلى الاستقالة ، ومن ثم فقدان الخبرات الإدارية وزيادة معدلات البطالة بين النساء ، حيث أن وجود مثل هذه المنافذ للمرأة يضعف من قدراتها على التحدي والبحث عن الأفضل . ويمكن القول ان نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة العربية تعد متدنية ، بالمقارنة مع نسبتها من أجمالي عدد السكان . وينضاف إلى ذلك ما تعانيه العاملة من شروط عمل صعبة للغاية ، ولاسيما ما يتعلق منها  بقانون دفع مخصصات التأمين الوطني، وحقوق أخرى مثل العطلة السنوية وفقا لقانون ساعات العمل القانونية.
     وعلى وفق ما تقدم، يمكن القول أن مفهوم عمل المرأة لا يمكن فهمه بمعزل عن مسألة تحررها من آفة ملكية المجتمع لقدراتها ،مما يتطلب معالجات جذرية  تسهم بخلق ظروف بمقدورها توظيف إمكانياتها في مشروعات ونشاطات تجعلها بمنأى عن استغلالها في العمل . وليس من شك في أن هذا الواقع لايمكن تحقيقه بمعزل عن مساواتها مع الرجل  في كافة مجالات الحياة ؛ من اجل أن تكون فاعلة في مشاركتها الاجتماعية التي تضمن المساهمة بحل قضاياها وقضايا مجتمعها من دون أدنى انتقاص لحقوقها أو تمييز بحقها كامرأة.
05 محدودية المشاركة في  المجال السياسي واماكن صنع القرار
     عاشت البلدان العربية تحولات عميقة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنمائية منذ العقد السادس من القرن المنصرم الذي شهد حصول كثير من البلدان على استقلالها من براثن الاستعمار الأوروبي . وقد انعكست هذه التحولات بدرجات متباينة من الآثار الايجابية على واقع المرأة في أسرتها ،  وفي عموم المجتمع. غير ان اللافت للانتباه هو اقتصار نشاطها على العمل في القطاعات الحكومية ، وانحسار مشاركاتها بالحياة السياسية . اذ ان نسبة مساهمتها في مواقع صنع القرار كانت هامشية ، ولم تشكل حضورا فاعلا في البيت السياسي العربي . والانكى من ذلك التراجع الكبير لنسبة تمثيلها البرلماني ، على الرغم من عدم وجود قيود على مشاركتها في المجالس النيابية او انخراطها في الأحزاب السياسية في بعض البلدان . وينضاف إلى ذلك تواضع عدد منظمات المجتمع المدني النسوية بالمقارنة مع مساحة عمل المنظمات غير الحكومية . وقد أثبتت التجربة العراقية بمجال العمل النيابي في مرحلة ما بعد التغيير السياسي الكبير الذي شهدته البلاد عام 2003 م انه لولا ايجابية نظام ( الكوتا النسائية ) ، لما استطاعت المرأة العراقية المشاركة بهذا العدد من البرلمانيات ؛ بالنظر لاستمرار سيادة الفوارق ( الجندرية ) بين المرأة والرجل على الصعد كافة . وتصديقا لما ذهبنا إليه نشير إلى تراجع التمثيل النسوي في البرلمان الكويتي بدورته الأخيرة إلى معدلات غير متوقعة ، مما شكل خيبة أمل لفاعلية الجهد النسوي في المساهمة بإعداد وإقرار تشريعات من شانها النهوض بواقع المرأة الكويتية في عالم اليوم .
    تعيش المرأة العربية في الوقت الحاضر فرصتها التاريخية في استثمار التغيير المفترض ، بوصفه محور المطالبات الشعبية التي حركت الشارع العربي ، عبر العمل على توظيفه بفعاليات تفضي إلى مناهضة التوجهات الهادفة إلى كبح حرياتها ، وتحجيم ممارساتها الإبداعية . وتتلخص متطلبات تغيير واقع المرأة العربية بالمحاور التالية :
01 مفهوم بناء شخصية المرأة وعلاقته بحقوق الإنسان .
02 مناهضة العنف ضد المرأة .
03 المشاركة الواعية في أماكن صنع القرار .
 04أهمية التعليم في تنمية المرأة لضمان المشاركة الكاملة .
05 المواطنة الفعالة ، وكيفية تنميتها في العمل والمدرسة ، وبقية مجالات الحياة0
06 تعديل ادوار المرأة في المجتمعات العربية ، بغية نقلها من التابعية إلى المشاركة .
07 محنة النساء العربيات المعنفات ، ووحدات الصحة النفسية .
     وحرصا على ضمان تحقيق المتطلبات التي تقدم ذكرها ، ينبغي التنويه بداية عن حقيقة ، أن حماية المرأة من العنف ، وغيره من الانتهاكات التي تتعرض لها ، يعد واجب شرعي ، ووطني ، وأنساني ، وأخلاقي ؛ يستلزم اضطلاع الدولة والمجتمع بمسؤولياتهما في المحافظة على كرامة المرأة وإنسانيتها . وبالاستناد على هذا الفهم ، ينبغي أن تتضافر الجهود الواعية في التأسيس لمشروعات منظمة تتضمن البرامج والآليات المبينة تاليا :
01 تنظيم حملات لنشر الوعي بأهمية دور المرأة في البناء والتنمية ، مما يتطلب حماية حقوقها ، بوصفها ركيزة بناء الأسرة والمجتمع .
02 التثقيف باتجاه الابتعاد عن الاتجاهات السائدة في وسائل الإعلام التي تظهر المرأة في الأدوار التقليدية التي تركز على الصورة النمطية للمرأة التي تحصرها في ادوار الأنوثة والمنزل .
03 العمل باتجاه إقامة حملات وطنية تهدف إلى ( تمكين المرأة ) ، عبر عدد من البرامج التي من جملة آلياتها ، استثمار الطاقات المعطلة لدى النساء العربيات .
04 وضع إستراتيجية لمناهضة العنف ضد المرأة ، سواء في الأسرة أو المجتمع ، بوصفه مظلومية تحملتها المرأة بفعل أعراف وتقاليد ، اتخذ بعضها صبغة شرعية .
05 تبني مشروع طويل الأمد لتوعية المرأة بطروحات النظرية النسوية والمواثيق الدولية ، وبخاصة اتفاقية ( سيداو ) في المساواة بالنوع الاجتماعي ، ونبذ التمييز ، وتحرير المرأة ، والنهوض بأوضاعها ومشاركتها الكاملة في جميع ميادين الحياة السياسية والاجتماعية .
06 إقامة مشروعات تهدف إلى مكافحة الأمية وتعليم مهارات الحياة ، من جملتها مكافحة الأمية والتدريب على الحاسوب والخياطة وغيرها من الأعمال اليدوية ؛ بالنظر لحاجة كثير من النساء إلى فرص عمل تستلزم التدريب والتأهيل . وضمن هذا السياق يمكن التنسيق والتعاون مع المنظمات الأممية ، وبخاصة منظمة اليونسكو .
07 العمل على إقامة وحدات الصحة النفسية ؛ لاستقبال النساء المعنفات .
08 إدراج نصوص الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحق تمتع  المرأة بجميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في المناهج الدراسية ؛ بغية تعزيز ثقاقة الحوار والاحترام المتبادل حول ضرورة رفع الظلم عن المرأة وتخليصها من الحيف الذي لحق بها .
09 تفعيل القوانين المنصفة لحقوق المرأة ، وصياغة مايتطلب من تشريعات جديدة .
010 عمل المنظمات غير الحكومية الداعمة لقضية المراة على اتخاذ كل التدابير الممكنة لوقاية برامجها من التاثر بما يظهر من سلبيات لأنظمة الحكم العربية الجديدة .
011 دراسة مقترح يتضمن موافقة الحكومات العربية على تشكيل مجالس عليا مستقلة بموارد وصلاحيات واسعة ، بعيدة عن تدخل الحكومات ؛ للمشاركة في    بحث القوانين وتنفيذ خططها الداعمة لحقوق المرأة .
012 توظيف ( الاقتصاد المعرفي ) في تفعيل ، وزيادة مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي ؛ بالنظر لفاعليته  في زيادة مستويات التعليم التي تفضي إلى تطور فرص واليات العمل على وفق الأساليب الحديثة .
      وعلى الرغم من إدراكي العميق بحاجة التغيير صوب تمكين المرأة العربية وجعلها قادرة على المشاركة الفاعلة في مهمات البناء والتنمية إلى قدرات نفسية ومادية ومعنوية ، قد تكون خارج الإمكانيات المتيسرة لدى كثير من النساء العربيات ، فان من المهم الحديث عن المسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة العربية ، التي يمكن إجمال أبرزها بالمحاور التالية :
01 ينبغي أن تناضل المرأة عبر توظيف قدراتها من اجل تقويض كل السياسات والتوجهات الهادفة إلى كبح حرياتها ، وخنق مبادراتها الشخصية ، وقمع نشاطاتها الفكرية ، وتحجيم ممارساتها الإبداعية .
02 عدم قبول سياسات الترويض والتدجين والإذلال والاستلاب التي تمارسها بعض الحكومات العربية من مشاركتها الفعلية بمختلف النشاطات السياسية والاجتماعية والبرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني .
03 إثبات قدراتها في مهمة الخروج من شرنقة القصور الفكري الذي يعانيه الإنسان العربي .
04 سعي البرلمانيات العربيات لتحقيق مشروعات تنحى باتجاه مناهضة العنف ضد المرأة من خلال :
•    إيجاد الأسس الصحيحة لرفع الظلم والتميز الواقع ضد المرأة .
•    مراجعة التشريعات النافذة الموجودة بما يعزز دور المرأة ويوسع الإطار السياسي لعملها ، إضافة إلى اقتراح مشروعات القوانين التي تعكس دور المرأة الفاعل في المجتمع .
•    مراعاة الاتفاقيات الخاصة بالمرأة من حيث ضمان الحقوق المدنية والسياسية ، ومحاربة العنف ، وإبراز دورها الحقيقي .   
05 دعم النساء العربيات لكل الجهود الداعية لتخليص المرأة من العنف المسلط عليها والعمل على النهوض بواقعها في المجالات كافة ، فما ( حك جلدك مثل ظفرك ).
 وتأسيسا على ما تقدم ، يمكن القول أن المرأة العربية تعيش وسط مجتمع مكبل بقيود ثقيلة من ركام خرافي ، تعمه الفوضى والظلم والاستبداد والاستغلال ومن عبودية ونهب وسلب . ووسط هذا العالم الغريب لايمكن أن نركن إلى طمس ما فيه من الإيجاب لنساء كن محبات للحرية ، اتصفن بالشجاعة والإيثار والوفاء لمبادئهن ، فبرزت منهن رائدات ، تفرض تجربتهن على نساء اليوم شحذ  الهمم وعقد العزم باتجاه التحرر من قبضة التخلف والإذلال ، ما دامت الفرصة مؤاتية في ظل تداعيات الربيع العربي . إذ ( من المخجل التعثر مرتين بالحجر نفسه ) .
ولا أخطئ القول أن المرأة كلما اتسعت مداركها وانطلق فكرها لغرض البحث ، فهو مسار ومسعى لتحليل الأمور واستجلاء الحقائق ، التي تستلزم منها توحيد جهودها لدعم نضالها من اجل نيل حريتها ، على الرغم من الصعوبات والمخاطر التي تعترض هذه المسيرة ، حيث أن ( زئير الأسد لايكفي لقتل الفريسة ) .
•    المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب صحفي .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=15505
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 19