ثانيا: فاذا ما أردنا ان نعرض المقارنة بين الإسلام في مواقف وتطبيقاته ومفاهيمه، وبين الديانات والشرائع التي سبقته، والأنظمة الأوربية المعاصرة، نجد الفرق الواضح على مستوى النظرية والتطبيق والموقف تجاه حرية الرأي والتعبير والاستحقاقات الأخرى.
أ‌-  على صعيد الشريعتين الموسوية والنصرانية، فانهما شريعتان جاءتا بهدف ومنهج محدود، لم يحتو على العلاجات المدنية للقضايا والمشاكل العامة. وقد أغلق فيهما باب الاختيار وحرية الرأي والتعبير، والشواهد على ذلك كثيرة للمتتبع لطريقة تعامل الاحبار والقساوسة والرهبان مع عموم البشر.
لذلك ان الشخصيات التي اعتنقت الاسلام في الغرب نتيجة البحث والتنقيب الدقيق، كانت تركز في تصريحاتها على ما لمسته من فرق بين الاسلام وغيره من الديانات في هذا المجال، لان أثمن ما لدى الانسان هو حريته وارادته ومعرفة ما له وما عليه في هذه الحياة.
(أرنست تشريري البرازيلي (محمد عبد الرحمن).. يقول: (الاسلام ليس دين تفرقة عنصرية، ولا يدعي أبناؤه أنهم الشعب المميز او الجنس المختار، وأكثر من ذلك فهو دين عالمي للناس جميعا) التكامل في الاسلام 5/184).
(الفونس اتبين دينية (ناصر الدين) الفنان الفرنسي.. يقول: ان العقيدة الاسلامية المحمدية لا تقف عقبة في سبيل التفكير، فقد يكون المرء صحيح الاسلام، وفي الوقت نفسه حر التفكير، وكما ان الاسلام قد صلح منذ نشأته لجميع الشعوب والاجناس فهو صالح كذلك لكل انواع المدنيات. نفس المصدر/185)
(سيسليا (محموده كونلي الاسترالية).. تقول: قبلت الاسلام لما وجدت نفسي مسلحة بطبعي، حتى وقبل ان أعرف ذلك، فقد تخليت عن المسيحية أيام شبابي، لعدة أسباب، منها: إني كلما واجهت أحد الروحانيين المسيحيين وسألته عن مشكلة دينية سلبت راحتي وأخذت بأفكاري كلها، أو عن تعاليم الكنيسة الثقيلة، كانت الاجابة على أسئلتي من طراز واحد، وعلى نسق مطرد في الجميع، وهي: لا ينبغي لكم السؤال والتجسس حول تعاليم الكنيسة، بل الواجب عليكم هو الايمان الخالص. نفس المصدر/191)
ب‌-  على صعيد الشريعة الرومانية فقد انعدمت مقاييس الحق الانساني كحق الاختيار، وحق التعبير وحق المساواة بالغير في الاستحقاقات الاخرى وقد ثبت ان القانون الروماني صنفان: 
الاول: قانون الشعب الروماني، الذي يحضى بامتيازات خاصة على الغير من قبل الزعماء والمشرعين الرومانيين، حيث يحسبون أنهم وحدهم هم الذين يستحقون التعبير عن الرأي، وغيره من الامتيازات.