• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مع بولس في رسائله - (2) .
                          • الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي .

مع بولس في رسائله - (2)

3)) رسالة بولس الى اتباعه في مدينة غلاطية (غل)

مرّ بولس بنواحي غلاطية في رحلته الثانية حوالي (50-52)م، ولم يدخلها ولم يدخل مقاطعة آسية جميعها (تركيا الحالية) لأنه ظن ان الروح القدس منعه من ذلك {راجع اعمال الرسل (6:16)}!! ثم زارها بولس في رحلته الثالثة حوالي (53-57)م، وكتب رسالته كما يقول الخوري بولس الفغالي حوالي سنة (55)م قبل كتابته الرسالة الى رومية[1]. وقيل انه كتبها وهو في افسس سنة 54م[2]. وهي احدى خمس رسائل كتب بولس في خاتمتها بخط يده، كما إنها احدى الرسائل الاربع ذات الموثوقية بأنَّ بولس هو كاتبها.

وأهم الاثارات التي تضمنتها هذه الرسالة:

· بولس رسول المسيح، أليس الأثني عشر كذلك؟!

يبتديء بولس رسالته هذه بتدليس وتمويه حيث يقول غل (1:1) {فاندايك}: (بولس، رسول لا من الناس ولا بإنسان، بل بيسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من الأموات).

وفي الكاثوليكية: (من بولس وهو رسول لا من قبل الناس ولا باختيار إنسان بل بإختيار يسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من بين الأموات).

فهو يصف نفسه بأنه رسول من قبل المسيح لا من قبل الناس! وهو يدري جيداً انه لا يوجد بين قادة المسيحيين اليهود اشخاص اختارهم الناس بل هم جميعاً من الاثني عشر الذين اختارهم المسيح بنفسه كما في رواية اناجيل العهد الجديد، وبطرس بالتحديد هو الذي خاطبه المسيح بقوله كما في متى (18:16) {ترجمة الكاثوليكية}: (انت صخر وعلى هذا الصخر سأبني كنيستي فلن تقوى عليها أبواب الجحيم). إذن ما الداعي ان يقول بولس انه مرسل من المسيح نفسه الا لكي يوحي لأذهان المتلقي ان الجماعة المناوؤن لتعليمه (من اليهود المسيحيين[3]) ليسوا كذلك!

 

· مشكلة الـ 14 سنة!

حيث جاء في رسالته غل (1:2) {فاندايك}: (ثم بعد أربع عشرة سنة صعدت أيضا إلى أورشليم مع برنابا، آخذا معي تيطس أيضا). فقيل ان المقصود (14) سنة بعد اهتداءه الى المسيحية. وقالوا ان حادثة اهتداءه تلك كانت سنة 36م[4]، وهذا يعني انه يقصد انه صعد الى اورشليم مع برنابا وتيطس سنة 50م، اي بعد رحلته الاولى! وحيث ان بولس يتحدث في رسالته هذه انه بعد (14) سنة ذهب الى اورشليم واتصل بقادة المسيحية (التلاميذ الاثني عشر اكابر الرسل) وعرض عليهم اسس دعوته سراً بصورة منفردة، لكي لا تذهب جهوده سدىً! يقول كما في غل (2:2) الكاثوليكية: (وكان صعودي إليها بوحي، وعرضت عليهم البشارة التي أُعلنها بين الوثنيين، عرضتها على الأعيان دون غيرهم، مخافة أن يكون سعيي أو أكون قد سعيت عبثاً). فعقيدة بولس الدينية في هذه الفترة (الـ 14سنة) كانت سرّية، ولذلك كانت النصوص المتضمنة في اعمال الرسل بخصوص خطبة بولس في تلك الرحلة لا تحتوي على تعليم مخالف لتعليم (اليهود المسيحيين) ما عدا قيامته من الموت، فلم يذكر فيها التثليث {الذي لم يكن قد اكتملت فكرته الى ذلك الوقت} ولا ان المسيح ابن الإله ولا ان الإله هو الآب!! كما انَّه ليست هناك اية مدينة زارها وبعث اليها رسالة في رحلته الاولى التي حدثت ضمن هذه (الـ 14سنة)، لأن عقيدته كانت سرّية في تلك الفترة، ولا يجاهر بها!

 

· هل مهمة بولس تبشير الوثنيين؟

ادعى بولس انه معهود له في تبشير "القُلف" اي الوثنيين كما ان بطرس معهود له بتبشير المختونين اي اليهود! ففي غل (2: 6-10) {فاندايك}: (وأما المعتبرون أنهم شيء ­ مهما كانوا، لا فرق عندي، الله لا يأخذ بوجه إنسان ­ فإن هؤلاء المعتبرين لم يشيروا علي بشيء. بل بالعكس، إذ رأوا أني اؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان. فإن الذي عمل في بطرس لرسالة الختان عمل في أيضا للأمم. فإذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا، المعتبرون أنهم أعمدة، أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان. غير أن نذكر الفقراء. وهذا عينه كنت اعتنيت أن أفعله).

والنص في ترجمة الكاثوليكية: (اما الذين كانوا يُحسبون اعياناً – ولا يهمني ما كان عليه أمرهم لأن الله لا يُحابي أحداً من الناس – فإنّهم لم يزيدوا شيئاً بل رأوا أنّه عُهد إليَّ في تبشير القُلف كما عُهد الى بطرس في تبشير المختونين، لأن الذي ايَّد بطرس في رسالته لدى المختونين ايدني في رسالتي لدى الوثنيين، ولمَّا عرف يعقوب وصخر ويوحنا وهم بمنزلة اساطين الكنيسة، ما اُعطيت من نعمة، مدّوا إليَّ وإلى برنابا يُمنى الاتفاق فنذهب نحن الى الوثنيين وهم الى اهل الختان، على ان نتذكر الفقراء وهذا ما جهدت ان أقوم به).

ولم يبيّن النص من الذي عهد الى بولس بتبشير الوثنيين وعهد الى بطرس بتبشير اليهود! نعم نحن نعلم ان بطرس باعتباره رأس جماعة اليهود المسيحيين لا يقوم بتبشير الوثنيين، فمن السهولة ان يُنسب له ما نسبه له بولس من مهمة.

فهل يدّعي بولس ان الوحي الإلهي اوكل له مهمة تبشير الوثنيين واوكل نفس المهمة لبطرس؟! فإذا كان الحال كذلك فلماذا كانوا حينما يبشرون اليهود يعلمونهم ان ينبذوا الالتزام بشريعة التوراة لبداية عهد جديد بالمسيح!! وما هو الفرق، بحسب النظرية المسيحية الحاليّة، بين تبشير الوثنيين وتبشير اليهود ما دامت النتيجة واحدة وهي بداية عهد جديد وترك شريعة العهد القديم ونبذ الالتزام بشريعة التوراة!!

طبعا بحثنا التاريخي يختلف مع هذه النصوص حيث توصلنا الى أنَّ بطرس والمسيحيين اليهود كانوا فعلاً يبشرون اليهود بصورة رئيسية والوثنيين احياناً بالمسيح، كما كان يفعل المسيح تماماً، مع تعليمهم الالتزام بشريعة التوراة مع ما ادخله المسيح عليها من فهم جديد في تطبيقها وتسهيل لبعض صعوباتها، في مقابل تبشير بولس لليهود والوثنيين مع تعليمهم عدم الالتزام بشريعة التوراة لبداية عهد جديد، واستمرت هاتان الطائفتان الرئيسيتان الى ان تبنّت الدولة الرومانية في القرن الرابع الميلادي مسيحية بولس كدين رسمي للدولة مع اضطهادها للطوائف المسيحية الاخرى متهمةً اياها بالهرطقة الى ان انقرضت، ثم عمدوا الى تشويه تراث المسيحيين اليهود واظهارهم بمظهر المنسجم مع بولس وتعاليمه، ولكن تلك الاشارات التي بقيت في رسائل بولس حول الخلاف معهم كشفت حقيقة ما جرى!

وقد يقال ان معنى كلام بولس بأن المهمة الموكلة له هي تبشير الوثنيين والمهمة الموكلة لبطرس هي تبشير اليهود هو ان مساحة عمل بولس هو مدن الوثنيين بغض النظر عمن يسكنها من اقلية يهودية قد تستجيب للبشارة، بينما مساحة عمل بطرس هو المدن اليهودية بغض النظر عمن يسكنها من أقلية وثنية قد تستجيب للبشارة، فالنتيجة واحدة، وهي ان جميع الذين تم تبشيرهم من قبل بولس بحسب روايات العهد الجديد في اعمال الرسل ورسائل بولس وبطرس هم ممن تم تعليمهم نبذ شريعة التوراة وقبول شريعة العهد الجديد سواء كانوا من اليهود او من الأمميين (الوثنيين)! وهذه المزاعم لا تتناسب مع وجود خلافات حول استمرار العمل بشريعة التوراة من قبل اليهود المسيحيين مع اكابر الرسل تلاميذ المسيح. كما ان التاريخ المسيحي يذكر ان بطرس قد انشأ كنيسة روما وهي مدينة ذات غالبية وثنية، فكيف إذن مارس نشاطه التبشيري فيها بناءاً على هذه الفرضية؟!

 

فإذن هناك دليلان ينسفان كل مزاعم بولس حول اختصاصه بتبشير الوثنيين، الاول ما ورد في خطبة بطرس في مجمع اورشليم الذي عُقِدَ حوالي سنة 50م، حيث جاء فيها كما في اعمال الرسل (7:15) {فاندايك}: (أيها الرجال الإخوة، أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون). وفي {الطبعة الكاثوليكية}: (ايها الاخوة تعلمون أنَّ الله اختارني من بينكم منذ الأيام الأُوَل ليسمع الوثنيون من فمي كلام البشارة ويؤمنوا). فهو نص صريح بأن مهمة بطرس هي تبشير الوثنيين (الأمم).

والدليل الثاني ان بطرس بحسب التقليد المسيحي قد أسس كنيسة روما أي أسس اول جماعة مسيحية في روما رغم انها مدينة وثنية.

كتب بطرس قرماج: (وكان القديس بولس يبشر بالايمان مع القديس بطرس باجتهاد وشجاعة ونمت الكنيسة في رومية جداً جداً)[5].

وكتب في موضع سابق: (ان المغبوط بطرس شرع يباشر بعد صعود سيدنا يسوع المسيح الى السماء واجبات منصبه السامي اي منصب الرئاسة على الكنيسة كلّها، مبتدئاً بذلك في اورشليم وفي كل اليهودية فترأس على المجامع كما جرى في المجمع الاورشليمي حيث نصح الرسل والتلاميذ وحثهم على انتخاب رسول آخر عوض يهوذا وتكلم كأنه لسان الجميع، ثم وعظ الشعب اليهودي واثبت تعليمهُ بالعجائب فاستمال كثيرين الى الايمان وبعد ان اسس الكنيسة هكذا في بلاد فلسطين انطلق الى بلاد سورية ودخل مدينة انطاكية وكانت في ذلك الزمان قصبة الشرق وهناك نصب هذا الرسول كرسيهُ واليهِ كان يأتي المؤمنون لاجل تدبير بقية الكنائس، قال فم الذهب ان الصواب يقتضي ان تكون انطاكية اشرف مدن المشرق لأنه فيها دُعي اولاً المؤمنون مسيحيين فيكون معلمها وراعيها اول الرسل، ويقتضي ايضاً ان يوضع بها اولاً كرسي رأس الكنيسة كلها المنظور لان مؤمنيها كانوا اكثر عدداً واشد نشاطاً. وقد مكث القديس بطرس سبع سنين في انطاكية ثم بإلهام الله نقل كرسيهُ من هناك الى رومية عاصمة كل الممالك ومعلمة الاضاليل فكان يُعبد بها من الآلهة ما يُعبد بكل اقطار المسكونة، وانما كان ذلك كما قال القديس لاون المعظم لكي تظهر قوة النور السماوي الذي مزّق ظلام الغياهب وليسهل الانتصار على بقية العالم بعد انتصار بطرس على اول مدائن الملك الروماني، لأن السيد المسيح الذي كان هو الله وكتب في راية صليبه المجيدة انهُ ملك اليهود واليونانيين واللاتينيين اراد ان يملك القديس بطرس الرسول نائبهُ في الارض بسلطان روحي على هؤلاء الشعوب الثلثة وبهم على بقية قبائل الارض، وانهُ يعلّم اولاً اليهود في اورشليم وثانياً اليونانيين في انطاكية واخيراً اللاتينيين في رومية ليعلم الناس طرّاً انهُ راعي الجميع وان خلفاءه يكونون كذلك)[6].

والنقطة الأخرى الجديرة بالتذكير ان سِفر اعمال الرسل لا يتطرق الى هذه المزاعم حول اختصاص تبشير اليهود والوثنيين! فلماذا لم يكن لوقا وهو الكاتب المفترض لاعمال الرسل وهو تلميذ بولس، على علم بهذا الموضوع؟ ولماذا لم يتطرق اليه في كتابه اعمال الرسل إنْ كان حقيقياً ؟!

 

· الخلافات بين بولس وأكابر الرسل:

في غل (2: 11-21) اتهم بولسُ بطرسَ بالرياءِ! بطرس الذي خاطبه المسيح بقوله كما في متى (18:16) (ترجمة الكاثوليكية): (انت صخر وعلى هذا الصخر سأبني كنيستي فلن تقوى عليها أبواب الجحيم)، يأتي بولس ويتهمه بالرياء!! وبأي تهمة؟ انه يرائي اليهود المسيحيين! وهذا ليس اول خلاف بين بولس وقادة اليهود المسيحيين، والخلافات بينهم لها شواهد عديدة ومعتبرة في العهد الجديد، نذكر منها:

1. الخلاف بين بطرس وبولس

اتهم بولس كلا من بطرس وبرنابا بالرياء كما أشرنا اليه آنفاً {في غل (2: 11-21)}، وكذلك اختلف بولس مع بطرس في شأن المعمودية، وسنتطرق بشيء من التفصيل إلى هاتين المسالتين في الفقرتين الآتيتين على التوالي.

2. الخلاف بين برنابا وبولس

قال برنابا في مقدمة إنجيله[7]: (أيها الأعزاء إن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الأيام الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر داعين المسيح ابن الله ورافضين الختان الذي أمر به الله دائما ومجوزين كل لحم نجس، الذين ضلَّ في عدادهم بولس الذي لا أتكلم عنه إلا مع الأسى وهو السبب الذي لأجله اسطر ذلك الحق الذي رايته وسمعته إثناء معاشرتي ليسوع لكي تخلصوا ولا يضلكم الشيطان فتهلكوا في دينونة الله، وعليه فاحذروا كل أحد بتعليم جديد مضاد لما اكتبه لتخلصوا خلاصا أبديا)، وورد مثل هذا في خاتمة إنجيله.

فبذلك نجد إن الخلاف بين برنابا وبولس هو خلاف عقائدي نتيجة ثبات برنابا على عقيدته التي تعلمها من المسيح وانحراف بولس نحو تعليم جديد لم يبشر به يسوع المسيح، واما رواية العهد الجديد حول سبب الاختلاف بينهما فهي رواية غير مقبولة وسوف نستعرضها الآن ونبين أسباب عدم قبولها:

قال لوقا في أعمال الرسل (36:15-1:16) الكاثوليكية: (وبعد بضعة أيام قال بولس لبرنابا: "لنعد فنفتقد الاخوة في كل مدينة بشرنا فيها بكلام الرب ونرى كيف أحوالهم"، فأراد برنابا أن يستصحب يوحنا الذي يلقب بمرقس ورأى بولس أن لا يستصحب من فارقهما في بمفيلية ولم يكن معهما في إبان العمل، فتنازعا حتى فارق أحدهما الأخر فاستصحب برنابا مرقس وأبحر إلى قبرس واما بولس فاختار سيلا ومضى بعد أن استودعه الاخوة نعمة الله فطاف سورية وقيلقية يثبت الكنائس، وقَدِمَ دربة ثم لسترة).

ولنناقش الآن هذا النص:

· إن مرقس واسمه يوحنا هو كاتب الإنجيل الثاني المشهور باسمه في العهد الجديد ـ بحسب التقليد المسيحي - وكان مرقس أحد وجهاء كنيسة أورشليم ومن كبار المبشرين بالإنجيل! وهو الذي انشأ كنيسة الإسكندرية وقتل فيها سنة 68م [8]، ومن ذلك نستنتج إن انفصاله عن رحلة برنابا وبولس في بمفيلية وعودته إلى أورشليم لابد وأنها كانت لمصلحة البشارة، في حين إن الرواية المذكورة تشير إلى انه قد تركهم تقاعساً وتكاسلاً عن خدمـة الإنجيل وهذا ما لا يمكن لأي مسيحي أن ينسبه إلى القديس مرقس.

· إن هناك علاقة مميّزة كانت تربط بولس مع مرقس حيث نجد إن بولس قـد وصف مرقس بصفـة المعاون له في التبشير وذلك في رسالته إلى فيلمون ( 24 )، وأقام مرقس مع بولس في أثناء اسر بولس في روما سنة ( 61-63 )م وذكره بولس في رسالته إلى أهل كولوسي (10:4) ووصفه بأنه أحد الذين عملوا معه في سبيل ملكوت الله، وطلب بولس من تيموثاوس في رسالته الثانية إليه (11:4) اصطحاب مرقس إليه في أسره الثاني في روما سنة 66م.

· قال بولس نفسه في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (6:9) الكاثوليكية: (أم أنا وبرنابا وحدنا لا يحق لنا أن نمتنع عن العمل؟)، فهو إذن يرى إن الامتناع عن العمل من حق الرسل وخدم الإنجيل، فمن المستبعد أن يختلف بولس مع برنابا من اجل مزاعم امتناع مرقس عن العمل معهم، إذ إن الخلاف بينهما اعمق من هذا.

 

3. الخلاف بين أبُلُّس وبولس

قال بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (4:3) الكاثوليكية: (وإذا كان أحدكم يقول أنا مع بولس والآخر : أنا مع أَبُلُّس، أ لـيس في ذلك دليل على إنكم بشر)، وفي نفس الرسالة (12:16) الكاثوليكية: (أما أخونا أَبُلُّس فقد ألححت عليه كثيرا أن يذهب إليكم مع الاخوة فأبى بإصرار أن يأتيكم في الوقت الحاضر، وسيذهب عندما تسنح له الفرصة).

ولم يذكر بولس سبب رفض أَبُلُّس التعاون معه، وبدت هذه الجملة الأخيرة وكأنها وشاية عن أَبُلُّس.

وقد أشار لـوقا ـ وهو تلميذ بولس ـ في أعمال الرسل (24:18-6:19) إلى الخلاف بين أَبُلُّس وبولس فقال {الكاثوليكية}: (وقدم أفسس يهودي أسمه أَبُلُّس من أهل الإسكندرية فصيح اللسان متبحر في الكتب وكان قد لُقِّن طريقة الله وأخذ يتكلم بقلب مضطرم ويُعلِّم ما يختص بيسوع تعليما دقيقا ولكنه لم يكن يعرف سوى معمودية يوحنا فشرع يتكلم في المجمع بجرأة)، إلى أن يقول: (فقد كان يرد على اليهود علانية ردا قويا مبينا من الكتب إن يسوع هو المسيح، وبينما أَبُلُّس في كورنثوس وصل بولس إلى أفسس بعدما جاز أعالي البلاد فلقي فيها بعض التلاميذ فقال لهم : هل نلتم الروح القدس حين آمنتم؟ قالوا: لا، حتى إننا لم نسمع إن هناك روح قدس، فقال : فأية معمودية أعتمدتم؟ قالوا: معمودية يوحنا، فقال بولس : إن يوحنا عمد معمودية التوبة طالبا من الشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده أي يسوع، فلما سمعوا ذلك اعتمدوا باسم الرب يسوع ووضع بولس يده عليهم!).

من هذا النص نستنتج إن أَبُلُّس كان متعمقا في دراسة الإنجيل وتعاليم يسوع المسيح ومن هذه صفاته لا يخفى عليه أمر المعمودية، وحيث انه كان يعمد بمعمودية يوحنا فهذا يدل على إنها نفسها معمودية المسيح وان المسيح لم يغيِّرها أو يأمر بتغييرها بعده، وكان بطرس يعمد بمعمودية يوحنا أيضا (أي التعميد بالماء) فقد روى لوقـا عنه في أعمال الرسل (47:10) {الكاثوليكية}: (فقال بطرس: أيستطيع أحد أن يمنع هؤلاء من ماء المعمودية وقد نالوا الروح القدس مثلنا)، وفيليبس عمد وزير ملك الحبشة بالماء أي بمعمودية يوحنا[9]، فهي إذن معمودية أكابر الرسل تلاميذ المسيح والتي أبدلها بولس بمعمودية جافة! بوضع اليد فقط[10].

 

4. الخلاف بين يعقوب وبولس

هو يعقوب أخو الرب كما أطلق بولس هذا الاسم عليه[11]، ورد ذكره في إنجيل متى (55:13) من بين اخوة يسوع المسيح، وفي العهد الجديد رسالة باسمه، وصار رئيس كنيسة أورشليم بعد ترك بطرس لها[12]، وقيل انه يعقوب بن حلفي أحد التلاميذ الاثني عشر[13]، يروي لوقا في أعمال الرسل (15: 19و20و28) إن يعقوب هذا هو الذي اقترح عدم إلزام المؤمنين من أصل وثني (غير يهودي) بالعمل بالشريعة (التوراة) وان مجمع سنة 50م قد اخذ برأيه.

وفي المقابل فان يعقوب هذا كان من اشد المدافعين عن مسالة وجوب إلزام المؤمنين من اصل يهودي بالعمل بالشريعة (التوراة) ورسالته في العهد الجديد والتي وجهها إلى المؤمنين من بني إسرائيل طافحة بهذه الدعوة، ومما جاء فيها {الكاثوليكية}: (وقد يقال: أنت تؤمن وأنا اعمل، فارني إيمانك من غير أعمال أُرِكَ بأعمالي أيماني، أنت تؤمن بان الله واحد فقد أصبت وكذلك الشياطين تؤمن به وترتعد، أتـحب أن تعلم أيها الأبـله إن الأيمان من غيـر أعمال شيء عقيم)[14].

لكننا نجد إن بولس وهو من اصل يهودي قد تخلى عن العمل بالشريعة ( التوراة ) واتخذ لنفسه شريعةً جديدةً وديناً جديداً، وهو يعترف بذاك عن نفسه فيقول كما في 1كور (9: 19-23) {الكاثوليكية}: (وصرت لأهل الشريعة من أهل الشريعة وان كنت لا اخضع للشريعة)….(مع إن لي شريعة من الله بخضوعي لشريعة المسيح).

 

أعترافات بولس بوجود الخلاف مع تلاميذ المسيح قادة اليهود المسيحيين:

وللتأكيد على ما ورد في إنجيل برنابا من وجود الخلاف العقائدي بين برنابا وبولس فقد وردت في رسائل بولس العديد من الاعترافات الصريحة المباشرة وغير المباشرة بوجود مثل تلك الخلافات بينه وبين تلاميذ المسيح الذين أطلق عليهم هو نفسه اسم "أكابر الرسل" أو "فائقي الرسل" بحسب اختلاف الترجمات، وسوف نستعرض تلك الاعترافات حسب تسلسلها الزمني وكالآتي :

1) رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي…كتبها حوالي (51-52)م.

افتتحها بذكر اسمه واسم معاونيه سلوانس (سيلا) وتيموثاوس، أما سلوانس فهو من اصل غير يهودي (اصل وثني)[15]، واما تيموثاوس فهو من أم يهودية وأب يوناني[16]، ولم يذكر بولس في هذه الرسالة أياً من تلاميذ المسيح مثل بطرس وبرنابا ويعقوب وغيرهم، وهذا يدل على انه لم يكن على نفس منهجهم الفكري والعقائدي وإلا لكان ذكرهم جميعاً ولتحدث باسمهم جميعا لاسيما وانهم اقدم منه إيماناً وهم الشهود على التعاليم الحقيقية التي جاء بها يسوع المسيح، وعدم ذكره أسمائهم في جميع رسائله هي ظاهرة جديرة بالاهتمام لأنـها تؤكـد ما ذكرناه من الخلاف بينه وبينهم.

 

2) رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي…كتبها حوالي (51-52 )م.

أفتتحها أيضاً بذكر اسمه واسم سلوانس (سيلا) واسم تيموثاوس فقط دون الإشارة إلى غيرهم من الرسل والتلاميذ.

 

3) رسالة بولس إلى أهل غلاطية … كتبها حوالي سنة 54م.

افتتحهـا بولس بذكر اسمه فقط، وذكـر فيـها صراحة وجود مخالفـين لـه فـي العقيدة فقال في (1: 6و7) {الكاثوليكية}: (عجبت لسرعة تخليكم هذه عن الذي دعاكم بنعمة المسيح وانصرافكم إلى إنجيل آخر وما هناك إنجيل آخر بل هناك قوم يلقون البلبلة بينكم وبغيتهم أن يبدلوا إنجيل المسيح)[17].

 

4) رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس…كتبها في ربيع سنة 57م.

ذكر فيها صراحة وجود مؤمنين لا يعترفون بصلب المسيح كما هو حال برنابا في إنجيله، فقال في (18:1){الكاثوليكية}: (لان الكلام على الصليب حماقة عند الذين يسلكون سبيل الهلاك).

 

5) رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس…كتبها في خريف سنة 57م

يذكر فيها بولس صراحة وجود دعوات مخالفة لدعوته من بين أكابر الرسل، قال كما في (11: 4و5 ) {الكاثوليكية}: (فلو جاءكم أحد يبشركم بيسوع آخر لم نبشركم به ويعرض عليكم روحا غير الذي نلتموه وأنجيل غـير الـذي قبلتمـوه لاحتملتموه أحسـن احتمـال، وأرى أني لست أقل شأناً من أولئك الرسل الأكابر)، فبين إن أصحاب الدعوات المضادة هم أكابر الرسل تلاميذ يسوع المسيح ومنهم بطرس ويعقوب وبرنابا وأَبُلُّس ثم اخذ يشتم أكابر الرسل تلاميذ المسيح فقال في (1: 13-15){الكاثوليكية}: (لان هؤلاء القوم رسل كذابون وعَمَلَة مخادعون يتزيون بزي رسل المسيح ولا عجب فالشيطان نفسه يتزيا بزي ملاك النور فليس بغريب أن يتزيا خدمه بزي خدم البر ولكن عاقبتهم تكون على قدر أعمالهم)، ثم يعود ليبين إن أصحاب الدعـوات المخالفـة لدعوتـه هم أكابر الرسل فيقول في (11:12) {الكاثوليكية}: (فكان من حقي عليكم أن تُعَظِّموا شأني ولستُ أقلُ شأناً من أولئك الرسل الأكابر).

ويشير بولس الى ان اصحاب الدعوات المخالفة لدعوته قد حققوا نجاحاً ادى الى فقدانه نفوذه العقائدي في اسيا حيث يقول في (8:1){الكاثوليكية}: (فانّا لانريد أيها الاخوة ان تجهلوا الشدَّة التي ألمَّت بنا في اسيا فثقُلَت علينا جداً وجاوزت طاقتنا حتى يئسنا من الحياة).

 

  1. رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس..كتبها حوالي سنة 66م، قبل مقتله بسنة واحدة.

يعترف فيها بحدوث الانشقاق بينه وبين تلاميذ يسوع المسيح وهم كنيسة أورشليم وكنيسة إنطاكية فيقول في (15:1){الكاثوليكية}: (أنت تعرف ان جميع الذيـن في اسـيا تخلّو عني ومنهم فيجلُّسُ وهرموجينيس).

 

وهكذا يتضح جلياً وجود الخلاف العقائدي بين أكابر الرسل قادة اليهود المسيحيين وبين بولس، بين الذين رأوا يسوع المسيح وآمنوا به من جهة وبين من اضطهد يسوع وحاول صلبه وقتله ثم ابتدع الأيمان بأنَّه "ابن الإله"، من جهة أخرى.

 

ومن المهم الرجوع الى نص رسالة بولس الى اهل غلاطية حيث يشير فيها بولس الى ان بطرس من اليهود وانه هو نفسه كان يعتبر نفسه من اليهود ايضاً، وهو الامر المتعارف في زمانهم، فهم بإيمانهم بالمسيح لم يخرجوا من دائرة اليهودية. ففي (13:2): (وراءى معه باقي اليهود أيضا، حتى إن برنابا أيضا انقاد إلى ريائهم). وفي (14:2) يقول بولس لبطرس: (إن كنت وأنت يهودي تعيش أمميا لا يهوديا، فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا؟). ويقول بولس في (15:2): (نحن بالطبيعة يهود ولسنا من الأمم خطاة).

هكذا كان تلاميذ المسيح واتباعهم ينظرون الى انفسهم كيهود مسيحيين، يهود مؤمنين بالمسيح، وليس كباقي اليهود الفريسيين والصدوقيين، الى ان نجح بولس من خلال دعوته الى فصل اتباعه من الجسد اليهودي معلناً نشوء الدين المسيحي المفصول تماماً عن شريعة التوراة.

 

· بخصوص قضية نَيل الانسان للبِرّ هل هو بالايمان ام بالاعمال ام بكليهما، يذهب بولس الى انه بالايمان وحده، فنجده يقول في رسالته (16:2) {فاندايك}: (إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس، بل بإيمان يسوع المسيح، آمنا نحن أيضا بيسوع المسيح، لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس. لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما).

وفي ترجمة الطبعة الكاثوليكية: (فنحن نعلم أن الانسان لا يُبرّ لأنه يعمل بأحكام الشريعة، بل لأنّ له الإيمان بيسوع المسيح، ونحن أيضاً آمنّا بيسوع المسيح كما يَبَرَّنا الايمان بالمسيح، لا العمل بأحكام الشريعة، فإنَّه لا يُبَرُّ بشرٌ لعمله بأحكام الشريعة)!

وهذا الموضوع احد نقاط الخلاف بين تعاليم بولس وتعاليم اليهود المسيحيين، حيث نقرأ في رسالة يعقوب ما يبيّن ان الانسان ينال البر بالايمان والاعمال، فيقول في (2: 14): (ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد إن له إيماناً ولكن ليس له أعمال، هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟). وفي (2: 18-26): (لكن يقول قائل: «أنت لك إيمان، وأنا لي أعمال» أرني إيمانك بدون أعمالك، وأنا أريك بأعمالي إيماني. أنت تؤمن أن الله واحد. حسنا تفعل. والشياطين يؤمنون ويقشعرون! ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت؟ ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال، إذ قدم إسحاق ابنه على المذبح؟ فترى أن الإيمان عمل مع أعماله، وبالأعمال أكمل الإيمان، وتم الكتاب القائل: «فآمن إبراهيم بالله فحسب له برا» ودعي خليل الله. ترون إذا أنه بالأعمال يتبرر الإنسان، لابالإيمان وحده. كذلك راحاب الزانية أيضا، أما تبررت بالأعمال، إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر؟ لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت، هكذا الإيمان أيضا بدون أعمال ميت).

 

ولأن كلام بولس غير قابل للتطبيق، فقد عمدت الكنائس المسيحية الى وضع شريعة جديدة بدلاً من شريعة التوراة ولم يتمكنوا من الاستغناء عن وجود الشريعة بتاتاً! وابرز مثال هو انهم حينما ألغوا الختان استعاضوا عنه بالمعمودية، ثم اختلفت الكنائس هل تتم المعمودية بالماء ام بوضع اليد على الرأس فقط! ووضعوا شريعة جديدة بتفاصيل متشعبة بدلاً من شريعة التوراة! مع ان شريعتهم وضعية وضعها القساوسة لهم بينما شريعة التوراة إلهية! فعلى سبيل المثال نجد في اللاهوت الطقسي ضمن طقوس الكنيسة القبطية عناوين لبعض ما شرّعوه لأنفسهم:

 

أسرار الكنيسة السبعة:

1) سر الإفخارستيا - القداس الإلهي

• تأملات في القداس الإلهي

• رفع بخور عشية وباكر

• القداس الباسيلى

• القداس الغريغوري

• القداس الكيرلسي

• صلوات القسمة

• مردات الشماس

2) سر الكهنوت

• رتب الكهنوت

3) سر المعمودية

4) سر الميرون المقدس

5) سر التوبة والإعتراف

6) سر مسحة المرضى

7) سر الزيجة - الإكليل المقدس

طقس قداس المياه ( قداس اللقان )

خدمة النيل

طقس الجناز

• صلاة اليوم الثالث

طقس إستقبال الكاهن الجديد

طقس بناء وتدشين الكنائس

• اللوح المقدس

• صلوات التبريك

• صلاة أبوتربو

• الدراسات الطقسية

• تأملات في القراءات الكنسية

• مصطلحات كنسية

• التقويم القبطي وحساب الأبقطي

• درجة الشماسية

• سلاسل الدراسات الطقسية

• قسم الألحان

• لحن الهيتينيات

• ألحان عيد الميلاد المجيد

• الترانيم الروحية

• التسبحة السنوية

• الطروحات الآدام

• الإبصاليات الواطس

• الإبصاليات الآدام

• الطروحات الواطس

• ألحان أسبوع الآلام

• لحن كيه إيبرتو

• لحن طاي شوري الحزايني

• أمانة اللص

• المدائح والتماجيد

• كتب القراءات الكنسية

• السنكسار

• سلاسل كتب الطقوس

• قطمارس الأيام

• قطمارس الخماسين المقدسة

• قطمارس الصوم الكبير

• قطمارس صوم يونان

• قطمارس قراءات الآحاد

• الإبصلمودية الكيهكية

• الخولاجي المقدس

• كتب صلوات التجنيز

• دلال أسبوع الآلام

• الدفنار

• الأجبية

• صلاة باكر

• صلاة الساعة الثالثة

• صلاة الساعة السادسة

• صلاة الساعة التاسعة

• صلاة الساعة الحادية عشر - الغروب

• صلاة الساعة الثانية عشر - النوم

• صلاة نصف الليل

• صلاة الستار

• الثلاث تقديسات

• الإبصلمودية المقدسة السنوية

• الإبصاليات

• تأملات في الابصلمودية المقدسة السنوية

• الثيئوطوكيات

• الذكصولوجيات

• أعياد الكنيسة القبطية

• الأعياد الشهرية

• تذكار العذراء مريم - الحادي و العشرين من كل شهر

• تذكار رئيس الملائكة ميخائيل - الثاني عشر من كل شهر

• تذكار البشارة و الميلاد و القيامة - التاسع و العشرين من كل شهر

• الأعياد غير السيدية

• تذكار أطفال بيت لحم

• عيد الرسل

• عيد النيروز

• أعياد الكنيسة القبطية مجمعة

• رأس السنة الميلادية

• الخماسين المقدسة

• الأعياد السيدية الكبرى

• عيد القيامة المجيد

• عيد العنصرة - عيد حلول الروح القدس

• عيد الصعود

• عيد البشارة المجيد

• عيد الميلاد المجيد

• عيد الغطاس - الثيئوفانيا - الظهور الإلهي

• أحد الشعانين - أحد السعف

• الأعياد السيدية الصغرى

• خميس العهد

• عيد الختان

• عيد عرس قانا الجليل

• عيد أحد توما

• عيد دخول السيد المسيح الهيكل

• عيد التجلي

• عيد دخول السيد المسيح أرض مصر

• عيد الصليب

• أعياد القديسين

• أصوام الكنيسة القبطية

• صوم يومي الأربعاء والجمعة

• صوم الميلاد - شهر كيهك

• صوم يونان - صوم نينوى

• الصوم الكبير المقدس

• جمعة ختام الصوم

• أحد الرفاع

• أحد الكنوز

• أحد التجربة

• أحد الابن الضال

• أحد السامرية

• أحد المخلع

• أحد التناصير - المولود أعمى

• صوم السيدة العذراء مريم

• صوم الآباء الرسل

• أسبوع الآلام - البصخة المقدسة

• ليلة أبو غالمسيس - ليلة سبت النور

• إثنين البصخة المقدسة

• ثلاثاء البصخة المقدسة

• أربعاء البصخة المقدسة

• الجمعة العظيمة

• سبت لعازر

 

بالاضافة الى ان اتباع بولس لم يتمكنوا من اهمال اسفار التوراة والانبياء وبقية اسفار (التناخ) اليهودي فأضافوها تحت عنوان (العهد القديم) الى الاسفار القانونية التي يعترفون بها (العهد الجديد) في مجلّد واحد أطلقوا عليه اسم (الكتاب المقدس)!

فكل ما نجح بولس في فعله هو قطع المسيحيين من جذورهم اليهودية وعباداتهم التوراتية وتشريع شريعة جديدة وطقوس جديدة لهم! ... فما حدا مما بدا.

 

 

· رفض بولس للعمل بشريعة التوراة

في غل (10:3) يصرّح بولس بعقيدته الجديدة حيث يقول {فاندايك}: (لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة)، ونقرأها في الترجمة الكاثوليكية: (إن دعاة العمل بأحكام الشريعة لُعنوا جميعاً)! فالموضوع بالنسبة لبولس ليس باعتناق بعض الوثنيين المسيحية ويجدون الختان او شريعة التوراة صعبة التطبيق، بل الموضوع بأنَّ بولس كان رافضاً لشريعة التوراة برمّتها، واعتبر ايمانه الجديد سبباً لترك الايمان اليهودي وشريعة التوراة، ولذلك كان يقول: (كل الأشياء تحل لي)[18]، ولذلك ايضاً نجده كان يعلم اليهود ترك العمل بالتوراة كما تركها هو نفسه. وكلامه في هذا النص عام يشمل المؤمنين بالمسيح من اليهود والوثنيين.

 

· العلاقة بين الشريعة والايمان عند بولس

في غل (3: 16-29) {فاندايك}: (وأما المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي نسله. لا يقول: «وفي الأنسال» كأنه عن كثيرين، بل كأنه عن واحد: «وفي نسلك» الذي هو المسيح. وإنما أقول هذا: إن الناموس الذي صار بعد أربعمئة وثلاثين سنة، لا ينسخ عهدا قد سبق فتمكن من الله نحو المسيح حتى يبطل الموعد. لأنه إن كانت الوراثة من الناموس، فلم تكن أيضا من موعد. ولكن الله وهبها لإبراهيم بموعد. فلماذا الناموس؟ قد زيد بسبب التعديات، إلى أن يأتي النسل الذي قد وعد له، مرتبا بملائكة في يد وسيط. وأما الوسيط فلا يكون لواحد. ولكن الله واحد. فهل الناموس ضد مواعيد الله؟ حاشا! لأنه لو أعطي ناموس قادر أن يحيي، لكان بالحقيقة البر بالناموس. لكن الكتاب أغلق على الكل تحت الخطية، ليعطى الموعد من إيمان يسوع المسيح للذين يؤمنون. ولكن قبلما جاء الإيمان كنا محروسين تحت الناموس، مغلقا علينا إلى الإيمان العتيد أن يعلن. إذا قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح، لكي نتبرر بالإيمان. ولكن بعد ما جاء الإيمان، لسنا بعد تحت مؤدب. لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع. لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح: ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع. فإن كنتم للمسيح، فأنتم إذا نسل إبراهيم، وحسب الموعد ورثة).

وفي ترجمة الطبعة الكاثوليكية نقرأ النص نفسه بمعاني اوضح: (على ان المواعيد قد وُجهِت الى ابراهيم والى نسله، ولم يقل: "الى انساله" بصيغة الجمع، بل "الى نسله" بصيغة المفرد، اي المسيح. فأقول: إن عهداً أثبته الله لا تنقضه شريعة جاءت بعد اربعمائة وثلاثين سنة فتبطل الموعدة. فإذا كان الميراث يحصل عليه في الشريعة فإنه لا يحصل عليه بالوعد وقد انعم الله على ابراهيم بموعدةٍ وعده اياها. فما معنى الشريعة؟ إنها أضيفت بداعي المعاصي الى ان يأتي النسل الذي جُعِلَ له الموعد. اعلنها الملائكة على يد وسيط، والواحد لا وسيط له، والله واحد. أفتُخالف الشريعة مواعد الله؟ حاشى لها! لأنه لو أعطيت شريعةٌ بوسعها أن تحيي، لصحّ أن البِر يحصل عليه بالشريعة. ولكن الكتاب أغلق على كل شيء وجعله في حكم الخطيئة ليوهب الوعد للمؤمنين لإيمانهم بيسوع المسيح. فقبل ان يأتي الايمان، كان مغلقاً علينا بحراسة الشريعة الى أن يتجلّى الايمان المنتظر. فالشريعة كانت مؤدياً لنا الى مجيء المسيح لننال البر بالايمان. فلما جاء الايمان، لم نبقَ في حراسة المؤدِّب، لأنكم جميعاً أبناء الله بالايمان بالمسيح يسوع، فإنّكم، وقد اعتمدتم جميعاً في المسيح، قد لبستم المسيح: فلم يبقَ من بعد يهودي أو يوناني، عبد أو حر، ذكر وانثى، لأنكم جميعاً واحدٌ في المسيح يسوع. فإذا كنتم للمسيح فأنتم إذا رسل ابراهيم وأنتم الورثة على ما قضى الوعد).

 

ويمكن تلخيص اهم معطيات النص بالآتي:

§ وعد ابراهيم ونسله.

§ الشريعة جاءت بعد 430 سنة من الوعد.

§ الشريعة كانت مؤدِّب وطريق الى ما قبل مجيء المسيح

§ بمجيء المسيح اصبح البر بالايمان

§ المسيحيون هم ورثة الوعد

 

وجاء في الكتاب المقدس الدراسي: (يكاد يرتقي سجين الناموس الى سجين الخطيئة (الآية22)، لأن الشريعة تكشف الخطيئة وتثيرها، انظر الآية 19 والتعليق، قارن بما جاء في كو 20:2)

وتعليقه على الجملة (19) هو قوله: (إظهاراً للمعاصي: ليستعلنها بل أيضاً يزيدها).

وما جاء في كورنثوس (20:2-23) {فاندايك} هو: (إذا إن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم، فلماذا كأنكم عائشون في العالم؟ تفرض عليكم فرائض: «لا تمس! ولا تذق! ولا تجس!» التي هي جميعها للفناء في الاستعمال، حسب وصايا وتعاليم الناس، التي لها حكاية حكمة، بعبادة نافلة، وتواضع، وقهر الجسد، ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية).

ونفس النص في ترجمة الكاثوليكية: (فأمّا وقد مُتُّم مع المسيح متخلّين عن اركان العالم، فما بالكم، كما لو كنتم عائشين في العالم، تخضعون لمثل هذه النواهي: "لا تأخذ، لا تذق، لا تمسّ"، وتلك الاشياء كلها تؤول بالاستعمال الى الزوال؟ إنها وصايا ومذاهب بشرية معروفة بالحكمة لما فيها من نَفْلٍ[19] وتواضع وقلّة مراعاة الجسد، ولكن لا قيمة لها لأنها غير صالحة الا لإرضاء الهوى البشري).

 

وفي "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" في التعليق على غل (3: 18و19): (للناموس وظيفتان: فمن الناحية الايجابية، يعلن طبيعة الله ومشيئته، ويبين للناس كيف يعيشون. ومن الناحية السلبية، يبرز خطايا الناس ويريهم انه من المستحيل إرضاء الله بإطاعة كل نواميسه بالتمام. لقد كان وعد الله لإبراهيم على اساس إيمانه، بينما يركز الناموس على الافعال. فالعهد مع ابراهيم يثبت ان الإيمان هو الطريق الوحيد للخلاص، أما الناموس فيبين لنا كيف نحيا حياة الخلاص، فالايمان لا يلغي الناموس، ولكن كلما زادت معرفتنا بالله، نكتشف كم نحن خطاة، فنجد انه لا سبيل امامنا سوى الاستناد على إيماننا بالمسيح وحده للخلاص).

وفي تعليقه على غل (20:3): (هذا سبب آخر يقدمه الرسول بولس لإثبات سمو عهد ابراهيم (الايمان) على نواميس موسى (الاعمال) للخلاص، بينما عكس التهوديون الأمور. ان النواميس نبعت من الايمان ولم تكن شرطاً له، وبالمثل فإن حياة الاستقامة ليست شرطاً للايمان، ولكنها نتيجة له. عندما ندرك قوة الايمان في التغيير، فلابد ان نسعى لأن نحيا بصورة تُظهر هذا التغيير).

 

فالنصوص المنسوبة الى بولس، والنصوص الشارحة لها، تفترض ان الشريعة هي مرحلة خارج اطار الايمان، وان الايمان جاء مع المسيح! وهذه الفكرة تتناقض أو على الاقل لا تنسجم مع المزاعم القائلة بأنَّ العهد القديم جاء بنصوص تشير الى المسيح ومجيئه! وكأنما الشريعة خالية من المضامين الايمانية!! ويقولون ان ابراهيم نال الوعد لإيمانه فقط، متجاهلين المواقف والافعال العظيمة للنبي ابراهيم (عليه السلام) والتي كشفت عن عمق إيمانه، كموقفه حينما حطّم اصنام قومه وما في ذلك من جرأة وخطورة كبيرة وكيف كان محتسباً ومتفانياً في سبيل الله حينما اراد قومه رميه في النار عقاباً له على تحطيمه الاصنام، وكذلك موقفه بإطاعته أمر الله بأن يذبح ابنه وامتثاله لهذا الأمر بكل طواعية. فالعهد والوعد الذي حصال عليه النبي ابراهيم (عليه السلام) إنما كان بإيمانه وأفعاله، لكن هذه النصوص التي نقلناها تغفل ذلك!!

والشريعة في نظر بولس هي مجرد احكام تحمي الانسان من الخطيئة او تكون هي سبباً للخطيئة بحسب نص آخر لبولس، إذ يقول أنَّه بلا شريعة يكون الانسان بلا خطيئة!! ثم يظن ان الايمان هو مصدر البِرّ. وغاب عن بولس ما هو حال الفترة طيلة الـ 430 سنة بين الوعد وظهور الشريعة! هل كان الانسان بدون شريعة وبجدون ايمان! ام كانت لديه شريعة غير تلك الشريعة وايمان غير ذلك الايمان! ثم إذا صح ان الانسان ينال البرّ بالاسمان بعد مجيء المسيح فلماذا وضعت المجامع المسيحية ورجال الدين المسيحيون هذا الكم الهائل من الشريعة المسيحية الجديدة بتفاصيلها التي توازي في تعقيدها شريعة التوراة!!

وهل كان زمن الشريعة خالياً من البِرّ! هل كان زمن موسى ويوشع والقضاة واشعياء وارميا وحزقيال ودانيال وايوب ويونان خالياً من البِرّ والايمان!!

وتقيّمنا لهذ النص انه سفسطائي الغرض منه الانتصار لعقيدة بولس في ان البرّ بالايمان وحده دون الاعمال خلافاً لعقيدة اليهود المسيحيين الذين تمثلهم رسالة يعقوب المذكورة في العهد الجديد والتي تنص على ان البر هو بالايمان والاعمال الصالحة.

 

· صراع على إيمان أهل غلاطية

في غل (4: 12-20) يكشف النص عن جانب من الصراع بينه وبين قادة اليهود المسيحيين في الاستحواذ على ايمان اهل غلاطية، حيث يقول {فاندايك}: (أتضرع إليكم أيها الإخوة، كونوا كما أنا لأني أنا أيضا كما أنتم. لم تظلموني شيئا. ولكنكم تعلمون أني بضعف الجسد بشرتكم في الأول. وتجربتي التي في جسدي لم تزدروا بها ولا كرهتموها، بل كملاك من الله قبلتموني، كالمسيح يسوع. فماذا كان إذا تطويبكم؟ لأني أشهد لكم أنه لو أمكن لقلعتم عيونكم وأعطيتموني. أفقد صرت إذا عدوا لكم لأني أصدق لكم؟ يغارون لكم ليس حسنا، بل يريدون أن يصدوكم لكي تغاروا لهم. حسنة هي الغيرة في الحسنى كل حين، وليس حين حضوري عندكم فقط. يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضا إلى أن يتصور المسيح فيكم. ولكني كنت أريد أن أكون حاضرا عندكم الآن وأغير صوتي، لأني متحير فيكم).

وقد جاء في "الكتاب المقدس الدراسي" التعليق التالي على (17:4): (إن اولئك المعلمين. يقصد المتهودين).

وفي "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" في التعليق على نفس الجملة (17:4): (ادَّعى اولئك المعلمون الكذبة أنهم أصحاب سلطات دينية وانهم خبراء باليهودية وبالمسيحية. واذ استغلوا رغبة المؤمنين في عمل الصواب، استطاعوا أن يجذبوا وراءهم مجموعة من الاتباع. لكن الرسول بولس قال انهم مخطئون ودوافعهم انانية. وكثيراً ما يكون المعلمون الكذبة اناساً محترمين وقادرين على الاقناع، ولهذا يلزم فحص كل تعليم في ضوء الكتاب المقدس).

فهذه النصوص تكشف بوضوح ان الصراع كان بين بولس وعقيدة البر بالايمان من جهة واليهود المسيحيين وعقيدتهم البر بالايمان والاعمال معاً.

 

· صراع مستمر بين دعاة الشريعة ودعاة الايمان

في غل (29:4) {فاندايك}: (ولكن كما كان حينئذ الذي ولد حسب الجسد يضطهد الذي حسب الروح، هكذا الآن أيضا). وهذا النص يدور ايضاً في فلك الصراع بين بولس واليهود المسيحيين.

وجاء التعليق التالي في هامش الطبعة الكاثوليكية: (جاء في بعض كتب التفسير اليهودية ان اسماعيل كان يضطهد اسحاق، فاسماعيل يمثل الذين يضطهدون المسيحيين ويريدون اخضاعهم للختان واحكام شريعة موسى فلا بد من طردهم كما طرد اسماعيل)!

وقال بولس الفغالي في هامش الطبعة الرعائية للترجمة العربية المشتركة في التعليق على (29:4): (تروي التقاليد اليهودية ان اسماعيل {بحكم الجسد} اضطهد اسحاق {بحكم الروح}. وذاك هو الوضع الآن، حيث المسيحيون المتهودون "يضطهدون" الوثنيين الذين صاروا أبناء الوعد بعد ان نالوا الايمان ووُسموا بالعماد). وفي تعليقه على (30:4) قال: (وانطلق بولس من الكتاب {تك 10:21} فدعا الغلاطييّن الى طرد هاجر التي تمثّل المتهودين، من الكنيسة، والابتعاد عنهم).

ومن المفيد ان نتوسع في نقل تعليقات بولس الفغالي على العبارات التالية، حيث نجده يقول في تعليقه على (31:4): (المؤمنون هم ابناء ابناء الوعد ويعيشون في الايمان {3: 7، 29}. فما عاد للشريعة من سلطة عليهم ولا هي تستطيع بعد ان تستعبدهم).

وتعليقه على (1:5): (امّا الحريّة التي يتحدّث عنها الرسول، فانعتاق من نير الشريعة وبالتالي نير الخطيئة. ونير الشريعة هو في النهاية نير العبودية الثقيل، تجاه نير المسيح اللّين وحمله الخفيف). والتعليق التالي في هامش الكاثوليكية على نفس (1:5): (لا يستطيع المسيحي ان يجمع بين التمسك بأحكام شريعة موسى والايمان بأن الخلاص يأتينا من السيد المسيح، فلا بد له من اختيار احد الأمرين)!

وتعليق بولس الفغالي على (8:5): (مَن الذي أغرى الغلاطيين؟ أهو المسيح أم بولس الرسول؟ بل المتهوّدون الذين يريدونهم أن يعودوا الى ممارسة الشرائع الموسوية).

وجاء التعليق التالي على (21:4) في هامش التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: (وكانت إساءة هاجر لسارة {تك 4:16} شبيهة بالاضطهاد الذي عاناه المسيحيون الأمم من التهوديين الذين أصروا على حفظ الناموس للخلاص، ولكن انتصرت سارة أخيراً، لأن أبنها كان ابن الموعد من الله)!

فكل هذه النصوص تكشف عن وجود صراع بين بولس وقادة اليهود المسيحيين، وأبرز ما نقرأه فيها وصفها الشريعة بانها سجن للعبوديّة!! متناسين ما نسبه انجيل متى (5: 17-19) للمسيح من قوله (فاندايك): (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات).

فمن الذي نقض وصايا الشريعة سوى بولس واتباعه؟! ومن الذي "عمل وعلم" سوى اليهود المسيحيين!

 

 

4)) رسالة بولس الاولى الى اتباعه في مدينة كورنثوس (1كور)

يضع سفر اعمال الرسل بولس في كورنثوس لمدة 18 شهر، ويقدر ديفيد سيلفا انَّ بولس زار هذه المدينة في اواخر سنة 50م ومكث فيها الى اوائل سنة 52م[20]. وهناك احتمال كبير ان تكون رسالتا تسالونيكي الاولى والثانية قد كتبتا فيها[21].

اما رسالتاه الى اهل هذه المدينة فهما في الفترة حوالي سنة (57)م. الاولى كتبها في أفسس والثانية كتبها في مكدونية. وهما من الرسائل الاربع ذات الموثوقية بان بولس هو كاتبها بحسب بعض علماء المسيحية.

وأهم الاثارات في هذه الرسالة:

· انقسام إيمان اهل كورنثوس واختلافهم حول الصليب

وقد شمل هذا القسم في الرسالة 1كور(10:1 – 20:6). يقول بولس (1: 10-12): (ولكنني أطلب إليكم أيها الإخوة، باسم ربنا يسوع المسيح، أن تقولوا جميعكم قولا واحدا، ولا يكون بينكم انشقاقات، بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد، لأني أخبرت عنكم يا إخوتي من أهل خلوي أن بينكم خصومات. فأنا أعني هذا: أن كل واحد منكم يقول: «أنا لبولس»، و«أنا لأبلوس»، و«أنا لصفا»، و«أنا للمسيح»).

وهذا النص يكشف الصراع بين بولس من جهة وزعماء المسيحيين اليهود من جهة اخرى. والإ فإن ظاهر ما جاء في اعمال الرسل ان بولس كان متعاوناً مع بطرس ويعقوب وبرنابا وبقية اكابر الرسل، فكيف يحدث الانشقاق لولا ان لكل من الطرفين دعوة تختلف عن الطرف الآخر! ولذلك يؤكد بولس في هذه الرسالة (23:1) انه ينادي بمسيح مصلوب، قال: (نحن نكرز بالمسيح مصلوباً)، لأن الطرف الآخر لا يعترفون بصلب المسيح فقد ظهر لهم واخبرهم بنجاته.

ويؤكد بولس عقيدته بأنَّ المسيح مات مصلوباً، فيقول كما في 1كور(18:1): (لأن الكلام على الصليب حماقة عند الذين يسلكون سبيل الهلاك)، فمن هم هؤلاء، بالتاكيد هو لا يقصد اليهود لأنهم في ذلك الزمن كانوا يعترفون بأنهم صلبوا يسوع المسيح، فبالتأكيد هو يشير الى جماعة المسيحيين اليهود الذين كان يختلف معهم في هذه القضية.

 

· المسيح في مرتبة ادنى من الإله

يضع بولسُ المسيحَ في مرتبة ادنى من الله سبحانه، فيقول 1كور(23:3): (وأما أنتم فللمسيح، والمسيح لله). ونجد هذه الفكرة في جميع رسائل بولس، فهو لم يكن يعتقد بأنَّ المسيح مساوٍ للإله بل هو ابن الإله المولود منه والمرسل منه، وعقيدة بولس هذه هي العقيدة المسيحية الاولى قبل تطورها بفعل الآباء المؤسسون للمسيحية فيما بعد حتى اصبح المسيح مساوياً للإله وحتى قيل عنه انه الإله نفسه! وجعل الإله ثلاثة أقانيم! فهذه الافكار المسيحية الحالية جميعهاً لم تكن موجودة في ذهن بولس، وكل ما كان بولس يعتقده ان المسيح هو الرب ابن الإله المولود عنه.

 

 

· رفض بولس العمل بالتوراة حتى بالنسبة لليهود المسيحيين

يشير اليهم في 1كور(5: 6-8) الى ترك العمل بالتوراة، فيقول لهم ان المسيح هو فصحهم بدلاً من الفصح اليهودي! مع انه في هذه الرسالة لم يكن يخاطب المسيحيين من اصل وثني فقط بل عامة المسيحيين ومنهم المسيحيون اليهود. وكذلك في (18:7) حينما يقول لهم: (دعي أحد في الغرلة، فلا يختتن) أي الذي يؤمن بالمسيح وهو غير مختون فلا يختتن، وهذا بخلاف شريعة التوراة. وفي (21:9) يعلن صراحة رفضه للشريعة بقوله انه ليس من أهل الشريعة! وهو بهذا يخالف وصايا المسيح التي نقلتها الاناجيل، كما في انجيل متى (5: 17-19): (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس[22] أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات)[23]. وفي انجيل لوقا (16:16): (ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس)[24]! وهذا احد اسباب الخلاف بينه وبين تلاميذ المسيح اكابر الرسل.

 

 

· عقيدة بولس الثنائية: إله واحد هو الله، ورب واحد هو المسيح

في 1كور(6:8): (لكن لنا إله واحد: الآب الذي منه جميع الأشياء، ونحن له. ورب واحد: يسوع المسيح، الذي به جميع الأشياء، ونحن به).

وهي تختصر عقيدة بولس: (إله واحد هو الأب، ورب واحد هو المسيح). فلم يكن بولس يؤمن بالثالوث ولا بشيء أسمه اقانيم ولم يرد في رسائله أياً من هذه التعابير.

وسنناقش هذه العبارة بتفصيل في كلامنا عن رسالة بولس الى تيطس (4:1)، لنرى ان آريوس كان يستمد أفكاره من بولس، وأنَّه هو الأقرب الى بولس في فكره المسيحي، ولنكتشف أن بولس لم يخرج عن التوحيد بل خلطه مع شريك للإله هو الرب المسيح، فكان يعتقد بوجود إله واحد، ولكن يرى ان المسيح هو الرب الذي بواسطته خلق الإله الكون!!

· عبارات لعن تخالف مفاهيم المحبة والتسامح

في 1كور(22:16) {فاندايك}: (إن كان أحد لا يحب الرب يسوع المسيح فليكن أناثيما! ماران أثا).

وفي الكاثوليكية: (إن كان أحدٌ لا يحب الرب، فاللعنة عليه! "ماران أَتا"). وفي الهامش التعليق التالي عن عبارة (ماران أَتا): (عبارة باللغة الآرامية معناها "رب هلمَّ" او "الرب آت").

وهذه العبارة غريبة جداً فهي تتعارض مع مفاهيم المحبة والتسامح المسيحية، ولا ننسى أنَّ بولس ختم هذه الرسالة بخط يده.

5)) رسالة بولس الثانية الى اتباعه في مدينة كورنثوس (2كور)

يقول التقليد المسيحي أنَّ بولس كتبها حينما كان في مكدونية حوالي سنة 57م. ويقول بعض علماء المسيحية ان رسالة بولس الثانية الى أهل كورنثوس هي رسالة مركبة من عدّة رسائل في وقتٍ ما من قبل شخص مجهول الهوية!![25]. وهذا يعني إننا لا نجهل فقط من هو الذي قام يتجميع عدة رسائل وابرازها كرسالة بولس الثانية الى اتباعه في كورنثوس، بل نجهل فيما اذا كانت الرسائل التي تم تجميعها هي فعلاً جميعها من كتابة بولس أم أنَّ معها رسائل لأشخاص آخرين من تلاميذه او من غيرهم!!

وهذه الرسالة ليست مرسلة الى كورنثوس وحدها بل الى آخائية (جنوب اليونان) أيضاً وهو ما يقوي انها أكثر من رسالة تم تجميعها!

وأهم الإثارات في رسالته الثانية:

· تعاليم تلاميذ المسيح تخالف تعاليم بولس

تذكر الرسالة بوضوح ان أكابر الرسل تلاميذ المسيح وهم زعماء المسيحيين اليهود يبشرون بتعليم عن يسوع المسيح يختلف عن تعليمه، فيقول في 2كور(11: 4و5) {فاندايك}: (فإنه إن كان الآتي يكرز بيسوع آخر لم نكرز به، أو كنتم تأخذون روحا آخر لم تأخذوه، أو إنجيلا آخر لم تقبلوه، فحسنا كنتم تحتملون. لأني أحسب أني لم أنقص شيئا عن فائقي الرسل). وفي الكاثوليكية: (فلو جاءكم أحد يبشركم بيسوع آخر لم نبشركم به ويعرض عليكم روحا غير الذي نلتموه وأنجيل غـير الـذي قبلتمـوه لاحتملتموه أحسـن احتمـال، وأرى أني لست أقل شأناً من أولئك الرسل الأكابر).

ثم يتّهم اولئك الرسل الأكابر بأنهم رسل الشيطان!! فيقول (11: 13-15) {الكاثوليكية}: (لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون، مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح. ولا عجب. لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور! فليس عظيما إن كان خدامه أيضا يغيرون شكلهم كخدام للبر. الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم)! وهذا يكشف عن الفجوة الكبيرة التي وصل اليها حاله مع قادة اليهود المسيحيين في اورشليم.

وهو هنا يعترف بأن الشيطان يغير شكله الى شبه ملاك نور، فما أدراه ان ما رآه وهو في طريقه الى دمشق حينما كان يهودياً ليس بشيطان ظهر له ليغيّر إيمانه ويؤسس دين المسيحية الجديد!!

· تجاهل كاتب اعمال الرسل لصعوبات بولس في تبشيره

يرد وصف لمشقّات وتعذيب تعرّض له بولس في 2كور(11: 23-27) يقول: (أهم خدام المسيح؟ أقول كمختل العقل، فأنا أفضل: في الأتعاب أكثر، في الضربات أوفر، في السجون أكثر، في الميتات مرارا كثيرة. من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة. ثلاث مرات ضربت بالعصي، مرة رجمت، ثلاث مرات انكسرت بي السفينة، ليلا ونهارا قضيت في العمق. بأسفار مرارا كثيرة، بأخطار سيول، بأخطار لصوص، بأخطار من جنسي، بأخطار من الأمم، بأخطار في المدينة، بأخطار في البرية، بأخطار في البحر، بأخطار من إخوة كذبة. في تعب وكد، في أسهار مرارا كثيرة، في جوع وعطش، في أصوام مرارا كثيرة، في برد وعري). ولم يرد أي شيء من هذه الاحداث من قبل كاتب سِفر أعمال الرسل عدا الجلد والرجم مرة واحدة لكليهما! وكأن كاتب اعمال الرسل كان بعيداً عن بولس بحيث يجهل عنه امور مهمة عديدة!! فكيف يقولون ان كاتبه هو لوقا تلميذ بولس الذي كان يصفه بـ (الحبيب)!!

· تجاهل كاتب اعمال الرسل لزيارات بولس الى كورنثوس

قال في 2كور(1:2) {فاندايك}: (ولكني جزمت بهذا في نفسي أن لا آتي إليكم أيضا في حزن). وفي الترجمة الكاثوليكية: (وقد عزمتُ أن لا أعود إليكم فأُنزل بكم الغم)، وفي هامشها كتبوا التعليق: (اشارة الى زيارة قام بها الى مدينة قورنتس فيما بين كتابته لرسالته الاولى والثانية) اي سنة 57م.

ثم في 2كور(1:13) {فاندايك}: (هذه المرة الثالثة آتي إليكم)، وفي الكاثوليكية: (انا قادم إليكم مرّة ثالثة)، وفي هامشها التعليق التالي: (زار بولس قورنتس مرة اولى لما انشأ فيها الكنيسة وزارها مرة ثانية لما عاد اليها ليرعى شؤونها ويعاقب المتامردين فيها).

ولكن في اعمال الرسل لا نجد اثراً الا لزيارة واحدة قام بها بولس هي المذكورة في (1:18)!

فهذا موضع آخر يبين عدم اطلاع كاتب اعمال الرسل على جميع سيرة بولس!

· الفصل التاسع رسالة منفصلة لبولس

الفصل التاسع في هذه الرسالة يراه عدد من علماء المسيحيين انها رسالة منفصلة كتبها بولس وتم دمجها مع رسالته هذه! حيث جاء في هامش الطبعة الكاثوليكية بخصوص هذا الفصل: (استغرب كثير من الناس هذا القول بعدما جاء في الفصل الثامن عن جمع الهبات لأسعاف كنيسة اورشليم. ولذلك ذهب بعض المفسرين الى القول ان الفصل التاسع رسالة كتبها بولس الى كنائس آخائية وأضيفت فيما بعد الى رسالته الى اهل قورنتس).

وهذا يسلط الضوء على كيفية نقل رسائل بولس منذ الجيل المسيحي الاول، وقد مرّ علينا ان هناك رسالتان اخريتان قد ضاعتا من رسائل بولس الى هذه المدينة، ورسالة الى مدينة أخرى تم دمجها مع هذه الرسالة! وهناك رسائل أخرى فيها مشاكل مماثله من قبيل دمج أكثر من رسالة في رسالة واحدة! فأين هي المخطوطات التي يزعمون انها نقلت رسائل بولس بأمانة! واين هو التقليد المسيحي الامين على التراث المسيحي!! كل هذا يدفعنا الى الشك في اصالة رسائل بولس، وانه هو كاتبها فعلاً، بالاضافة الى شك عقلائي بأنها نُقِلَت بأمانة جيلاً بعد آخر في ظل فترات الاضطهاد المتعددة التي مرّت بها المسيحية في القرون الثلاثة الاولى.

· اصداء الخلاف بين تلاميذ المسيح وبولس

· في 2كور(11: 4و5) {فاندايك}: (فإنه إن كان الآتي يكرز بيسوع آخر لم نكرز به، أو كنتم تأخذون روحا آخر لم تأخذوه، أو إنجيلا آخر لم تقبلوه، فحسنا كنتم تحتملون. لأني أحسب أني لم أنقص شيئا عن فائقي الرسل).

وفي الطبعة الكاثوليكية: (فلو جاءكم أحد يبشركم بيسوع آخر لم نُبشركم به، ويعرض عليكم روحاً غير الذي نلتموه وبشارة غير التي قبلتموها لاحتملتموه أحسن احتمال. وأرى أنّي لستُ أقَلَّ شأناً من اولئك الرُسُل الأكابِر).

إذن بولس في هذا النص يعترف بأنَّ خلافه هو مع اكابر الرسل (تلاميذ المسيح) أي بطرس ويعقوب ويوحنا بن حلفى وغيرهم. فهل يريد المسيحيون نصّاً اوضح من هذا على وجود خلاف بينه وبين تلاميذ المسيح وعلى إنفصال بشارتهما وما يدعون اليه والذي يعني إنفصال إيمانهما!!

وفي الترجمة الرعائية للعهد الجديد كتبوا بدلاً من مصطلح: (فائقي الرسل) و(أكابر الرسل)، مصطلح: (الرُسُل العِظام).

ويعترف الأب بولس الفغالي بأن هذا النص يخص اليهود المسيحيين، قال: (في الواقع، بدأ ضلال جماعة كورنثوس لأنها تعلقت بشخص ونسيت رسولها. ما هي سلطة هؤلاء المتهوّدين الذين ينادون بالأمانة للشريعة ويعارضون سلطة الرسول؟ فيسوع الذي يقدّمونه يدخل في إطار يهودي، بحيث صارت الكنيسة معهم شيعة يهوديّة. في آ22 نعرف ان معارضي بولس هم يهود. روح آخر: هو روح العبودية والمخافة (رو 15:8 ، 1كور 12:2)، لا روح الحريّة والمحبة والفرح والسلام (17:3، رو 17:14). بشارة (إنجيل) اخرى: هل هناك انجيل وانجيل؟ رج غل 1: 6-9. احتملتموه: ما عرف الكورنثيون أن يميّزوا هذا "الكاذب" فاحتملوه، وما احتملوا رسولهم (آ1)! ). ثم يعلّق الأب بولس الفغالي على 2كور(5:11) فيقول: (الرسل العظام: هم الرسل الكذبة. انتحلوا اسم الرسل الاثني عشر وما كانوا رسلاً. همّهم أن يحطموا سلطة بولس باسم ممارسة دقيقة للشريعة. فكشفهم تكبّرهم (12:10) ).

انظروا كيف يصف شريعة التوراة بانها "روح العبودية والمخافة" بينما يصف الشريعة المسيحية بانّها "روح الحريّة والمحبة والفرح والسلام"! مع ان شريعة التوراة مصدرها الله سبحانه، بينما الشريعة المسيحية لم يشرّعها بولس ولا تلاميذ المسيح الاثني عشر بل شرّعها رجال الدين المسيحيون تباعاً في مناسبات شتّى!!

وهكذا ترون كيف حاول الأب بولس الفغالي تغيير معنى النص بقوله في تعليقه على هذه العبارة: (الرسل العظام: هم الرسل الكذبة. انتحلوا اسم الرسل الاثني عشر وما كانوا رسلاً)!! كيف يصفهم بولس في رسالته بأنهم رسل عظام وانهم أكابر الرسل في حين يتهمهم بولس الفغالي بأنهم كذبة! وأنهم ليسوا تلاميذ المسيح!! فمن هم إذن؟! فهل كان بولس قاصراً عن وصفهم بالكذب وانهم منتحلون لأسم الرسل الأثني عشر! بلا شك ما نجده من جرأة في رسائل بولس على مخالفيه يجعلنا لا نتقبل ان يغيّر بولس الفغالي المعنى بأن يجعل اكابر الرسل رسلاً كذبة في محاولة منه لقطع علاقتهم بكونهم الرسل الأثني عشر تلاميذ المسيح!

س

وليس بولس الفغالي وحده من فعل ذلك بل نجد أمراً مماثلاً في "الكتاب المقدس الدراسي" حيث ترجموا (الرسل العظام) بـ (الرسل المتفوقين) وجاء فيه: (يسوع آخر لم نبشّر به نحن: إنه يسوع آخر تخيلته التعاليم التهودية (لأن خصوم بولس الرسول كانوا من اليهود، انظر الآية 22). تنالون روحاً آخر: روح قيود وخوف ودينونة) ثم يقول في تعليقه على 2كور(5:11): (الرسل المتفوقين: أسلوب بولس الرسول الساخر في الاشارة للرسل الزائفين الذين تسللوا الى كنيسة كورنثوس وهم في الحقيقة ليسوا رسلاً على الاطلاق فيما عدا من وجهة نظرهم المتكبّرة المنتفخة).

وفي "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" نقرأ في تعليقه على 2كور(4:11): (حرّف المعلمون الكذبة الحق المختص بالمسيح)!

وكل من يقرأ عبارة 2كور(4:11) كاملة يجد انه من غير المعقول ان يكون بولس ساخراً في كلامه لأنه قرن نفسه مع اولئك الرسل الاكابر، حيث قال: (وأرى أنّي لستُ أقَلَّ شأناً من اولئك الرُسُل الأكابِر)! فهو يقارن نفسه وعلو شأنها بأولئك الرسل الأكابر، ولو كان يستصغر شأنهم أو يسخر منهم لما قارن نفسه معهم[26].

وحينما يصف بولس الفغالي اكابر الرسل بالكاذبين، نجد ديفيد سيلفا يسميهم (السفسطائيين المسيحيين)[27]! ولا نشك بأنَّ اليهود المسيحيين لم يكونوا يحملون أية صفة من صفات السفسطائيين اليونانيين الذين اقتبس ديفيد سيلفا وصف هؤلاء منهم! فكل ذنب اليهود المسيحيين انهم كانوا يلتزمون العمل بشريعة التوراة تبعاً لتعاليم المسيح الذي كان يرشدهم للتمسك بها في اكثر من مناسبة! وآخرها في ساعة رفعه الى السماء حيث قال لهم: (وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به)[28]، ومما اوصاهم به {فاندايك}: (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس[29] أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات)[30]. وقال: (ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس)[31]! وإذا قارنّا بين المباديء السفسطائية والمسيحية لوجدنا المسيحية أولى بهذا الوصف، فالسفسطة هو كل ما يخالف المنطق والعقل البديهي، وكان السفسطائيين قبل ظهور سقراط وافلاطون وارسطو ذوي خطابة وتأثير في المستمعين رغم اسلوبهم واستدلالاتهم المخالفة للمنطق والمباديء العقلية البديهية! وإذا تعمقنا في رسائل بولس ومبادئه وعموم العقيدة المسيحية لوجدناها تتضمن تناقضات وأفكار هي أقرب للسفسطة إنْ لم تكن هي سفسطة فعلاً، من قبيل ان الايمان يجب ان يسبق التعقّل! وأن الإله أزلي ويتكون من ثلاثة اقانيم – رغم ان بولس لم يكن يقول بذلك! - بثلاثة شخصيات متميزة أحدها عن الآخر فجمعوا بين الأزلية والحد والجهة في إله واحد مع ان الحد والجهة هي من صفات المحدثات لا من صفات الأزليّة!! وغيرها من لوازم السفسطة التي تتضمنها المسيحية.

· الشيطان يظهر بمظهر الملاك

في 2كور(11: 13-15) {فاندايك}: (لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون، مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح. ولا عجب. لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور! فليس عظيما إن كان خدامه أيضا يغيرون شكلهم كخدام للبر. الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم).

يهاجم بولس قادة اليهود المسيحيين الذين كان يسميهم قبل قليل (اكابر الرسل) ويصفهم بانهم "رسل كذبة" وأنهم كالشيطان يغيرون شكلهم، كما ان الشيطان يمكن ان يظهر بمظهر كلاك النور!! عجباً هل نسي بولس ان هناك ملاكاً أو وضوءاً ظهر له في صحراء العرب وهو في طريقه الى دمشق وقال له (أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده)[32]، فما ادراه ان ذاك ليس شيطاناً قد ظهر له بمظهر ملاك النور كما يعترف هو نفسه في هذا الموضع من رسالته!

· انخطاف بولس الى السماء

في 2كور(12: 2-5): (أعرف إنسانا في المسيح قبل أربع عشرة سنة. أفي الجسد؟ لست أعلم، أم خارج الجسد؟ لست أعلم. الله يعلم. اختطف هذا إلى السماء الثالثة. وأعرف هذا الإنسان: أفي الجسد أم خارج الجسد؟ لست أعلم. الله يعلم. أنه اختطف إلى الفردوس، وسمع كلمات لا ينطق بها، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها. من جهة هذا أفتخر. ولكن من جهة نفسي لا أفتخر إلا بضعفاتي).

يتحدث بولس هنا عن نفسه بأنه انخطف الى السماء اي ذهب اليها على حين غفلة، وانه تلقى ديانته من المسيح مباشرة! ولنا ان نتسائل لماذا اختلفت عقيدة بولس التي تعرّف عليها في انخطافه الى السماء مع عقيدة تلاميذ المسيح وباقي اليهود المسيحيين الذين اخذوها من المسيح مباشرةً حال حياته بينهم!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

[1] العهد الجديد، الترجمة العربية المشتركة، قراءة رعائية، كتب بولس الفغالي المداخل الى اسفارها وهوامشها / الأصدار الاول، الطبعة الاولى 2004م – ص616.

[2] العهد الجديد / المطبعة الكاثوليكية / الطبعة الحامسة 1977م – ص607 في المدخل الى هذه الرسالة. وهناك رأي يبدو ضعيفاً يقول انه كتبها سنة 49م.

[3] نقصد بمصطلح (اليهود المسيحيين) اليهود الذين آمنوا بالمسيح وانه نبي مرسل من عند الله سبحانه، وقادتهم هم التلاميذ الاثني عشر (الحواريين) ويطلق عليهم بولس اسم (أكابر الرسل) أو (فائقي الرسل) بإختلاف الترجمة {راجع 2كور (5:11)}. وفي العهد الجديد نصوص عديدة تبين وجود خلاف بينهم وبين بولس.

[4] العهد الجديد، الترجمة العربية المشتركة، قراءة رعائية، {مصدر سابق} – ص419.

[5] مروج الاخيار في تراجم الابرار / الاب بطرس قرماج {مصدر سابق} – ص359.

[6] مروج الاخيار في تراجم الابرار / الاب بطرس قرماج {مصدر سابق} – ص130.

[7] لا يعترف المسيحيون بصحة نسبة هذا الإنجيل الى برنابا، ولدينا بحث منشور في كتاب (حقائق إنجيلية) نبين فيه أن جميع الاشكالات التي يثيرها المسيحيون على هذا الانجيل يوجد مثلها في الكتاب المقدس فأمّا أن يرفضونهما معاً أو يقبلونهما معاً، من باب الإنصاف.

[8] العهد الجديد (المطبعة الكاثوليكية) ـ ص103.

[9] أعمال الرسل (38:8).

[10] أعمال الرسل (6:19) و الرسالة إلى العبرانيين (2:6).

[11] رسالة بولس إلى أهل غلاطية (19:1).

[12] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص511 الهامش.

[13] المصدر السابق ـ ص 892.

[14] رسالة يعقوب (2: 18ـ20).

[15] يدل على ذلك إن بولس لم يذكره مع من ذكرهم من اتباعه الذين هم من اصل يهودي في رسالته إلى أهل كولوسي (4: 10و11) ، بالإضافة إلى إن لديه اسمين غير يهوديين.

[16] أعمال الرسل (16: 1-3).

[17] رسالة بولس إلى أهل غلاطية (1: 6و7).

[18] رسالة بولس الاولى الى اتباعه في مدينة كورنثوس (12:6).

[19] في هامش الطبعة الكاثوليكية، نَفْلٍ: ما يفعله الانسان زيادة على ما تفرضه الشريعة.

[20] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص133.

[21] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص133.

[22] الناموس: شريعة التوراة.

[23] إنجيل متى (5: 17-19).

[24] إنجيل لوقا (16:16).

[25] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص155 و157.

[26] هل يُعقل ان يقول بولس انه ليس اقل شأناً من اولئك الكاذبين! أو أقل شأناً من اولئك الزائفين! لأن هذا التعبير يفترض انه يكون مساوياً لهم في الكذب والزيف!!

[27] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص177.

[28] إنجيل متى (20:28).

[29] الناموس: شريعة التوراة.

[30] إنجيل متى (5: 17-19).

[31] إنجيل لوقا (16:16).

[32] أعمال الرسل (8:22).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156147
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2