• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وجود الأمل عند الإنسان .
                          • الكاتب : توفيق مالك الكناني .

وجود الأمل عند الإنسان

  الأمل هو عبارة عن الاستغراق في الآمال والتمنيات، والإنسان يتأمل ويتوقع الحياة الرفاهية في الدنيا، وهذا ما يدل على جهله وحب الدنيا، والانسان المغرور يرى في شبابه وصحته وقوته استبعاد الموت، وينسى أن الموت يحصد الأطفال والشباب والأمراض المفاجئة خاصة في أيامنا هذه. أما محبة الدنيا الدنية والأنس بالذات الفانية، والإنسان مبتلى بهذه المحبة وهذا الأنس، ومستعد لإرتكاب أبشع الجرائم لإشباع هذه الغريزة، وعندما تأتي فكرة الموت في ذهنه فأنه يحاول استبدال هذه الفكرة بما يشغل عنها، وإذا تذكر الآخرة حيناً تصدى له الشيطان والنفس الأمارة بوعد وغرور. وحب الدنيا هو أنك في أول عمرك وشبابك بزهو وعنفوان لا بأس أن تشغل نفسك بالعيش وتحقيق الآمال وتأمين الحاجات الدنيوية، وإذا كبر الإنسان قيل له: مازلت شاباً اعمل ما شئت حتى تهرم. وإذا هرم قال: لأعمّر هذه المزرعة أو لأزوج أولادي أولأبني بيتي ثم أترك الدنيا وأنشغل بالعبادة . 
  وترى الإنسان كلما انتهى من احد مشاريعه تلك أنشغل بمشروع جديد آخر؛ يمنّي النفس باليوم والغد حتى يفاجئ بالنداء فيلبي حيث لا إمهال ولا غد، غافلا عن أن من كان يعده غروراً بالتوبة غدا هو معه في غده. ونشاهد كثيرا من الناس عند ذهابه إلى المقبرة، ويشاهد كيف ينزل الميت في لحده وسوف يموت هو أيضا، ويفعل به نفس الموقف ولكن حين خروجه من المقبرة وكأن شيئا لم يكن فلا يبالي بالموت ويبقى على ذنوبه وآثامه. وسأل رسول الله ص أبا ذر رضوان الله عليه: ما أطول الأمل عندك؟ فقال: يا رسول الله عندما أصبح لا أفكر أن أمسي وإذا أمسي لا أفكر أن أصبح، فقال رسول الله ص: لا يا أبا ذر هذا أمل طويل، عندما ينزل نَفَسك لا تفكر أن يصعد وإن صعد لا تفكر أن ينزل. وعن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: (وأن أخوف ما أخاف عليكم إتباع الهوى وطول الأمل). 
  إذن على كل إنسان عندما يبلغ الأربعين من عمره ليعلم أن تفكيره بالدنيا غفلة وخدعة شيطانية، فقد مضت أيام اللذة والعيش،، وأتى يوم محاسبة النفس. وأما علاج طول الأمل فهو تذكر الموت، فأن تذكرَ الموت يُخرج الشرَ من التعلق بالدنيا الفانية. إذن ذهابك إلى القبور وأنت تمر على تراب أصدقائك وأحبائك، تأمل في لوحات قبورهم وفكر بما يجري على بعد ذراعين تحت أقدامك، ثم تأمل في حالك فإنك ستغدو مثلهم عن قريب، وينتهي عمرك وتظهر علامات الموت عليك في كل جانب حتى يعجز الأطباء عن علاج بدنك، وتتوقف أعضاؤك عن الحركة، ويظهر عرق الموت على جبينك، ويأتيك ملك الموت بأمر ربه شئت أم أبيت، فيفصل الروح عن الجسد، ويبكيك أهلك وأصدقاؤك، ثم ترفع في التابوت لينقلوك الى سجن قبرك، ثم يتركوك وحيداً في وحشة القبر؟ عندها تأسف على ايام حياتك وصحتك وشبابك ووقت فراغك أيام حياتك، كيف امضيتها بدون زاد ليومك هذا، وكيف لم تتزود لآخرتك حيث لا ينفع الندم، فقد انقطع العمل وجاء وقت الحساب والحصاد. 
  روي عن رسول الله ص قوله: (خذ بالثقة من العمل وإياك والاغترار بالأمل، ولا تدخل عليك اليوم هم غد، ولو أخليت قلبك من الأمل لجددت العمل) وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل) وأما طول الأمل فينسي الآخرة، ومن أيقن أنه يفارق الأحباب ويسكن التراب ويواجه الحساب ويستغني عما خلف ويفتقر الى ماقدم كان حرياً بقهر الامل وطول العمل).
  وقد روي عن ذي الخلق العظيم محمد ص قوله: (أكثروا ذكر هادم اللذات) قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: (الموت فما ذكره عبد على الحقيقة في سعة إلا ضاقت عليه الدنيا، ولا في شهوة إلا اتسعت عليه) وروي عن الإمام الصادق عليه السلام في حديث طويل منه كلام ملك الموت: (ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا أنا أتصفحهم في كل يوم خمسة مرات) وفي حديث آخر يقول ملك الموت: (فالحذر الحذر فلا من بيت مدر ولا شعر في بر ولا في بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمسة مرات عند مواقيت الصلاة، حتى لأنا أعلم منهم بأنفسهم) ونسأل الله تعلى أن يمن علينا بالتقوى وقصر الأمل في هذه الدنيا الفانية، ويبعد عنا كل مغريات الشيطان.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156454
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6