• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ملامحُ الفكر الاداري الاسلامي صياغة مبادئ ادارة الأعمال وفق المنظور الإسلامي .

ملامحُ الفكر الاداري الاسلامي صياغة مبادئ ادارة الأعمال وفق المنظور الإسلامي

 اطروحة مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد / جامعة البصرة، وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في ادارة الاعمال
 
من الطالب مزهر عبد السادة حنين العلياوي 

 لم يلغِ الاسلام القيم والممارسات الايجابية لمجتمع ما قبل الاسلام، وانما كرّس هذه الايجابيات وعززها، وبهذا الصدد جاء قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة: 128، وقول الرسول الكريم (ص): (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق). قد أعادَ الإسلام صياغة تلك القيم وفق توجهات الدين الاسلامي الحنيف ومبادئه وضوابطه، ومنها الابعاد الادارية التي تمخضت عن المجتمع العربي وفي مقدمتها احترام الاخرين، والتفاعل معهم ومشاركتهم في القرار، واختيار القيادة التي تحمل الخصائص والصفات التي تؤهلها لأن تكون بمثابة انموذج يُحتذى به، وتحسين الجوانب الاقتصادية والانسانية للمجتمع ، فضلاً عن الاهتمام بثقافة المجتمع واعتبارها إحدى الدعامات التي ترتكز عليها الطاعة والالتزام، وكما هو متعارف عليه؛ فالإدارة تعنى بتنظيم العلاقات بين الناس في منظمات اجتماعية هادفة، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) التوبة: من الاية: 71.
 وقد نظم الاسلام الحياة الانسانية في مختلف مجالاتها وأبعادها، فوضع أسساً متينة واضحة لتنظيم علاقات الناس بخالقهم عز وجل، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) الذاريات:56)، وبالافراد الاخرين في المجتمع في مختلف المنظمات، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات:13، وكذلك لتنظيم علاقة الفرد بذاته، وقد تجلت هذه الأسس في تنظيم شؤون الحياة الدنيا، وفي اعداد الانسان الصالح للحياة الاخرة... تشير الآيات الكريمة أعلاه الى طرائق التعامل بين الرئيس والمرؤوس، والى أهمية القوة الموحدة التي تنظم هذه العلاقة وتوجهها. 
 لقد وردت مفردة انتقائية لكلمة (إدارة) في القرآن الكريم عبر قوله تعالى: (...إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا) البقرة: 282.   
 إذ تشير كلمة (تديرونها) في الآية الكريمة أعلاه الى طريقة الاحاطة والتعامل، وهذا يعني ان الادارة هي تنظيم التعاملات بين الناس وتوثيقها من أجل حفظ حقوق الاخرين، وقد تم تفسيرها وعرفت بأنها: (تصرف عياني واقع وملموس، يهدف الى اتمام قضايا المعاملات، وينظم شؤونها بين الناس اتماماً فعلياً مباشراً على اساس من الحقوق والالتزامات، بما لا يقبل التأجيل ولا يحتمل المماطلة او عدم التراضي، وهذا هو النص القرآني الوحيد، الذي فيه ذكر للمفردة (تديرونها) والتي تتطابق في كثير من أبعادها ومدلولاتها مع العرف الاداري المعاصر، ونظرته العلمية والفلسفية لمفهوم الادارة). 
 ويُعَرِّف (الدرَّة) الادارة في الاسلام بأنها: (تدبير مصالح الناس، ورعاية شؤونهم الدينية والدنيوية في ظل سلطة الدولة الاسلامية). ويرد التدبير في المفهوم الحديث للادارة، مطابقا للتخطيط أي (رؤية المستقبل وتوفير مستلزمات الاستجابة لها). وقد أشار كل من الماوردي، وابن خلدون، وابن سينا، ويعني التدبير التعامل مع الأمور بحكمة وروية، والوضع في الحساب النتائج الايجابية والسلبية المتوقعة منها، (حسن التدبير ينمّي المال وسوء التدبير يفني كثره)، (لافقر مع حسن التدبير). فإذا كان التخطيط أساس العملية الادارية المعاصرة، فان التدبير يمثل القاعدة التي يتأسس عليها مفهوم الادارة في الاسلام، لأنه يتضمن ما يأتي:-
1-  تصور عقلاني لما ينبغي عمله، يعتمد توخي المنفعة العامة ودفع الضرر. 
2-  قيادة تتصف بالمسؤولية والحكمة والروية في مجمل أعمالها ونشاطاتها. 
3-  تنظيم الموارد والمجهودات، واتخاذ القرارات العقلانية عند الاستخدام. 
4-  تقديم موضوعي ودقيق لنتائج الأعمال الايجابي منها والسلبي. 
 نتج عن تمازج معطيات الادارة لمرحلة ما قبل الاسلام مع عناصر التدبير، البيئة الملائمة لبلورة مفهوم الادارة في الاسلام، والتي انعكست على مدى واسع من الحقوق والمهمات التي يشملها المفهوم العام للادارة في الاسلام، فهي من جانب تركز على حقوق (الطاعة، والاستجابة، النصرة والولاء، تلبية نداء الجهاد، النصح والمشاورة... ومن جانب آخر تؤكد على مهمات (الحكم، التوظيف الاداري، المالية، وشؤون ادارة الرعية).
وقد عرفت الادارة الاسلامية بأنها: (تلك الادارة التي يتحلى أفرادها، قيادة واتباعاً، افراداً وجماعات، رجالاً ونساء، بالعلم والايمان عند ادائهم لأعمالهم الموكلة اليهم على اختلاف مستوياتهم ومسؤولياتهم في الدولة الاسلامية)، غايتها تحقيق معنى العبودية لله عز وجل (أي ابتغاء مرضاته)، (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) الذاريات:56؛ واطارها الشرعية الاسلامية التي توجه الجوانب المختلفة للعملية الادارية في مستويات الادارة كافة، وانموذجها قيادة الرسول الكريم (ص)، فهو (المصلح الروحي، والقائد الابوي، والاداري العادل، والمفاوض المسالم، والسياسي الاستراتيجي، والمستشار الحكيم، وصاحب البصيرة النافذة). 
وقد توضحت المبادئ الاولى والاساسية لادارة الرسول الكريم (ص) في (الوثيقة) التي نظمت العمل والعلاقات في المجتمع الاسلامي الجديد في المدينة، ووضعت سياسات واجراءات تجسد قيادة الرسول الكريم (ص) للمجتمع والدولة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156841
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 10