• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التدرجُ العلمي والفكري للسيد محسن الحكيم (قدس سره) .
                          • الكاتب : علاء سدخان .

التدرجُ العلمي والفكري للسيد محسن الحكيم (قدس سره)

  نشأ السيد محسن الحكيم (قدس) في بيت العلم والفضيلة، تولى تربيته وتوجيهه في بداية حياته أخوه الحجة السيد محمود الحكيم، كما قام بتدريسه وانتقاء بعض الأساتذة البارعين له، فقرأ العلوم الدينية والعربية، والمنطق والمعاني والبيان ومبادئ الفقه والأصول.. حتى فرغ من دراسة مقدمات العلوم في سن مبكرة، وهو ابن العشرين سنة، أي سنة 1326، ثم حضر الأبحاث العالية على كبار العلماء والمدرسين، وأخذ يبرز ويظهر في الأوساط العلمية في النجف الأشرف، حتى أصبح عام 1333، في مصاف العلماء والمجاهدين؛ واشترك مع إخوانه العلماء، في جهاد البريطانيين سنة 1333، واشترك فعلياً مع المجاهدين في العمليات العسكرية، التي قام بها المجاهدون ضد الغزو البريطاني للعراق في الحرب العالمية الأولى. 
 وكان لسماحته دور بطولي بارز بين قادة حركة الجهاد، وقد اعتمد عليه المجاهد الأكبر السيد محمد سعيد الحبوبي (قدس)، اعتماداً مطلقاً، فيما يرجع الى إدارة حركة الجهاد، حيث تولى إدارة الحركات القيادية وغيرها من شؤون الاتصال بالعشائر العراقية المجاهدة، وبلغ مدى اعتماد السيد الحبوبي عليه، أن أعطاه خاتمه الخاص، ليمهر باسمه حسبما يراه من المصلحة في شؤون الجهاد حتى وافاه الأجل.. ثم قام السيد محسن الحكيم (قدس) بوضع الخاتم في هاون، وطحنه، ورمى رماده في نهر الفرات، حتى لا يستعمله أحد بعد السيد الحبوبي. 
 من خلال هذا الكلام، نلاحظ مدى الثقة أو المكانة التي وصل اليها السيد محسن (قدس)، بالرغم من وجود الفطاحل من العلماء، في ذلك العصر، حتى أصبح المسؤول عن مكتب السيد الحبوبي، وهذا أكبر دليل على نضوجه الفكري والعلمي، وانه كان يسير بخطى واضحة ومستقيمة الوصول الى أعلى المراتب العلمية والاجتماعية، ولكن بدون غاية أو بهدف في نفسه الشريفة، وانما ليكون خادماً لهذه الأمة، كما كان جده علي بن أبي طالب (ع)، حينما كان أميراً للمؤمنين، ولكنه ما كان إلا خادماً للمسلمين، ومن قبله رسول الله (ص) كذلك.. 
 هذا بالنسبة الى بناء شخصية السيد محسن الحكيم (قدس) الاجتماعية، وتطور مكانته العلمية، وتدرجه العلمي، فقد بدأ الإمام (قدس) في السنة السابعة من حياته يقرأ القرآن الكريم، ثم بدأ في دراسة علم النحو في التاسعة من عمره، وكان المتولي في تربيته وتعليمه - كما أسلفنا - أخوه حجة الإسلام السيد محمود الحكيم، قد درس عليه المقدمات الى كتاب القوانين. بعد ذلك درس على جملة من أفاضل عصره بقية الكتب، فقد حضر عند أوحدي وقته في التدريس الشيخ (محمد كاظم الخراساني)، قبل وفاته بثلاث سنوات، أبحاثه الفقهية الأصولية خارجاً؛ وعندما توفي الخراساني سنة 1329، بدأ السيد محسن (قدس) يحضر درس الأغا (ضياء العراقي)، فحضر أبحاثه الفقهية خارج مكاسب الشيخ الأنصاري، وبعض الكتب الفقهية الأخرى، حتى سنة 1342.. ثم تتلمذ على يد المرحوم الشيخ (علي باقر الجواهري) في الفقه ما يقارب 5 سنوات، وبعد وفاته تتلمذ على يد المجاهد المرحوم السيد (محمد سعيد الحبوبي) برهة من الزمن، وفي سنة 1333؛ وعندما عاد من الجهاد، توجه للدرس والتدريس، فشرع لأول مرة في تدريس الكفاية والرسائل سطحاً، وأول دورة فقهية باحثها خارج، كانت سنة 1338 بعنوان (ألتبصرة)، وشرح جملة من كتبها أثناء التدريس.. وفي تلك السنة، شرع لأول مرة في تدريس الكفاية خارجاً، فحضر جملة من المشتغلين في الجزء الثاني من الكفاية، وفي أثناء تدريسه، وضع الجزء الثاني من تعليقه عليه.. واستمر في التدرج العلمي والتدريس، حتى بلغ الذروة عندما شرع سنة 1347 بتدريس العروة الوثقى، درس خارج، ويبدو أن هذا السير السريع والنبوغ العلمي الذي حازه، ما هو إلا دليل على نبوغه الفطري.. 
ومن المناسب ذكر شيء من مآثره العلمية: 
(في سنة 1331 وعندما كان عمر سيدنا محسن الحكيم (قدس) السادسة والعشرين، قدم تأليفه القيم (ميراث الزوجية) الى العلامة المجاهد الكبير السيد (محمد سعيد الحبوبي)، فلم يملك إلا أن أطلق كلمته الخالدة التي تبيّن من ثناياها إعجابه واعتزازه بهذا الشاب، ونظر إليه بعين الإكبار والتجليل، وقال: (اننا لم نعرف قدرك حتى الان، أما الآن وقد رأينا هذا الكتاب، فقد عرفناك حق المعرفة)، وهذه الكلمة الجليلة الكبيرة القدر، وقد صدرت من علامة عصره، ماهية إلا شهادة على نبوغ وقدرة السيد محسن الحكيم (قدس).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157261
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5