في ظل الآليات الحديثة لبلورة أفكار التيارات والأيدلوجيات المختلفة، للخروج بأنساق مقنعة لأكبر شريحة ممكنة، بقصد تمرير أهدافها وتوجهاتها.. انبرى صناعُ الفكر الإسلامي وعلى امتداد الأزمان المتعاقبة التي مرّت بها الأمة الإسلامية، للدفاع عن المنظومة الإسلامية من تشريعات وأحكام وفلسفة عقائدية... الغاية منها وصول الإنسان إلى حالة الإيمان باللهِ عز وجل وطاعته، واتباع النهج الموصل إلى برّ الأمان... وإن حالة الطمأنينة تلك، تخلق الإنسجام بين ظروف الحياة بتقلباتها، وفطرة الله سبحانه التي فطر الناس عليها...
فالفكرُ الإنساني في مضاميره شتى، بحاجة دائماً وأبداً إلى صياغات جديدة، توافق المستجدات والمتغيّرات الحديثة، التي تملأ الساحات الفكرية والإعلامية والعقائدية، حتى تحوّلت أساليب الدفاع في النهاية إلى فن، وإلى أناس متمرّسين في صناعة الفكر والتنظير للعقائد كافة...
وهذا ما يدعونا للإطلاع عن كثب، على مؤلفات رجال الفكر الإسلامي، والذين خاضوا العباب، وكرّسوا عصارة أفكارهم، لتذليل الصعوبات أمام الأجيال اللاحقة، لقراءة وفهم ديناميكية الإسلام، بروحه القادرة على معالجة الأزمات، مهما استطالت، ومحاولة عرضها بالأسلوب الذي يتماشى ووسائل الإعلام العصرية.
فلعل الأزمة وفي كل الإتجاهات، تكمن في فقدان القدرة على التوصيل للآخر؛ بسبب الاقتصار على أساليب طرح لا يستسيغها قرّاء وباحثو اليوم.. الأمر الذي ينبغي معه التأكيد على العمق التأريخي لفكرة إقناع الآخر بالمعتقد والخط الصحيح الذي مارسه النبي الخاتم (ص) بالأخلاق والخصال الحميدة التي اجتاحت قلوب الأمة، فلبّت نداء الفطرة، واعتنقت لباب الدين الإسلامية وفلسفته الغامرة بالعطف والتسامح والإخوة.. كذلك كان وصيه أمير المؤمنين (ع) في خطبه البليغة المحمّلة بالمشاعر الإنسانية، في توظيف لغوي وبلاغي خلاق، تشطرت عنها أساليب متعددة للإقناع، والدفاع عن الفكر الإسلامي، وفق أطر فاقت ذلك العصر، وسبقته بقرون.
|