• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القرآن الكريم ح21 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القرآن الكريم ح21

سورة البقرة 
وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ{188} يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{189} وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ{190}وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ{191} فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{192} وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ{193} الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ{194}
للمتامل ان يلاحظ مؤشرات عدة في منطوق هذه الاية الكريمة , ففيها خطاب للمسلمين فقط (  وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ) , حيث تعتبر ان اموال الفرد هي اموال لعامة المسلمين , ان كان الامر كذلك , فيندرج ضمن اعتبارات كثيرة منها : 
1- ان المسلم ينفق من امواله تحت عنوان الزكاة , الخمس , الصدقة ... الخ , وسيكون المستفيدون من تلك العناوين مسلمون طبعا , في الاعم الاغلب . 
2- ان اموال المسلم قد تدعم الاسلام في مواطن كثيرة منها الجهاد او حتى في نشر الاسلام , وكمثال على ذلك اموال السيدة خديجة (ع) , حيث كانت من اغنى اغنياء مكة , وقد وضعت اموالها تحت تصرف نبينا محمد (ص) في بدايات رسالته المقدسة . 
يتبين مما في اعلاه , ان لو زيدا سرق مالا من عمر مثلا , لا تكون سرقة زيد لاموال عمر فقط , بل تكون سرقة لكافة اموال المسلمين . 
ومما يلفت النظر في الاية الكريمة ( وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) , فقد اشارت الاية في مطلعها الى (  أَمْوَالَكُم ) , وهنا تشير الى (أَمْوَالِ النَّاسِ ) فمن تلك الفئة المقصودة بــ ( الناس ) ؟ , هناك العديد من الاحتمالات : 
1- لابد وان يكون الظاهر من ( اموال الناس ) انهم من غير المسلمين , يصنف الفقهاء الاموال الى صنفين : 
أ‌) اموال محترمة : وهي اموال وممتلكات المسلمين , ولا يجوز التعدي عليها باي شكل من الاشكال . 
ب‌) اموال غير محترمة : وهي اموال غير المسلمين , فيجوز التعدي عليها باي شكل من الاشكال , لكن بشروط مفصلة في كتب الفقه , من ابرزها عدم الاعتداء على اموال غير المسلم اذا كان يقيم في بلد اسلامي , وان كانت امواله غير محترمة .  
    فيبدو ان ( الناس ) المشار اليهم هم فئة او فئات غير مسلمة , تسكن في بلاد الاسلام ,  
    وبالرغم من ان اموالهم غير محترمة , فتحرم الاية الكريمة الاعتداء عليها بأي صورة 
    كانت . 
    بقي ان نشير ان بعد انتشار الاسلام في الجزيرة العربية , لا زالت هناك اقواما غير مسلمين 
    , لا يزالون قائمين على املاكهم , ويديرونها بحرية تامة , وكانت مما تهفوا له نفوس 
    الضعفاء من المسلمين , فوضعت هذه الاية الكريمة حدا لتلك الاطماع .      
2- ام قد يكون المقصود من ( الناس ) في الاية الكريمة , هم من المسلمين , من المعلوم ان المسلمين كانوا يختلفون عن بعضهم البعض , من حيث لون البشرة او القبيلة او السكن او حتى في الحالة الاجتماعية , فيحدث خلافا بين هذا او ذاك , فيستعمل كل منهم كل ما يستطيع من حيل وخدع , كي يستولي على اموالا من الطرف الاخر , بغير حق , ويحاول الطرف الاخر ان يدافع عن نفسه , وربما بطرق غير شرعية , كي يتفادى ان يخسر شيئا من امواله , حتى وان كان ظالما , وهو يعلم , ولنضف ان الاسلام لا يزال فتيا ولم يتوغل في القلوب بعد , كما وان رواسب الجاهلية لا زالت تغمر القلوب .   
 
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{189}
تضمنت الاية الكريمة مواضيع قيمة , كالمواقيت والبر والتقوى , لكل منها تفاصيل كثيرة ومتشعبة , سنتطرق الى بعضها في ايات قادمة .  
تقسيم الزمن الى مجموعة اقسام ( قرن – عقد - سنة – شهر – اسبوع – يوم – ليل – نهار – ساعة ... الخ ) من الامور المهمة لتسيير شؤون المجتمع , ولا تخفى اهميتها على احد . 
جل ما يجذب اهتمام المتامل في الاية الكريمة , كونها ربطت البر بالتقوى (  وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ) والتقوى بالفلاح ( وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) , فلك ان تتامل ! .
 
وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ{190}
الاية الكريمة تجوز القتال في سبيل الله , نصرة لدينه , بكل الوسائل المتاحة , لكن في المعركة دائما هناك طرف رابح واخر خاسر , وغالبا ما يجنح الطرف الرابح لافعال مشينة كالتمثيل في الخصم , والاغتصاب وقتل الاطفال والنساء والشيوخ وغيرها من الامور المشينة , وكأن الاية الكريمة تجوز القتال للمسلمين , وفي نفس الوقت تامرهم بأن يتحلوا بالاخلاق الكريمة , وان يتسموا بسمات النبل الفروسية , في حالة انتصارهم  او هزيمتهم .  
 
وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ{191}
المتامل في الاية الكريمة يلاحظ عدة امور : 
1- ان الاشارة للقتل تكررت ستة مرات , وفي ذلك تصريح رباني بجواز بل بضرورة قتل الكافرين المعادين للاسلام , لكن بكيفيات تنص عليها كتب الفقه . 
2- الفتنة بكافة تفاصيلها وجزئياتها اشد من القتل . 
3- لا يجوز القتال في المسجد الحرام , الا اذا اضطر المسلمون الى ذلك . 
4- تشير الاية الكريمة الى موضوع الكافرين , وهم على قسمين ( لا نقصد تعريف وتقسيم الفقه للكافر ) : 
أ‌) كافر مسالم : حيث لا يضمر ولا يظهر العداء للاسلام والمسلمين , وهذا النوع من الكفار لا يريق الاسلام دمهم , وغير مقصود في الاية الكريمة . 
ب‌) كافر معادي :  حيث يجاهـر بعدائه للاسلام , وهو المقصود في الاية الكريمة , حيث انه لا ينفع معه أي علاج سوى القتل , المضحك المبكي , نرى اليوم هؤلاء الكفار المعادين للاسلام يتنقلون في البلاد الاسلامية , ويكن المسلمون لهم الاحترام والاعجاب , ناهيك عن اقتباس بعضا من ازيائهم او حركاتهم او حتى طريقتهم في تصفيف الشعر ! .     
 
 
فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{192}
تشير الاية الكريمة الى ان الكافر مرحب به في بلاد الاسلام , شريطة ان لا يعادي الاسلام واهله , وان اسلم احدهم سواء كان معاديا للاسلام ام لا , فسيجد (اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) . 
مغفرة الله عز وجل تنتظر العبد حتى اخر انفاسه , ورحمته جل وعلا لا تفارقه حتى يلفظ اخر انفاسه .            
 
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ{193}
يلاحظ المتامل ان الاية الكريمة تشير الى ضرورة قتال الكافرين , بل والاستمرار في القتال حتى ينتهوا عن العداوة , فأن انتهوا يتوقف القتال , ان في ذلك اجتثاثا للفتنة واسبابها وسلبياتها  . 
 
 
الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ{194}
الاية الكريمة تمنح المسلمين حق القتال في الاشهر الحرم , اذا باغتهم العدو فيها , وتضع حدودا لذلك , ولا تجيز الاية الكريمة للمسلمين ان يزيد الرد بأرتكاب جملة من الفواحش , التي عادة ما يقوم بها الطرف المنتصر في الحرب . 
يامر الله عز وجل عباده بالتقوى , ويؤكد لهم بانه جل وعلا معهم , طالما هم معه ( متقين ) . 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=15750
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 04 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28