أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أصغر أولاد أبي طالب من زوجته الوحيدة فاطمة بنت أسد بن هاشم، تلك المرأة الجليلة التي كانت من رسول الله (ص) بمقام أمه فقد ربي في حجرها، وكان شاكراً لبرّها، وكان يناديها بـ(أمي) ولما قبضها اللهُ تعالى كفنها بقميصه واضطجع في قبرها.
خرجت بنت أسد في لمة من الهاشميات الى الكعبة وكانت في الشهر التاسع من حملها به، ولما بلغت الكعبة استلمت الحجر ثم رفعت يدها وطرفها نحو السماء وقالت: ربّ إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك ومصدقة بما جاء به جدي ابراهيم، فبحق هذا البيت ومن بناه إلا ما يسّرت عليّ ولادتي.
وفي تلك اللحظة أحسّت فاطمة بالمخاض وكانت ولادته (ع) يوم الجمعة الثالث عشر من رجب الأصب بعد عام الفيل بثلاثين سنة على أصحّ الروايات، أي قبل البعثة النبوية بعشر سنين، وكان ذلك في بيت الله الحرام في داخل الكعبة المشرفة، بعد أن انشقّ جدارها من الجانب المسمى بـ(المستجار) ودخلت أمه الى جوف الكعبة وعادت الفتحة الى ما كانت عليه، وحاولوا فتح الباب فلم يتمكنوا من ذلك، حتى خرج المولود الى النور مكبّاً على وجهه كهيئة الساجد، فلم تستغرب الأم سجود وليدها الى بارئه وهو الذي منعها يوم أن كان جنيناً من أن تسجدَ للأصنام، ولكن عندما رفعته عن الأرض هالها صراخه كقصف الرعد تتخلله همهمة الأسد الضاري، وعندها دعته (حيدره) لإحياء ذكر أبيها أسد بني هاشم.
ولنا الحق أن نتساءل: أليس للكعبة باب يمكن الدخول والخروج منها، فلماذا لم يُفتح لتدخل السيدة فاطمة من الباب؟
والجواب على ذلك: ليكون هذا الحديث الفريد من نوعه المعجزة الخالدة الأولى لسيد الأوصياء وإمام الموحدين (ع)، وليدل على انه خرق العادة، وهي فضيلة خصّه اللهُ بها سبحانه وتعالى اجلالاً له، فلم يُولد قبله ولا بعده في الكعبة أحد سواه؛ وبعد ثلاثة ايام خرجت أمه من الكعبة وهي تحملُ وليدَها الطاهر.
|