يقترن اسم النجف الأشرف بالعراق، فهي إحدى محافظاته الكبيرة والمقدسة، والتي تضم مرقد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) ومراقد بعض الأنبياء (ع)، وبعض الصحابة، إضافة إلى وجود أكبر مقبرة في العالم، وهي وادي السلام، إضافة إلى أن مدينتي الكوفة والنجف القريبتين من بعض، والمتصلة بعضها ببعض من حيث الإعمار والبناء وكثرة الدوائر الحكومية المختلفة بين جانبي طريقي (نجف – كوفة) وكأنها مدينة واحدة..
مدينة النجف تضم آثاراً عريقة جداً من مختلف العصور، بداية من آثار سفينة النبي نوح (ع) وبحر النجف ودولة المناذرة والحيرة والكوفة القديمة، ومدينة النجف القديمة، وأسوار النجف التي كانت محيطة بالنجف الأشرف في زمن الدولة العثمانية؛ وفي وقتها صدّ أهالي النجف الهجوم الوهابي عليهم أكثر من مرة، فكان سور النجف له دور بارز في حماية المدينة. والدور البطولي الآخر لثوار النجف وقوفهم مع اخوانهم ابناء العراق في ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني في العراق. وعند حكم المقبور صدام للعراق، أهملت المدينة المقدسة مع باقي المدن العراقية في كل نواحي الحياة من إعمار وسياحة، بل تحولت هذه المدينة مع اخواتها المدن العراقية الى خراب ودمار، وخاصة بعد الانتفاضة الشعبانية المعارضة للحكم عام 1991.
وبعد سقوط النظام البائد، بدأت الحكومات الجديدة المنتخبة من قبل الشعب العراقي بالانفتاح نحو الاعمار والبناء من جديد، واظهار المدن العراقية شيئاً فشيئاً بطراز جديد، والعمل على انجاح السياحة الدينية في العراق بتوفير وسائل الراحة للسواح، بعد أدائهم مراسيم الزيارة للمراقد المقدسة.
وكون مدينة النجف الأشرف من المدن العراقية والتي تضم إضافة الى مرقد الامام علي (ع) مراقد ومقامات مهمة وفريدة، لذا يمكن وصفها على أنها مقاصد للسياحة الدينية والثقافية والعلمية، وهي بذلك تكون واجهة أثرية ودينية وعلمية وترويجية وثقافية، بحيث لا يمكن أن تتوفر في المحافظات العراقية الأخرى؛ ففي النجف الأشرف، يلاحظ الزائر كثرة الفنادق السياحية ذات الخمس نجوم، ومطاعم الدرجة الأولى، ومحطات استراحة، وكثرة المكتبات.. إضافة إلى تمتع مدينة النجف بوجود الحوزة العلمية والدينية فيها، متمثلة بالمراجع العظام، والطلبة الفضلاء..
إن مكانة المدينة التأريخية والسياحية والأمنية جعلت المستثمرين العرب والأجانب، وكذلك أصحاب شركات السياحة والسفر والمهتمين بالشأن السياحي من العراقيين العرب والأجانب، يسعَون للمشاركة في كافة الجوانب الاعمارية، للنهوض بالقطاع السياحي والثقافي في النجف.. إضافة الى قيام اتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف، وبالتعاون مع الجمعيات الثقافية والعلمية وجامعة الكوفة وغيرها، بإقامة المناسبات والمهرجانات الثقافية والتربوية والعلمية والأدبية بين حين وآخر، ومكافأة الأدباء والكتاب والصحفيين المتميزين، ليكون حافزاً لغيرهم، إضافة الى فتح دورات ثقافية وعلمية مختلفة الاختصاصات، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في النجف الأشرف؛ وهذا يعتبر مؤشراً ايجابياً نحو خلق مجتمع مثقف واعي، في ظل الحرية والديمقراطية الجديدة.. وهذه مقدمة لإنجاح مدينة النجف الأشرف ثقافياً وسياحياً وأدبياً وعلمياً.
كل هذا التقدم العمراني الحاصل في هذه المدينة المقدسة تستحق أن تكون مدينة الثقافة الاسلامية عام 2012م بجدارة، بجهود أبنائها البررة، أبناء الحوزات العلمية ذات التأريخ الطويل في تخريج رجال دين وأدباء ومفكرين وأساتذة، ليصبحوا مصابيح مضيئة تنير الأجيال خدمة للفكر والثقافة الانسانية، وقضايا الإنسان والإسلام.. لذا تستحق مدينة الامام علي (ع) النجف الأشرف، أن تكون عاصمة للثقافة الاسلامية دائماً.
|