• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كبرياﻋ الجبل .
                          • الكاتب : زينب ضياء .

كبرياﻋ الجبل

 أسدل الليل ستاره وبدأت السماء تزخر بالنجوم كاللآلئ متناثرة على قطعة سوداء ، وأشعة القمر المتوحشة تنثر وتسكب ضوئها بوحشية بين سحب الدخان المتصاعدة من الخيام التي أحرقتها النار جن جنونها ولم تترك شي لم تبتلعه ،ارض تملئها العتمة، طافحة بالصمت ولا شيء  سوى أجفان خاوية مسدلة باستسلام فوق العيون وجنود يطوفون حولهم بأسلحتهم .
 بعد يوم عصيب مرت ساعاته كسنين طويلة لم ترد أن تنقضي 
وفي جوف الليل المتعب تجلس صامدة كصمود النجوم التي في كبد السماء ، في صمودها هيبة ووقار استمدتها من بيت انتشر منه الإيمان وانتشر الى الارجاء،  بيت تزوره الملائكة كل يوم ولكن انتهكت حرمة من قبل قطعان ذئاب .
تجلس وعيونها جفاها الرقاد تحرس حرائر واطفال باتو منتشرين في العراء تفقدهم بين لحظة واخرى وهي صامدة كصمود الزمن الذي لاينهار عند مذبحة انتهكت كل الاعراف والاديان ، مضت تبحث  من خلال ضوء القمر عن أقمار سقطت واختفت من حياتها ، تبحث عن غصناً شامخا كان قبل ساعات ملاذا ودرعاً تحتمي به من سيوف الاعداء ، تخطو بخطوات مثقلة بهموم تنوء الجبال عن حملها اضطرت  الى تحملها ، تخطو ،  وخطواتها تتعثر بذكريات يوما ليس كمثله يوم في العالمين ، يوماً نزع الانسان فيه انسانيته ،  كذئاب شرسة وغادره لاترحم احداً ،ذئاب تريد أن تنقض على ثلة  أبت العيش في ذل الدنيا والركوع للفاجر اللعين ، ثلة حملت الدين كجمرة بين اكفها وتخلت عن الدنيا وملذاتها واشترت الاخرة بأغلى مايمكن .
ذئاب حولت كل شيء إلى حطام وأنقاضمتراكمة، وشياطين تبحلق بها من بعيد بعيون تملؤها الدناءة والحقد.
ذئاب تكشر عن أنيابها وتستعد للهجوم على الخيام التي تحوي عيال الحسين (ع) .
والحسينينوءبنفسه، في لحظة تحطم فيها كل شيء جميل وسقط اخوةٌ وأبناء ورجال اقوياء، تنظر هي من بعيد الى من بقى وحيداً يصارع الموت في ارضاً غريبة وبعيدة، التوق الى معرفة مصير اخها جعلها تعدو في ساحة القتال غير مكترثة بالأعداء المدججين بالسلاح، صعدت الى التلة والشمس تبث اشعتها بخجل ، حدقت في كل شي بنظرات ثاقبة لعلها تعثر على ماتريد ، لكنها لم تجد ضالتها رجعت الى خيمتها وهي تعرف ان هناك عاصفة قوية آتيه بعد هذا الصمت الرهيب .
واذا بصوت رياح تزئر وسماء تغير لونها وصوت فرساً غاضباً تصهل عاليا ، ورودا ًسقطت، وسيوف تقطر دماً ، وحجراً  انبثق منها دما ، وشمس تمنت الموت وتميت معها كل الاتفاهات والمصائب التي شاهدتها  ، سيف يشق طريقه في شرايين الحسين ويقطعهُ ، الدنيا مظلمة ، وسماء باكية،وطيور فرت من أعشاشها ، وشياطين تنشب النار في الخيام السنة اللهب تلتهم كل شيء ، طفولة فاره في البيداء تبحث عن سند عن حامي لهم من هول مايحدث ، هي صارخة تستغيث تريد أحدا لا أحد هناك سواها هي تحمي هذا وتنقذ ذاك من أنياب ذئب ، الخيول المجنونة تستبيح كل شيء لم يعد هناك شي مقدس ، سقطت الأشياء واحدا تلو الآخر كحبات رمان تناثرت على الأرض ، مصائب زادتها صلابة وقوة .
ارادت ان ترى اخيها وتطمئن عليه راحت تعدو إليه، في تلك اللحظة توقف كل شيء تجمدت الأشياء وحبست الأنفاس عيون تراقبها من كل حدب وصوب وهي واقفة تفكر لم تظهر على ملامحها أي انكسار وخوف جلست بهيبة عند جسد أخيها مقطوع الرأس مهشم الاضلع، وضعت يدها تحته رفعته قليلا إلى السماء قائلة "ربي تقبل منا هذا القربان "
صوتها حلق في العلا ثم تشظى الى ذرات بأجنحة انتشرت بين السماء والأرض ارعبت الاعداء وحطمت كبرياء الظالمين وهزت اركان العروش الفاسقة كلمات سجلت على عرش ملكوت السموات والأرض.
بزغت الشمس على أرض الملحمة العظيمة التي انكسر فيها الإنسان لكنه لم ينهزم ، وارض فاضت بها الأرواح المطهرة لكنها تألقت وخلدت لابد الابدين، حان وقت الوداع ، بدأ الموكب يسير نساء وأطفال ونياق وجمال ، نظرت إلى السفر الطويل الذي يكون عنوانه السبي طريقاً لابد أن تكون فيه صامدة كصمود الجبال  لتحمي الركب من سياط الأعداء ، وتكون عنوناً للضعفاء،  وتكون خصماً لمن لايملك الدين ، وصوتاً عالياً للحق وتكون فخراً لعلي الذي في الأعلى ، فكانت كما أرادت دراعاً حاميا وجبلاً شامخاً لايأبى السقوط حطمت كل من اراد تحطيمها ، وبقت منارة تألقت بقبتها في شام رغم انوف كل الطغاة .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=158465
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3