لا يخفى على المسلمين أن رضيع الحسين (ع) لم يتجاوز عمره بضعة أشهر يوم الطف، لكن الجيش الضال قتله بسهم حرملة بن كاهل الأسدي (لعنه الله) وقصة مقتله معروفة في كتب السيرة والتأريخ.
والسؤال هنا: هل كان العرب خاصة والمسلمون عامة يقتلون الأطفال الرضع في معاركهم؟ الجواب: كلا..؛ لأن ذلك العمل الوضيع والمخزي سيجلب لهم العار والشنار، فالأمة العربية تمتاز بصفات حميدة تميزها عن غيرها من الأمم الأخرى: كالشهامة، والكرم، والشجاعة، والحياء، والتي ولدت من رحم عروبتهم، ومن هذه الصفات عدم التعرض للأطفال في معاركهم.
فإذا ما فعل أحدهم ذلك، فسيلحق به العار أبد الآبدين، ويقلّ شأنه بين أبناء جلدته، غير أننا نرى صاحب الجريمة الكبرى (حرملة) وصاحب الصفات الرذيلة والمخالفة لقوانين السماء والقيم والأخلاق النبيلة، أقدم على قتل عبد الله الرضيع (ع) بدون وازع من ضمير، أو الرجوع إلى القيم العربية.
وقد عدّ الأمويون هذا العمل الجبان محلّ فخر واعتزاز، وإن خالف المبدأ والأصالة والشيم والأعراف الانسانية التي نادى بها الشعراء، ومنهم (الراعي النميري):
وإنّا لقوم نشتري بنفوسنا * ديار المنايا رغبة في المكارم
فقد باع هذا القاتل دينه وشرفه وقيمه والتقاليد والأعراف السائدة في الحروب وضرب بها عرض الجدار، ولم يتورع عن قتل طفل بريء أعياه العطش بين يدي والده (ع) مقابل ثمن بخس من السحت الحرام دون شراء آخرته، فخبثت نفسه، ومات ضميره، وأعشى الله بصره، ومرض قلبه، فصار ينظر بعين غير بصيرة، ويسمع بأذن غير سامعة، فلعنة الله على الظالمين الذين ظلموا محمداً وآل محمد (ع).
|