• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حذار من الغيرة المفرطة يا أختاه .
                          • الكاتب : عبد المحسن الباوي .

حذار من الغيرة المفرطة يا أختاه

  الغيرة عند النساء تجاه أزواجهن أمر طبيعي جبلت عليه النفس البشرية دون إرادتها، فهي حالة غير مكتسبة وإنما فطرية، وبالتالي لا يمكن لأحد – إلا ما شاء ربي – أن يسلم منها، ولكنها تصبح ذات تأثير سلبي ومدمر على الحياة الأسرية، إذا ما تجاوزت حدّ الاعتدال، ودخلت حيز الإفراط... فهنا ينبغي التوقف ملياً، ومراجعة النفس، وتحكيم لغة العقل والمنطق السليم، حتى لا تفضي بنا الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، وتغرق سفينة الأسرة التي تمخر عباب بحر الحياة.

 والأسرة هي لبنة المجتمع الأساسية، ومن المفروض الحرص كل الحرص على عدم خدش هذه اللبنة حتى لا يتعرض الكيان المجتمعي القويم لخطر الانهيار. وللغيرة مصاديق كثيرة، فهناك غيرة الرجل على زوجته، وهناك غيرة الأخوة أو الأخوات فيما بينهم، وهناك غيرة الضرائر، وهناك غيرة النساء من قريناتهن، وهناك الكثير من المصاديق لهذا المفهوم الفضفاض الواسع، ولكننا نريد تسليط الضوء على أخطر مصداق للغيرة المذمومة السلبية، ونعني بها (الغيرة المفرطة للزوجة تجاه زوجها)، فهي بحق معول هدام إذا ما تم تحجيمه ومعالجة أسبابه؛ لأن من نتائجه تحويل عش الزوجية الهانئ إلى جحيم لا يطاق، وبركان دائم الثوران مما ينعكس سلباً على الحياة الأسرية للزوجين والأبناء.
 ولو أجلنا النظر في أحاديث أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم) حول هذه المسألة، لوجدناها تحدثت بلهجة شديدة تنم عن عظم خطر هذا الأمر، فهذا مولانا الإمام أمير المؤمنين (ع) يقول: غيرة المرأة كفر وغيرة الرجل كفر.  وعن أبي جعفر (ع) قال: غيرة النساء الحسد، والحسد هو أصل الكفر، إن النساء إذا غرن غضبن، وإذا غضبن كفرن إلا المسلمات منهن.
 وواضح مراد الأحاديث الشريفة وبين مغزاها، فهي تحذر أشد الحذر من غيرة المرأة تجاه زوجها حتى عدتها باباً من أبواب الكفر. ورب سائل يسأل: (إذا كانت الغيرة أمراً فطرياً جُبلت عليه الأنفس، وهو غير مكتسب، فكيف يمكن التحكم به؟)
والجواب: إننا يمكننا التحكم به من خلال حبسه في حد الاعتدال والوسطية، حتى لا يتجاوز إلى حد الإفراط المذموم من خلال التعقل والتبصر بالأمور، والرجوع لأحاديث أهل البيت (ع)، واستشارة أولي العقول الراجحة والرؤى المستنيرة، والقبول بإرشاداتهم، والتفكر بعواقب استفحال هذا الأمر في النفس، ومن تجذره، وبالتالي يصعب علاجه.
 يروي أحد الخطباء قصة مفادها أن زوجاً كادحاً مجداً في عمله، يسعى لنيل الرزق الحلال من الصباح حتى المساء، ليعود إلى بيته عند الظلام منهك القوى، فتفاجئه زوجته بغيرتها القاتلة لتقول له: (لماذا أتيت؟ ابقَ عندها؟) فيجيبها الزوج: ومن تعنين يا امرأة ؟ فتقول: تلك التي بقيت عندها طول النهار لتأتي إلي عند المساء، ولا يألو المسكين جهداً في المحاولة لإقناعها ولكن عبثاً يحاول.
وتتكرر القصة يوماً بعد يوم، فأوصلته غيرة زوجته إلى قناعة بضرورة الاقتران بزوجة ثانية، فتزوج من أخرى وجاء لزوجته الأولى ليخبرها بأنه بسبب غيرتها المرضية المزعجة اضطر ليقترن بأخرى، وهو الآن متزوج منها والسبب هو الغيرة والغيرة فقط.
وختاماً... ينبغي التعامل بحكمة وعقلانية مع هذه الظاهرة التي استشرت اليوم في مجتمعنا؛ بسبب التطور المتسارع في وسائل الاتصال، وهذا يتم من كلا طرفي المسألة، فيجب على الزوج البحث عن مقتضيات غيرة الزوجة وإشعارها بالأمان والثقة، وإفهامها بهدوء بطبيعة عمله، وهكذا تتلاشى الأفكار من مخيلة الزوجة.
 وأما من طرف الزوجة، فيجب عليها أن تتريث في إطلاق الاتهامات الجزافية، وأن لا تنساق وراء أوهام قد لا يكون لها حظ من الواقعية، حفاظاً على أسرتها وزوجها وأبنائها.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=159188
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 08 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18