• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : البرزاني وأهل الكهف والخطاب الغريب .
                          • الكاتب : عامر هادي العيساوي .

البرزاني وأهل الكهف والخطاب الغريب

 يبدو أن جميع أبناء المنطقة من عرب وكرد وفرس وأتراك وأفغان وغيرهم مصممون على تجاهل ما يدور حولهم من متغيرات حتى اذا تعرض احد تلك الأطراف  الى خطر عدو مسلح بالصواريخ والطائرات والدبابات والمدافع أسرج حصانه ولبس درعه واستل سيفه وهتف بأعلى صوته (هل من مبارز ؟)وحين يتجاهله العدو ولا يبرز إليه احد يلجا الى  زرع جسمه بما يساوي حمل حمار من النوع الأشد غباء بالرصاص والمسامير ثم يخرج ليبحث عن عدوه في الشوارع ثم لا يجد غير أبناء جلدته في الأسواق او المساجد او الساحات العامة فيضطر الى تفجير نفسه فيهم أملا بالحصول على وجبة غداء فاخرة مع الرسول عليه الصلاة والسلام كما قيل له 0
ولو أخذنا العراق بعربه وكرده وتركمانه نموذجا لهذا النمط من الفلسفة القائمة على الهلوسة والقادمة من الكهوف الرطبة الواقعة دائما خارج حدود التغطية وخارج التجربة الإنسانية  لوجدنا أن عرب العراق لم يستفيدوا من تجارب الشعوب الأخرى التي استخدمت الدين استخداما سيئا فغرقت في أتون صراعات دموية دمرت الدول والدين في الوقت نفسه 0 انظروا إليهم وهم ينقسمون اليوم الى طائفتين تخوضان صراعا لا جدوى منه في الوقت الذي يتجمع العالم حولهم بمختلف قومياته وأديانه فهذه السوق الأوربية المشتركة التي تسعى الى توحيد شعوبها,وهذه أمركا التي يتصدرها زنجي لا يعرف له أصل او فصل 0 انظروا الى تركمان العراق الذين ما زالوا يعتقدون بحماية تركيا  لهم وهي في الواقع وعندما تقتضي مصالحها لا تتردد عن العبور على جثث أطفالهم ونسائهم وشيوخهم 0 انظروا الى بعض القيادات الكردية وهي تحلم بإعادة عجلة الزمان الى الوراء0
إن من يراقب البرزاني اليوم يستنتج فورا بان الرجل ما زال يفكر بنفس الطريقة التي كانت تفكر بها إحدى عجائز كردستان في أوائل القرن الماضي ,ورغم أن هذا الأسلوب من التفكير مشروع جدا ولكن كان على أصحابه أن يأخذوا  بالحسبان تلك المتغيرات الهائلة التي حصلت منذ ذلك التاريخ ولحد الآن ,
صدقني يا سيدي أن العرب والكرد قد تأخروا كثيرا عن بناء دولهم القومية في وقتها المناسب ولم يعد اليوم بالإمكان بناؤها بعد أن شبعت شعوب الأرض المتقدمة من الدول القومية في ظل طبقاتها الوسطى واتجه العالم بسرعة البرق الى إلغاء كافة الحدود القومية والدينية في عصر المراحل المتقدمة للنظام الرأسمالي والتي يحول وجودها  دون الاستثمار العالمي لرأس المال 0 وقد تكون هذه الحقيقة مرة في فمي او فمك ولكن علينا الاعتراف بان منطقتنا بأسرها ستتجه نحو الانتحار والانقراض اذا بقينا ندور في حلقة مفرغة إلا من الصراعات غير المجدية القائمة على تكفير بعضنا البعض بينما يتنافس العالم في الصناعة والإنتاج والسيطرة على الأسواق .
ولست ادري ما هي القيمة الحقيقية لدولة قومية عربية مثلا تمتد من المحيط الى الخليج وهي مشغولة وتحت شعار الربيع العربي في صراع داخلي بين المعتدلين والمتطرفين من اجل تحديد شكل الدولة المزمع إنشاؤها  في الوقت الذي تتجول فيه أمم أخرى فوق المريخ بحثا عن مصادر المياه ؟ وما هي القيمة لدولة عربية مترامية الإطراف ولكنها تستورد أغطية رؤوس حكامها وأبنائها من تايون او سيئول ؟
إن كل الذي أخشاه يا سيدي البرزاني أن ينتهي مشروعك( التحرري) بقيام دولة قومية على جبال كردستان ولكنها تستورد ورق التوت من إسرائيل والخبز من الصومال علما أن آلام مخاض ولادتها ونشأتها على عظمها اقل بكثير من آلام زوالها الحتمي بعد حين لان العالم يتجه كي يكون قرية صغيرة تهيمن عليها الشعوب المنتجة والمصممة على الحياة 0
                                  




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=16052
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 04 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19