• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام) (13) الاجتماعية لصلح الامام الحسن (عليه السلام)(1) .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام) (13) الاجتماعية لصلح الامام الحسن (عليه السلام)(1)

 الحضارة هي ذلك النتاج المؤلف من فكر ودستور ونتاج بشري، فتحدثت الناس عن حضارة وادي الرافدين ووادي النيل والحضارة اليهودية والمسيحية والاوربية والاسلامية، وعندما نرجع الى الاسلام الحنيف نجده دينا ينظم شؤون الحضارة الانسانية، ففي كتابه السماوي كل ما تتقوم به الحضارة ففي الصعيد الفكري والعقائدي في القرآن الحديث عن الكون وخالقه وصفات الخالق واثاره وكيفية الاستدلال عليه والارتباط به والحياة بعد الموت وبعث الانبياء، وفي دستوره تنظيم العلاقة بين العبد وربه وقوانين بناء الذات الفردية والاجتماعية، وبيان التشريعات وتحديد الحقوق، ورسم الخطوط العامة للحياة الانسانية ووضع التفاصيل الدقيقة للمرجعية القانونية، وترك المجال للانسان للتطوير والتقدم والرقي ضمن الحدود الضامنة للسعادة الدنيوية والاخروية.
ولو القينا نظرة فاحصة الى المشروع الحضاري للدين الاسلامي نجده دين بناء الانسان وليس دين تشييد السلطة.
لذا ركزت تعاليم الدين الاسلامي بشدة على كل ما من شأنه ان يسهم ببناء الانسان ويأخذ بيده نحو عوامل الرقي، ويبعده عن الجهل وظلماته، وهذا المعنى سارٍ في الجانب العقائدي والتشريعي والثقافي الذي انطوت عليه ايات الذكر الحكيم واحاديث سيد المرسلين (صلى الله عليه واله) واهل بيته الطيبين الطاهرين (صلوات الله عليهم ).
وعلى هذا سار رسول الله (صلى الله عليه واله) طيلة ايام حياته، فكان القدوة التي بينت ان هذا الدين في سعته وكل منظومته المعرفية وسلطته المتمثلة بالدولة الدستورية انما يعمل بكل طاقته لبناء الانسان، حتى صدح الكتاب العزيز مادحاً الرسول الكريم بقوله ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ ، ثم امر اتباع كل ما جاء به النبي (صلى الله عليه واله) فقال ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾  ثم كلل ذلك بان الكمال لا يتحقق الا باتباع رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ .
رسول الله (صلى الله عليه واله) كان قدوة واسوة في بناء الانسان، فهو على الرغم من امتداد دولته الى مساحات شاسعة، كان يبيت طاوي الحشى، وكان يجسد احكام الشريعة بافعاله فكانت الاحكام بسيرته وجود حي، جاءته الدنيا طائعة فارسلها لبناء الانسان، لا لبناء دور يسكنها او اموال ينميها، كان يأتيه المال فيفرقه في الفقراء والمساكين وفي عتق الرقاب وقضاء حوائج الناس وسداد ديونهم، كان يحث الناس على الخير ويبادر اليه.
كان له الخمس من الغنائم، وصفايا الملوك وله ما استسلم من البلدان من غير حرب ، ولو حسبنا وارداتها لكانت لا تعد، ومات ولم يقدم له ادامان، وكان يشبع ليلة ويبيت طاوياً اخرى، لم يبن قصوراً ولم يتخذ خدماً ولا جواري وهو ليس محرم عليه، الا انه سار على ما تقتضيه روح الاسلام سار على منهج بناء الانسان، وانطلق لتعليم الامة بدءاً بذاته المقدسة، فلم يكن داعياً غير عامل بل كان عاملاً مبيناً مطبقاً قبل ان يدعو الناس الى ما فيه صلاحهم وفلاحهم. 
كان منهجه (صلى الله عليه واله) منهج القرآن الكريم، الذي كان يجمع بين بناء الذات وبناء المجتمع والرقي بالانسان، فلم يكن داعية زهد وهجران للدنيا وتنسك بحت، بل كان يعمل على الصعيدين معاً ويجعل السهم الاكبر لعلاقته بالله تعالى تطبيقاً لقوله عز وجل ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ ، فالاسلام دين الاخرة والدنيا، والرسول (صلى الله عليه واله) الهادي لنيل السعادة فيهما، كان(صلى الله عليه واله) حريصاً على ان تخرج الامة من ظلمات الجهل الى نور العلم، وكان حريصاً ان يفقه الناس كل جوانب الدين الاسلامي، عقيدة وفقهاً واخلاقاً فكان المسجد النبوي مدرسة الدين والسياسة والادارة، ولما توسعت الدولة كان يرسل الى القبائل من يعلمهم التعاليم ثم امر ان يهاجر اليه من كل طائفة فرقة ليتعملوا دينهم وقيم الاسلام وشريعته ثم يعودوا الى قومهم لينقلوا اليهم تلك المفاهيم العظيمة التي تعلموها من رسول الله (صلى الله عليه واله).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=161090
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 10 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29