• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام) (16 ) العوامل الاجتماعية لصلح الامام الحسن (عليه السلام) (3) .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام) (16 ) العوامل الاجتماعية لصلح الامام الحسن (عليه السلام) (3)

 ومع تسلط قريش على مقدرات المسلمين بدأ عنصر جديد يظهر على ساحة الواقع وهو ان الاسلام لم يعد عاصماً للنفس والمال والعرض بل العاصم هو الخضوع للسلطان، وهو امر بعيد عن تعاليم الاسلام واحكامه ومبانيه الفكرية والحضارية، التي جعلت المرجعية للدين لا للسلطة الحاكمة، وهذا اول خلل اجتماعي يسجل في واقع المسلمين.
الامر الاخر الذي تولد عن سيطرة قريش على مقاليد الامور التجهيل المتعمد للامة، والمنع عن رواية حديث النبي (صلى الله عليه واله) بل تنص جملة من الروايات التاريخية ان هرم السلطة قدمت له روايات عن النبي (صلى الله عليه واله) مكتوبة فاحتفظ بها لديه عدة ايام ثم قام بحرقها، واغرب منه ان احدى نساء النبي (صلى الله عليه واله) روي عنها ان القران كان مكتوباً لديهم فاكله داجن الدار، وذهبت السلطة الى ابعد من ذلك فمنعت التفقه في القران الكريم والاكتفاء بقرائته، والهدف الاساس من ذلك محاصرة المعاني القرانية والسنة النبوية لانها تشير الى قيم روحية واخلاقية لا تريد السلطة القرشية لها ان تنمو وتتسع في اوساط المجتمع الاسلامي، وان تكون هناك جهالة واقعية لكل ما  يتعلق باهل البيت (عليه السلام) وان يكون الولاء للسلطة وان تكرس في الاذهان ان السلطة هي الامتداد للنبوة .
وتولد عن ذلك مشكلة اجتماعية على الصعيد الفكري والفقهي والثقافي، لان المؤسسة العليا كانت تمنع التوسع في التعليم الحقيقي للدين، وضيقت عليه جداً، ولما علمت السلطة ان بعض الصحابة اخذوا يحدثون الناس عن النبي (صلى الله عليه واله) ووقائع الاسلام امرتهم بالرجوع الى المدينة ومنعتهم من الخروج عنها، ثم انتقلت الى مرحلة اوسع من مراحل التجهيل بواقع الاسلام فاستعانت بمسلمة اهل الكتاب وعينتهم رسمياً لاداراة الجانب الثقافي واصبح في كل مسجد قصاص يحدث الناس بما في التوراة والانجيل .
فضلا عن ذلك وجدت الامة في نفسها الحاجة الى تعلم احكام الشريعة فكانت ترجع الى من عاصر رسول الله (صلى الله عليه واله) ممن كان بينهم في امصارهم، او الى من سمع منهم، فانتشرت الفتاوى المتضاربة والمختلفة، واصبح فقه كل بلدة يختلف عن فقه البلدة الاخرى، لاختلاف من ياخذون عنهم في فتاواهم واراءهم، وذلك لان اولئك الذين كان الناس يرجعون اليهم لم يكونوا قد كرسوا وقتهم في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) لتعلم الدين حتى ان ابا هريرة كان يقول ان المهاجرين كانوا منشغلين بالتجارة والانصار كانوا منشغلين ببساتينهم، وكان احدهم يقول شغلنا عن رسول الله (صلى الله عليه واله) الصفق في الاسواق، وكان بعضهم يغيب عن النبي (صلى الله عليه واله) مدة طويلة ثم يأتيه ليسمع منه شيئاً يسيراً، وبعد ان اتسعت رقعة الدولة الاسلامية توزع اولئك في البلدان، وكانت الناس ترجع اليهم ولم يكن لهم سعة في العلم ووجدوا انفسهم مجبرين على التصدي واختلفوا اشد الاختلاف في كثير من الامور حتى وصل الحال الى اختلافهم في رواية القران الكريم، فاصبح للكوفيين قرآنهم وللبصريين قرآنهم وللشاميين قرآنهم وللمصريين قرآنهم، حتى كفر بعضهم بعضاً، وضرب بعضهم بعضاً وكادت ان تقع الفتنة بينهم، فاستشار عثمان بن عفان المسلمين في علاج المشكلة التي يواجهها فاشار عليه امير المؤمنين (عليه السلام) ان يجمع الناس على كتاب واحد، وكان (عليه السلام) قد عمل على نشر القرآن من خلال ابي بن كعب الانصاري الذي لم تكن السلطة تتعاطى معه تعاط سلبي فوحد كتاب الله بين عموم المسلمين على قراءة ابي التي اخذها عن امير المؤمنين (عليه السلام) .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=161217
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 10 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19