• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شرحٌ وافي عن فكرةِ حكومةِ [الأَغلبيَّة البرلمانيَّةِ] .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

شرحٌ وافي عن فكرةِ حكومةِ [الأَغلبيَّة البرلمانيَّةِ]

  ١/ جذرُ المُشكلة التي خلقتها المُحاصصة وحكومات التَّوافق هي انَّها أَسقطت المسؤُوليَّة عن الجميع من خلالِ مبدأ التستُّر، تستُّر الكُل على الكُل، ولذلكَ فمنذُ العام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن ضاعت المسؤُوليَّة عن العشرات ورُبَّما المِئات من ملفَّات الفساد والفشل والإِرهاب وجرائم القتل السِّياسي والتجاوُز على سيادة الدَّولة وهيبتها وغيرها الكثير.
   إِنَّهم يعرفُونَ ذلكَ حقَّ المعرِفة، والدَّليل أَنَّهم جميعهُم بشَّرونا بأَنَّهم سيذهبُونَ إِلى تشكيلِ حكومةٍ أَغلبيَّةٍ [سياسيَّةٍ] بعد هذهِ الإِنتخابات، بل أَنَّ أَحدهُم قالَ بأَنَّ مَن يدعو إِلى حكومةِ التَّوافق والمُحاصصة بعدَ هذهِ الإِنتخابات فسيكونُ شريكاً بدماءِ العراقييِّن لأَنَّ المُحاصصة والتَّوافق هُما أَساس كلِّ مشاكل العراق منذُ التَّغيير ولحدِّ الآن، على حدِّ قَولهِ!.
   فماذا عدا ممَّا بدا لينقلبُوا على أَعقابهِم فيعودُونَ لتبنِّي فِكرة تشكيل حكومة التَّوافق والمُحاصصة؟!.
   هذا يعني أَنَّهُ وزملاءهُ من المهزُومينَ شُركاء في الدَّم وفي الفسادِ والفَشل، كما صرَّح هوَ بعظمةِ لسانهِ كما يقولُونَ.
   مُشكلتهُم أَنَّهم لا يبنُونَ رُؤيتهُم بحساباتِ الدَّولة التي تعتمد نتائج الإِنتخابات وإِنَّما بحساباتِ السُّلطة المبنيَّة على النُّفوذ!.
   ٢/ لقد انقلبُوا على أَنفسهِم وعلى [الرُّؤية] التي أَعلنُوا عنها قبلَ الإِنتخابات بسببِ النَّتائج التي خلقت لهُم [٣] صدَمات؛
   أ/ الفارق الكبير جدّاً بين الفائز الأَوَّل وأَكبر المهزُومين وهي نسبةِ [١/٣] ما يعني صعُوبة تأثيرهم عليهِ على عكسِ ما كانَ يحصل في الإِنتخابات السَّابقة إِذ كانَ الفارقُ بينَ بعضهِم في عددِ المقاعدِ لا يتعدَّى عدد أَصابع اليد ولذلكَ فإِنَّ التَّأثير المُتبادَل على بعضهِم كانَ سهلاً وفي مُتناوَل اليد.
   ب/ الفائز الأَوَّل هو التيَّار الصَّدري الذي يخشاهُ المهزُومُونَ لأَسبابٍ تاريخيَّةٍ وواقعيَّةٍ وآنيَّةٍ كثيرةٍ، فلَو كانَ غيرهُ هو الفائز لهانَ الخطبُ عليهِم ولاستوعبُوا الهزيمة وهضمُوا الصَّدمة!.
   ج/ المهزومُونَ يمثِّلونَ [المِحور الإِيراني] في العمليَّة السياسيَّة طبعاً باستثناءِ عنوانٍ أَو عنوانَينِ، وهو الأَمرُ الذي عقَّد المشهد السِّياسي، فمِن المعرُوف أَنَّ طهران استثمرت كثيراً في العراقِ، على حدِّ قولِ السيِّد محمَّد جَواد ظريف وزير الخارجيَّة السَّابق في مُذكَّراتهِ [سعادة السَّفير] وهي تعتبر العراق ورقةً تفاوضيَّةً مع الغرب! ولهذا فليسَ من السُّهولة أَنَّها ستقبل بهزيمةِ وُكلائِها بهذهِ السُّرعة، ولذلكَ فهي تُمارس كلَّ أَنواع الضَّغط السِّياسي والنَّفسي ضدَّ الفائز الأَوَّل في مُحاولةٍ منها لثنيهِ عن فكرةِ حكومةِ الأَغلبيَّة التي تعني إِقصاء [المِحور الإِيراني] والقَبول بدلاً عنها بحكومة التَّوافق والمُحاصصة لحمايةِ وكلائِها من كلِّ الإِحتمالات السيِّئة.
   آخر هذهِ الضُّغوط الإِيعاز للمهزُومينَ بزيارةِ زعيم التَّحالُف السنِّي صاحب شِعار [قادمُونَ يا بغداد] والمُتَّهم الرَّئيسي بدعمِ الإِرهاب خلال إِحتلالهِ نِصف الأَراضي العراقيَّة! وتالياً زيارة أَربيل لإِقناعِ الكُرد بالإِبتعادِ عن مشرُوعِ الصَّدرِ!.
   هذهِ الصَّدَمات الثَّلاث التي أَنتجتها الإِنتخابات الأَخيرة أَثارت الكثير من القلقِ لدى [مِحور طهران] وخلقت عندهُم كوابيسَ لا حصرَ لها!.
   يُشيرُونَ إِليها بقَولهِم [غَياب التَّوازن في النَّتائج] وكأَنَّهم ينظرُونَ إِلى صُندوق الإِقتراع قوالِبَ لا ينبغي أَن تُكسر في كُلِّ إِنتخابات!.
   شخصيّاً لا أَعتقد أَنَّ من السُّهولةِ أَن يُشكِّل إِطار المهزُومينَ وتحالف الإِرهابيِّينَ جبهةً ضدَّ الفائز الأَوَّل الّإِا أَنَّهم يُحاولُونَ عرقلةِ مشروعهِ فقط!.
   أَمَّا علاقتهِم مع الكُرد فأَعتقد أَنَّ زيارتهِم وُلدت ميِّتة لسببَينِ أَساسيَّينِ:
   *عدم ثقةِ الإِقليم بهم، فبعد تجربةٍ معهُم دامت [١٣] عاماً وُسمت بنكثِ العهُود والوعُود السريَّةِ منها والعلنيَّة، الدستوريَّة منها وغَير الدستوريَّة، ومنها الإِتِّفاق السرِّي الذي وقَّعهُ زعيم [دَولة القانُون] مع زعيم [الدِّيمقراطي الكُردستاني].
   بعدَ كُلِّ هذا تحطَّمت جسُور الثِّقة بينَ الطَّرفَين.
   *صدُور أَوامر إِستدعاء وإِلقاء قبض من قِبلِ قضاء الإِقليم ضدَّ عددٍ من زُعماء الاطار بتُهَمٍ تتعلَّق بالإِرهاب.
   فالإِقليمُ أَبعدُ ما يكون في نيَّتهِ التَّحالف مع فصائل مُسلَّحة أَعلنت أَكثر من مرَّة عن مسؤُوليَّتها في تبنِّي عمليَّات إِرهابيَّة طالت أَربيل ومطارها الدَّولي ومُنشآتٍ أُخرى.
   ٣/ قبلَ الإِنتخابات كانَ المهزومُونَ يُنظِّرونَ لفكرةِ حكومةِ الأَغلبيَّة، أَمَّا الآن فهُم يسفِّهونَ الفِكرة وينسفُونها بالتَّضليلِ والتَّشويه، كقولهِم؛ لماذا تريدونَ من الكُتل الشيعيَّة فقط أَن تذهب للمُعارضة فيما تشترك كلَّ الكُتل السنيَّة والكرديَّة بها؟!.
   هذا تضليلٌ مفضوحٌ ولا أَساس لهُ من الصحَّة، فحكومة الأَغلبيَّة [ولنُسمِّها بالبرلمانيَّة] قائمةٌ على أَساس أَنَّ نسبة [٥٠+١] تُشكِّل الحكومة و نسبة [٥٠-١] تذهب إِلى المُعارضة.
   النِّسبةُ الأُولى تتشكَّل من أَكبر الفائزين في المكوِّنات الثَّلاثة [الشيعيَّة والسنيَّة والكُرديَّة] مع تحالفاتٍ صغيرةٍ من هُنا وهُناك لإِكمالِ النِّسبة كما يحصل في كُلِّ دُول العالَم عندما يحتاج التَّحالف الحكُومي إِلى عددٍ قليلٍ من المقاعدِ البرلمانيَّة لإِكمالِ نسبة النِّصاب الدُّستوري والقانوني المطلُوبة لتمريرِ الكابينةِ الوِزاريَّة.
   النِّسبةُ الثَّانية كذلك تتشكَّل من بقيَّة الكُتل السياسيَّة من المكوِّنات الثَّلاثة كذلكَ.
   ما يعني أَنَّ الحكُومة ستكون مدعُومةً من أَغلبيَّة برلمانيَّة وطنيَّة تتشكَّل من مُختلف قِوى المكوِّنات الأَساسيَّة، كما أَنَّ المُعارضة ستتشكَّل من مُختلف القِوى للمكوِّنات الأَساسيَّة.
   فلا الكُتل الشيعيَّة ستنفرد بتشكيلِ الحكومة ولا هيَ ستنفرد بالذِّهابِ إِلى المُعارضة ولا الكُتل السنيَّة أَو الكُرديَّة لوحدِها ستشترك بمجموعِها في تشكيلِ الحكومة.
   وبذلك نكونُ قد؛
   أ/ تجاوزنا التَّوافق والمُحاصصة بنسبة [٥٠٪؜] تقريباً، وهي بداية جيِّدة جدّاً إِذا ما استمرَّ الحال في المرَّات القادِمة لتتراكم تجربة وطنيَّة جديدة تتجاوز تجربة السَّنوات الـ [١٨] الماضِية والتي أَجمعَ كل الفُرقاء السياسيِّين على أَنَّها فاشِلة لا ينبغي أَن نستمرَّ بها أَبداً إِلَّا إِذا في النيَّة تدمير البلد وأَخذهِ للمجهُول.
   ب/ فعَّلنا المادَّة [٦١] ثانياً [الرَّقابة على أداء السُّلطة التنفيذيَّة] والتي ظلَّت مُجمَّدة بسببِ المحاصصة والتَّوافق بنسبة [١٠٠٪؜] عندما اشتركَ كُلَّ البرلمان في تشكيلِ الحكومة فلم يبقَ منهُ شيئاً للمُعارضةِ التي واجبها الرَّقابة والمُحاسبة.
   ومن المعرُوف فإِنَّ ذلكَ أَسقطَ [المسؤُوليَّة] عن الجميعِ من خلالِ نظريَّة [تصفير المسؤُوليَّة] بتستُّر الكُل على الكُلِّ.
   ٤/ إِذا لم تُمِط الحكومة اللِّثام عن هويَّة [المُسيَّرات والقذائف] التي تنتهِك سيادة الدَّولة بينَ الفينةِ والأُخرى، فليسَ بإِمكانِها أَن تواجِهَها وتضعَ حدّاً لنشاطِها الإِرهابي، وبالتَّالي سيظل البلد ساحةً لتصفيةِ حساباتِ [الغُرباء] ضدَّ بعضهِم والثَّمن يدفعهُ العِراقيُّون، بالقلق الأَمني الذي يُدمِّر أَيَّة فُرصة للإِستقرار والإِستثمار والتَّنميةِ ولعلاقاتٍ إِقليميَّةٍ ودَوليَّةٍ مُتوازِنة تحمي مصالح البلد وأَمنهِ القومي.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=163190
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 12 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29