• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وحي السيدة مريم عليها السلام في القرآن الكريم .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

وحي السيدة مريم عليها السلام في القرآن الكريم

مريم عليها السلام الهمها الله بدون واسطة عندما خاطبها الله بالهام ووحي بان تهز جذع النخلة "وهُزِّي إليكِ بجذْعِ النَّخلة تُساقِطْ عليكِ رُطَباً جَنياً. فكُلِي واشرَبي وقرِّي عيناً" (مريم 25) بل الله سبحانه يلهم جميع النفوس "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا" (الشمس 7-8).

وما ورد عن الله تعالى عن بشارة الملائكة لمريم عليها السلام "وإذْ قالتْ الملائِكَةُ يا مريَمُ إنَّ اللهَ اصطفاكِ وطَهَّرَكِ واصطَفاكِ على نساءِ العالَمينَ" (ال عمران 42) مع انها ليست بنبي لان الله يوحي الى غير الانبياء "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى" (يوسف 109) وكما حصل لام موسى من قبل الهمت بما يسمى الهام الخواطر "وأوحينَا إلى أم موسى أنْ أرضِعيهِ فإذا خِفتِ عليه فألْقِيهِ في اليَّمِ ولا تخافي ولا تحزَني إنَّا رادُّوه إليكِ وجاعِلُوه مِنَ المرسلينَ" (القصص 7)، وحتى النحل يوحى اليه بما يسمى الالهام الغريزي "وأوحَى ربُّكَ إلى النَّحْلِ" (النحل 68). والالهام الغريزي حصل في الهام الله للحواريين بالايمان به وبعيسى بن مريم رسول الله "وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ" (المائدة 111).

الوحي في اللغة هو الاشارة والتفهيم ومن معانيه الالهام، والرؤيا، والارسال كما حصل لمريم عليها السلام "فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا" (مريم 17-19).

والمعروف فان وحي النبوة والرسالة يختلف عن وحي الالهام الذي يلقى في قلوب غير الانبياء. وحتى ان النبي يمكن ان يوحى اليه وحي الالهام قبل نبوته مثل يوسف عليه السلام "وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" (يوسف 15). قال الامام الرضا عليه السلام (وأمّا النكت في القلوب فهو الالهام وأمّا النقر في الأسماع فحديث الملائكة، نسمع كلامهم ولا نرى‏ أشخاصهم).
 قسم الله سبحانه كلامه مع البشر الى ثلاثة اقسام حسب الاية المباركة "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ" (الشورى 51). الكلام من وراء حجاب مع النبي موسى عليه السلام في القرآن الكريم "وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً" (النساء 164)، و "قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي" (الاعراف 144). اما الرسل فهم الملائكة وجبرائيل ويسمى بروح القدس هو المكلف بارسال او انزال الرسالة من الله الى البشر ومنهم الرسل "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ" (الشعراء 193).

كما نزل جبرائيل على مريم على صورة بشر {"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً" (مريم 16-21).

ويعتبر تعليم مريم عليه السلام علم لدني، واشار الله تعالى لذلك في القرآن الكريم لاشخاص اخرين "فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا" (الكهف 65) اي ليس بالدراسة اي يلقيه الله تعالى بطريقة ما في قلوب الاشخاص كما حصل لمريم عليها السلام وام موسى. وقال الامام زين العابدين عليه السلام لعمته زينب عليها السلام انت عالمة غير معلمة وهو العلم اللدني. وبالمثل فلا غرابة بان جبريل عليه السلام كان ينزل على فاطمة عليها السلام. والله كان يوحي مريم عليها السلام الهاما قلبيا او نقرا في سمعها تسمع صوت الملائكة.

سُئل الامام علي عليه السلام عن لفظ الوحي في القرآن فقال (منه وحي النبوة، ومنه وحي الإلهام، ومنه وحي الإشارة، ومنه وحي أمر، ومنه وحي كذب، ومنه وحي تقدير، ومنه وحي خبر، ومنه وحي الرسالة).

وجاء في الكتب المقدسة المسيحية كلام مشابه لما موجود في القرآن عن الوحي (فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلَاكِ: "كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟" فَأَجَابَ الْمَلَاكُ وَقَالَ لَهَا: "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ)




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=163281
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 12 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2