• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بعض سياسيينا اليوم ! .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

بعض سياسيينا اليوم !

بعض سياسيينا اليوم وللاسف الشديد ، يسيرون باتجاه نشر وترسيخ المبدأ القائل  (انصر اخاك ظالما او مظلوما ) ، حسب المفهوم الجاهلي ، وليس حسب مفهوم الاسلام الذي اراده نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه المنتجبين وسلم ، بأن تردع الظالم عن ظلمه حتى وان كان ابن عشيرتك وحزبك ، وتقف الى جانب المظلوم حتى وان كان من خارج عشيرتك وحزبك .
سقط نظام البعث الدموي وترك تراكمات كثيرة في جميع المجالات ، وبسقوط النظام الديكتاتوري انتقل العراق الى النظام الديمقراطي الحقيقي ، رغم عمليات الفرض السياسي من المحتل الامريكي ، وخارج السياقات الديمقراطية المتبعة في الدول الديمقراطية الحقيقية ، اذ فرضت القوات المحتلة سياسيين محسوبين على فكر البعث الصدامي ، او سياسيين تابعين لاجندات دول المحور الامريكي الاقليمية ، كالسعودية اوقطر او تركيا المعروفة بطائفيتها ، واصبح هؤلاء يشكلون مشكلة كبيرة للتقدم السياسي في البلد ، وبسبب سوء نوايا هؤلاء المشاركين فرضا في العملية السياسية  تحولوا الى معرقلين للعملية السياسية في العراق ، وخالقين للمشاكل بدافع افشال العملية السياسية الجديدة ، اوعلى الاقل عرقلة تقدمها ، خدمة للاجندات التي يحملونها ، اوخدمة لاجندات الدول المعادية للوضع الجديد في العراق والتي سخرتهم لهذه المهمة ، وقد فُرض الكثير من هؤلاء السياسيين التابعين للدول الطائفية  او الحاملين لفكر البعث الصدامي ، عن طريق التزوير في الانتخابات الاخيرة بالتعاون بين الامريكان وبين بعض الاعضاء من مفوضية الانتخابات ، اذ جرت عملية التزوير بطريقة فنية لكنها مفضوحة ، بسبب توفر الادلة الكثيرة على هذا التزوير الذي جرى لصالح السياسيين المحسوبين على فكر البعث او المحسوبين على دول الاقليم الطائفية ، وقد قامت القوات المحتلة بالتعاون مع المفوضية بالتغطية على هذه الفضيحة ، ولم يسمحوا بكشف اوراقها ، خدمة للجهات السياسية المستفيدة من هذا التزوير ، ومشاكل العراق السياسية اليوم ، والازمة السياسية المفتعلة ، هي ثمرة من ثمرات فرض هؤلاء المحسوبين على العملية السياسية ، وبسبب هذه الازمة المفتعلة اخذت بعض الاطراف السياسية تلعب في الساحة مستغلة ظروف التأزيم لتحقيق مصالح حزبية ضيقة ، او مصالح قومية انانية ، على حساب المصلحة الوطنية العليا والشعب العراقي يعرف جيدا ان بعض السياسيين اليوم يبيع أي شئ من اجل الحصول على المكاسب الشخصية او الحزبية او القومية ، ومثل هؤلاء السياسيين يعتبرون خلق الازمات فرصتهم الذهبية لتحقيق مصالحهم الذاتية .
اضافة الى هؤلاء المفروضين باسم المشاركة على العملية السياسية ، هناك من تسلق بطريقة او اخرى الى قبة البرلمان وهو غير كفوء لهذه المهمة ، سواء باستغلال الجماهير دينيا او اجتماعيا ، او استغفالها بسبب فقر الثقافة الانتخابية ، او فقر الوعي السياسي لدى البعض ، كون العراق بلد مستجد على التجربة الانتخابية الديمقراطية ويحتاج الى الوقت الكافي حتى تترسخ المفاهيم والقيم والثقافة والوعي الانتخابي .
بعد سقوط صنم بغداد في 9 نيسان 2009 ، تمتع الشعب بفضاء واسع للحرية كذلك برز في الساحة عدد كبير من الاحزاب والتيارات ، وهي تعمل من دون قانون اونظام ، انعدام القوانين التي تنظم تشكيل وعمل الاحزاب السياسية ، خلق فوضى كبيرة في الساحة السياسية العراقية ، وخلق ايضا فوضى في التصريحات الاعلامية المتقاطعة والمؤذية والمغرضة في بعض الاحيان ، ونقصد بالاحزاب من هي احزاب حقيقة ولها تأريخ مشهود ، وكذلك الاحزاب والتيارات التي تشكلت بعد سقوط النظام ونعني بالتيارات التشكيلات السياسية او الدينية التي تمارس العمل السياسي ، وهذه يجب ان تعامل معاملة الاحزاب ، وتخضع لقانون الاحزاب ، اما من يريد ان يتملص من قانون الاحزاب باسم الدين او أي عنوان اخر وهو يمارس العمل السياسي فهو مرفوض ، ويجب على البرلمان ان ينتبه لهذه الظاهرة عند سن قانون الاحزاب .
تعاني الساحة السياسية العراقية اليوم من كثرة هذه الاحزاب والتيارات والتشكيلات بحث اصبح عددها يفوق المائة حزب او تشكيل او تيار ، وهذا العدد غير موجود في أي بلد من البلدان الديمقراطية ، وفي نفس الوقت يشكل عبئا كبيرا على المجتمع  وارهاق للعملية السياسية الجديدة ، وضياع للاصوات ، علما ان بعض الدوائر المعادية للعراق هي من يسعى لتكثير هذه التيارات والاحزاب بواسطة الاموال التي يدفعونها للتابعين لهم من السياسيين في داخل العراق ، رغبة في التشتيت وخلق التفرقة ، واحيانا يكون بدوافع طائفية مقيتة .
الوضع الجديد في العراق يحتاج الى اصدار القوانين التي تنظم عمل هذه الاحزاب والتيارات ،مع معرفة مصادر التمويل لكل حزب ، وتحديد آليات التنظيم والانضمام الى هذه الاحزاب ، كي يتقلص عددها وتلغى الاحزاب التي لا تتوفر فيها الشروط المطلوبة وفق القانون . 
ان بعض الوجودات السياسية في العراق تتلقى الدعم الخارجي بل هي تابع لدوائر خارجية ، تسير وفق ما يرسم لها في الدوائر الخارجية بعيدا عن التوجهات الوطنية وهذه معضلة كبيرة يعاني منها الوضع السياسي الجديد في العراق ، المشكلة الاخرى التي يعاني منها الوضع الجديد وتلقي بنتائجها السلبية على المواطنين ، هي ان هذه الاحزاب الكثيرة لا تعمل بمهنية ، بل تعمل بمعيار المصلحة الحزبية الضيقة ، بحيث ترى كل حزب يحتضن اتباعه الجيدين والسيئين على حد سواء ، خاصة هذه الايام بعد انكشاف امر طارق الهاشمي ودوره في الارهاب ، اذ نرى بعض الشخصيات السياسية التابعة الى هذه الجهة او تلك ، تضبط متلبسة بالارهاب او الفساد المالي او الاداري نرى الاحزاب التي تنتمي لها هذه الشخصيات تقف موقف الدفاع عن الشخصية السياسية التي ضبطت متلبسة بجريمة الارهاب او الفساد ، هؤلاء لا يعترفون بوجود دولة او قانون ، بل يتخيلون الامور وكأنها نزاع عشائري ، وكل عشيرة تنتخي وتفزع للفرد المنتمي اليها حقا او باطلا على قاعدة ( انصر اخاك ظالما او مظلوما ) بالمفهوم العشائري المتخلف ، لا بالمفهوم الاسلامي الانساني الذي يقول انصر اخاك الظالم بأن تردعه عن ظلمه ، وانصر اخاك المظلوم بأن تقف الى جانبه لاخذ حقه ودفع المظلومية عنه ، لكن احزابنا اليوم ولا ادعي جميعها  تنتصر لافرادها في كل الاحوال بغض النظر عن الفعل او الجريمة التي اقترفها هؤلاء الافراد ، بل البعض يسوق الاتهام لهذا الفرد المفسد او المتهم بالارهاب يسوقه طائفيا او قوميا عنصريا وبتشجيع من دول الاقليم الطائفية المعادية للعراق، وهذا يعد كارثة كبيرة يتلقى نتائجها الشعب العراقي الصابر،  واذ تتصرف بعض احزابنا هكذا فأن وجودها سيكون نقمة على الشعب وليس رحمة  وستتحول الى داء بحاجة الى دواء .
ان مجلس النواب هو من يتحمل مسؤولية اصدار القوانين التي تنظم عمل الاحزاب ويتحمل اعضاؤه مسؤولية ان يكونوا قدوة حسنة في العمل المهني ، والّا سيصيب الجماهير الاحباط ، وتفقد الثقة بممثليها البرلمانيين ، وان كنتُ انا شخصيا لا احمّل اعضاء البرلمان كامل المسؤولية في وجود مثل هذه السلبيات ، لان اعضاء البرلمان هم نتاج المجتمع الذي يعاني من هذه الادواء ، والتي تحتاج الى وقفة شجاعة من جميع الاطراف والجهات لاشاعة روح الديمقراطية الحقيقية ، وانتشار ثقافتها  ونشر الوعي والثقافة الانتخابية ، وتنمية وبناء الشعور بالمسؤولية ، والعمل بمهنية بعيدا عن التخندق الطائفي او القومي او الحزبي ، اذا انتشرت وترسخت هذه المفاهيم في نفوس الجماهير حينها ستنتج اعضاء جيدين مهنيين يحملون صفة الوطنية الحقة  ولا يهمهم شئ سوى خدمة ابناء شعبهم بمختلف الوانهم ، بعيدا عن السلبيات التي نعاني منها اليوم ويجني نتائجها الشعب العراقي الصابر .
على سياسيينا اليوم الانصهار في حب الشعب والوطن فقط ، ويجب ان تتقدم مصلحة الشعب والوطن على المصالح الشخصية او الحزبية او القومية او الطائفية ، ولو ان بعض سياسيينا اليوم وللاسف الشديد يولّدون الاحباط في نفوس جماهيرهم  بسسبب ارتباطهم بالاجندات الشخصية او الحزبية ، او ارتباطهم بالاجندات الطائفية او القومية ، او ارتباطهم وهذه هي الكارثة باجندات خارجية ويعملون من دون حياء او خجل لخدمة هذه الاجندات الاجنبية ، مثل هؤلاء لابد للشعب ان يقول كلمته فيهم ويضع النقاط على الحروف ، وعلى السياسيين الاخرين الذين يجمعهم حب الوطن كشف هؤلاء السياسيين وفضحهم ليقول الشعب فيهم قولته ، ويصدر حكمه العادل بحقهم .
com.A_fatlawy@yahoo



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=16451
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 04 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16