• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (تضاد العنونة) بوح أدرد (انموذجا) .
                          • الكاتب : عادل علي عبيد .

(تضاد العنونة) بوح أدرد (انموذجا)

(1)
من شجرة الأسماء ، وصولا إلى تشظي النص ، تكمن دقة اللعب في دائرة الاختلافات الالتباسات المفاجآت .. بعيدا عن الابتسامات التقليدية المباشرة ، فتبرز من بين ثريا العنونة تفسيرات خجلى ، تبحث عن دلالة قاطعة للمعنى . المعنى المقنع الذي يتحرى البعيد ، ولكنه يقبع في دائرة القناع . قارئ العنوان هنا لاعب جديد أقحمته العنونة ليكون مفسرا مؤولا للبعد القسري الثالث ، الذي فرضته التسمية ، وهي تلعب بمهارة على ما يشبه القول المخبوء ، او النطق المؤجل ، او الفيض المقنع .. هذه الاثراءت قد تختبئ في عيون القصائد ، لكن القصائد وببنيوية متمردة تتألق لتشعل عالمها برؤى أخر ، تاركة للقارئ حيرة تبقى تضادد كل احالاته .
(2)
البوح تتويج لانحسار الكلام في فترة ما ، إذن ، هنالك مساحة انتقالية مرمزة ثقف لها الديوان بمباشرته المشاكسة ، وهو يكسر تقليدية العناوين ويجعل دائرة التلقي معنية بالاشتراك في تفكيك نشيد الولوج ، قبل أن يفصح الشعر عن شخصيته . العنوان هنا ثوري معمد باللوعة والألم ، ويحمل رسالة من فيوض المعاناة سيصبها في قوالب الكلمات التي تئن ، لتعلن عن تراتيل المعنى التي راح يطوف حول شجرة المسمى . قد ينتقل الرصد من الشاعر العراقي صاحب الألم الوقفي المتجدد ، إلى شعراء عرب من بلدان شتى ضمهم الديوان ، ليتحقق معنى العنونة ، بان اللوعة هي لوعة كبرى شملت الخريطة العربية بأكملها .
(3)
البوح إظهار للكلام ، وجهر به ، ونسلم جميعا على انه يختلف عن حالة الكلام التقليدية ، او المباشرة ، فهو مرهون بحالة تنوف عن مساحة الكلام العادي ، او الكلام الذي يخرج من صاحبه بطريقة فطرية تلقائية . إذن ، فالبوح يعني الاجهار بكلام ذي أهمية خاصة ، وهو يختلف عن بقية الكلام الذي يبتعد عن راهنية المعنى ، وحرج القول . هناك انحسار لحالة معينة حتمت عليه أن يبقى حبيسا دون أن يطلق ، لذا فجاء البوح ليعبر عن حالة هي ابلغ وأثقل من بقية الكلام .
(4)
يشكل العنوان قيمة دلالية وتكوينية للنص ، وتبقى وصايته وسطوته وسلطته تلازم جل مساحات النص ، وهنا نقع باشكال كبير إذا ابتعدنا عن أفق العنوان ، والنأي عن مساحته لاسيما وهو يمثل إحدى الكشافات المساعدة لفك الغموض الذي يحمله النص ، او إذا ما سلمنا أن العنوان يؤلف المساحة الكبرى للنص . ودائما ما يقود فضول القارئ الى البحث عن المراحل الحقيقية للعنوان ، وعلاقته بالحالة او المرحلة او الظرف ، لذلك يبقى العنوان هو الدلالة الأساسية لمعنى وهدف ونشيد النص .
(5)
يؤلف العنوان في بوح ادرد راهن تصديري يجب أن تستظل قصائد النص العام به ، بوح ادرد كما أسلفنا يشكل لوعة من يطال اللقمة ولكنه لا يأكلها ، إذن ، من يتخلف عن هذه الراهنية كمن يزج جواده في مضمار لسباق السلاحف . العنوان هنا حافز ومحفز للنص والمتلقي ، وانه يدلل في كل حالاته وتنبيهاته وأهدافه إلى النص . وسلطة العنوان لا تتحدد بجزء من النص ، او انها تتفاوت في مساحة محددة دون أخرى ، فهذه محددة بالعناوين الفرعية ، وهي الأخرى تنضوي تحت نشيد وأهداف ودلالة النص .
يقول جواد العبادي :
( بوح ادرد : إظهار لمعتلج الروح ، لكن ما جدواها إن تساقطت منها الأسنان وأمست بلا عض ، بلا قضمة ، او بلا أنياب تمزق اللقمة . هو بوح شفاف لا يعترك السلالم ، ولا يقض مضجع الحرس ، بل يتداعى نسمات ندية تدغدغ ليل المتعبين ) .
(6)
إذا تطرقنا إلى العنوان ، فإننا تلامسنا مع القصد والمعنى ، وهو يحجب او يخفي صورا شتى ، ولكنه يجبرك إلى أن تعود إلى العنوان لتتحدد بالهدف الأساس للنص . إذن ، العنوان هو إعلان النص ، وهو الومضة الأولى التي تكشف ملابسات النص . وقد يوظف العنوان كسؤال يحتاج إلى جواب كما فعل عنوان (مشروع) بوح ادرد ، وجواب بوح ادرد هو نص بوح ادرد . النص بحد ذاته يعتبر لغزا ، وحالة يجتهد بها الناص ، ولطالما شكل لبسا وضبابا حال دون أهدافه ، لذا يأتي العنوان ليؤلف مفتاحا سحريا للقارئ .
(7)
عملية استقبال النص ترتبط أساسا بالقارئ ، حتى أن مساحتها النقدية أحيانا تختص بالقارئ أكثر من الناص نفسه ، وهنا تبتعد طرق القراءة في حالة أن يكون النص تابعا لحياة الكاتب او سيرته الذاتية ، أي بعبارة اشمل عملية مسح التاريخ الإبداعي للكاتب (الناص) . فدائما ما يتغلب الفن هنا بعد أن يخضع لعملية الإدراك والفهم ، فالفهم هنا يؤلف أهم عناصر الفن ، ولا بأس أن يتكلل بعملية التفاعل مع النص .
(8)
العنوان حاجة لا بد منها للتعريف بمضمون الكتاب وتداوليته ، كونه يثقف ويسبق كل الأشياء بالتعريف والتثقيف والتبشير عن المؤلف والنص ، واعتباره مفتاحا للتلقي يقف القارئ من خلاله على حقيقة وهدف النص ، ويصل إلى نشيد الناص . ويعد العنوان مشاركا القارئ في الكشف عن الغاز النص ومضمونه .
في مشروع بوح ادرد ، جاءت النصوص متذرعة بالعنوان ، الذي يفوق أحيانا مسوغات النص .
(9)
العنوان هو خلاصة النص ، ومرآته التي تعكس أفكاره وتداعياته ، وكشف المخفي بطريقة ذكية لا تخلو من التورية الايجابية ، على الرغم من كلماته المحدودة . وقد ينتقل العنوان من طابعه العادي ليكون حافزا على قراءة النص ، وهذا ما أكدته القوائم الطويلة والعريضة التي نجدها في اللوائح والثبوت الببلوغرافية للمكتبات العامرة ، فهي تقصر طريق الباحث ،والقارئ وتعطيه الإشارات الأول للنصوص والمصادر .
(10)
دائما ما يؤلف العنوان حافزا للقارئ ، كما في (بوح ادرد) ، ولعل عملية التوظيف المشاكس والمتحدي هنا اعتمد إثارة القارئ واستدرار فضوله ، وصولا إلى اقتحامه لعذرية النص . ونعتقد هنا أن اختيار (بوح ادرد) جاء موفقا وذكيا ، في وقت تضج المواقع الشعرية الالكترونية بالعديد من العناوين الشعرية التي فاقها هذا (التلاعب) ، الذي اعتمد جس نبض المتلقي وإجباره على اقتحام النص . هذه المخالفة التثقيفية التصديرية اعتمدت الجوانب الإستراتيجية في ترسيخ نشيد وهدف المشروع .
(11)
ليس العنوان ظاهرا في المعنى ، إنما هو معنى شامل يضطلع بالنص ويجتهد به ويترجم بداياته . انه يتحرى بمقاطع كلماته عمقا شموليا معززا بالتشويق والحث على خوض واقتحام النص . ومن الضروري هنا أن يكون اختيار العنوان ذكيا وحاذقا ، ومرة سمعنا أن جهات خاصة تختص بإطلاق العناوين والاطمئنان على أهدافه ، فلطالما وضع الناص عنوانا تغير إلى آخر ، نتيجة ظروف طارئة ، غّلب فيها الناص العنصر الذاتي والموضوعي .

(12)
للعنوان غموض (أولي ) ، وصورة لغوية خاصة ، يحسب لها أحيانا أنها تترادف بشكلها لتكون مشروعا يضاف إلى إبداع الناص ، فقد يلعب العنوان على محاور متعددة ، ويحث القارئ على الفضول والاكتشاف ، ويثير فيه تطلفلا ايجابيا من نوع خاص ، ليصل إلى معرفة كنهه . ولا تعجب ، فلربما بحث القارئ مليا ، واستكمل قراءة النص ، من دون أن يلتقي بالعنوان !
(13)
تحمل العناوين بلاغة خاصة ، وتأثير جاذب يثير الفضول ، في محاولة لاستمالة حس القارئ او حتى المشاهد والتأثير به ، ولربما ألف العنوان سطوة ومهيمنة على قراءة النص ، وهو يرادف اكتشافات القارئ ويثير فيه فضولا من نوع خاص ، وربما ايضا اثر على الرائي وأيقظ فيه حماسا وتعاطفا ، ومثل هذا ما تلجأ إليه عناوين الأفلام في مجال صناعة السينما
(13)
وقد يلجأ الناص إلى اختيار عنوانه من خلال جودة الكلمات التي تتناسب وطبيعة وتوجهات النص ، فالعنوان يعني هيمنته على كل الأسماء التي ترد في النص ، لذلك يحمل بعدا إيحائيا معمدا بالوضوح والاختصار . لذا يبقى العنوان سؤال ينتظر جواب النص ، ولربما امتلك النص مزايا كثيرة تؤدي إلى حقيقة العنوان .
(14)
... ولربما يصبح العنوان سؤالا يجيب عنه النص ، او لا يجيب عنه !
(15)
قد يشجعنا العنوان على الفضول والتساؤل والانتظار ، إذ غالبا ما يكتنف العناوين حالة من الترقب والتردد والحيرة ! لأن الموضوع المنبثق من العنوان قد يؤلفُ حالة ً مؤيدة ومباركة لمضمون النص ، وهكذا يؤلف العنوان وفي كثير من الحالات جسرا بين الناص والقارئ .
• كنت ارقب وفي حفل توقيع (بوح ادرد) إلى أن اغلب الحضور راح يقلب دفتي الكتاب ويبحث عن سؤال لطالما ظل يزاحمه !
(16)
قد يصبح العنوان حالة متحركة ، تنتظر ما يجود به النص ، ويبقى أن من يجيب ويحسم سؤال العنوان هو القارئ نفسه ، علما أن النص هو ناقل لمعنى العنوان . او قد يبقى العنوان غامضا طائفا محلقا في فكر او أفق او فضاء ، يحتاج الى التفسير او الايضاح . إذن ، العنوان فضاء مفتوح ليس له حدود ، يحتمل العديد من التأويلات والتفسيرات .
مشروع (بوح ادرد ) دخل وبجدارة ضمن هذا الامتحان ، وأحال علامات الاستفهام والتعجب إلى دائرة الاستفسار البعيد ، ما يؤكد حالة قادمة تستثمر وتستنطق النص وصولا إلى نشيد المشروع .
(17)
العنوان نمط قولي يعكس ثقافة الناص ، ويحصرها ويحيلها إلى دلالة وثقافة التكثيف ، إذا ما سلمنا أن التكثيف ثقافة اختزالية تحتمل كسر الغرابة ، وتثور على إسفاف المعنى ، وثرثرة التنويه . لذلك نجد أن الناص طالما يضع عنوانا آخر بديلا ، وإذا ما قدر لك أن تسأل صاحب العنوان يوما لقال : كنت أرجح كذا عنوان عن هذا ، او أن الأديب والشاعر الفلاني قد أشار لي .....
لو تسأل صاحب عنوان (بوح ادرد ) – على الرغم من علمي الأكيد أن العنوان كان يمثل حالة شخصية لمكتشف العنوان نفسه انعكست على (المشروع / الديوان) – لقال : إن ثمة عناوين أخرى وضعتها على طاولة النقاش ، ولكنني وجدت تناسبا لحالة وطقس العنوان تزامن وتآلف مع نصوص الديوان .

(18)
(غسيل البكاء / سُكرة الموت / ايروسية قصيدة حب / بربكم متى / عرّاف الفصول اليائسة / الشرك / أزمنة الحلم / ثمة رحيل / تجيئين ../ ارجواني / إغمائي بك / دقات ساعة / كالحلم اشتقت ربيعك / حوار الصدى والمرآة / سفيرة الياسمين / التيه / على مرمى قدر منك ........ ) بعض نماذج العناوين الداخلية من ديوان (بوح ادرد) .

للعنوان الأم سطوة على بقية العناوين الداخلية او الثانوية والتي دائما ما تستظل به وتؤلف عنوانات رديفة وبديلة له ، وهي تؤلف هنا شظايا العنوان الأول ، كما أننا نستدل من العنوان الأول والعناوين الثانوية الأخرى ، أن هناك رابطا وهميا يمر من خلال العنوانين .
• لكم كان امتناني كبير جدا للصديق الشاعر ثامر العساف في حفل توقيع الديوان ، وهو يجيب على سؤالي المنحسر والمخبوء ويربط تجربة مشروع (بوح ادرد) بمشروع المشغل السردي (بقعة زيت ) الذي كان ثامر فارسه النقدي .
في بقعة زيت انطلق السرد من العنوان ، ولا ادري بل اسأل هنا : هل جاء (بوح ادرد) متأخر عن المشروع الشعري ، أم انه لفت نظر المشتركين في الديوان على أن من الضرورة أن تستظل النصوص به ؟
(19)
التصور الأولي الذي يتركه العنوان للقارئ يحفز فيه خوض غمار ومخاض النص ، ويحث خطاه باحثا عن حالة غريبة حملها العنوان ، حفزت فيه فضولا ، او أوقدت فيه جذوة ، او أثارت فيه شعورا استثنائيا ، او لنقل إن كلمة او عبارة ما تناسبت مع ذكرى ، او حالة شعرية خاصة ، لطالما قبعت واستقرت في محمول القارئ ..
للعنوان موسيقاه التي تثير فينا حالات من استحضار الحبيب ، البعيد ، الجمال ، القبح ، المرأة ، الذكرى ، الطفولة ، مغيب الشمس ، شروقها ، كركرة الأطفال ، السيف ، المرج المتهادي ، وحدة الجبال ، الموت ... وكل ما يتمركز فينا ويثير الشهوة او البوح او الإفصاح .
يلعب العنوان لعبته الغريبة ، وينهج نهجا سحريا يخلد نصه او يطمسه !
(20)
يكشف العنوان عن حالة الزمان والمكان ، ويخبئ صورة تبقى ماثلة في ذهن القارئ ، - قد يتشارك غلاف الكتاب في تمركز صورة وشكل العنوان واستذكر هنا تصميمات البابا للمؤلفات الستينية والسبعينية – كبرياء وهوا جين اوستن / البؤساء فكتور هيجو / الاخوة كرامازوف ديستويفسكي / المتصيدة بلزاك / الاحمر والاسود ستاندال / مرتفعات وذرنغ اميلي برونتي/ جين اير شارلوت برونتي/ الام مكسيم غوركي / طلاب الليل مكسيم غوركي / آنا كارنينا تولستوي / اوليفر تويست شارلز ديكنز / الشيخ والبحر ارنست همنغواي/ الاحتقار البرتو مورافيا / لا تطفئ الشمس إحسان عبد القدوس/ أولاد حارتنا نجيب محفوظ / شجرة اللبلاب محمد عبد الحليم عبد الله / حماري ومجلس الصلح توفيق الحكيم / هؤلاء علموني سلامة موسى / عصر القرود مصطفى محمود / النظرات المنفلوطي ...
الصورة الأولى / النظرة الأولى / الفكرة الأولى/ التسمية الأولى هي قدحة لها كامل الفضل على كل التسميات الأخرى .
في مرحلة القراءة الأولى يبقى الفعل الجاذب يؤلف مهيمنة على الذهن والذاكرة ، ولكن ذاك لا يعني الصورة قد تشير إلى كل أهداف النص .
(21)
تعمّد الإثارة في العنوان حالة يلجأ إليها الناص ، وهي حالة (غائية / ايجابية ) تثري العملية الإبداعية لمشروع العنونة ، ولطالما تتخالف / تتشاكس / تتضادد العناوين وصولا إلى إثارة الحس والحدس ، ما يستدعي القارئ زيادة في المعلومة ، وحالة من التساؤل المتجدد الذي يشوبه الشك !

(22)
هناك إجابات أولية للعنوان ، وردود فعل تتفاوت بين الناص والقارئ ، تتبعها آثار نفسية لكلا الطرفين . قد يحيلنا العنوان إلى شحذ وتأسيس رؤية (أولية ) للنص من خلال تنشيط وتحفيز فعالية الوعي ، وقد يجد الناص أن العنوان يؤلف مرآة مكسورة تتشظى إلى عدة أجزاء ، ولكنها لا تنفصم عن عجينة المرآة .
(23)
قد تشفع المقدمة أحيانا لإشكالية العنوان ، وتمهد له ، ولكنها في أحيان كثيرة تزيده تعقيدا وغموضا . فقد يسهب المؤلف (الناص) بأمور يتحراها او يتوخاها تجعل العنوان أكثر عزلة عن النص . لذا تتكفل المقدمة لكشف شيء عن غموض النص ، وتشجيع القارئ للوصول إلى كشف رموزه وفك طلاسمه ، بل تنصب نفسها لتكون جسرا بين القارئ والنص .
(24)
لعل التطورات الحداثية لاسيما الاتصالية منها قد أخلت بقدسية العنوان ، وجردته من حقيقته ووقفيته ، فراحت تتلاعب بالأسماء والتوصيفات ، وكأنها تُنصب نفسها كمشروع مستقل عن النص . فالعنوان يسير صفا واحدا مع المتخيل والاستحضار ، الذي هو بلا شك من إنتاج القارئ وحده . نعم ، قد تخترق المقدمة أحيانا حرمة النص ، او حتى تتجاوز او تقفز عليه ، او تنتهك عذريته !
(25)
العنوان إشارة واضحة ووظيفة دلالية تتجنى على حرمة النص ، وله جاذبية وموسيقى خاصة . قد يعتمد العنوان الإيهام والتورية ، وصولا لالتماس معنى آخر ينشده الناص ، ويثقف إليه من خلال العنوان نفسه .
(26)
قد يأتي العنوان واضحا مباشرا ، وقد يأتي مبهما ضبابيا ، تتوارى دلالاته خلف كلماته القصار . قد يتوخى الناص عنوانا لا يجد صداه ، إذا لم يتكلل هدف العنوان مع نشيد النص وأهدافه ، وإذا زاغت قصدية العنوان عن ثبوت النص ! إذا أخفقت الدلالات التوظيفية في معالجة او استنطاق حالة يعمد لها الناص . نعم ، قد يلجأ الناص من خلال العنوان إلى قصدية مراوغة ومخادعة ، وصولا إلى مرحلة ربط القارئ بتجربة أخرى يحاول توظيفها ضمن ذات النص .
(27)
(أحيانا ) لا يتحدد العنوان بقصد الناص ، او حتى بالهيئة النحوية التقليدية ، فالعنوان مشروع يشاكس النص او يناوره ، او يلعب عليه ويخاتله او يجعله دالة مقدمة او مؤجلة ، او قد يُغلّب الناص عدم وضوح العنوان وصولا لجوانب دلالالية أخرى . قد يكون العنوان مفتاحا لحل مجموعة من الأسئلة الراهنة التي يطرحها النص ، او انه يكون موظفا لأسباب تربط القارئ بالنص ربطا مباشرا .
(28)
يعتبر العنوان عنصرا مهما لمشروع الكتاب ، ومكونا حساسا للقيمة الدلالية للنص ، كما ويعتبر دليلا ومفتاحا لسلطة النص وواجهة (إعلانية إعلامية) له ، وهو الجزء الذي يدلل على النص ، ويكشف عن طبيعته وجنسه ، ويسهم بفك رموزه وغموضه . وهذا يفسر تفسيرا نقديا على انه من أساسيات النص .
(29)
يتناسب شكل العنوان مع الظروف الموضوعية والاجتماعية التي انبثق عنها ، كونه جزء يعين القارئ على معرفة واكتشاف سر النص ، وتعتبر التسمية هنا مؤشر إلى النص . فقد يأتي العنوان شاملا للنص ، ولا يقتصر على جزء منه . وعلى الرغم من وجود عناوين داخلية تشفع لدور العنوان ، إلا أن العنوان يبقى متمتع بمهيمنة المعنى على النص .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=165107
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 02 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3