اثناء قرأتي لكتاب ماذا في التاريخ من حكم وعبر استوقفتني جملة فيها معان ِ كثيرة تفتح لك ابواب لعدة تسألات ولم تقف لهذا الحد بل ربما يجد القارىء ضالته وأمله قد غيب عن ذهنه لسنوات تلاشت أمنياتك على اطلال من اليأس والحرمان , تحيط بنا في هذا العالم العديد من الإختيارات الصعبة والاختبارات الأليمة والبلاءات الجسيمة إلا مارحم رب العباد، ولكن الله عز وجل قال في كتابه الحكيم [لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت ]86/ البقرة , هذه الجملة جاءت تفاعلا مع سيرة احد العلماء حيث كانت بداية حياته فيها الجهل والعوز والضلال وقد سار على سبل لم يجد فيها طريق المعرفة والحقيقة سوى سبل الظلام والشك الذي كان يحيط به خلال فترة حياته من الشباب وكان واقعا عليه ان يتعايش معه وهي بحد ذاتها أفكار لايمكن الهروب والتصدي لها مهما طال الوقت وتكالبت عليك المواجع أنها كرابعة الشمس في وضح النهار وقد تلئلئت خيوطها لتشرق في كل بقعة وزاوية لتطهر اجسادنا وعقولنا من درن الرذيلة والشرور, الكثير من قرأنا عنهم في كتب التاريخ كيف كانت بداية حياتهم من ألم وتعب ونكد وجراح واستمروا على هذا الحال لفترة طويلة ثم تحولوا بعدها الى نهايات مشرقة وقد دونت اعمالهم وانجازاتهم على صفحات خالدة يتذاكرها الاجيال لتكون انطلاقة وبداية طيبة في رسم مستقبل صاعد يجنون منه ثمار الخير والازدهار, ولا يختلف الامر أن تنعكس تلك البدايات المؤلمة وهي محرقة في بداية حياتهم على أغلب الرجال والنساء في الكون وكيف عاشوا معاناة البؤس والنصب ولايقتصر ذلك على منطقة معينة وسرعان ما تغيرت سبل معاناتهم وطويت صفحاتهم المؤلمة لتتحسن ظروفهم واصبحوا في قمة السعادة على كافة المستويات والاستقرار النفسي ولا استطيع ان اجزم ان تلك الامور تأتي للبشر من جراء ان يضع يده على خديه بل هي في بادىء الامر ابتلاء واختبار لربما هذا مايصاب به الشخص من احباط وانكسار للنفسية وفقدان الثقة في المجتمع بعد أن فقدها في نفسه, ثم تحول الى جسد خالي من العواطف والاحاسيس ولاينظر الى المستقبل بعين التفاؤل والأمل فمثل هولاء هم من الذين قدموا انفسهم وافكارهم قرابين للشيطان واصبحوا يتأففون من ابسط الصدمات ولم يخوضوا معترك الحياة وليعبروا بقوة حزمهم واصرارهم وتفانيهم للتخلص من كل ازمة عابرة بالصبر واستخدام العقل كوسيلة للتميز ولمعرفة الصواب , لهذا انقسم الناس الى قسيمين من صبر ظفر ومن لج كفر فإهل الصبر استطاعوا ان يحققوا الانتصار على الذات بعد مخاض طويل من الزمن بحكمة ودراية وثق بالنفس ولم يستسلم الى الظروف القاهرة مهما كانت ذات طابع حزن وفقر ,فالثقة هي جسر ممدود من اليأس حيث الأمل والانفتاح وتجاوز الصعاب , ولكن من الجانب الاخر القسم الذي جعل نفسه ضحية ويأس لعدم وجود التفكير المنطقي والأيمان المطلق والحزم في الثبات على القيم وتجاوز الأزمات فهولاء قد اصبحوا ضحية وفشلوا من البداية حتى نهايتهم, ومن الممكن تغليب الذات على المشاكل والصراعات فان ذلك يجعلك أن تبقى شامخا ولكن الصراع النفسي وضعف الثقة والاستسلام في بداية الطريق اضعف لدية روح القدرة على مواجهة التحديات والمخاطر , كل انسان يضع اليأس عنوان لحياته سوف لايكمل مشواره وسيتعثر بأول حجر ولايصمد امام الواقع , واليأس حالة وجدانيّة تتلازم مع الإعراض عن الميؤوس منه، وعدم السّعي نحوه أو طلبه، مع ما يصاحب ذلك من حزن أو غمّ في النّفس، وتقاعس وتكاسل في الأعضاء والجوارح, والكثير من الناس اصبح لديهم خط بياني مرتفع بفضل استنباط الفكرفي تدبير امورهم وتحولوا من الفقر الى الثراء, يقولون عندما يمنحك أحدهم ثمرة فعليك أن تصنع منها شراب أى أنه يجب عليك استغلال أى موارد متاحة أمامك مهما كانت بسيطة لتستطيع أن تحقق شيئا مهما فى حياتك, ولو اردنا استذكار هولاء الذين اصبحت نهايات حياتهم في وضع يحسد عليه وما كانت لديهم من افعال مؤثرة والى قوة واستطاعوا ان يحققوا احلامهم بعد ان غمر عليها الحزن واليأس في بداية الطريق كثيرون , فالصبر واطاعة الله والتمسك بالدعاء حتى لو لم يستجيب في بادىء الامر لاختبارات لايعلمها الا الله وبالنهاية ستحصل على ماكنت تتمناه فلا حياة مع اليأس ,تفاؤلوا فستجدوا ابواب الرحمة والخير مفتحة من أوسع ابوابها.
|