• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قراءة في كتاب (الحي.. حي)  للكاتب الأستاذ : علاء بلاسم الحياوي  .
                          • الكاتب : علاوي حسين محمد .

قراءة في كتاب (الحي.. حي)  للكاتب الأستاذ : علاء بلاسم الحياوي 

  كتاب عبارة عن سيرة مدينة هي (الحي) عمل الكاتب على أن يظهر ملامح الحي، فضاء عريقًا قاوم الظلم والطغاة، ويقول في مقدمته: للحي مواقف وطنية فاعلة، وتبرز في شخصيات اجتماعية كبيرة، اعتمد المؤلف على الذاكرة الجمعية والشهود المعاصرين، وقليل من المؤلف التاريخي مثل: كتاب (الفرج بعد الشدة) لمؤلفه: يوسف عزيز المولولي، إذ يقول: «إن بعض عشائر ربيعة ومياح تمرّدوا على السلطة عام(1710) في أنحاء الحي».

 العبارة عن قراءة شعبية لأهل الحي، هذا سيعطينا شواهد لم تذكرها المصادر للدخول الى قلب المدينة، وحياتها الاجتماعية، سُمّي الحيّ لوجود مرقد التابعي سعيد بن جبير (رضوان الله عليه) الشهيد الذي تكلّم رأسه الشريف بعد أن قتله الحجاج.
 اشتغل أهل الحي في الزراعة، وتجارة الحبوب، والمحاصيل. أما المهن الأخرى: كالحائك والصفّار أغلبهم من الكرد الفيلية، والصياغة هي مهنة اليهود والصابئة الذين سكنوا الحي.
 لا بد من وصف ملامح المكان وتفاصيله الشكلية، كان الحي عبارة عن محلتين: العرب والسراي، والآن أصبحت هناك أحياء كثيرة مثل: الحي العصري، والمعلمين أولى وثانية، وحي الوحدة، وحي الحرية أولى وثانية، وحي سعيد بن جبير, والحسين, والشهداء، وحي الامام الباقر (عليه السلام), وحي المستخدمين, وحي الإمام الصادق (عليه السلام)، والحي العسكري, والزهراء, والكرادة، والراشدية، وحي الأسرة، وأحياء أخرى.
 صفات الناس هي التي أثرت في الحي، مثلما أثر الحي بتناميها، يتأثرون ويؤثرون. لقد ترك فصلًا عن شخصيات إسلامية هويتها الحي، مثل: الشيخ آية الله عبد الحسين الحياوي، والشيخ موسى القسام، والشيخ عبد الأمير القسام، ومواقف كثيرة دوّنها الكتاب عن حياة سماحة الشيخ أغلب القصص المروية، شكلت إرثًا عراقيًّا، وأجمل ما عند المؤلف هو هذا الانحياز الجميل لمدينته وهويته وناسه، لذلك يدوّن لنا عن شهداء من الحي منهم شهداء حرب فلسطين، وشهداء انتفاضة (1956)، وشهداء حزب الدعوة، وشهداء ضحايا أمن صدام، وشهداء الحرب، وشهداء الانتفاضة الشعبانية. إن الحي بيئة خصبة بكل ما تملك من مكان ومكان وناس وقصص وتراثيات.
 تميزت الحي بمهن تراثية كثيرة مثل: مهنة (الطواف) هو بناء البيوت الطينية والسقا والسراج الذي يصنع السرج والأحذية والختان والكورجي وصناعة الطابوق والصياغة.
 وأول من عمل في الصياغة هم اليهود، واشتهر في الحي صائغ اسمه شوعا اليهودي، وهناك مهنة المجبرجي، والنداف، والسياق.
 وخصص الباحث قسمًا يسمى الأول ثقافة الأول تحتفظ بقائمة طويلة لأسماء الأوائل، أول معلم في الحي الأستاذ عبد الرزاق، وأول مختار الحاج عليوي.
 بالمناسبة، كان هناك استوديو اسمه استوديو الحسين، استدعوه الأمن؛ لأن التعامل بالأسماء الدينية ممنوع، فسمّاه استوديو الحساني، مثل رؤوس الأقلام هذه تصلح أن تمنحنا كثيرًا من الدلائل المؤدية الى مواضيع تمثل العمق الحياتي لهذه المدينة ومعاناتها.
 أول راكب دراجة هوائية، وأول متعهد للبلدية هو عبد خشين، ومن ثم يرى ان التراث هو كل ما ورثته المدن عن الآباء والأجداد من منجزات ثقافية وموروث.
 وكان لمدينة الحي موروث اجتماعي عراقي هو نفس الموجود في باقي المدن، مثلًا حكاية (يا حوتة يا منحوتة) ارث حياوي؛ نتيجة عدم معرفتهم للظواهر الطبيعية: كخسوف القمر، كان اعتقاد الناس أن القمر بلعته الحوت!
 وكذلك يوم دورة رأس السنة، ويسمى يوم الشجرة، والعاب الأطفال ركائز اجتماعية لوجود العلاقات الطيبة ما بين الناس، ومن فوائد لعب الأطفال تقليل الخوف وتحسين المروءة وخلق أجواء فرح يحسن الانفتاح بين الناس ويشعرهم بالأمان والقدرة على التكيف والتعامل مثل: لعبة الدعبل, والتوكي, وغميضان والطيارة الورقية, والطرة والكتبة جلعت كثيرًا من هذه الأمور الثقافية والحضارية هي أداة توعية لحصول التغيير.
 بقيت هوية الموروث من محلات وأسماء المناطق والعكد، فكان الحي فيه محلة العرب، ومحلة السراي، والمحلة الجديدة. أما العكود فكانت كثيرة: عكد غوغو, والملحان, والجبروند, وعكد الدجات, وعكد التوراة؛ لوجود معبد يهودي، وعكد سيد حسن، والكثير من هذه الأسماء، وهناك قرية الزعيم.
 نجد أن معظم تراث الحي هو مشترك بين كافة الشعوب رغم خصوصية الحي فصل طويل خُصّص لأسماء المبدعين خارج نطاق التعصب والسعي للصلاح والثقافة ومواقف الكرم والضيافة.
 كتاب يرتكز على نهضة التراث وقدراته الإبداعية، يدوّن لنا تفاصيل عن شعراء: الشاعر الحسيني غازي حجيل الواسطي، وأسماء شعراء الحي مثل الشاعر الدكتور زاهد محمد زهدي، والشاعر فاضل الحداد، والشاعر فؤاد الشيخ علي، والشاعر حسين نمل.
لا شك ان استذكار التراث وتوظيفه يحافظ على الهوية ويساهم بالارتقاء بتلك الطاقات عبر المخزون التراثي، يعني استخلاص التجربة لها تأثير إيجابي في موضوع خصّصه الباحث عن الجانب التربوي في الحي تحدث فيه عن معلومات انشاء المدارس مثل: مدرسة الحي للبنين، ومدرسة الحي الابتدائية للبنات (قبة الصخرة)، ومدرسة الحي الأولية واسط للبنين، و(51) مدرسة ابتدائية، و(19) متوسطة واعدادية، وثلاث رياض للأطفال.
 وهناك ثانوية الجعفرية الاهلية، أنشئت عام (1945) وتعدّ مدينة الحي عريقة في تراثها الديني، فيها جوامع كثيرة: جامع الحي الكبير لأبناء العامة سنة (1878م) في محلة السراي، والجامع الحيدري (1892م)، وجامع الحي الكبير (1904م)، وجامع العبيس (1909م)، وجامع وحسينية الرحمن (1945م)، وحسينية الحي الكبير (1958م) الحسينية العباسية (1964م)، والحسينية الحيدرية، والزهراء، ومسجد عبد الله الرضيع، وجامع الزهراء، وجوامع وحسينيات كثيرة مثل: انصار الحسين، وموسى الكاظم، وحسينية الامام العسكري (عليه السلام)، وجامع الامام الحسن المجتبى (عليه السلام)، وأصحاب الكساء بُني عام (2006م)، وحسينية الشهداء عام ( 2007م)، كما خصّص فصولًا لشهر رمضان وانتفاضة (1956م)، والانتفاضة الشعبانية وحكايات وروايات .
 قدّم كتاب (الحي حي) ضمن النطاق التراثي؛ ليعرفنا بالحيز المتجانس الذي يزخر بالقيم الاجتماعية، مما يشيع طيبة أهلها، وناسها، وهو كتاب مهم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=166040
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16