• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قراءة انطباعية في  المجموعة القصصية ( أنفاس عاشقة ) للكاتبة: منتهى محسن .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

قراءة انطباعية في  المجموعة القصصية ( أنفاس عاشقة ) للكاتبة: منتهى محسن

  استقرت مواضيع الكاتبة منتهى محسن على بنية سردية في استحضار الرؤى الفكرية، معتمدة على أسلوبية السرد الاستفهامي المفعم بعلامات الاستفهام المستقاة من بنية الواقع الخارجي، وأسئلة الواقع النصي التي تمثل حياتها وروحها النابضة على الورقة، والسرد الاستفهامي يمثل أهمّ البنى الحقيقية للكاتبة، ففي موضوع حكاية (جزاء الصابرين) تسرد لنا عن حيوية الحياة داخل الصحن الكاظمي، وتنوع الحراك الموجود الذي يمثل عوالم دافقة المعنى.

 حركة ناس يتلون كتاب الله، وأطفال يركضون خلف أسراب الحمام، واللافتات السود، النهر، السماء، القباب، لتصل الى السرد الاستفهامي الذي غالبًا ما يكون هو قلب السرد، فهو أسلوب توصيلي يبعد الملل ويخلق حراكًا فكريًّا. 
س:ـ «يا الهي، كيف قضى الإمام (عليه السلام) عمره الشريف في طامورة مظلمة لا ضوء فيها ولا حياة»؟
نتأمل في هذه الشحنات الوجدانية، الجمل الاستفهامية في سؤال آخر تقول: «كيف تجرع ظلم الحكام، وبغي السلطة الجائرة، وضياع كل أوجه الحق والفضيلة؟».
 النص فضاء تواصلي واستعمال أسلوب الاستفهام يدفع للوصول المتمثل الى أهدافه، عبر النقل الخبري، واستعياب السرد والسيرة الغيرية .
ارتكزت الكاتبة في سرديتها على محاور عدة ترسخ القيم الايمانية، نجدها تنظر الى الكد العاطفي كجانب من الجوانب الجمالية المهمة، حيث تستعمل دائمًا التعبيرات الحالمة: 
- «وطاف عليّ في أروقة الحلم بشخصه الشريف، مرتديًا جبته الخضراء وعمامته السوداء».
تتحدث عن عالم الرؤيا في أغلب قصصها، تخرج من الحلم بحلم حياتي آخر تمثل جوانب حياتها .
وفي رواية بطل العلقمي، تنطلق الى قيم حياتية معاشة، جذر دلالي في سيرة ذاتية للكاتبة، تمثل في موقف تعرض أخيها للاعتداء، حتى سارعت لتعاضده وتسانده، فجاء والد المعتدي ليعتذر عمّا حصل، تقول: وقال لأبي ان ابنتك شجاعة، ذكرتني ببطل العلقمي. 
القصة الحقيقية عند الكاتبة منتهى محسن ليس فيما تقوله بل فيما تعنيه والأسلوب الاستفهامي يحقق سهولة الاجراء، وتقريب المضمون، وإحداث التأثير في قصة "أمّ أبيها":
س:ـ «ألم يحجبهم نورك الوضاء وأنتِ ما بين الحائط والباب تتوارين عن الأنظار خجلة؟ ألم تشل أيديهم وتخرس ألسنتهم الوقحة، وهم أمام أعظم امرأة؟ فهل سلبهم التاج والديباج ادراك حقيقة انك ابنة المختار والبضعة؟».
الكاتبة تخاطب الرمز الفاطمي مباشرة وتحقق الأسلوب الاستفهامي، وإيجاز واقتصاد لبنية الخطاب، كما تحقق توسعًا في المعنى لتنتج دلالات كثيرة ومتنوعة: كالتفخيم والتعظيم والتهويل وغيرها في حكاية الليالي الموحشة، تسأل زينب (عليها السلام):
- أخي حسن، نور عيني يا حسين، لماذا أطفأتم السراج هذه الليلة؟ وما لي لا أشمّ أنفاس أمي الزهراء؟ 
أسئلة ناتجة عن وعي وتمكن، ترسخ به التأثير الوجداني بقوة. 
- أبي العزيز هل عدت؟ بالله عليك أين أمي الزهراء؟ 
وبعض الاستفهامات تكون في لغة ادراك لكشف الظرف الاجتماعي والخلفية المعرفية، ففي قصة اللحظات الأخيرة، معنى عرض السؤال: 
- ماذا عساي أن أفعل لأجلها؟ 
لينفتح على تفسيرات وخلاصة المواضيع في ذهنية المتلقي، يمكن أن نكتشف الحكاية كلّها أو ما يماثلها، وتعاد قيمة الرؤيا في قصة الرؤيا المباركة عوالم تتحرك عبر استفهامية الرؤيا.
- هل حقا إني أراه؟
- هل أستحق أن أراه؟
ويتغلغل الاستفهام في الخطاب اليومي باستخدامها في وسط بيئة يومية، ففي قصة (الأنفاس الشريفة):
- لقد وجدت علاجًا مناسبًا لعيني مهدي اين هو؟ هل هو نائم؟ 
- وأي طبيب ذلك الذي سيعيد اليه بصره؟
 ليظهر في الأخير ان الطبيب هو مولاي أبو عبد الله الحسين، وبأنفاسه الشريفة.
 السؤال الاستفهامي له توجهات كثيرة منها القلق الذي يحقق الألفة: 
- أمي، ما الذي ايقظك في هذا الصباح الباكر؟ 
وتتحول استفهامات غضب واستنكار مع صديقتها فاطمة:
- لماذا لم أبادل أمي الهدايا يومًا؟
 لماذا أشيح بوجهي عنها؟
 لماذا لا أمتثل لكلامها وأفرح قلبها الحزين لأجلي؟
  تميل هذه الاستفهامات الى الأساليب التربوية الناضجة، وهناك استفهاميات اعتناق تثير مسألة مؤثرة في علاقتها مع مستبصرة أجنبية مسيحية، وتعطينا معلومة في غاية الأهمية وهي تكميلية تواصلية كحلقة متصلة بالموضوع:
- «قومي لا يطلقون اسم سيدة على أي من النساء؛ لأننا نؤمن كما يقولون بأن لقب السيدة لا تستحقه سوى السيدة فاطمة الزهراء». 
- وهل قومك يعرفون مكانة سيدة النساء؟ 
يمكن لنا من خلال هذا السؤال أن ندرك معنى هذه المحاورة وأهدافها وقصد المؤلفة، كذلك هناك أسئلة تعريفية تنفتح في اقصى مدياتها للسير الغيرية منطلقة من استفهام:
- بنية زينب نور عيني أين انت؟ 
يبدأ السؤال الأكثر حرارة في التاريخ ويكشف عن جرح التواريخ كلها: 
- ألا من ناصر ينصرنا؟
تنفتح السردية على مقومات العنوان في قصة هتاف الحرية التليد، أسئلة متنوعة منها تربوية: 
- كيف لي أن أصوم لساني عن الغيبة ومنها رثائي؟
أتراك تسمع صراخي ولوعتي؟
في الختام، استطاعت الكاتبة عرض الكثير من الأغراض بواسطة الاستفهام، فقدمت قصصًا مبهرة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=166238
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28