وردت كلمة الحساب في القران 16مرة في سور مختلفة، منها ما هو متعلق بسرعة الحساب الإلهي ودقته، ومنها ما هو في سياق ذكر سوء الحساب، وسرعته، أما الأول: كما جاء في قوله تعالى : (أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(1).
وقال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(2).
وقال تعالى : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(3).
وقد وصف الله تعالى الذين لا يستجيبوا لربهم بان لهم نوعاً من الحساب الشديد ألا وهو سوء الحساب ومن بعده دخولهم الى جهنم وبئس المهاد .
وقال تعالى : ( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)(4).
وفي قبال ذلك نجد الذين يؤمنون بالله تعالى ويصلون إلى ما أمر الله به ان يوصل، ويخافونه بالسر والعلن، وكانت الخشية غالبة عليهم وقد أدركوا لا بديّة الخوف من سوء الحساب الأُخروي فعملوا وكانوا من أهل الطاعة والإمتثال .
قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)(5).
فيكون معنى الحساب الشديد في هذه الخصلة هو الذي ليس فيه عفو ومغفرة لمن نسى الله تعالى ونسي حسابه، واتبع الهوى ومارس اضلال الآخرين، وصدهم عن سبيله، وكان من قطاع طرق الآخرة فتكون عاقبته أن يحاسب بذلك اليوم الحساب الشديد .
وقال تعالى : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)(6).
فعندما نقرأ هذه الجملة في هذه الفقرة أن المتهاون في الصلاة يحاسب حساباً شديداً علينا أن نستحضر تلك الصور التي سوف تشاهدها العين في نظراتها من هول المطلع، وسؤال منكر ونكير، وأمرهما المفزع، وكيفية إقاعدهما للمتهاون، وهما يسألانه عن أمور ربما لا يوفق في جوابهما، إلا بتوفيق من الله وهديته ومنه، وإلى هذا المعنى يشير الشاعر:
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ * مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لهم * قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ * مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يــا أَمَلي * فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهــَنِ
المصادر
[1] سورة البقرة: الآية: 202 .
[2] سورة آل عمران: الآية : 19.
[3] سورة آل عمران: الآية :199. كما ينظر إلى الآيات التي ورد فيها سرعة الحساب في سورة المائدة: الآية:4، وكذلك سورة إبراهيم: الآية:51، وسورة النور: الآية: 39، سورة غافر: الآية 17.
[4] سورة الرعد: الآية: 18 .
[5] سورة الرعد: الآية: 21 .
[6] سورة ص: الآية: 26.
|