• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : بحوث ودراسات .
                    • الموضوع : الحب الخفي في صفات ابي طالب وعقيل الوفي .
                          • الكاتب : الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي .

الحب الخفي في صفات ابي طالب وعقيل الوفي

 عن ابن عباس قال: قال علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله إنك لتحب عقيلا؟

قال: إي والله، إني لأحبه حبين: حبا له، وحبا لحب أبي طالب له، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلي عليه الملائكة المقربون، ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى جرت دموعه على صدره، ثم قال: إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 26.

وفي الخصال: قال (صلى الله عليه وآله) لعقيل: إني لأحبك يا عقيل حبين، حبا لك وحبا لحب أبي طالب لك.

المصدر السابق.

أصابت قريشا أزمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة ، وكان أبو طالب ذا مال يسير وعيال كثير، فأصابه ما أصاب قريشا من العدم والإضافة والجهد والفاقة، فعند ذلك دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمه العباس فقال له: يا أبا الفضل إن أخاك كثير العيال مختل الحال، ضعيف النهضة والعزمة ، وقد نزل به ما نزل من هذه الأزمة، وذوو الأرحام أحق بالرفد وأولى من حمل الكل في ساعة الجهد، فانطلق بنا إليه لنعينه على ما هو عليه، فلنحمل بعض أثقاله ، و نخفف عنه من عياله، يأخذ كل واحد منا واحدا من بنيه ليسهل بذلك عليه بعض ما هو فيه ، فقال العباس: نعم ما رأيت والصواب فيما أتيت، هذا والله الفضل الكريم و الوصل الرحيم، فلقيا أبا طالب فصبراه ولفضل آبائهما ذكراه ، وقالا له: إنا نريد أن نحمل عنك بعض الحال، فادفع إلينا من أولادك من تخف عنك به الأثقال، فقال أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلا وطالبا فافعلا ما شئتما، فأخذ العباس جعفرا وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا، فانتجبه لنفسه واصطفاه لمهم أمره، وعول عليه في سره وجهره وهو مسارع لموصوفاته ، موفق للسداد في جميع حالاته.

وقد روي من طريق آخر أن العباس بن عبد المطلب أخذ جعفرا وأخذ حمزة طالبا وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا.

وروي من طريق آخر أن أبا طالب قال للنبي (صلى الله عليه وآله) والعباس حين سألاه ذلك: إذا خليتما لي عقيلا فخذا من شئتما، ولم يذكر طالبا.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 ص 119.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):... يا عقيل - والله - إني لأحبك لخصلتين: لقرابتك، ولحب أبي طالب إياك - وكان أحبهم إلى أبي طالب - وأما أنت يا جعفر فإن خلقك يشبه خلقي، وأنت يا علي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي.

المصدر السابق - ص 27.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كأني بك يا علي وأنت على حوضي تذود عنه الناس وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة إخوانا على سرير متقابلين أنت معي وشيعتك في الجنة.

مجمع الزوايد - ج 9 ص 173.

جاء الحسين بن علي (رضي الله عنهما) على المنبر ، فجعله على منكبيه وجعل يغمز بعقبه في سرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرأيت كف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الطيبة وقد وضعها على ظهر قدم الحسين وهو يغمز بها سره نفسه لئلا ينبهر، ولا ينقطع نفسه من الكلام، ثم قال: أيها الناس هذا الحسين بن علي خير الناس جدا وخير الناس جدة، جده رسول الله سيد ولد آدم، وجدته خديجة سابقة نساء العالمين إلى الايمان من كل الأمة، وهذا الحسين بن علي خير الناس خالا وخير الناس خالة؟ خاله القاسم ابن رسول الله وعبد الله وإبراهيم ، وخالته زينب بنت رسول الله ورقية وأم كلثوم، وهذا الحسين خير الناس عما وعمة، عمه حمزة وجعفر وعقيل، وعمته أم هانئ، وهذا الحسين خير الناس أبا وأما وأخا وأختا، أبوه علي، وأمه فاطمة، وأخوه الحسن وأخته زينب ورقية، ثم وضعه عن منكبه، فأجلسه في جنبه فقال: يا أيها الناس، هذا الحسين بن علي جده، وجدته في الجنة وأخواله في الجنة وخالاته في الجنة، وأعمامه في الجنة، وعماته في الجنة وأبوه في الجنة، وأمه في الجنة ، وأخوه في الجنة، وأختاه في الجنة وهو في الجنة، ثم قال: يا أيها الناس إنه لم يعط أحد من ذرية الأنبياء الماضين ما أعطي الحسين بن علي خلا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

ينابيع المودة لذوي القربى - القندوزي - ج ٢ - ص 382.

أولا - النصرة.

قال تعالى: ((وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)) الحج 40

كان ابو طالب (عليه السلام) ناصراً للنبي (صلى الله عليه واله) في شعره وفعله، ومن ذلك قوله:

أقـيــم عــلى نصـر الـنـبي محمـد

أقـاتــل عـنـه بـالـقـنـا والقنابـل

وايضا

أوصي بِنَصرِ النَبِيِّ الخَير مُشهِدَهُ

عَلِيّاً اِبني وَعَمَّ الخَيرِ عَبّاسا 

وَحَمزَةَ الأَسَدَ المَخشِيَّ صَولَتُهُ

وَجَعفَراً أَن تَذودوا دونَهُ الناسا 

وَهاشِماً كُلَّها أُوصي بِنُصرَتِهِ

أَن يأخذوا دونَ حَربِ القَومِ أَمراس

كونوا فِدىً لَكُم نَفسي وَما وُلِدَت 

مِن دونِ أَحمَدَ عِندَ الرَوعِ أَتراسا

بِكُلِّ أَبيَضَ مَصقولٍ عَوار

 تَخالُهُ في سوادِ اللَيلِ مِقباسا

وايضا

إِنَّ عَلِيّاً وَجَعفَراً ثِقَتي

عِندَ اِحتِدامِ الأُمورِ وَالكُرَبِ

أَراهُما عُرضَةَ اللِقاءِ إِذا

سامَيتُ أَو أَنتَمي إِلى حَسَبِ

لا تَخذُلا وَاِنصُرا اِبنَ عَمِّكُما

أَخي لِأُمّي مِن بَينِهِم وَأَبي

وَاللَهِ لا أَخذُلُ النَبِيَّ وَلا

يَخذُلهُ مِن بَنِيَّ ذو حَسَبِ

ولم يزل - رسول الله (صلى الله عليه واله) - عزيزا ما كان أبو طالب حيا، ولم يزل به ممنوعا من الأذى، معصوما حتى توفاه الله تعالى، فنبت به مكة، ولم تستقر له فيها دعوة، وأجمع القوم على الفتك به، حتى جاءه الوحي من ربه، فقال له جبرئيل عليه السلام: إن الله عز وجل يقرئك السلام، ويقول لك: اخرج عن مكة فقد مات ناصرك.

ايمان ابي طالب - المفيد - ص 24

ولما مات أبو طالب أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) فآذنه بموته فتوجع توجعا عظيما وحزن حزنا شديدا ثم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): إمض يا علي فتول أمره، وتول غسله و تحنيطه وتكفينه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني ففعل ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما رفعه على السرير اعترضه النبي (صلى الله عليه وآله) فرق وتحزن وقال: وصلتك رحم وجزيت خيرا يا عم! فلقد ربيت وكفلت صغيرا، ونصرت وآزرت كبيرا، ثم أقبل على الناس وقال: أم والله لاشفعن لعمي شفاعة يعجب بها أهل الثقلين.

وفي لفظ شيخنا الصدوق: يا عم كفلت يتيما، وربيت صغيرا، ونصرت كبيرا فجزاك الله عني خيرا.

راجع تفسير علي بن إبراهيم ص 355

أمالي ابن بابويه الصدوق - ص 489

الفصول المختارة لسيدنا الشريف المرتضى - ص 80

الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ص 67

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 9 ص 15

عن العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه) أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما ترجو لأبي طالب؟ فقال: كل الخير أرجو من ربي عز وجل.

الغدير - الشيخ الأميني - ج 7 ص 376.

ولم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ممنوعا من الأذى بمكة، موقى له حتى توفي أبو طالب، فنبت به مكة ولم يستقر له بها دعوة حتى جاءه جبرئيل (عليه السلام) فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول لك: اخرج من مكة فقد مات ناصرك، ولما قبض أبو طالب أتى علي رسول الله (عليهما السلام) فأعلمه بموته.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 22 ص 216.

‏وكذلك كان عقيل ناصرا للنبي واله (صلى الله عليه واله): فقد شارك في بعض غزوات النبي (صلى الله عليه وآله) وكان ممن ثبت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة حنين.

ميزان الحكمة - ج 3 ص 2251

الإصابة لابن حجر العسقلاني - ج 3 ص 438

 وشارك بنفسه وأولاده في حروب الجمل وصفين والنهروان.

‏عقيل بن أبي طالب الأحمدي الميانجي - ج 1 ص 49

واستشهد سبعة من أولاد عقيل مع الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء.

المصدر السابق - ص 70

ثانيا - المرجعية في التاريخ والانساب.

كان ابو طالب (عليه السلام) حاكم قريش وسيدها ومرجعها في الملمات.

وكان (عليه السلام) عارفا بتاريخ الانبياء والنسب ايضا.

فمن شعره الدال على ذلك:

ولقد علمت ان دين محمد

من خير اديان البرية دينا

وقوله

الم تعلموا إنا وجدنا محمدا

رسولا كموسى خط في اول الكتب.


وكذلك كان عقيل من علماء الانساب، فكانت له طنفسه، تطرح له في مسجد رسول الله (صلى الله عليه واله) ويستمع اليه بعلم النسب وايام العرب.

والطنفسه هي البساط التي له حمل رقيق وهي ما تجعل تحت الرحل على كتف البعير .

مجمع البيان ج 2 ص 63.

عن ابن عباس قال: كان في قريش أربعة يتحاكم إليهم ويوقف عند قولهم يعنى في علم النسب عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل الزهري وأبو جهم بن حذيفة العدوي وحويطب بن عبد العزى العامري زاد غيره كان عقيل أكثرهم ذكر لمثالب قريش فعادوه لذلك وقالوا فيه بالباطل ونسبوه إلى الحمق واختلقوا عليه أحاديث مزورة.

الاستيعاب - ابن عبد البر - ج 3 ص 1079.

وقال ذات مرة لمعاوية من هذا عن يمينك يا معاوية؟

قال: هذا عمرو بن العاص، قال: هذا الذي اختصم فيه ستة نفر فغلب عليه جزار قريش، فمن الآخر؟

قال: الضحاك بن قيس الفهري، قال: أما والله لقد كان أبوه جيد الاخذ لعسب التيوس، فمن هذا الآخر؟

قال: أبو موسى الأشعري ، قال: هذا ابن السراقة! فلما رأى معاوية أنه قد أغضب جلساءه علم أنه إن استخبره عن نفسه قال فيه سوءا، فأحب أن يسأله ليقول فيه ما يعلمه من السوء فيذهب بذلك غضب جلسائه، قال: يا أبا يزيد فما تقول في؟ قال: دعني من هذا، قال: لتقولن، قال: أتعرف حمامة؟

قال: ومن حمامة يا أبا يزيد؟

قال: قد أخبرتك، ثم قال فمضى، فأرسل معاوية إلى النسابة فدعاه.

قال: من حمامة؟

قال: ولي الأمان؟

قال: نعم، قال: حمامة جدتك أم أبي سفيان، كانت بغيا في الجاهلية صاحبة راية، قال معاوية لجلسائه: قد ساويتكم وزدت عليكم فلا تغضبوا.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 42 ص 114.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: كان عقيل من أنسب الناس.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 30.

عم النبي (صلى الله عليه واله)

عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عاد من جنازة أبي طالب فقال: وصلتك رحم، وجزيت خيرا يا عم. إيمان أبي طالب - الشيخ الأميني - ص 58.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام)

أبا طالب عصمة المستجير

وغيث المحول ونور الظلم

لقد هد فقدك أهل الحفاظ

فصلى عليك ولي النعم

ولقاك ربك رضوانه

فقد كنت للطهر من خير عم.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 ص 114.

أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لأبي طالب: يا عم، إن ربى الله قد سلط الأرضة على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسما هو لله إلا أثبتته فيها، ونفت منها الظلم والقطعية والبهتان، فقال: أربك أخبرك بهذا؟ قال: نعم، قال: فوالله ما يدخل عليك أحد، ثم خرج إلى قريش فقال: يا معشر قريش، إن ابن أخي أخبرني بكذا وكذا، فهلم صحيفتكم، فإن كان كما قال ابن أخي فانتهوا عن قطيعتنا وانزلوا عما فيها، وإن كان كاذبا دفعت إليكم ابن أخي، فقال القوم: رضينا فتعاقدوا على ذلك، ثم نظروا، فإذا هي كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فزادهم ذلك شرا، فعند ذلك صنع الرهط من قريش في نقض الصحيفة ما صنعوا.

السيرة النبوية - ابن هشام الحميري - ج 1 ص 253.

وعن الامام الحسين (عليه السلام) وأنا باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 44 ص 334.

ثالثا - المعرفة الدينية.

قال تعالى: ((أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)) الزمر 9

قال تعالى: ((قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ عَلى‏ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى‏ وَ عِيسى‏ وَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)) البقرة 136

من ملاحظة ما جاء من اشعار ابي طالب (عليه السلم) نعلم ان لديه معرفة بالاديان والانبياء السابقين (عليهم السلام) وبنبوة النبي محمد (صلى الله عليه واله) ومقامه السامي عند الله تعالى قوله:

لَقَد أَكرَمَ اللَهُ النَبِيَّ مُحَمَّداً.

فَأَكرَمُ خَلقِ اللَهِ في الناسِ أَحمَدُ

وَشَقَّ لَهُ مِن إِسمِهِ لِيُجِلَّهُ.

فَذو العَرشِ مَحمودٌ وَهَذا مُحَمَّدُ

وايضا

يا شاهِدَ اللَهِ عَلَيَّ فَاِشهَدِ.

أَنّي عَلى دينِ النَبِيِّ أَحمَدِ

مَن شَكَّ في الدينِ فَإِنّي مُهتَدِ.

يا رَبِّ فَاِجعَل في الجِنانِ مَورِدي

وايضا

مَليكُ الناسِ لَيسَ لَهُ شَريكٌ.

هُوَ الوَهّابُ وَالمُبدي المُعيدُ

وَمَن تَحتَ السَماءِ لَهُ بِحَقٍّ.

وَمِن فَوقِ السَماءِ لَهُ عَبيدُ

وقوله

الم تعلموا إنا وجدنا محمدا

رسولا كموسى خط في اول الكتب.


عن الإمام الرضا (سلام الله عليه)، وقال: روى عن آبائه بعدة طرق: أن نقش خاتم أبي طالب (عليه السلام) كان: رضيت بالله ربا، وبابن أخي محمد نبيا، وبابني علي له وصيا.

إيمان أبي طالب - الشيخ الأميني - ص 395.

وعقيل ايضا لديه معرفة 

عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: تزوج عقيل بن أبي طالب، فخرج علينا فقلنا: بالرفاء والبنين.

فقال: مه لا تقولوا ذلك، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قد نهانا عن ذلك، وقال: قولوا: بارك الله لها فيك، وبارك لك فيها. عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 22.

رابعا - مدح ابي طالب (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه واله).

قال تعالى: ((قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَ يُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ كَلِماتِهِ وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) الاعراف 158

كان ابو طالب (عليه السلام) عارفا بمقام النبي (صلى الله عليه واله) وكان يمدحه في كثير من المناسبات، حيث ورد انه قال: إنَّ محمد بن عبد الله أخي من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح عليه برّاً وفضلاً وحزماً وعقلاً ورأياً ونبلاً.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 - ص 158.

وأيضا

وأبيض يستسقى الغـمام بوجهـه

ثـمال اليتـامى عصـمـة  لـلأرامـل

يلـوذ به الهـلاك من آل  هـاشـم

فـهـم عـنـده في نـعـمـة وفواضل

كـذبتم وبيت الله يـردى  محمـد

ولمـا نـقـاتـل دونـــه ونـنـاضـل

ونسلمه حتى نـصـرع حـولــه           ونـذهــل عـن أبـنـائـنا والحلائل

الامالي - الشيخ الصدوق - ص 304


وقال مخاطبا قومه يحضهم على نصرة النبي (صلى الله عليه واله) ومذكرا لهم بمكانته وعلو شأنه.

إذا اجتمعت يـوما قريش لمفخر

فعبد مناف سرها وصميمها

فإن حصلت أشراف عبد منافها

ففي هاشم أشرافها وقديمها

إن فخرت يوما فإن محمدا

هو المصطفى من سرها وكريمها

تدعت قريش غثها وسمينها

علينا فلم تظفر وطاشت حلومها

وكنا قديما لا تقر ظلامة

إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها

ونحمي حماها كل يوم كريهة

ونضـرب عن أحجارها من يرومها

بنا انتعش العود الذواء وإنما

بأكنافنا تندى وتنمى أرومها

سيرة ابن هشام 1: 275 - 283،

 

وخطبته في زواج النبي (صلى الله عليه واله) تكشف عن مدحه للنبي (صلى الله عليه واله) وابراز مكانته العالية في قومه وما يكنه له من حب وتقدير.

وكان عقيل مادحا لأمير المؤمنين (عليه السلام) ايضا.

قال عقيل لمعاوية والله إن عليا غير حافظ لك، قطع قرابتك، وما وصلك، ولا اصطنعك.

قال له عقيل: والله لقد أجزل العطية وأعظمها، ووصل القرابة وحفظها، وحسن ظنه بالله إذ ساء به ظنك، وحفظ أمانته، وأصلح رعيته، إذ خنتم وأفسدتم وجرتم، فاكفف لا أبا لك! فإنه عما تقول بمعزل.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 61

خامسا - تذكر النبي (صلى الله عليه واله) لابي طالب (عليه السلام)

النبي (صلى الله عليه واله) كان يتذكر ابا طالب

فقد روي: انه (صلى الله عليه واله) صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فكان فيما حمده به أن قال:

الحمد الله الذي علا في السماء فكان عاليا، وفي الأرض قريبا دانيا، أقرب إلينا من حبل الوريد، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا طبقا، أرواقها، وجاء الناس يضجون الغرق الغرق يا رسول الله فقال اللهم حوالينا ولا علينا، فانجاب السحاب عن المدينة حتى استدار حولها كالإكليل فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه، ثم قال: لله در أبى طالب لو كان حيا لقرت عينه. من ينشدنا قوله فقام علي فقال يا رسول الله، لعلك أردت:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه؟

قال: أجل.

شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج 14 - ص 81.

روى العلامة المجلسي عن كفاية الأثر عن الورد بن الكميت عن أبيه الكميت قال:

دخلت على سيدي أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله اني قد قلت فيكم أبياتا أفتأذن لي في انشادها؟

فقال: أيام البيض؟

قلت فهو فيكم خاصة، قال: هات فأنشأت أقول:

أضحكني الدهر وأبكاني

والدهر ذو صرف وألوان

لتسعة بالطف قد غودروا

صاروا جميعا رهن أكفاني

فبكى (عليه السلام) وبكى أبو عبد الله (عليه السلام)، وسمعت جارية تبكي من وراء الخباء فلما بلغت إلى قولي:

وستة لا يتجازى بهم

بنو عقيل خير فرسان

ثم علي الخير مولاهم

ذكرهم هيج أحزاني

فبكى ثم قال: ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده يخرج من عينيه ماء ولو مثل جناح البعوضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة وجعل ذلك الدمع حجابا بينه وبين النار.

الكنى والألقاب - ج 1 - ص 157.

قطع رجل عبيدة بن الحارث في واقعة بدر.

..فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلق هامته، وضرب عتبة عبيدة على ساقه فقطعا وسقطا جميعا ... الى ان قال: وحمل عبيدة بين حمزة وعلي حتى أتيا به رسول الله فنظر إله رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستعبر فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ألست شهيدا، فقال: بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي، فقال: أما لو كان عمك حيا لعلم أني أولى بما قال منه، قال: وأي أعمامي تعني؟ فقال: أبو طالب حيث يقول:

كذبتم وبيت الله يبزى محمد

ولما نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة، فقال: يا رسول الله أسخطت علي في هذه الحالة؟ فقال: ما سخطت عليك، ولكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك.

بحار الانوار - العلامة المجلسي - ج 19 ص 255

ونقل الاميني (رحمه الله) عن ابن أبي الحديد في شرحه - ج 3 ص 316 مانصه:

ورد في السير والمغازي أن عتبة بن ربيعة أو شيبة لما قطع رجل أبي عبيدة بن الحارث بن المطلب يوم بدر أشبل عليه علي وحمزة فاستنقذاه منه وخبطا عتبة بسيفهما حتى قتلاه واحتملا صاحبهما من المعركة إلى العريش فألقياه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأن مخ ساقه ليسيل فقال: يا رسول الله لو كان أبو طالب حيا لعلم أنه قد صدق في قوله:

كذبتم وبيت الله نحلي محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل وننصره حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله استغفر له ولأبي طالب يومئذ.

موسوعة الغدير - ج 7 ص 375.


سادسا : حب ابي طالب (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه واله).

قال تعالى: ((فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون)) الاعراف 157.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وأهلي أحب إليه من أهله، وعترتي أحب إليه من عترته، وذاتي أحب إليه من ذاته.

الامالي - الشيخ الصدوق - ص 414

لما حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب فقال له: يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد ووجدي به، انظر كيف تحفظني فيه، قال أبو طالب: يا أبه لا توصيني بمحمد فإنه ابني وابن أخي. فلما توفي عبد المطلب كان أبو طالب يؤثره بالنفقة والكسوة، على نفسه وعلى جميع أهله.

مستدرك سفينة البحار - ج 6 ص 556

وحب ابي طالب للنبي محمد (صلى الله عليه واله) مما لايخفى على ذي لب، فقد ورد ذلك مرارا وتكرارا في اشعاره واقواله ومنها:

لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد

وأحببته حب الحبيب المواصل

وجدت بنفسي دونه وحميته 

ودارأت عنه بالذرى والكلاكل.

فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها

وكان أبو طالب كثيرا ما يخاف على رسول الله (صلى الله عليه وآله) البيات إذا عرف مضجعه، يقيمه ليلا من منامه، ويضجع ابنه عليا مكانه، فقال له علي ليلة: يا أبت، إني مقتول، فقال له:

اصبرن يا بنى فالصبر أحجى 

كل حي مصيره لشعوب

قدر الله والبلاء شديد

لفداء الحبيب وابن الحبيب

لفداء الأغر ذي الحسب الثاقب

والباع والكريم النجيب

إن تصبك المنون فالنبل تبرى

فمصيب منها، وغير مصيب

كل حي وإن تملى بعمر 

آخذ من مذاقها بنصيب.

شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج 14 - ص 64.

وكذلك كان حب عقيل لاخيه امير المؤمنين (عليه السلام)، ففي كتابه له بعثه الى امير المؤمنين (عليه السلام) يبين انه لا يعبأ بالدنيا بعده (عليه السلام) وانه على اتم الاستعداد للتضحية بنفسه واولاده نصرة لاخيه امير المؤمنين (عليه السلام).

لعبد الله علي أمير المؤمنين، من عقيل بن أبي طالب: سلام الله عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو: أما بعد، فإن الله جارك من كل سوء، وعاصمك من كل مكروه، وعلى كل حال. إني خرجت إلى مكة معتمرا، فلقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح، في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء، فعرفت المنكر في وجوههم فقلت:

إلى أين يا أبناء الشانئين، أبمعاوية تلحقون؟ عداوة والله منكم قديما، غير مستنكر، تريدون بها إطفاء نور الله، وتبديل أمره. فأسمعني القوم، وأسمعتهم.

فلما قدمت مكة، سمعت أهلها يتحدثون: أن الضحاك بن قيس، أغار على الحيرة، فاحتمل من أموالها ما شاء، ثم انكفأ راجعا سالما. فأف لحياة في دهر جرأ عليك الضحاك، وما الضحاك؟! فقع بقرقر، وقد توهمت حيث بلغني ذلك، أن شيعتك وأنصارك خذلوك، فاكتب إلي يا ابن أمي برأيك، فإن كنت الموت تريد، تحملت إليك ببني أخيك وولد أبيك، فعشنا معك ما عشت، ومتنا معك إذا مت، فوالله ما أحب أن أبقى في الدنيا بعدك فواقا، وأقسم بالأعز الأجل، أن عيشا نعيشه بعدك في الحياة، لغير هنئ ولا مرئ ولا نجيع والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 34 - ص 22.

سابعا - رعاية ابي طالب (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه واله).

قال ابن أبي الحديد: قرأت في أمالي أبي جعفر محمد بن حبيب قال كان أبو طالب إذا رأى رسول الله (صلى الله عليه واله) أحيانا يبكي ويقول: إذا رأيته ذكرت أخي، وكان عبد الله أخاه لأبويه وكان شديد الحب له والحنو عليه وكذلك كان عبد المطلب شديد الحب له. وكان أبو طالب كثيرا ما يخاف على رسول الله (صلى الله عليه واله) البيات إذا عرف مضجعه وكان يقيمه ليلا من منامه ويضجع ابنه عليا مكانه فقال له علي ليلة يا أبت إني مقتول.

فقال له أبو طالب:

إصبرن يا بني فالصبر أحجى

كل حي مصيره لشعوب

قد بذلناك والبلاء شديد

لفداء الحبيب وابن الحبيب

اعيان الشيعة - ج 8 ص 114

ومما جاء من شعر ابي طالب (عليه السلام)

فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها

وشينا لمن عادى وزين المحافل

حليما رشيدا حازما غير طائش

يوالي اله الخلق ليس بماحل

وأيده رب العباد بنصره

واظهر دينا حقه غير باطل

ألم تعلموا ان ابننا لا مكذب.

العمدة - ابن البطريق - ص 413.

وعقيل كتب لأمير المؤمنين (عليه السلام)

لعبد الله علي أمير المؤمنين، من عقيل بن أبي طالب: سلام الله عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو: أما بعد، فإن الله جارك من كل سوء، وعاصمك من كل مكروه.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 34 - ص 22.

ثامنا - وصية ابي طالب (عليه السلام)

قال تعالى: ((وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))

البقرة 132-133

وصية أبي طالب بنصرة النبي (صلى الله عليه واله) وهو على فراش الموت.

وإني أوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، و هو الجامع لكل ما أوصيتكم به، وقد جاءنا بأمر قبله الجنان، وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، وصدقوا كلمته.

الغدير - الشيخ الأميني - ج 7 - الصفحة 366.

وايضا عقيل : ان عقيلا مات في زمن يزيد قبل واقعة الحراء وهو  ممن اوصى اولاده الستة او السبعة لنصرة الامام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، وهذا واضح من خلال ما تقدم ذكره من كتابه لأخيه امير المؤمنين (عليه السلام) واستعداده للتضحية بنفسه وولده فداءً للامام (عليه السلام).

تاسعا - التقية عند ابي طالب (عليه السلام)

قال تعالى: ((لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)) ال عمران 28

قال تعالى: ((وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّـهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ)) غافر 28

عن عبد الرحمن ابن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يزعمون أن أبا طالب في ضحضاح من نار، فقال كذبوا ما بهذا نزل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله) قلت: وبما نزل؟ قال: أتى جبرئيل في بضع ما كان عليه فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين، وإن أبا طالب أسر الايمان وأظهروا الشرك فآتاه الله أجره مرتين، وما خرج من الدنيا حتى أتته البشارة من الله بالجنة ،ثم قال: كيف يصفونه بهذا الملاعين وقد نزل جبرئيل ليلة مات أبو طالب، قال: يا محمد أخرج من مكة فما لك بها ناصر بعد أبي طالب.

أبو طالب حامي الرسول (صلى الله عليه واله) وناصره - نجم الدين العسكري - ص 206.

عن جابر بن عبد الله الانصاري قال : سالت رسول الله (صلى الله عليه واله) عن ميلاد امير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال : آه آه لقد سألتني عن خير مولود ولد بعدي على سنة المسيح (عليه السلام)، ان الله تبارك وتعالى خلقني وعليا من نور واحد قبل ان خلق الخلق بخمسمائة الف عام، وكنا نسبح الله ونقدسه، فلما خلق الله آدم قذف بنا في صلبه، واستقررت انا في جنبه الايمن، وعلي في الايسر، ثم نقلنا من صلبه في الاصلاب الطاهرة الى الارحام الطيبات، فلم نزل كذلك حتى اطلعني الله تعالى من ظهر طاهر، وهو عبدالله بن عبد المطلب، فاستودعني خير رحم وهي آمنة، ثم اطلع الله تبارك وتعالى عليا من ظهر طاهر، وهو أبو طالب بن عبد المطلب واستودعه خير رحم، وهي فاطمة بنت اسد، ثم قال: يا جابر، ومن قبل ان وقع علي في بطن امه كان في زمانه رجل عابد راهب يقال له المثرم بن رعيب بن شقيام، وكان مذكورا في العبادة قد عبد الله مائة وتسعين سنة ولم يساله حاجة، فسال ربه ان يريه وليا له، فبعث الله تبارك وتعالى بأبي طالب اليه، فلما ان بصر به المثرم قام اليه فقبل راسه واجلسه بين يديه، فقال : من انت يرحمك الله؟ قال : رجل من تهامة، فقال : من أي تهامة؟ قال : من مكة، فقال : ممن؟ قال : من عبد مناف، قال : من أي عبد مناف؟ قال : من بني هاشم، فوثب اليه الراهب وقبل راسه ثانيا وقال : الحمد لله الذي اعطاني مسألتي ولم يمتني حتى أراني وليه.

ثم قال له: ابشر يا هذا، فان العلي الاعلى قد الهمني الهاما فيه بشارتك، قال ابو طالب: ما هو؟ قال : ولد يخرج من صلبك هو ولي الله تبارك اسمه وتعالى ذكره، وهو امام المتقين، ووصي رسول رب العالمين، فان ادركت ذلك الولد، فأقراه مني السلام، وقل له: ان المثرم يقرأ عليك السلام، وهو يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان محمدا عبده ورسوله، وانك وصيه حقا، بمحمد تتم النبوة وبك تتم الوصية.

قال : فبكى أبو طالب وقال له: ما اسم هذا المولود؟

قال: اسمه علي، فقال أبو طالب : اني لا أعلم حقيقة ما تقوله الا ببرهان بين، ودلالة واضحة.

قال المثرم: فما تريد ان اسال الله لك ان يعطيك في مكانك ما يكون دلالة لك؟

قال ابو طالب : اريد طعاما من الجنة: في وقتي هذا؟ فدعا الراهب بذلك، فما استتم دعاءه حتى اتي بطبق عليه من فواكه الجنة رطبة وعنبة ورمان، فتناول ابو طالب منه رمانة ونهض فرحا مسرورا من ساعته حتى رجع الى منزله، فأكلها فتحولت ماء في صلبه، فجامع فاطمة بنت اسد، فحملت بعلي (عليه السلام) ، وارتجت الارض تزلزلت بهم اياما حتى لقيت قريش من ذلك شدة وفزعوا وقالوا: قوموا بالهتكم الى ذروة ابي قبيس حتى نسالهم ان يسكنوا ما نزل بكم وحل بساحتكم، فلما اجتمعوا الى ذروة جبل ابي قبيس، فجعل يرتج ارتجاجا حتى تدكدكت بهم صم الصخور وتناثرت وتساقطت الالهة على وجهها، فلما بصروا بذلك قالوا : لا طاقة لنا بما حل بنا؟ فصعد ابو طالب الجبل وهو غير مكترث بما هم فيه، فقال : ايها الناس، ان الله تبارك وتعالى قد احدث في هذه الليلة حادثة وخلق فيها خلقا ان لم تطيعوه ولم تقروا بولايته وتشهدوا بامامته لم يسكن ما بكم ولا يكون لكم بتهامة مسكن.

فقالوا: يا أبا طالب، انا نقول بمقالتك، فبكى ابو طالب ورفع الى الله تعالى يده، وقال: الهي وسيدي، اسالك بالمحمدية المحمودة، وبالعلوية العالية، وبالفاطمية البيضاء الا تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة فو الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لقد كانت العرب تكتب هذه الكلمات فتدعو بها عند شدائدها في الجاهلية وهي لا تعلمها وتعرف حقيقتها.

فلما كانت الليلة التي ولد فيها امير المؤمنين أشرقت السماء بضيائها، وتضاعف نور نجومها، وأبصرت من ذلك قريش عجبا، فهاج بعضها في بعض، وقالوا : قد حدث في السماء حادثة، وخرج ابو طالب وهو يتخلل سكك مكة واسواقها ويقول : يا ايها الناس تمت حجة الله، واقبل الناس يسالونه عن علة ما يرونه من اشراق السماء وتضاعف نور النجم، فقال لهم : ابشروا فقد ظهر في هذه الليلة ولي من اولياء الله يكمل فيه خصال الخير ويختم به الوصيين، وهو امام المتقين، وناصر الدين، وقامع المشركين، وغيظ المنافقين، وزين العابدين، ووصي رسول رب العالمين، امام هدى، ونجم علا، ومصباح دجى، ومبيد الشرك والشبهات، وهو نفس اليقين، ورأس الدين، فلم يزل يكرر هذه الكلمات والالفاظ الى ان اصبح، فلما ان اصبح غاب عن قومه اربعين صباحا.

قال جابر : فقلت: يا رسول الله، الى اين غاب؟

قال : انه مضى لطلب المثرم وقد مات في جبل اللكام، فاكتم يا جابر، فانه من اسرار الله المكنونة والعلوم المخزونة، ان المثرم كان وصف لأبي طالب كهفا في جبل اللكام وقال له : انك تجدني هناك حيا او ميتا، فلما مضى ابو طالب الى ذلك الكهف، ودخل اليه وجد المثرم ميتا جسدا ملفوفا في مدرعة مسجى بها الى قبلته، واذا هناك حيتان احدهما بيضاء والاخرى سوداء، وهما يدفعان عنه الاذى، فلما بصرتا بأبي طالب غربتا في الكهف ودخل أبو طالب اليه فقال : السلام عليك يا ولي الله ورحمة الله وبركاته، فأحيى الله تعالى بقدرته المثرم، فقام قائما يمسح وجهه ويقول: اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان محمدا (صلى الله عليه واله) عبده ورسوله، وان عليا ولي الله والامام بعد نبي الله.

فقال ابو طالب : البشرى، فان عليا قد اطلع الى الارض، فقال: ما كانت علامة الليلة التي طلع فيها؟

قال ابو طالب: بما مضى من الليل الثلث اخذ فاطمة فيها ما يأخذ النساء عند الولادة، فقلت لها: ما لك يا سيدة النساء؟ قال: اني اجد اضطرابا، فقرأت عليها الاسم الذي فيه النجاة، فسكنت، فقلت لها: اني انهض فآتيك بنسوة من صويحباتك يعنك عن امرك في هذه الليلة؟ قالت: رأيك يا ابا طالب، فلما قمت الى ذلك اذا انا بهاتف يهتف من زاوية البيت وهو يقول: امسك يا ابا طالب، فان ولي الله لا تمسه يد خاطئة، واذا انا بأربع نسوة يدخلن عليها وعليهن ثياب كهيئة الحرير الابيض، واذا رائحتهن اطيب من المسك الاذفر، فقلن لها: السلام عليك يا ولية الله، فأجابتهن، ثم جلسن بين يديها ومعهن جونة من فضة فأنستها، حتى ولد امير المؤمنين (عليه السلام) ، فلما انتهيت اليه فاذا هو كالشمس الطالعة وقد سجد على الارض وهو يقول: أشهد ان لا اله الا الله، واشهد ان محمدا رسول الله، واشهد ان عليا وصي رسول الله، بمحمد تختم النبوة، وبي تتم الوصية، وانا امير المؤمنين، فأخذته واحدة منهن من الارض ووضعته في حجرها.

فلما نظر علي في وجهها ناداها بلسان ذلق ذرب: السلام عليك يا اماه، فقالت: وعليك السلام يا بني، فقال : ما خبر والدي؟

فقالت : في نعم الله يتقلب، في صحبته يتنعم، فلما سمعت ذلك لم اتمالك ان قلت: يا بني، الست بابيك؟ قال : بلى ولكني واباك من صلب ادم، فهذه امي حواء، فلما سمعت ذلك غطيت راسي بردائي، وألقيت نفسي بزاوية البيت حياء منها، ثم دنت اخرى ومعها جونة أي ظرف من ظروف الغالية فأخذت عليا.

فلما نظر الى وجهها قال : السلام عليك يا اختي، قال : فما خبر عمي، فقال : بخير، وهو يقرا عليك السلام، فقلت : يا بني أي اخت هذه، ويا عم هذا؟ قال: هذه مريم بنت عمران، وعمي عيسى بن مريم (عليه السلام) ، وطيبته بطيب كان في الجونة، فأخذته اخرى منهن فأدرجته في ثوب كان معها.

قال ابو طالب : فقلت : لو طهرناه لكان اخف عليه، وذلك ان العرب كانت تطهر اولادها؟ فقالت: يا ابا طالب، انه ولد طاهرا مطهرا، لا يذيقه حر الحديد في الدنيا الا على يدي رجل يبغضه الله ورسله وملائكته والسماوات والارض والجبال والبحار، وتشتاق اليه النار، فقلت : من هذا الرجل؟ فقلن: ابن ملجم المرادي لعنه الله، وهو قاتله في الكوفة سنة ثلاثين من وفاة محمد (صلى الله عليه واله).

قال: ثم غبن النسوة فلم أرهن، فقلت في نفسي : لو عرفت المرأتين الاخيرتين، فالهم الله عليا، فقال : اما المراة الاولى فكان حواء، واما التي احتضنتني فهي مريم بنت عمران التي احصنت فرجها، واما التي ادرجتني في الثوب فيه آسية بنت مزاحم، واما صاحبة الجونة فهي ام موسى بن عمران، فالحق بالمثرم الان فبشره وخبره بما رايت، فانه في كهف كذا موضع كذا، فخرجت حتى اتيتك بامر ولدي واتيتك ابشرك بما عاينت وشاهدت من ابني.

فبكى المثرم، ثم سجد شكرا لله، ثم تمطى فقال : غطني بمدرعتي، فغطيته، فاذا هو ميت كما كان، فاقمت ثلاثا اكلمه فلا أجاب، فاستوحشت لذلك، وخرجت الحيتان فقالتا لي : السلام عليك يا ابا طالب، فاجبتهما، ثم قالتا لي : الحق بولي الله، فانك احق بصيانته وحفظه من غيرك، فقلت لهما : من أنتما؟ قالتا : نحن عمله الصالح خلقنا الله من خيرات عمله، فنحن نذب عنه الاذى الى ان تقوم الساعة، فاذا قامت القيامة كان احدنا قائده، والاخر سائقه ودليله الى الجنة، ثم انصرف ابو طالب (رحمه الله) الى مكة.

قال جابر : يا رسول الله، والله اكثر الناس يقولون: ان ابا طالب مات كافرا.

قال (صلى الله عليه واله) : يا جابر، ربك اعلم بالغيب، انه لما كانت الليلة التي اسري بي فيها الى العرش رايت اربعة انوار، فقلت: الهي، ما هذه الانوار؟

فقال : يا محمد هذا عبد المطلب، وهذا ابوك عبدالله، وهذا اخوك علي بن ابي طالب. وفي بعض النسخ: وهذا ابو طالب فقلت: الهي وسيدي، فبم نالوا هذه الدرجة؟ قال : بكتمانهم الايمان، واظهارهم الكفر، وصبرهم على ذلك حتى ماتوا عليه (سلام الله عليهم اجمعين).

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 - ص 10.

قال الإمام علي (عليه السلام): كان والله أبو طالب عبد مناف بن عبد المطّلب مؤمناً مسلماً، يكتم إيمانه مخافةً على بني هاشم أن تنابذها قريش.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 - ص 138.

واما عقيل ، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) في لية بدر: إن بني المطلب قوم أخرجوا كرها ولم يريدوا قتالكم، فمن لقي منكم أحدا فلا يقتله إن قدر عليه وليأسره، وليأت به أسيرا.

شرح الاخبار - ج 3 ص 232

عاشرا - الحزن لموت ابي طالب (عليه السلام).

قال تعالى: ((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)) تبارك 2

((فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ)) المائدة 106

قال تعالى: ((الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)) البقرة 156 - 157

 لما مات ابو طالب وخديجة في عام واحد حزن النبي (صلى الله عليه واله) حزنا شديدا وكان يقول: والله لا ادري ايهما اشد جزعا.

شيخ البطحاء ابو طالب (عليه السلام) - الحاج حسين الشاكري - ص 88

وسمي ذلك العام بعام الحزن فلزم بيته (صلى الله عليه واله).

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر عليا بأن يغسله ويكفنه ويواريه .

الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه واله) - السيد جعفر مرتضى - ج 3 - ص237. 

عن علي بن ميثم، عن أبيه عن جده: أنه سمع علياً (عليه السلام) يقول: تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا وهو على ملته، وأوصاني أن أدفنه في قبره، فأخبرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك، فقال: اذهب فواره، وانفذ لما أمرك به.

فغسلته، وكفنته، وحملته إلى الحجون، ونبشت قبر عبد المطلب، فرفعت الصفيح عن لحده، فإذا هو موجه إلى القبلة، فحمدت الله تعالى على ذلك، ووجهت الشيخ، وأطبقت الصفيح عليهما، فأنا وصي الأوصياء، وورثت خير الأنبياء.

قال ميثم: والله ما عَبَدَ علي، ولا عَبَدَ أحد من آبائه غير الله تعالى، إلى أن توفاهم الله تعالى.

سفينة البحار - ج 5 ص 321.

ولما قيل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أبا طالب قد مات عظم ذلك في قلبه، و اشتد له جزعه، ثم دخل عليه فمسح جبينه الايمن اربع مرات، و جبينه الايسر ثلاث مرات، ثم قال: يا عم ربيت صغيرا، و كفلت يتيما، و نصرت كبيرا، فجزاك الله عني خيرا و مشى بين يدي سريره، و جعل يعرضه، و يقول، وصلتك رحم و جزيت خيرا.

تاريخ اليعقوبي - ج 2 ص 76.

وقد رثى أمير المؤمنين (عليه السلام) اباه (رضوان الله عليه) فقال :

أبا طالب عصمة المستجير 

وغيث المحول ونور الظلم

لقد هد فقدك أهل الحفاظ

فصلى عليك ولي النعم

ولقاك ربك رضوانه

فقد كنت للطهر من خير عم.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 - ص 144.

وكذلك كان حزن للامام الحسين (عليه السلام) عندما وصله خبر استشهاد مسلم بن عقيل (عليه السلام) فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله عليهما. واخذ يكرر ذلك مرارا .... الخبر ، الى ان قال فنظر إلى بني عقيل فقال: ما ترون؟ فقد قتل مسلم ؟ فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق، فأقبل علينا الحسين (عليه السلام) وقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء.

الارشاد - الشيخ المفيد - ج 2 ص 75

وحزن الامام الحسين (عليه السلام) على مصرع عبد الله بن مسلم بن عقيل في واقعة كربلاء وقال: اللهم اقتل قاتل آل عقيل.

موسوعة كلمات الامام الحسين (عليه السلام) - ص 564

وكان (عليه السلام) يقول: صبرا آل عقيل فموعدكم الجنة.

عقيل بن ابي طالب - الاحمدي الميانجي - ص 71

وكان علي بن الحسين (عليهما السلام) يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عمك هؤلاء دون آل جعفر، فقال: اني أذكر يومهم مع أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) فأرق لهم .

كامل الزيارات - جعفر بن محمد بن قولويه - ص 214.

الحادي عشر - عزة ابي طالب (عليه السلام) واستصغاره للاعداء.

قال تعالى: ((وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)) المنافقون 8

كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خرج إلى الكعبة يوما وأراد أن يصلي، فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل لعنه الله: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلته؟

فقام ابن الزبعرى( فأخذ فرثا ودما فلطخ به وجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فانفتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلاته، ثم أتى أبا طالب عمه فقال: يا عم ألا ترى إلى ما فعل بي؟

فقال أبو طالب: من فعل هذا بك؟

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): عبد الله بن الزبعرى.

فقام أبو طالب ووضع سيفه على عاتقه ومشى معه حتى أتى القوم، فلما رأوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم ينهضون، فقال أبو طالب: والله لئن قام رجل لجللته بسيفي فقعدوا حتى دنا إليهم، فقال: يا بني من الفاعل بك هذا؟

فقال: عبد الله بن الزبعرى.

 فأخذ أبو طالب فرثا ودما فلطخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم، وأساء لهم القول.

إيمان أبي طالب - الشيخ الأميني - ص 40.

ودخل عقيل على معاوية وقد كف بصره، فأجلسه معاوية على سريره ثم قال له:

أنتم معشر بني هاشم تصابون في أبصاركم! قال: وأنتم معشر بني أمية تصابون في بصائركم! ودخل عتبة بن أبي سفيان، فوسع له معاوية بينه وبين عقيل فجلس بينهما، فقال عقيل: من هذا الذي أجلس أمير المؤمنين بيني وبينه؟ قال: أخوك وابن عمك عتبة.

قال: أما إنه إن كان أقرب إليك مني، إني لأقرب لرسول الله (صلّى الله عليه وسلم) منك ومنه، وأنتما مع رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) أرض ونحن سماء. قال عتبة: أبا يزيد، أنت كما وصفت، ورسول الله (صلّى الله عليه وسلم) فوق ما ذكرت، وأمير المؤمنين عالم بحقك، ولك عندنا مما تحب أكثر مما لنا عندك مما تكره.

ودخل عقيل على معاوية، فقال لأصحابه: هذا عقيل عمه أبو لهب! قال له عقيل، وهذا معاوية عمته حمّالة الحطب! ثم قال: يا معاوية، إذا دخلت النار فاعدل ذات اليسار، فإنك ستجد عمي أبا لهب مفترشا عمتك حمالة الحطب؛ فانظر أيهما خير، الفاعل أو المفعول به.

وقال له يوما: ما أبين الشّبق في رجالكم يا بني هاشم! قال: لكنه في نسائكم أبين يا بني أمية! وقال له معاوية يوما: والله إنّ فيكم لخصلة ما تعجبني يا بني هاشم. قال: وما هي؟ قال: لين فيكم. قال: لين ماذا؟ قال: هو ذاك. قال: إيانا تعيّر يا معاوية.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 53.

وسأله معاوية فقال له: يا أبا يزيد أخبرني عن عسكري وعسكر أخيك؟

فقال عقيل: أخبرك، مررت واللّه بعسكر أخي فإذا ليل كليل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ونهار كنهار رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلاّ أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس في القوم، ما رأيت إلاّ مصلياً، ولا سمعت إلاّ قارئاً, ومررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين ممّن نفر برسول اللّه ليلة العقبة.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 42 - ص 116.


الثاني عشر - خطبته في زواج خديجة (عليها السلام).

قال تعالى: ((وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً)) الفرقان 54

قال تعالى: ((وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)) النور 32

خطب ابو طالب خديجة (عليها السلام) للنبي محمد (صلى الله عليه واله) فقال في خطبته: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية ابراهيم ، وزرع اسماعيل ، وضئضئ معد

وعنصر مضر  وجعلنا حضنة بيته المتكفلين بشأنه ، وسوَّاس حرمه ، القائمين بخدمته. وجعله لنا بيتاً محجوباً ، وحرماً آمناً ، وجعلنا أحكام أحكام الناس. ثم ابن أخي هذا محمد بن عبد الله ، لا يوزن به رجل إلا رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً ، وإن كان في المال قلّ فإن المال ظل زائل وأمر حائل وعارية مسترجعة. وهو والله بعد هذا ، له نبأ عظيم ، وخطر جليل ، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة ، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثني عشر اوقية ونشاً.

قال ورقة بن نوفل وأنتم أهل ذلك كله لا ينكر العرب فضلكم ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم ورغبتنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم فاشهدوا علي معاشر قريش إني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله وذكر المهر فقال أبو طالب قد أحببت أن يشركك عمها فقال عمها اشهدوا على معاشر قريش أنى قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد. وأولم عليها (صلى الله عليه واله وسلم) نحر جزورا وقيل جزورين وأطعم الناس. السيرة الحلبية - الحلبي - ج 1 - ص 277.

وقد اشار عقيل على اخيه امير المؤمنين (عليه السلام) بالزواج من ام البنين (عليها السلام) من اهلها. فقد روي ان امير المؤمنين (عليه السلام) قال لأخيه عقيل - وكان نسابة عالما بأنساب العرب وأخبارهم -: أنظر إلى امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا. فقال له: تزوج أم البنين الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها.

عمدة الطالب - ابن عنبة - ص 357

الثالث عشر - شعره وفصاحته وبلاغته.

قال تعالى: ((قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)) الزمر 28

روي انه (صلى الله عليه واله) قال: انا أفصح من نطق بالضاد، بيد أني من قريش.

سبل الهدى والرشاد - ج 1 ص 419

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعجبه أن يروى شعر أبي طالب وأن يدون، وقال: تعلموه وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله وفيه علم كثير.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 - ص 115.

وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب لم جفوتنا يا أبا يزيد؟ فأنشأ يقول:

وإني امرؤ منى التكرم شيمة

إذا صاحبي يوما على الهون أضمرا.

 مواقف الشيعة - الاحمدي الميانجي - ج 1 ص 228

وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب: إن عليا قد قطعك وصلتك، ولا يرضيني منك إلا أن تلعنه على المنبر؟

قال: أفعل، فأصعد فصعد، ثم قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: أيها الناس إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب، فالعنوه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ثم نزل.

فقال له معاوية: إنك لم تبين أبا يزيد من لعنت بيني وبينه؟

قال: والله، لا زدت حرفا، ولا نقصت آخر، والكلام إلى نية المتكلم.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 55.

الرابع عشر - حكمة ابي طالب (عليه السلام) ورجاحة عقله.

قال تعالى: ((يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ)) البقرة 269

أن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله (صلى الله عليه واله) وإسلامه وإجماعه لفراقهم فى ذلك وعداوته مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالوا له: فيما بلغنى يا أبا طالب، هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى فى قريش وأجمله، فخذه، فلك عقله ونصره، واتخذه ولدا فهو لك؟ وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذى قد خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامنا فنقتله فإنما هو رجل برجل!

قال: والله لبئس ما تسومونني!

أتعطوننى ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابنى فتقتلونه! هذا والله ما لا يكون أبدا.

قال: فقال المطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف بن قصى: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا؟

فقال أبو طالب للمطعم: والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت خذلانى ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك - أو كما قال - فحقب الأمر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، ونادى بعضهم بعضا.

السيرة النبوية - ج 1 ص 475 

وروي أن عليا (عليه السلام) وكل أخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمر، وقال: هذا عقيل فما قضى عليه فعلي وما قضى له فلي. ووكل عبد الله بن جعفر في مجلس عثمان.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 49.

وقال حسان بن ثابت يرثي جعفرا

بهاليل منهم جعفر وابن امه

علي ومنهم احمد المتخير

وحمزة والعباس منهم ومنهم

عقيل وماء العود من حيث يعصر

شرح الاخبار - ج 3 - ص 209


الخامس عشر - كرم ابي طالب (عليه السلام) وجوده

قال تعالى: ((الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)) ال عمران 134

قال صاحب السيرة الدحلانية

السقاية، والرفادة.

وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب، فيصنع به طعاما للحاج، فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد؛ وذلك أن قصيا فرضه على قريش، فقال لهم حين أمرهم به: يا معشر قريش، إنكم جيران الله تعالى وأهل بيته، وأهل الحرم، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم؛ ففعلوا، وكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا، فيدفعونه إليه، فيصنع به طعاما للناس أيام منى، فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام، ثم جرى في الإسلام إلى يومنا هذا؛ فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس، حتى ينقضي الحج.

السيرة النبوية - ج 1 ص 84

ثم اتفق أن أبا طالب أملق أي افتقر في بعض السنين فاستدان من أخيه العباس عشرة آلاف درهم إلى الموسم الآخر فصرفها أبو طالب في الحجيج عامه ذلك فيما يتعلق بالسقاية فلما كان العام المقبل لم يكن مع أبي طالب شيء فقال لأخيه العباس أسلفني أربعة عشر ألفا أيضا إلى العام المقبل لأعطيك جميع مالك فقال له العباس بشرط إن لم تعطني تترك السقاية لأكفلها فقال نعم فلما جاء العام الآخر لم يكن مع أبي طالب ما يعطيه لأخيه العباس فترك له السقاية فصارت للعباس ثم لولده عبد الله بن عباس واستمر ذلك في بني العباس إلى زمن السفاح ثم ترك بنو العباس ذلك والرفادة إطعام الحاج أيام الموسم حتى يتفرقوا فإن قريشا كانت على زمن قصي تخرجه من أموالها في كل موسم فتدفعه إلى قصي فيصنع به طعاما للحاج يأكل منه من لم يكن معه سعة ولا زاد كما تقدم حتى قام بها بعده ولده عبد مناف ثم بعد عبد مناف ولده هاشم ثم بعد هاشم لولده عبد المطلب ثم ولده أبو طالب وقيل ولده العباس ثم استمر ذلك إلى زمنه (صلى الله عليه وسلم) وزمن الخلفاء بعده ثم استمر ذلك في الخلفاء إلى أن انقرضت الخلافة من بغداد ثم من مصر.

السيرة الحلبية - الحلبي - ج 1 - ص 24.

عقيل يسقي الحجيج

لما أسلم عقيل وعباس يوم بدر، رجع عقيل إلى مكة يسقي الحجيج.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 42.

روى عطاء بن أبي رياح، أنه قال: رأيت عقيل بن أبي طالب ينزع بغرب على بئر زمزم، وعليها غروب كثيرة يسقي الحجيج ومعه رجال من قومه وما معهم أحد من مواليهم، وأن أسافل قميصهم لمبتلة بالماء ينزعون من قبل الحج في أيام منى.

شرح الاخبار - ج 3 ص 243

أن عقيلا لزمه دين فقدم على علي بالكوفة فأنزله، وأمر ابنه الحسن، فكساه، فلما أمسى دعا بعشائه، فإذا هو خبز، وملح، وبقل، فقال عقيل: ما هو إلا ما أرى؟ قال: لا. قال: فتقضي ديني. قال: وكم دينك؟ قال: أربعون ألفا، قال: ما هي عندي. ولكن اصبر حتى يخرج عطائي فإنه أربعة آلاف فأرفعه إليك، فقال: بيوت المال بيدك وأنت تسوفني بعطائك؟ قال: أتأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين، وقد ائتمنوني عليها؟ قال: فإني آت معاوية. فإذن له، فأتى معاوية وكان معاوية زوج خالته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة.

شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج 32 - ص 271.

السادس عشر - سفر النبي (صلى الله عليه واله) الى الشام

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سافر إلى الشام بصحبة عمه أبي طالب، ورآه بحيرا راهب بصرى، وأخبر عمه أنه نبي هذه الأمة، وأصر عليه بأن يرجعه إلى مكة، حتى لا يغتاله اليهود الذين يرون العلامات التي في كتبهم متحققه فيه، فخرج به عمه أبو طالب حتى أقدمه مكة.

الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه واله) - السيد جعفر مرتضى - ج 2 ص 93.

‏وكان سفر عقيل إلى الشام لحاجة وافتقار بعد أن أذن له الإمام (عليه السلام) فأتى معاوية فقال له: يا أبا يزيد كيف تركت عليا وأصحابه؟ قال: كأنهم أصحاب محمد إلا أني لم أر رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وكأنك وأصحابك أبو سفيان وأصحابه إلا أني لم أر أبا سفيان فيكم.

شرح احقاق الحق - السيد المرعشي - ج 8 ص 541

‏وكان ذهابه بعد صفين وأن معاوية قد كره بقاءه عنده لما سمعه منه وقال له: يا أبا يزيد قد كنا نحب مقامك عندنا، فأما بعدما لقيناه منك، فانصرف إلى مكانك.

فقال عقيل: والله اني لأرغب في ذلك منك، وما كثرت عطائك إياي وقلته عندي سواء، وان فضل ما بيننا عندي ليسير، وما كنت من يسمح لك بعرضه ونقصه طمعا فيما يناله منك، وانصرف.

شرح الاخبار - ج 3 ص 243

وذهب السيد المقرم والسيد علي خان والسيد جعفر العاملي انه وذهب إلى معاوية بعد شهادة أخيه (عليه السلام) وهو ما ذهب إليه المعتزلي في ج3 ص 250

السابع عشر - الافتراء على ابي طالب (عليه السلام).

قال تعالى: ((هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)) يونس 30

قال تعالى: ((قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)) يونس 69

عن أبي بصير ليث المرادي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): سيدي إن الناس يقولون: إن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه. فقال (عليه السلام): كذبوا والله إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة الميزان وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم. 

الغدير - الشيخ الأميني - ج 7 - ص 390.

وعن محمد بن يونس، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب؟ قلت: جعلت فداك يقولون هو في ضحضاح من نار، وفي رجليه نعلان من نار تغلي منهما أم رأسه، فقال: كذب أعداء الله، إن أبا طالب من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء الصالحين وحسن أولئك رفيقا.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 - ص 111.

قيل ان قوله تعالى: ((انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء)) انها نزلت في ابي طالب (عليه السلام)

‏والحق أن الآية نزلت في المدينة بشأن أهل الكتاب بقرينة سياق الآية، والذي نقل تفسير هذه الآية أو تاويلها هو أبو هريرة ولم يكن قد شاهد وفاة أبي طالب (عليه السلام)، وقيل أن الآية نزلت في يوم احد حينما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اللهم اهدى قومي فإنهم لايعلمون، ‏وقيل نزلت في الحارث بن نوفل الذي كان النبي (صلى الله عليه وآله) يرغب في إسلامه. تفسير البرهان - ج 4 ص 279

‏اما عقيل فقد قيل أنه ترك أخاه وذهب إلى معاوية بن أبي سفيان من أجل المال وسنتحدث في الروايات الذامة عن ذلك.


الثامن عشر - ايذاء ابي طالب (عليه السلام) بالكلام.

قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً * وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً)) الاحزاب 57 - 58

شِعب أبي طالب منطقة في مكة تقع بين جبل أبو قبيس وجبل الخندمة، وقد كان هذا الشعب ملكاً لعبد المطلب، ثم أصبح ملاذاً للمسلمين وبني هاشم حين فرضت عليهم قريش حصاراً اقتصادياً واجتماعياً في السنة السادسة من البعثة النبوية بسبب عدم تخليهم عن النبي (صلى الله عليه واله) ودعوته، وقد استمر الحصار لمدة ثلاث سنوات.

تعود شهرة هذا الشعب إلى هذا الحدث التاريخي، كما أنّ في الوقت الحاضر أصبح جزءاً كبيراً من هذا الشِعب ضمن حرم الكعبة المشرفة بعد عدة توسعات على مدار التاريخ، ولم يبق منه إلا مساحة قليلة تعرف باسم سوق الليل.

يقع شعب أبي طالب بالقرب من المسجد الحرام خلف الصفا والمروة بين جبل أبو قبيس وجبل حنتمة.

ويحتوي الشِعب على فضاء واسع مرصع بالحجر المرمر وأصبح موضع استراحة الحجاج في زمان الحج.

وقد أخطا البعض حين افترض أن مقبرة الحجون ــــ التي دفن فيها أبو طالب ـــ توجد في هذا الشِعب؛ إذ إن الحجون كانت مقبرة أهل مكة وهي خارج المدينة.

وعندما حكم قصي بن كلاب مكة، أعطى لكل قبيلة من قريش مكانا يكون سكنا لهم، وكان هذا المكان (شعب أبي طالب) يقع مقابل الكعبة، جعله قصي له ولأولاده عبد مناف وعبد الدار.

ثم أصبح هذا الشِعب فيما بعد ذلك تحت تصرف عبد المطلب، حيث قسمه على أولاده في آخر حياته، وقد حصل النبي (صلى الله عليه واله) على حصة أبيه.

لقد ولد في هذا الشِعب النبي الأكرم (صلى الله عليه واله)، ولهذا يقال لهذا الشِعب في بعض الأحيان شِعب المولد.

وقد كان هذا الشِعب محل سكن النبي (صلى الله عليه واله) وخديجة (عليها السلام)، وقد ولدت السيدة الزهراء (عليها السلام) في هذا الشِعب.

كما إن ابن عباس ولد في هذا الشِعب، وعاش فيه، وبعد أن رأى زعماء قريش فشل كل الوسائل المتبعة في محاربة النبي (صلى الله عليه واله) اجتمعوا في دار الندوة وقرروا محاصرة بني هاشم وبضمنهم النبي (صلى الله عليه واله)، وقد تواصوا على أن من يخرق قانون المحاصرة فإنه مهدور الدم، وما جاء في اتفاق القرشيين فهو عبارة عن:

لا نبيع لبني هاشم ومحمد وأصحابه ولا نشتري منهم.

لا نعاشر بني هاشم ولا المسلمين ولا نبني أي علاقة معهم. لا نزوجهم من نسائنا ولا نتزوج منهم.

لابد من الدفاع عن كل من يعادي محمد.

بعد أن أعلنت قريش هذه الوثيقة وعلقتها على جدار الكعبة دعا أبو طالب بني هاشم أن ينزلوا في شعب أبي طالب ويسكنون متقاربين كي يحموا أنفسهم ويحموا النبي (صلى الله عليه اله)، وأسكنهم في بيت صغير له وسقيفة مختصرة. وجعل الشِعب تحت الحراسة الدائمة وبشكل متناوب، وكان المسلمون وبني هاشم يستطيعون الخروج من الشعب في موسم الحج ويتعاملون مع الحجيج القادمين من خارج مكة، ولما رأت قريش هذا الشيء أصدرت أمرا مفاده: كل من يتعامل مع بني هاشم من الحجيج تصادر أمواله.

وكان النبي (صلى الله عليه واله) لا يتوانا عن دعوة الناس في موسم الحج إلى الإسلام، ولكن هذا العمل أزعج قريش ؛ ولهذا طلبوا من أبي طالب أن يسلمهم النبي (صلى الله عليه واله) كي يقتلوه، ولكن أبا طالب رفض طلبهم هذا ووقف حائلا دون قتل النبي (صلى الله عليه واله).

وكان أبوطالب يغيّر المكان الذي ينام فيه النبي (صلى الله عليه واله) في كل ليلة، وكان إذا نام في مكان ما جعله ينام في الوسط، ويجعل أبنائه ينامون في الأطراف؛ حفاظاً على حياته (صلى الله عليه واله).

قال الجاحظ: كان عقيل أكثرهم ذكراً لمثالب الناس ، فعادوه لذلك ، و قالوا فيه ، و حمّقوه ، و سمعت ذلك العامة.

البيان والاستبيان -ج 2 ص 324.

وقال الوليد بن عقبة لعقيل في مجلس معاوية: يا أبا يزيد، غلبك أخوك على الثروة.

قال: نعم، وسبقني وإياك إلى الجنة.

قال: أما والله، إن شدقيه لمضمومان من دم عثمان.

قال: وما أنت وقريش؟ والله، ما أنت فينا إلا كنطيح التيس.

فغضب الوليد من قوله وقال: والله، لو أن أهل الأرض اشتركوا في قتله لأرهقوا صعودا، وإن أخاك لأشد هذه الأمة عذابا.

فقال: صه والله، إنا لنرغب بعبد من عبيده عن صحبة أبيك عقبة بن أبي معيط.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 54.

التاسع عشر - شجاعة ابي طالب (عليه السلام) في الكلام والافعال.

قال تعالى: ((فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى‏ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)) ال عمران 52

‏ومما يدل على شجاعة أبي طالب عليه السلام ما تقدم من أقواله وأفعاله ومواقفه، فلا نعيد.

واما عقيل

1- ‏كان ممن ثبت في واقعة حنين كما ذكر في اسد الغابة - ج 4 ص 61

2- روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: بارز عقيل بن أبي طالب رجلا يوم مؤتة فقتله فنفله رسول الله (صلى الله عليه وآله) خاتمه وسلبه.

المعجم الاوسط - ج 1 ص 134

3- كان ممن ثبت مع رسول الله (صلى الله عليه واله)في غزوة حنين.

ميزان الحكمة - الريشهري - ج 3 ص 2251

كنز العمال -ج 10 ص 542

تاريخ مدينة دمشق - ج 41 ص 15

4- وروي ان عقيل قتل رجلا من المشركين يوم مؤتة فأخذ خاتمه وجارية كانت معه، فأتى بهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ الخاتم، فجعله في إصبعه، ثم قال:

لولا التمثال. قال: فنفل عقيلا خاتمه وجاريته.

عقيل بن ابي طالب - الاحمدي الميانجي - ص 44.

5- ‏كان ممن خرج في تشييع أبي ذر عندما نفاه عثمان إلى الربذة ومنع الناس من مشايعته.

بحار الانوار - العلامة المجلسي - ج 22 ص 412

6- جوابه عمر بعد دفن السيدة الزهراء (عليها السلام): أنتم والله لأشد حسدا وأقدم عداوة لرسول الله وأهل بيته، ضربتموها بالأمس، وخرجت من الدنيا وظهرها مضرج بالدم وهي غير راضية عنكما.

كانل البهائي - ج 1 ص 312

7- كلامه وحواره مع معاوية والوليد بن عقبة المتقدمين.

8- كان ممن شهد الجمل وصفين والنهروان.

الاستيعاب - ج 3 ص 70

عشرين: ابو طالب عم النبي (صلى الله عليه واله) الوفي المؤمن

قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ يَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) النحل 90

قال تعالى: ((ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)) الشورى 23

قال (صلى الله عليه واله): وصلتك رحم يا عم، وجزيت خيرا، فلقد ربيت وكفلت صغيرا ونصرت وآزرت كبيرا.

وقال (صلى الله عليه واله): قال: أم والله لأستغفرن لك ولأشفعن فيك شفاعة يعجب لها الثقلان.

بحار الانوار - العلامة المجلسي -ج 35 ص 163

وقال امير المؤمنين (عليه السلام) يرثي اباه:
أبا طالب عصمة المستجير

وغيث المحول ونور الظلم

لقد هد فقدك أهل الحفاظ

فصلى عليك ولي النعم

ولقاك ربك رضوانه

فقد كنت للطهر من خير عم

بحار الانوار - العلامة المجلسي - ج 35 ص 114

وكذلك الصحيح من سيرة النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) - السيد العاملي - ج 3 ص 337

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

لو قد قمت المقام المحمود شفعت لأبي وأمي وعمي وأخ كان لي موافيا في الجاهلية.

تفسير العياشي - ج 2 ص 313

تفسير القمي - ج 1 ص 380

وفي ذخائر العقبى - ص 7: إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمى أبى طالب وأخ لي كان في الجاهلية.

ومعلوم ان الشفاعة لا تكون لمشرك.

وقال رسول الله (صلى الله عليه[واله] وسلم) لأبي طالب: يا عم، إن ربى الله قد سلط الأرضة على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسما هو لله إلا أثبتته فيها، ونفت منها الظلم والقطعية والبهتان، فقال:

أربك أخبرك بهذا؟ قال: نعم، قال: فوالله ما يدخل عليك أحد، ثم خرج إلى قريش فقال: يا معشر قريش، إن ابن أخي أخبرني بكذا وكذا، فهلم صحيفتكم، فإن كان كما قال [ابن أخي] فانتهوا عن قطيعتنا وانزلوا عما فيها، وإن كان كاذبا دفعت إليكم ابن أخي، فقال القوم: رضينا فتعاقدوا على ذلك، ثم نظروا، فإذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزادهم ذلك شرا.

السيرة النبوية - ابن هشام -ج 1 ص 253

واما عقيل، فالملاحظ ان الامام الحسين (عليه السلام) قد نعته بعمه في كتابه الى اهل الكوفة حيث قال : وأنا باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي.

‏مناقب ال أبي طالب - ج 3 ص 242

بينما لم يعبر النبي (صلى الله عليه واله) بهذا اللفظ بحق ابي لهب بل عبر بلفظ (رجل) وذلك في حديث يوم الدار حيث قال (صلى الله عليه واله): يا علي أعد مثل الطعام الأول والشراب (الأول) فإن هذا الرجل قد بدرني إلى ما قد سمعت قبل أن أكلم القوم.

مناقب امير المؤمنين (عليه السلام) - ج - 1 ص 373

ومما لا شك فيه ان للتعبير بالعم دلالة دالة.

واحد وعشرين - ابو طالب ابو الائمة والمهدي (عليهم السلام).

عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال له: يا عم يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ثم يكون أمور كريهة وشدة عظيمة ثم يخرج المهدي من ولدي يصلح الله أمره في ليلة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ويمكث في الأرض ما شاء الله ثم يخرج الدجال.

مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 1 - ص 252.

واما عقيل ، فلا يخفى الدور العظيم الذي كان لولد عقيل في نصرة الامام الحسين (عليه السلام) لا سيما سفير الامام الحسين وثقته مسلم بن عقيل (عليهما السلام) في كربلاء وقد تقدم الاشارة الى ذلك، وقد تقدمت الرواية الخاصة بمسلم (عليه السلام) وانه تصلي عليه الملائكة المقربون.

عن ابن عباس قال: قال علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله):

يا رسول الله إنك لتحب عقيلا؟

قال: إي والله، إني لأحبه حبين: حبا له، وحبا لحب أبي طالب له، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلي عليه الملائكة المقربون، ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى جرت دموعه على صدره، ثم قال: إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي.

عقيل ابن أبي طالب - الأحمدي الميانجي - ص 26.

روايات الذم الواردة في عقيل.

الرواية الاولى.

لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مال الناس إلى أبي بكر فبايعوه وأنا مشغول برسول الله (صلى الله عليه وآله) بغسله ودفنه، ثم شغلت بالقرآن، فآليت على نفسي أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب، ففعلت.

ثم حملت فاطمة وأخذت بيد ابني الحسن والحسين، فلم أدع أحدا من أهل بدر وأهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا ناشدتهم الله في حقي ودعوتهم إلى نصرتي، فلم يستجب لي من جميع الناس إلا أربعة رهط: سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير، ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به ولا أقوى به، أما حمزة فقتل يوم أحد، وأما جعفر فقتل يوم مؤتة، وبقيت بين جلفين جافيين ذليلين حقيرين عاجزين: العباس وعقيل، وكانا قريبي العهد بكفر، فأكرهوني وقهروني، فقلت كما قال هارون لأخيه: (يا بن أم، إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني)، فلي بهارون أسوة حسنة ولي بعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجة قوية.

كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري - ص 216.

والجلف بمعنى الغليظ قاسيًا جاف

توجيه الرواية

1- قال الامام (عليه السلام) العباس وعقيل غليظين في معاملة جافلين ليس فيهم رقة ولا عطف وحنان وهذا ليس ذنب ومعصية يسجل عليهما.

2- الامام (عليه السلام) في صدد التفاضل بين حمزة وجعفر من جهة والعباس وعقيل من جهة اخرى والفرق واضح بينهما فحمزة وجعفر شهيدي الاسلام وليس العباس وعقيل كذلك.

3- اسلام حمزة وجعفر في بداية الاسلام وعقيل والعباس قد اسلما في واقعة آحد ورجعا الى مكة بعد اسرهما في واقعة آحد اي بعد قرابة خمسة عشر سنة وهما كان لديهم أموال وأولاد كثيرة وارادا حفظ مالهما واولادهما رجعا الى مكة فكانا يداهنان ويتقيان قريشا .

4- ان جافيين وجلفين لانهما كانا يداهنان قريش بخلاف حمزة وجعفر بقوتهم وصلابتهم وعلى ذلك عبر الامام (عليه السلام) عنهما بانهما ذليلين لانهما يداهنان قريش .

5- الامام (عليه السلام) يريد الصولة والجولة على خصومه وأعداءه فهو يريد ان يكون في موقع الهجوم لا في موقع الدفاع وموقع الهجوم يتطلب ناصرين شديدين كحمزة وجعفر ، وعقيل والعباس يصلحان للدفاع لا للوثبة والهجوم.

6- عقيل والعباس في قومهما ليسا كمهابة ومكانة حمزة وجعفر في قومهم فلم تكن قريش تخاف وتهاب العباس وعقيل كما تهاب وتخاف حمزة وجعفر حيث كان اسميهما فقط يرهب العدو .

7- ان عقيلا والعباس  لم يكونا  ذا صفات كمالية رفيعة كمثل حمزة وجعفر ولو كانا حمزة وجعفر موجدين لكان موقف أمير المؤمنين مع خصومه يختلف كثيرًا.

8- كان حمزة وجعفر اقرب من رسول الله (صلى الله عليه واله) من العباس وعقيل لان الميزان ليس في القرب النسبي في كونهما عمه وبن عمه والا لكان في درجة واحدة وانما الميزان كان في القرب من الله والطاعة لله سبحانه وتعالى.

9- عقيل والعباس ليس لديهم الدافع للشهادة والتضحية بالنفس من أجل الامام كما كان لحمزة وجعفر التضحية والموت في سبيل الاسلام وعلى ذلك نال حمزة مقام الشهادة يوم أحد وجعفر مقام الشهادة يوم مؤتة ، وقرينة على ذلك ان عقيلا والعباس ماتا بعد عمر طويل على فراشهما وليسا في ساحات الجهاد .

10- يوجد من بني هاشم كثير من الرجال ولكن الميزان هو في وجهاء بني هاشم وكبراء بني هاشم وأعمدة البيت الهاشمي فكان في ذلك الزمن بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) حمزة وجعفر ووجهاء البيت الهاشمي بعد أمير المؤمنين (عليه السلام) في زمانه عقيل والعباس وأين تلك الوجاه لحمزة وجعفر من وجاه عقيل والعباس.

11- زوجة جعفر اسماء بنت عميس وزوجة حمزة هي سلمى بنت عميس اخت اسماء وزوجة عقيل هي فاطمة بنت عتبة خالة معاوية .


12- الظاهر ان الشجاعة الخطابية والبيانية التي كانت عند حمزة وجعفر في مواجهة الاعداء في الحوار والقابلية في ادارة الحوار والمحاورة كبيرة جدا في حوارهما حيث نلاحظ كيف جعفر واجه وحاور ملك الحبشة، وحمزة في لقائه مع قريش ايضا في قضية ابو جهل عندما ضربه بقوسه وهذا غير واضح وبين في حوار العباس وعقيل في مواجهة كمواجهة حمزة وجعفر .

13- كان حمزة وجعفر قائدين في ميادين الحروب والمواجهة، لكفائة كانت واضحة لهما وهذا بخلاف العباس وعقيل لم تكن عندهم هذه الصفة .

روي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: أوحى الله عز وجل إلى رسوله (صلى الله عليه وآله): أني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال، فدعاه النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبره، فقال: لولا أن الله أخبرك ما أخبرتك، ما شربت خمرا قط، لأني علمت أن لو شربتها زال عقلي، وما كذبت قط، لان الكذب ينقص المروءة، وما زنيت قط، لأني خفت أني إذا عملت عمل بي، وما عبدت صنما قط لأني علمت أنه لا يضر ولا ينفع.

قال: فضرب النبي (صلى الله عليه وآله) يده على عاتقه، فقال: حق لله عز وجل أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة.

امالي الصدوق - ص 133

14- لم يكن حمزة وجعفر  نديمين او جليسين لقريش في محافلهما ، ولهما توافق واجتماع في عالم الاخرة.

روي عن رسول الله (صلى الله عليه واله): دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها، فإذا جعفر يطير مع الملائكة، وإذا حمزة متكئ على سرير.

الجامع الصغير - السيوطي - ج 1 ص 465

وقال (صلى الله عليه واله): رأيت في المنام عمي حمزة وابن عمي جعفرا جالسين وبين أيديهما طبق من نبق وهما يأكلان منه، فما لبثنا أن تحول رطبا فأكلا منه.

فقلت لهما: ما وجدتما (الساعة) أفضل الأعمال في الآخرة؟

قالا: الصلاة، وحب علي بن أبي طالب (عليه السلام) وإخفاء الصدقة.

مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني - ج 3 ص 34

15- كان جعفر في كفالة حمزة وان علي (عليه السلام) في كفالة النبي (صلى الله عليه واله) فاكتسب جعفر صفاته وآثاره واما عقيل فبقى في حجر ابيه ابي طالب وابي طالب معروف بالسياسة والمداراة مع قريش حفاظًا على النبي (صلى الله عليه واله)

16- توافقهما واجتماعهما في عالم الاخرة بخلاف عقيل والعباس لم يكن لهم انس واجتماع وألفه كبيرة .

17- التعويض الالهي لحمزة وجعفر لتضحياتهما حيين ومييتين حيث مثل بحمزة بعد مماته وجعفر قطعت يمينه وشماله .

الرواية الثانية:

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): والله، لقد رأيت عقيلا، وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا، وكرر علي القول مرددا، فأصغيت إليه سمعي، فظن أني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقا طريقتي فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل، يا عقيل! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه، أتئن من الأذى ولا أئن من لظى؟

الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) - أحمد الرحماني الهمداني - ص 669.

توجيه الرواية

1- في الرواية بيان مشقة وعناء عقيل وأنه لم يعاود أمير المؤمنين (عليه السلام) لنفسه بل من اجل اولاده بعدما أثر فيهم الفقر والجوع كما بين أمير المؤمنين (عليه السلام)

2- الامام (عليه السلام) في المرة الأولى والثانية لم يعمل له شيء بقرينة قوله (عليه السلام): "وكرر علي القول مرددا" ، فكان الامام (عليه السلام) لم يعمل له شيء لظنه بأنه سيرتدع بسكوته عن المعاودة .

3- الامام (عليه السلام) اراد ان يبين لعقيل مقام القائد وامانته وحماته لاموال المسلمين وعدالته في الرعية وأن النسب والقرابة لا يغيران شيء من ذلك.

4- هو (عليه السلام) لم يكوي ولم يحرق عقيلا في النار بل جعله يحس بحرارة الحديدة فقط حتى يعلم ان نار الدنيا جزء من سبعين جزء من نار الاخرة.

5- الدنيا فيها انين ولوعة وألم وهو أهون عليك يا عقيل من ألم وانين الاخرة، فلا تجمع بين الالمين والانينين الم وانين الدنيا وألم وانين الاخرة.

6- يا عقيل لو عصيت الله لعاقبتك عقاب دنيوي تأن منه وتتوجع منه وهو عقاب انسان ضعيف فكيف بعذاب الاخرة وهو عقاب جبار السموات والارض.

7- هذا درس اخلاقي تربوي للامة حيث خطب خطبة استعرض فيها ما جاء مع اخيه عقيل فهو درس عملي للامة وبطل هذا الدرس عقيل بن ابي طالب.

8- هذه الحادثة تنفي عن عقيل كمال ديني كان على عقيل تجسيده واظهاره لانه ابن ابي طالب .

9- عقيل لم يقل للامام (عليه السلام) اعطني من بيت المال بل طلب الاعانة لان الامام (عليه السلام) كان لديه عين تنبع والبغيبغات وعيون اخرى.

10- لو كان طلب عقيل من الامام (عليه السلام) من بيت المال فلأنه يعلم ان للامام (عليه السلام) السلطنة على الانفس وهو قام مقام النبي (صلى الله عليه واله) بقرينة من كنت مولاه فعلي مولاه .

11- لم يطلب عقيل مالًا كثيرًا، بل طلب صاعا، كما ذكر ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال: حتى استماحنى من بركم صاعًا، ولكن الصاع عند أمير المؤمنين (عليه السلام) والجبل شيء واحد .

12- يا عقيل هذا الطلب منك وانت اخو لعلي بن ابي طالب (عليه السلام) وابن لابي طالب (عليه السلام) لا يكون لك الا اذا اصابك الجنون او مرضت فغدوت تهجر .

13- درس وتوجيه لعقيل، يا عقيل اتريد ان تنجو وتنفع اولادك وانا وامامك، ما هكذا يراعى حق الاخوة يا عقيل .

14- كان عقيل اكبر سناً حيث كان اكبر من أمير المؤمنين(عليه السلام) بعشرين سنة واولاده كثر، من الذكور عشرة ومن الاناث خمسة .

15- عقيل ما كان يطلب باطنا الا الاعانة لحالة اولاده وذريته .

والحمد لله رب العالمين




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=167204
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 04 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28