• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رؤية في الثقافة العراقية.. .
                          • الكاتب : علي الزاغيني .

رؤية في الثقافة العراقية..

  من أرض العراق انبثقت الحضارة، وخط أول حرف فيها كما سُنّ القانون على ارض الرافدين، لتكون للعالم منبر علم وثقافة, وبكل تأكيد أن شعباً تأريخه بهذا العمق لابد أن يكون مصدر نور للبشرية، وهذا ما انعكس على الأجيال المتعاقبة على مر السنين. بالحقيقة أن التمجد والتباهي بماضينا شيء جميل، ولكن أن نبقى هكذا نعيش على أمجاد الأجداد، لا يوصلنا الى ما وصلت اليه الأمم من تقدم ورُقي.

 لذا على المثقفين أن يأخذوا دورهم الكبير ونشر الوعي الثقافي للجيل الحالي والأجيال اللاحقة، وهذا الأمر ليس بالصعب اذا ما وصل اليه العلم من تطور ولا سيما بعد تطور التكنلوجيا الحديثة الانترنت، وانتشاره بشكل واسع في العراق، وأصبح استخدامه ملزماً لكل الفئات العمرية للتواصل الاجتماعي، والاطلاع على مختلف التطورات السياسية والثقافية والطبية والعلمية، وكذلك أصبح استخدام الانترنت في استلام الرواتب بعد توطينها من قبل الحكومة.
 وبما أن العالم اصبح قرية صغيرة يجب على المثقف العراقي ان ينقل الى العالم الثقافة العراقية بمنظار حضاري جديد، وبأسلوب يختلف عن السابق، وبما يليق بالثقافة العراقية وعمق العراق التاريخي وحضارته وتقاليده السامية .
ليس المهم أن نكون مُقلدين للآخرين بكل تصرفاتهم، ولكن الأهم أن نكون نحن بعلمنا وبثقافتنا، وأن ننظر الى العالم بمنظار كوننا اصحاب تأريخ وحضارة، وننقل حضارتنا وثقافتنا بالشكل الذي يليق بوادي الرافدين وعمق حضارته, ولا نركب موجة تتلاشى بين لحظة وأخرى، وأن لا ننظر الى العالم بعين ضيقة، حتى نتمكن من رؤية العالم كما هو بلا زيف.
 إن قدرة الثقافة على خلق التماسك القويم يؤدي الى امتلاك ثقافة وطنية تحصنها من غزوات التبعية والتشرذم، فما لم يكن المثقف مستقلاً بذاته، وغير محسوب على فئة معينة، تكون ثقافته غير متكاملة، وهذا ينعكس سلباً على دوره في المجتمع، ولا سيما في المدارس والجامعات التي هي منبع العلم والثقافة.
 كان أغلب المثقفين ينظرون للحزب الواحد والقائد الواحد بدون اراداتهم، أو ربما البعض منهم بإرادته من أجل المال أو التملق، وهذا بكل تأكيد خلق جيلاً لا يملك من الثقافة الوطنية شيئاً، وخصوصاً في الجامعات والمدارس، وحتى ما بعد 2003 رغم التحرر واتساع انتشار الصحف والمجلات واتساع استخدام الانترنت إلا أن المثقفين لم يأخذوا دورهم الحقيقي في المجتمع، وأصبحت كل فئة منهم تحاول كسب الآخرين وتُنظّر لما تشاء .
المثقف المثالي هو القادر على خلق ثقافة حقيقة ووطنية بعيدة عن كل اشكال التحزب الديني والقومي، وهذه الثقافة الحقيقة انما تخلق تماسكاً ووعياً وطنياً، وهذا ناتج عن نكران الذات وتغليب المصلحة العامة على الخاصة، وهذا بكل تأكيد يؤدي الى تحصين الثقافة وعدم تشظيها وفق المفهوم الذي يصبو اليه اعداء الوطن، ولاسيما أن العراق يمر في ظروف صعبة وحرجة، ويحاول اعداؤه ان يخلق فجوة بين صفوف ابنائه من اجل أن ينال مبتغاه في أن يبقى المثقف غير مستقل برأيه .
قيمة فهم الشاعر لدوره في المجتمع:
 الشاعر والكاتب والصحفي والفنان وغيرهم من المثقفين اذا لم يفهموا دورهم الانساني لا يمكنهم ان يفهموا دورهم الحقيقي في المجتمع، فللشاعر دور كبير في المجتمع وهذا الدور ليس وليد اليوم وانما منذ القدم، لذا نجد الشعراء في كل محفل من محافل الحياة سواء بالمعارك أو التصدي للغزاة.
 وقد تكون قصيدة لشاعر مصدر الهام للشعب في القيام بثورة ضد المحتل، وقد كتب الشعراء ما يدور في المجتمع من مأساة واضطهاد وظلم، وهذه قيمة الدور الحقيقي للشاعر في المجتمع، ولا يقتصر دور الشاعر على نظم القصائد الشعرية الغزلية او مدح الأنظمة وغيرها.. لذا نجد كتب التاريخ تخلد العديد من الشعراء لدورهم ولمواقفهم المشرفة لما قدموه للوطن وللإنسانية .
الانبهار بمشروع الغرب الثقافي:
 إن خطر الانبهار بمشروع الغرب الثقافي أبعدنا عن امتلاك مشروع ثقافي صرنا كل ما نمتلكه مجرد مشاريع. الحضارة العربية والعراقية بالذات قد تكون غير مستقرة بعض الشيء لأسباب كثيرة منها: الاحتلال وسقوط بغداد على يد المغول سنة 1258م وهذا الاحتلال كان السبب المباشر في تخلفنا، ولازلنا في دوامة التبعية الثقافية للغرب، رغم أن عمق حضارتنا وثقافتنا أقدم من الغرب بمئات السنين .
إن تقليد الغرب تقليداً أعمى جعل مشروع الثقافة اقرب ما يكون الى الفردي، وهذا واضح من خلال استقطاب الغرب للمثقفين والعلماء ودمجهم بالمجتمع الغربي ودعم مشاريعهم من اجل الاستفادة منهم.

علي الخباز, [١٧/٠٤/٢٠٢٢ ٠٢:٠٨ م]
ليس مخجلاً أن ننبهر بالغرب وثقافته، ولكن العيب أن نكون مقلدين لتلك الثقافة بالملابس والحركات وبعض الكلمات او تصفيف الشَعر دون وعي او رقيب، دون أن ننتبه لذلك، وتكون حالة طبيعية بالمجتمع، وبالتالي يصعب السيطرة عليها وتطمس ثقافتنا. وقد تكون هذه الثقافة قد انتقلت الينا قبل غزو الانترنت من التلفاز وما نشاهده من برامج لم نطلع عليها لأسباب كثيرة منها: ثقافة السفر والحروب والحرمان وغيرها .
للأسف أن البعض قد يتصور أن الثقافة هي أن تكون دائماً مرتبطاً بثقافة الغرب ومحاولة تقليدهم بما توصلوا اليه، وليس التحرر منهم، ومن محاولة طمس ثقافتنا وربطها بالغرب بصورة مباشرة.
دور الوعي في تحصين الثقافة من الغزو: 
 للبيت دور كبير بصفته مجتمعاً صغيراً، اضافة الى المدرسة التي هي الأساس في نشأة وتربية الأجيال، إضافة الى تزويدهم بالدروس التعليمية من اجل ان يكون لهم شأن في المجتمع وتحصينهم ثقافياً من أي افكار قد تصل اليهم بطريقة واخرى. 
يمكن ان نقسم الغزو الى قسمين: 
الأول: الغزو العسكري للوطن وما ينتجه من تبعات وويلات. 
الثاني: الغزو الثقافي والفكري وهذا الغزو مدمر للشباب اذا ما لم يتم السيطرة عليه.
بطبيعة الحال ان الانفتاح على العالم أمر طبيعي، ولكن ما لم يكن هذا الانفتاح مسيطراً عليه بصورة دقيقة، وما لم يكن الانفتاح فوضوياً مثلما حدث بعد عام 2003 على انها حرية واطلق البعض على الانفلات على انه حرية شخصية.
 ان الوعي الفكري والثقافي ضروري جدا في تحصين الثقافة من الغزو، قد يعتقد البعض ان الاندماج او التأثر بالغرب على حساب ثقافتنا وهويتنا هو تطور او تقدم، لكن هذا لا يمنع من المحافظة على هويتنا من الغزو الثقافي وتوعية الشباب من ذلك ولاسيما بعد غزو الانترنت مجتمعنا بشكل سريع، ودخل في جميع مفاصل الحياة .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=167290
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29