أنا أعرف يا ولدي كيف تفكر أنت؟ وكيف تتعامل مع العالم بمشاعر انسان، يقولون أن الأم تتحدث دائماً بقلبها وأنت ولدي، نعم أرى فيك مميزات قد لا يمتلكها انسان، واعلم انك لست افضل من الجميع، لكني أمّ تعرف ابنها اكثر من غيره، اعرف انك تتأمل كثيراً، تريد أن تذهب الى الله تعالى بوجه أبيض، وأنت الذي رفعت رأسي ورؤوس اهلك وناسك، حين رفعت السلاح، وتقدمت الى الحرب استجابة لفتوى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف)، للدفاع عن شرف العراقيات، وكرامة الوطن والدين.
يسألني شاب من اصدقائك:ـ أنت أمّ مَنْ يا خالة؟ قلت: يا بعد عيني عينك، انا ام احمد كاظم يا ولدي، فصاح: مرحباً انت أمّ أحمد الدليمي؟ قلت: نعم يا بعد روحي، انه ابني نهل من حب اهل البيت (عليهم السلام)، وعاش ولدي بلا طفولة، فهو يتيم منذ نعومة أظفاره، حاولت أن أكون له الأم والأب والناس والوطن.
ابتسم حينها وقال: مبارك عليك ابنك يا خالة، أنا أعرف انك يا ولدي تفتخر بي امام اصحابك وناسك، لكني أنا أيضاً أفتخر أمام الأهل والجيران، أقول لهم: هذا ابني لم يرَ الطفولة في حياته، لقد تحمل أعباء العائلة وهمّنا وهمّ معيشتنا، وراح يشتغل بعدة أعمال؛ ليوفر لنا لقمة عيش هانئة.
لا تقلق يا ولدي، ارزاقنا على الله، ويكفيني فخرا اني اسمع عن بطولاتك، رفعت رأسي عند جميع اهل المحلة، زوجتك تقرأ لي كل ما يكتب عن بطولاتكم في الكرمة، وتفتخر بك مثلي، أتريد أن توصيني يا بعد أهلي، وكأنك تريد أن تودعني، أنا أمّك اعرف ان الشهادة هاجس، وانا اراها فيك واسمعها في صوتك، هل انت في خطر يا ولدي فدتك امك؟ تجربتي في الحياة مدرسة وقد علمتك كيف تكون حسينيا تواجه الموت سعيا لنصرة الحسين (عليه السلام)، حين طلب الحسين (عليه السلام) تأجيل الحرب الى الصباح، ترك لأصحابة حرية التفكير وهواجس الليل تحمل ألفة البيت والعائلة والأبناء، ومن ثم خيّرهم فاختاروا الايمان، وراحوا ينتظرون المواجهة بقلوب مملوءة بالقرآن.
لقد نزعوا علائق الحياة باستقبال الجنة، فلا تجزع يا ولدي من البعد والأذى، ما دمت انت من رفعت راية الولاء طوعا، وكنت لها أميناً، أتريد أن توصيني يا منية الروح؟ أتريدني أن ارعى لك ولدك (حسين)؟
نعم يا ولدي، اذهب راشدا بحفظ الله، فولدك حسون امانة في عنقي، وسيكبر بالعز ليرفع الرأس اعتزازا بأنك أبوه، هل توصيني بشيء آخر، نعم يا ولدي العراق امانة في رقاب الخيرين، كن بخير وفي امان الله وليدي.
|