مما لاشك فيه، أن تلعب شخصية القدوة دوراً اساسياً في حياتنا، وبالذات في أول مراحل عمرنا، حيث نحتاج الى مثل أعلى، أو قدوة نتبعها في شق طريق حياتنا.
وقد يبدأ الانسان بإتخاذ قدوة ما، أو مثل أعلى منذ الصغر؛ وذلك عندما يبدأ الطفل بتقليد أباه في تصرفات وسلوكيات يظهرها الأب أمام أبنائه؛ ليقتدوا بها، كذلك البنات يقلدن حركات وتصرفات تقوم بها الأم، وبمرور الوقت، وعندما يبدأ الأنسان بالنضج، تأتي أهمية القدوة في حياته؛ اذ أنها تسهل له جزءاً من المهام التي يحتاجها لرسم طريق حياته، فيتبع الآليات التي ساعدت القدوة على الوصول إلى ماهو عليه من نجاح.
لكن ياترى، ماهي القدوة التي نتبعها؟ وماهي الصفات الواجب توفرها فيها لنتمكن من إتباعها؟ فمن غير الصحيح الأقتداء بأي كان ونتخذه مثلاً أعلى في حياتنا هنا يجب الرجوع للقرآن الكريم، واتباع الآيات التي تحدثت عن القدوة، لنجد القدوة الأحق بالاتباع؛ لإنها تنتهج الشريعة الربانية ، وقد جاء في سورة الأحزاب "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر".
لكن للأسف، من المشاكل التي يعاني منها المجتمع اليوم غياب دور القدوة الحسنة، او تقليد القدوة السيئة، فقد كان الأنسان سابقاً، يقتدي بشخصية دينية، أو علمية، أو ادبية أما الآن وعلى سبيل المثال، نرى البعض يقتدي بممثل، أو مغني، أو شخصية مشهورة على السوشيال ميديا، ويقوم بتقليد تصرفاتها وسلوكياتها، ظناً منه أنها قد توصله للشهرة، فيصبح معروفاً بين الناس، لكنه سيكتشف لاحقاً انه اتخذ الطريق الخطأ.
من الأسباب التي ادت الى تغييب دور القدوة الحسنة، تعدد الفضائيات، والبرامج التي بات همها جني الأرباح بشتى الطرق، فأتجهت الى جيل الشباب للتغيير من معتقداتهم، واستقطاب شريحة من العقول الساذجة، واستمالتها بشتى الطرق، في زمن اصبحت فيه القيم، والمباديء على شفا حفرة.
أين القدوة الحسنة، التي يمكن أن تساهم في بناء شخصيات أبناء المجتمع بأيجابية ولا تهدم اخلاق الأمم؟ أين هي الرقابة على الأعمال الفنية التي تنشر محتوى سلبي، يساهم في إفساد شخصيات، وعقول أفراد المجتمع؟ لأي طريق وصلنا من الجهل ؟هل نسينا أن للفن رسالة يمكن أن نستخدمها كوسيلة؛ لتصحيح مسار مجتمعاتنا، وشبابنا من خلال برامج ومسلسلات هادفة تقدم محتوى فكري قويم يتمكن من الأخذ بعقول افراد المجتمع إلى نهج سليم بعيداً عن الاسفاف،والتهريج.
نلاحظ اليوم اغلب المشاكل التي يعاني منها المجتمع المتمثلة بالسرقة، والقتل، والمخدرات والانتحار، وكثرة الطلاق، كانت بفضل تغييب دور القدوة، فقد عمدت بعض الجهات، لإسقاط دور القدوة الحسنة عمداً، وذلك عن طريق تشويه صورتها أمام الناس، فتارةً نجدها تستهدف علماء الدين، والعمامة، والتقليل من دورهم المؤثر في الشباب، لكي لايستمعون لإرشاداتهم، ونصائحهم وخلق فجوة كبيرة بين رجال الدين والشباب؛ ليسهل السيطرة على عقولهم، وابعادهم عن دينهم ومعتقداتهم، وتارةً تستهدف المعلم، والمربي حتى وصل الحال اليوم الى الاستهزاء بالمعلم الذي كان عنواناً مقدساً لدى افراد المجتمع، ويحظى بأحترام كبير.
الأمر اصبح في غاية الصعوبة، ويجب أيجاد حلول حقيقية له، فعلى المربين الانتباه لهذا الأمر، وتعريف الجيل الجديد بقدوة حسنة، تستطيع أن تؤثر فيهم، وتأخذ بيدهم إلى الطريق السليم بدلاً من ترك الأمرعلى الغارب، اويقوم الشاب بالبحث بنفسه عن شخصية يقلدها؛ قد تكون سبباً في فشله، وتدمير حياته، وتاريخنا يزخر بالكثير من الشخصيات العظيمة، والمتمثلة في شخص النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم (ولكم في رسول الله اسوة حسنة) كذلك الرسل، والصالحين، وآل البيت جميعاً عليهم السلام؛ فقد قال (تعالى) في محكم كتابه الكريم "أولئك الذين هدى الله، فبهداهم اقتده “،
فيجب تقديم هذه الشخصيات العظيمة كخير قدوة وافضل اسوة وانقاذ من يمكن انقاذه من المجتمع المهدد بالتفكك والأنهيار.
|