• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : العابسيون لا يطيقون اداريات الوظيفة .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

العابسيون لا يطيقون اداريات الوظيفة

  لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينفجر بها غضب (أبو محمد), تستيقظ الغيرة في غضبه، وتنهال التواريخ تترجم لنا عمق اللحظة التي يعيشها في الجبهة.

 حاولت أن أقرب وجهات النظر، فسألته: كيف ترى (عابساً) فيك؟ أجابني بهدوء: قد لا يسمح لي الزمن أن التقيه بوجود الفارق الزمني الكبير بيننا، لكن الذي التقيه هو فعل عابس التضحوي، عشقت فعل التضحية، الجميع في الطف تحدوا الخوف، لكن عابس سخر من أعداد العدو، أهان سلاحهم وقوتهم، فصار فعلاً زمنياً يعايش كل الأفعال هذا الفعل، ولد لنا (عابسيون) في كل زمان ومكان، فأنا أحلم أن أكون عابس هذا الزمان ما دام الميدان موجوداً، والطف عامراً، والشهادة مشروع وجدان.
 نظر إليّ بدهشة وقال: هل فيكم من لا يتمنى أن يكون عابساً أن يحمل ولو بعض جنونه, أنا أراكم (عابسيون) بكل ما يملكه التاريخ من وجع، حملت عابساً في روحي منذ كنت يافعاً، وذبول البعث يطاردونني، حملت عابساً وروح عابس في الانتفاضة الشعبانية؛ لأن قيادة الانتفاضة خرجت من بيتنا، فقد كان قائد الانتفاضة في ميسان أخي (أبو حيدر الكعبي), أحلام الشجاعة ما كانت تفارقني، ولكل عابس زمان يخدمه، ومكان لا بد أن يستثمر مميزاته.
 قلت له لأهدئ فيه ثوريته، العابسيون لهم عالم جميل غريب في بعض مفرداته غير معقول في بعض أفاعيلهم العجيبة، وعابسنا بعد سقوط الطغيان شغل منصب مدير شرطة كميت برتبة عقيد، فنجح بمهام عمله وابتسم حينها وقال لي: لكن العابسيون لا يطيقون اداريات الوظيفة، مهمتهم اشغال الميادين، مهمتهم الدفاع عن الدين والمذهب والهوية والعراق والدفاع في كل زمان ومكان عن الحسين (عليه السلام).
 رحت أحدث نفسي: هذا الرجل استطاع أن يجد نفسه في المدرسة العباسية وينتمي الى عائلة عابسية الهوية والسمات، قلت له: أكمل الحديث؟ فقال: بعد صدور فتوى المرجعية توجهت الى العمل في الخطوط الأمامية، وأسست هناك سرية حملت اسمي (سرية الشهيد محمد الكعبي)، حملت اسمي شهيداً وأنا على قيد الحياة, يستمتع العابسيون بحمل لقب الشهادة، وهم أحياء؛ لأنهم حتى بعد الممات سوف لا يتغير لهم شيء، ينتقلون من الحياة الى الحياة، ولهذا طوعت معي أولادي؛ لنكون عائلة عابسية بمعنى الهوية والقلب والجهاد.
 قال لي ابنه محمد: لقب عابس هو منحة من الله، والناس المجاهدون أطلقوا على ابي (عابساً)؛ لكونه عايش أمانيه، وكل أمانيه تستيقظ عند ذكر الشهادة، فاجأ الداعشيين بقوة وصلابة العابسيين رغم الفرح الذي يصنعه النصر.
 كان يعود حزيناً، قلت لهم: حدثوني عن بعض مفاصل الطف؟ فبينوا لي حضور عابس المزدهي فخراً، يقول محمد: كان أبي (رحمه الله) يقرأ حراك العدو، ويستطيع أن يكتشف مقررات المخطط الهجومي، ذات هجوم اكتشف ما يخططه المحور، قال: هذه المعركة ابتدعوها للمشاغلة بينما الثقل الرئيسي للهجوم سيكون بالالتفاف والمحاصرة، فقدم قوة بقيادته لإفشال الالتفاف، وانقاذ أرواح أبناء الحشد.
 لم يكن الوقت يسمح إلا بصد الهجوم بأقل وقت وبالرمانات اليدوية، تقدم وهو يهتف (يا حسين)، وأوقع فيهم مقتلة كبيرة بتفجير الرمانات التي كان يحملها معه، وليلتحق بعدها بركب الحسين (عليه السلام)، التحق أبونا عابس الكعبي بركب الحسين .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=168623
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19