• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : كربلاء القلب .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

كربلاء القلب


حبيب مندهشاً:ـ نافع..!! ما لك تبكي يا نافع؟
نافع:ـ سيدي يا حبيب، في جوف هذا الليل، كانت الدنيا تمر أمامي، وكأنها تودعني، تجر خلفها كل متعلقاتي، طفولتي، أحلامي، الذكريات صرت أودعها وأنا مستبشر بما يحمله لي القدر؛ لأني لا أظن أن للمعنى نظيراً، واذا بكفين وديعتين مرفوعتين للسماء، هي دعوات أمي أعرفها يا حبيب.
حبيب:ـ ثم ماذا؟
نافع:ـ واذا بنور ينثال أمامي؛ ليزيح عتمة الليل عني، وإذا أنا بمولاي الحسين خارج الخيام، يتفقد التلاع والعتبات، تبعته قلت له:
نافع:ـ يا بن رسول الله، أفزعني خروجك الى جهة معسكر هذا الطاغي.
الحسين:ـ إني خرجت أتفقد التلاع والروابي مخافة أن تكون مكمنا لهجوم الخيل يوم تحملون ويحملون.
نافع:ـ ثم رجع عائداً، وهو يقبض على يدي ويقول:
الحسين:ـ هي هي والله، وعد الله لا خلف فيه.
نافع:ـ ثم التفت اليّ وقال:
الحسين:ـ انظر لهذا المدى الذي يغور بعيداً بعيداً، حيث تفقد الدلائل، وهي تومئ لي أن هذي التلال الحمر، ولغة الرمل، ووحشة المكان الغريب، ما هي إلا وريد نبوءة أنزلها جبريل (عليه السلام)؛ لتهز مهد طفولتي، فغداً سيُقتل الجميع حتى طفلي الرضيع سيُذبح، ولا يسلم من هذا الجمع سوى علي زين العابدين؛ كي لا يقطع لي نسل.
نافع: ثم قال لي:
الحسين: هو الليل يلتهم المكان، وأنت ألا تسلك بين هذين الجبلين؛ لتنجو بنفسك فوالله هؤلاء القوم لا يريدون سواي.
نافع: سيدي يا حبيب، نظرت إليه فرأيت الفجر يشعّ بين عينيه، أسرعت لأذوب بين قدميه، سيدي يا حسين، ثكلتني أمي إن تركتك الآن لأتنفس بعدك هذا الهواء الذي دونك لا خير فيه، سيدي يا حسين، ان سيفي بألف فارس يوم اللقاء، وفرسي لا تكل ولا تبارى ولا تجاب، فوالله الذي منّ بك علينا، لا فارقتك يا ابا عبد الله حتى يكلأ عن فري وجري.
حبيب بن مظاهر: وبعد يا نافع بعد.
نافع: ثم دخل الحسين خيمة مولاتي زينب وانا وقفت إزاء الخيمة انتظره فسمعت مولاتي تقول:
زينب: لست النصيحة اريد، لكن قلقي عليك يدفعني للسؤال: هل استعلمت من اصحابك نياتهم، فأنا أخشى أن يسلموك عن الوقيعة.
حبيب: وماذا قال لها مولاي ابو عبد الله؟
الحسين: سيستشف الصبح همما لا تقاس، والله لقد بلوتهم فما وجدت فيهم إلا الأشوس الأقعس، يستأنسون بالمنية دوني، استئناس الطفل إلى محالب أمه.
نافع: وأنا بكيت يا سيدي حبيب لحظتها بكيت قلت: لآتيك واحكي لك ما سمعت.
حبيب: من يستحث الشمس؛ كي تشرق الآن، والله لولا انتظار أمره لعاجلتهم ليلاً، وقد أكون اول نهار يطلع عليهم بليل.
نافع: ليس هذا الذي أريد.
حبيب: اذن ماذا تريد؟
نافع: اني خلفته عندي مولاتي زينب، وأظن النساء افقن فقد سمعتهن يشاركنها الحسرة والقلق والآه، فهل لك أن تجمع اصحابك وتواجههن بكلام يعانق صفاء القلوب، ويطيب خاطرهن بثقة الصحب ورجولة الحنين، الجرح عميق يا سيدي ليس سهلاً أن تطعن امة بالغدر ظهر من جاء ينقذها من السعير.
حبيب: اذن، قم إليهم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=170177
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 07 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19