قال الله نبارك وتعالى "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (البقرة 125) عن السيد محمد باقر الحكيم قدس سره في دراسة معمقة في نظام الشعائر و العبادات في الاسلام: فالمسجد الحرام هو اول مسجد عرفته البشرية في تاريخها. و قد تحدث عنه القرآن الكريم في مواضع عديدة باسمه الصريح و هو المسجد الحرام ، كما اشار إليه عندما تحدث عن الكعبة المشرفة والبيت الحرام و بنائها، و جعلها من قبل اللّه تعالى مثابة للناس و أمناً و طهرها للطائفين و العاكفين و الركع السجود، وكذلك عن الحج و قيام الناس و الصلاة عنده ، فإن كل ذلك إنما يمارس في المسجد الحرام. و قد سبق في الحج أن البيت الحرام كان يحج إليه قبل آدم بألفي عام، كما ورد في الروايات أن اول ما خلق اللّه تعالى من الارض كان موضع البيت، و أنه قد دحا الارض من تحته. و قد سبق في الحج أن البيت الحرام كان يحج إليه قبل آدم بالفي عام ، كما ورد في الروايات أن اول ما خلق اللّه تعالى من الارض كان موضع البيت، و أنه قد دحا الارض من تحته .كما يبدو من مجموعة أخرى من الروايات أن تصميم البيت و الطواف حوله قد بدأ منذ القرار الالهي بخلق آدم الذي يتحدث عنه القرآن الكريم: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " (البقرة 30).
جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: أهمية تأكيد دور إبراهيم عليه السلام: فالنبي إبراهيم عليه السلام كان يمثل لدى القاعدة المشركين، واليهود، والنصارى أبا لجميع الأنبياء ويحظى باحترام الجميع. وتأكيد ارتباط الإسلام وشعائره به له أهمية خاصة في إعطاء الرسالة الاسلامية جذرا تاريخيا ممتدا إلى ما هو أبعد من الديانتين اليهودية والنصرانية، ويعطي فكرة التوحيد التي طرحها القرآن على المشركين أصلا وانتماء يعيشه هؤلاء المشركون في تاريخهم: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) (الحج 78). ويتجلي هذا الربط التأريخي بشكل أوضح بحيث يصبح إبراهيم عليه السلام هو المبشر بالنبي العربي الأمي، وتكون بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وآله استجابة لدعاء إبراهيم عليه السلام وذلك في مثل قوله تعالى: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) (البقرة 127-129). إضافة إلى أنه يعطي الرسالة الاسلامية شيئا من الاستقلال عن اليهودية والنصرانية، ومن ثم عدم الشعور بالتبعية لعلماء اليهود والنصارى: (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) (ال عمران 67-78). (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) (البقرة 135).
ومن هنا يأتي تأكيد قصة إبراهيم في بناء الكعبة التي جاءت في عدة موارد من القرآن الكريم، وندائه بالحج، وذلك للموقع الخاص الذي كانت تحتله الكعبة بين العرب عامة، وللقرار الذي كان القرآن قد اتخذه بجعل الكعبة قبلة للمسلمين، تأكيدا لاستقلالية الرسالة في كل معالمها لان صرف الانظار عن الأرض المقدسة وبيت المقدس الذي كان يحظى بالقدسية الخاصة وما زال بسبب نشوء الديانات المختلفة فيه، ووجود إبراهيم وأنبياء بني إسرائيل كلهم في هذه الأرض يحتاج إلى اعطاء هذه الأهمية للبيت والكعبة المشرفة وهذا الانتساب الأصيل إلى إبراهيم عليه السلام.
|